ذا ديبلومات: موقف الصين من تصاعد الأحداث بالأراضي المحتلة يعكس دعمها لفلسطين
تاريخ النشر: 14th, October 2023 GMT
في السابع من أكتوبر الجاري قامت حركة المقاومة الفلسطينية بهجمات واسعة النطاق داخل المستوطنات الإسرائيلية، كما أطلقت مئات الصواريخ وأرسلت أفرادا عسكريين إلى الأراضي المحتلة لتنفيذ عمليات نوعية هناك، فيما قام الاحتلال بشن ضربات صاروخية وقصف عنيف على كل مدن قاطع غزة، شمالا وجنوبا، مما أسفر عن آلاف الضحايا من المدنيين الفلسطينيين، معظمهم من النساء والأطفال.
وتعليقا على تصاعد التوترات بين الفلسطينيين والإسرائليين، أعربت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي عن دعمهما لإسرائيل، والقلق بشأن تصاعد حدة الصراع.. بينما أكدت وزارة الخارجية الصينية دعمها لإقامة دولة فلسطينية، معربة عن قلقها العميق، داعية جميع الأطراف إلى وقف إطلاق النار وممارسة ضبط النفس.
ورأت مجلة "ذا ديبلومات"، المتخصصة في الشئون الآسيوية، أن بيان الخارجية الفلسطينية كان ملفتا لبساطته، وامتناع وزارة الخارجية الصينية فيه عن انتقاد حماس أو الاحتلال الإسرائيل.
وقالت المجلة "إن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينج لم تضف في اليوم التالي أي جديد على هذا البيان خلال المؤتمر الصحفي اليومي للوزارة رغم تكرار الأسئلة التي تطالب بموقف واضح بشأن إدانة طرف بعينه، حيث ظلت الخطوط العريضة الأساسية لموقف الصين كما هي دون تغيير، وإن أقصى ما أضافته المتحدثة هو أن الصين تشعر بحزن عميق إزاء سقوط ضحايا من المدنيين وتعارض وتدين الأعمال التي تلحق الضرر بالمدنيين، دون أن تحدد ماهية تلك الأعمال".
وأوضحت المجلة الأمريكية أن الحزب الشيوعي الصيني الحاكم يتمتع بتاريخ طويل من العلاقات الودية مع فلسطين، فمنذ تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964، اعترفت الصين بالمنظمة ودعمتها بنشاط، وخلال حكم "ماو تسي تونج" و"دنج شياو بينج"، كان زعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات موضع ترحيب باعتباره "صديقا قديما" للحزب الشيوعي الصيني، وقدمت الصين المساعدات المالية والأسلحة علنا للمنظمة.
وأضافت: "بعد انضمامها إلى الأمم المتحدة عام 1971، دعت جمهورية الصين الشعبية مرارا وتكرارا إلى انسحاب إسرائيل غير المشروط من الأراضي الفلسطينية، وكانت الصين من أوائل الدول التي اعترفت بالسيادة الفلسطينية في عام 1988 وأقامت علاقات دبلوماسية كاملة مع فلسطين في عام 1989".
وتابعت: "لكن ابتداء من تسعينيات القرن الـ20، ونظرا لحاجة الصين إلى تنمية علاقات جيدة مع الدول المتقدمة اقتصاديا في إطار سعيها إلى "الإصلاح والانفتاح"، أقامت الصين علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل في عام 1992.. وتعد الصين الآن ثالث أكبر شريك تجاري لإسرائيل، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين الجانبين 23 مليار دولار العام الماضي.. وفي المقابل، بلغت التجارة الثنائية بين الصين وفلسطين 158 مليون دولار فقط في العام الماضي مع استثمارات صينية محدودة في فلسطين".
ورأت المجلة أن الصين تحرص على الانخراط بشكل أكبر في قضايا منطقة الشرق الأوسط، خاصة النزاع بين إسرائيل وفلسطين، معتبرة أن دعم الصين الدبلوماسي لفلسطين يفوق بكثير دعمها لإسرائيل، حيث أنه في عام 2021، اقترحت الصين خطة من خمس نقاط لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
واندلع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في مايو 2021، دعا وزير الخارجية الصيني وانج يي إلى حوار مباشر في الصين بين الجانبين، كما قدمت الصين اقتراحا إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية، ويتضمن بنودا لوقف إطلاق النار ووقف العنف، وموقف جاد من مجلس الأمن لتعزيز السلام وتسريع المفاوضات على أساس حل الدولتين.
ولفتت المجلة الأمريكية إلى أنه على مر السنين، دعمت الصين باستمرار إنشاء دولة فلسطينية مستقلة على أساس حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.. وفي عام 2020، وصف الدبلوماسي الصيني تشانج جون مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية بأنها "انتهاكات للقانون الدولي".
وفي مارس 2022، وأثناء حضوره مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي في العاصمة الباكستانية (إسلام آباد)، التقى وزير الخارجية الصيني بنظيره الفلسطيني رياض المالكي، وذكر صراحة أنه لا ينبغي "تهميش" القضية الفلسطينية، كما جدد وزير الخارجية الصيني التشديد على أنه لا ينبغي للمجتمع الدولي أن يتجاهل القضية الفلسطينية، مؤكدا مواصلة بلاده الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني ودعمه.
وفي يونيو 2023، زار الرئيس الفلسطيني محمود عباس الصين، والتقى بالرئيس شي جين بينج في قاعة الشعب الكبرى بالعاصمة بكين، وكانت هذه هي الزيارة الخامسة لعباس للصين، حيث تم خلال الزيارة تأكيد التزام الصين بدعم فلسطين، واطلع عباس على خطط الصين لتقديم المساعدة لفلسطين.. وقال بينج لعباس إن "الصين وفلسطين صديقان حميمان وشريكان يثقان ويدعمان بعضهما البعض، وإن الصين مستعدة لتعزيز التعاون مع فلسطين لتحقيق حل شامل ودائم للقضية الفلسطينية".
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: القضية الفلسطينية الصين الفلسطينيين الإسرائليين غزة الخارجیة الصینی فی عام
إقرأ أيضاً:
فلسطين من المتن إلى الهامش.. ماذا فعلوا لتقزيم القضية الفلسطينية؟!
ما دمنا في شهر كانون الأول/ ديسمبر فالفرصة قائمة للتذكير ببدء المأساة الفلسطينية في العام 1917، حينما دخل الجنرال البريطاني إدموند ألنبي القدس في 11 كانون الأول/ ديسمبر 1917، وذلك بعد 39 يوما على وعد بلفور الذي كشف سعي بريطانيا إلى إقامة وطن قوميّ لليهود في فلسطين، إذ لا يمكن، والحالة هذه، فصل الانتداب البريطاني على فلسطين، والسياسات الانتدابية الخاصّة التي انتهجتها بريطانيا في فلسطين والمختلفة عن سياسات الانتدابين البريطاني والفرنسي في العراق وشرقي الأردن وسوريا ولبنان، عن المشروع الصهيوني، الذي استكمل نفسه، وأعلن عن دولته على أنقاض الفلسطينيين المشرّدين، على أساس تلك السياسات البريطانية، كما لا يمكن القفز عن المعاناة الفلسطينية الهائلة في ظلّ الانتداب البريطاني الذي انتهج سياسات غاية في الوحشية في قمع الفلسطينيين والتمكين للصهاينة، لا سيما وأنّ سياسات القمع هذه، كما في الثورة الفلسطينية الكبرى (1936-1939)، أفضت إلى إنهاك الفلسطينيين، وتسهيل مهمة العصابات الصهيونية في حرب العام 1948.
في السنوات الأخيرة، وفي إطار خطابات تجاوز القضية الفلسطينية، ووضعها في مقارنات تهدف إلى التحقير من معاناة أهلها، لجعل جانب المعاناة وحده المعيار في تقييم القضايا من حيث الثقل والأولوية، لم تَكن تُؤخذ هذه السنوات الطويلة الممتدة من الاستعمار والمعاناة بوصفها معاناة كمّية، إذ كان يوضع البطش الصهيوني وما ينجم عنه من معاناة يمكن قياسها كمّيّا (مثلا: أعداد الشهداء والجرحى والمشرّدين وأوضاع المعتقلين في السجون) في مقارنة مع البطش الذي تقترفه أنظمة سياسية عربية، كالنظام الأسدي في سوريا،أكثر من قرن من الزمان من الاستعمار المتصل ببعضه هو في حدّ ذاته معاناة كيفية، علاوة على كونه معاناة كمّية تتحوّل إلى إضافة كيفية للكيف الموجود أصلا، فطوال هذا القرن والعقد تقريبا، الذي ولدت فيه أجيال وماتت والمعاناة قائمة، لم تنقطع الاعتقالات ولا القتل ولا هدم البيوت ولا الحصار في الأرزاق ولا تقييد الحركة، علاوة على أوجه من المعاناة الكمّية التي لا يقدر على تصوّرها من لم يعانها مباشرة كمصادرة الأراضي وتحويل البلاد إلى سجن كبير وشلّ حركة الناس وتقطيع البلاد عن بعضها والخلوص بذلك للقول إنّ القضية الفلسطينية لا تستحق تلك الأهمية بالنظر إلى الحساب الكمّي للمعاناة، وذلك لأنّ الكمّ المتراكم والمتفاحش من البطش بالضرورة يتحوّل إلى كيف، فالقضية ليست حسابا كمّيّا يُصادر الانفعال بالمعاناة والتي هي نسبيّة، ولكنه كمّ يتحوّل إلى كيف بحيث يجعل المعاناة متمايزة بالضرورة.
لكن وبقطع النظر عن دقّة التصوّر للمعاناة الكمّية الناجمة عن الاستعمار الصهيوني، طالما لا يأخذها في الإطار الزمني الممتد وبالقياس إلى عدد الفلسطينيين، كتشريد 51 في المئة من الفلسطينيين الذين سكنوا عموم فلسطين حتى عام 1948، و82 في المئة من سكان الأراضي التي احتلت عام 1948، وهو تشريد مدفوع بأنماط متوحشة من المجازر، فإنّ احتساب العقود الطويلة المتلاحقة واجب حين إرادة النظر إلى المعاناة من الجهة الكمية أو المادية القابلة للقياس. فأكثر من قرن من الزمان من الاستعمار المتصل ببعضه هو في حدّ ذاته معاناة كيفية، علاوة على كونه معاناة كمّية تتحوّل إلى إضافة كيفية للكيف الموجود أصلا، فطوال هذا القرن والعقد تقريبا، الذي ولدت فيه أجيال وماتت والمعاناة قائمة، لم تنقطع الاعتقالات ولا القتل ولا هدم البيوت ولا الحصار في الأرزاق ولا تقييد الحركة، علاوة على أوجه من المعاناة الكمّية التي لا يقدر على تصوّرها من لم يعانها مباشرة كمصادرة الأراضي وتحويل البلاد إلى سجن كبير وشلّ حركة الناس وتقطيع البلاد عن بعضها.. الخ.
ذلك كلّه بقطع النظر عن كون المعاناة نسبية، من حيث إنّه لا يمكن لأحد تقدير انفعال غيره بما يصيبه وأثر مصابه على حياته، حتى لو اتفقنا على كون الكمّ بالضرورة يتحوّل إلى كيف، وبقطع النظر عن كون مصادرة معاناة الآخرين أمرا معيبا أخلاقيّا ومبدئيّا مهما كانت دوافعه، وبقطع النظر عن المضامين الجوهرية الأخرى التي تمنح القضية الفلسطينية أهمّيتها الخاصّة، وبقطع النظر عن القصور الأخلاقي الذي كان ينتظر إبادة الفلسطينيين لاستكشاف أهمّية قضيتهم، ولكن الذي أردت قوله هنا، جرى بالفعل توظيف المعاناة الكمّية لتحقير القضية الفلسطينية، وإذا كان البعض قد تورّط في ذلك في غمرة المأساة الذاتية والانفعال الغريزي بذلك، فقد تحوّلت هذه الخطابات إلى ظاهرة ثقافية وإعلامية، تصبّ في طاحونة التطبيع العربي التحالفي مع "إسرائيل"، يتورّط فيها مثقفون وإعلاميون لا يمكن عدّهم من الذباب الإلكتروني الذي أهمّ وظائفه تسويغ التخلّي عن القضية الفلسطينية وشيطنة أهلها، ومن ثمّ لا يختلف هؤلاء في النتيجة عن ذلك الذباب!كيف أنّه جرى بالفعل توظيف المعاناة الكمّية لتحقير القضية الفلسطينية، وإذا كان البعض قد تورّط في ذلك في غمرة المأساة الذاتية والانفعال الغريزي بذلك، فقد تحوّلت هذه الخطابات إلى ظاهرة ثقافية وإعلامية، تصبّ في طاحونة التطبيع العربي التحالفي مع "إسرائيل"، يتورّط فيها مثقفون وإعلاميون لا يمكن عدّهم من الذباب الإلكتروني الذي أهمّ وظائفه تسويغ التخلّي عن القضية الفلسطينية وشيطنة أهلها، ومن ثمّ لا يختلف هؤلاء في النتيجة عن ذلك الذباب!
والحاصل أنّ كمّ تلك الخطابات تحوّل بدوره إلى كيفية في التعامل مع القضية الفلسطينية، باتت تجد لها مساغا في التداول العام وفي الطرح السياسي، وهذا الكيف يتبلور في صيغ متعددة، منها الحساب الكمّي المضلّل للمعاناة الذي جرت الإشارة إلى بعضه، أو تحويل القضية الفلسطينية إلى فاعل ضارّ بالأمن العربي لا من جهة الاستعمار الصهيوني بل من جهة الاستغلال الإيراني لها، فتصير الأولوية هي مكافحة الاستغلال الإيراني لا تحرير فلسطين ولا إسناد أهلها، بل يتولّد موقف نفسي يمكن ملاحظته في أوساط معينة من فلسطين وأهلها، سببه "استغلال" إيران للقضية الفلسطينية أو التذكير المستمرّ بالقمع الذي مارسته أنظمة عربية بحقّ شعوبها متغطية بفلسطين، وفي الإطار نفسه جعل قضية التحرر من الاستبداد متعارضة مع قضية التحرر من الاستعمار الأجنبيّ وتهميش الثانية لصالح الأولى، ودون أن يطرح هؤلاء الأسئلة الصحيحة عن السبب الذي يفسح المجال لإيران لـ"استغلال القضية الفلسطينية" في حين أنّ الدول العربية أولى بذلك، على الأقل إن لم يكن إدراكا منها لخطر المشروع الصهيوني عليها، فلقطع الطريق على إيران، ومن ثمّ وبعدما صارت فلسطين عند البعض على هامش هموم عربية أخرى؛ فلن يكون مستغربا ضيق ذلك البعض من مخاوفنا من التمدّد الإسرائيلي، وعدم تبلور طرف معادٍ له حتّى اللحظة بعد مُصاب قوى المقاومة واختلال التوازن الإقليمي لصالح "إسرائيل".
x.com/sariorabi