تصوِّر روايةُ " قطط إسطنبول" للروائي زياد كمال حمامي قاعَ المدينة، والشخصيات المسحوقة  ضمن ما يسمى أدب الهامش وعالم المهمشين بتجلياته وتناقضاته المختلفة، فهي حكاية لاجئٍ مُتسكِّعٍ في شوارع (إسطنبول) وأزقّتِها المليئةِ بالأسرارِ، أشبهُ ما يكون بقطٍّ متشرِّد يبحث عن نفسه، وهذا ما عبرت عنه الرواية من خلال عنوانها " قطط إسطنبول: "يقف اللولو متهالكاً، وقد نجا من الموت خنقاً، برهة ينتبه إلى أن غرفة القبو العفِن قد ازدحمت بالقطط المختلفة بأنواعها وألوانها، استغرب في بداية الأمر، إذ لا يعقل أنْ تلد قطته العذراء الآنسة "هندخانم" هذه الكتائبَ من القطط الجائعة النحيلة، قال في نفسه: "هي لم تهرب مع قطٍّ جميلٍ ذي غُرّةٍ أبداً، ولا يمكن لمثلها أنْ يرتكب الفاحشة، لا، ولا أن تحمِل سِفاحاً، هذا أمرٌ معيبٌ في حقِّها، ولذا، لا يحقّ لي أنْ أجلدها مئة جلدة وألا تأخذني بها رَأَفة".

 
في ليلة بؤس، يلتقى اللولو (بطل الرواية) صبية عند مدخل إحدى حدائق إسطنبول، كانت تمشي متعرِّجةً على وقع أغنية حزينة تترامى من بعيد، راعَه جمالها، وقلادة تقليدية تتدلى من عنقها الفارع، تضفي على جسدها المغطى بثوبُ مُلوَّنُ يزيده سحراً وبهاءً، ولم تكن هذه الصبية سوى " شام" التي وقعت في مخالب عصابات الاتجار بالبشر، فرضوا عليها الدَّعارةَ قسرِّيِّاً، ولكنها تتمرَّد بقوة في وجه مَن يعدُّ المرأة أَمَةً مستعبدة في سوق النخاسة والعبيد: " جُرِّدَت"شام" من كلّ ما بقي لديها، أصبحت بلا هوية، وبلا أوراق رسمية، بلا أيّ شيء، إلا جسدها، واليوم، بعد أن كرّرت تمرّدَها، ولم تستسلم للعمل داعرةً، فقدت أيضاً دفترَ مذكراتها وصورَها الجديدة، حتى جواربَها وثيابها الداخلية، وكذلك أغطية سريرها، تمزقت ثيابُها، واتّسخ جسدها، ولم تعدْ داعرةً شهيّة مدلَّلة، اختفت ضحكاتها، وخرست مطالبها، هذه هي عقوبتها. لم تعد سوى سجينةٍ أسيرة في غرفة صغيرة بلا نوافذ،..". 
   تتفجر في أعماق الشخصيات صراعات ومكابدات متناقضة تعلن عصيانها وتمردها وإفصاحها عما يعتريها من إخفاقات وإحباطات وأحلام مؤجلة تؤدي إلى متاهات من السخط والإهانة والمفاجٱت غير المتوقعة: " .. سمع صفارات حراس الأمن الطيبين، وأصواتهم التي تستنكر سباحة القطط المشرّدة. 

يءكر أن زياد كمال حمَّامي مواليد حلب ــ سورية 1959م، عضو اتحاد الكتّاب العرب، منذ العام 1994م، والمدير المفوَّض لموسوعة" السرقات الأدبية والفنية والتراثية والأثرية"في سورية. 
- حاز الجائزة الأولى للرواية العربية، ضمن جوائز الإبداع الفكري والأدبي العربي: "جائزة د. سعاد الصباح"، لدورتين متتاليتين في القاهرة عام 1994م، وفي الكويت عام1995م، عن روايته: "الظهور الأخير للجد العظيم"، وقد صدرت الرواية المذكورة عن دار "سعاد الصباح"، الكويت 1995م. 
- حاز عدداً من جوائز القصة القصيرة في سورية، نذكر منها: الجائزة الأولى لاتحاد الكتّاب العرب عام 1982م، عن قصته:" مجدل شمس"، وعام 1983م، عن قصته: "الباهيني"، وغيرهما، وتم تكريمه كأحد أعلام مدينة حلب في موسوعة" مائة أوائل من حلب"،ونشرت قصصه ومقالاته في أرقى المجلات العربية الأدبية والثقافية منذ بداية الثمانينيات. 
- دَرَسَ أعماله عشرات النقاد العرب والباحثين والأكاديميين، وقدمت حولها الكثير من رسائل الماجستير والدكتوراه، وتم توثيق ودراسة تجربته الإبداعية في كثير من كتب النقد الحديث، والمجلات الأكاديمية المحَّكمة على امتداد الوطن العربي، وتمَّ تكريمه من عدة جامعات أكاديمية واتحادات أدبية ووسائل إعلام ثقافية راقية.. 
- صدرت له الأعمال الآتية: 
1- سوق الغزل، مجموعة قصصية، دار الجليل دمشق عام 1987 م 
2- احتراق الحرف الأخير، مجموعة قصصية دار الجليل عام 1989 م 
3- سجن العصافير، مجموعة قصصية، دار الجليل عام 1994م 
4- الظهور الأخير للجد العظيم، رواية دار سعاد الصباح الكويت 1995 م 
5- كلام.. ما لا.. يستطيع الكلام، مجموعة قصصية، دار نون 2011 م 
6- نعش واحد وملايين الأموات، رواية، دار نون 2014م 
7- الخاتم الأعظـــــــم، رواية، دار نون 2015 م 
8- قيامة البتول الأخيرة، رواية، دار نون 2018 م 
9 - قطط إسطنبول، رواية، دار نون 2023م. 
                            

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: مجموعة قصصیة دار نون

إقرأ أيضاً:

جيش الاحتلال: رصدنا إطلاق 10 صواريخ من لبنان باتجاه الجليل الغربي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، رصد 10 صواريخ أطلقوا من لبنان باتجاه الجليل الغربي وتم اعتراض عدد منها، وفقًا لما أفادت به قناة "القاهرة الإخبارية".

وفي ذات السياق، أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض سلاح الجو طائرة مسيرة عبرت من لبنان في منطقة الجليل الغربي.

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية اليوم، عن رئيس بلدية عكا عميحاي بن شولوش قوله: "مع كل يوم هناك وابل كثيف وطائرات بدون طيار، عندما أتحدث عن هذا المسلسل، أرى المزيد من السكان والمسافرين إلى الخارج وهذه مشكلة الحرب لم تتوقف".

مقالات مشابهة

  • “الصفحة الرسمية للجنة” رواية للكاتب حسن المرتضى
  • «التعليم» تنفي صدور أي قرارات بترحيل امتحانات شهر نوفمبر إلى أول ديسمبر 2024
  • خلال ساعة.. إطلاق 30 صاروخا من لبنان على الجليل الغربي وحيفا
  • هل من الضروري الكشف عن الماضي؟.. ننشر فصلا من رواية "الرغبة الأخيرة"
  • ثلاث فتيات وامرأة غامضة.. ننشر الفصل الأول من رواية «البوشّيه»
  • جيش الاحتلال: رصدنا إطلاق 10 صواريخ من لبنان باتجاه الجليل الغربي
  • مقتل مستوطن إسرائيلي إثر إطلاق صاروخ على الجليل الأعلى
  • مخيلة الخندريس . . رواية غير
  • شكوى بحق الكاتب الجزائري كمال داود.. أفشى سر مريضة في روايته الفائزة (شاهد)
  • شكوى بحق الكاتب الجزائري كمال داوود.. أفشى سر مريضة في روايته الفائزة (شاهد)