سودانايل:
2024-10-03@07:37:39 GMT

أمام الحلو وأفكار بين النقد والواقع

تاريخ النشر: 14th, October 2023 GMT

يعتبر أمام الحلو رئيس لجنة السياسات في حزب الأمة القومي؛ واحدا من قلة في الحزب بعد الإمام الصادق المهدي، و هو سياسي يميل لاستخدام الفكر في نظرته لحل الأزمات التي تواجه الحزب و الوطن، و دائما تجده يميل للحوار العقلاني المؤسس على المعرفة و المنطق، باعتبار أن التغيير و مطلوباته تنجز على الفكر الناضج و ليس العاطفة، و الولاءات المغلقة، و عصبية الأيديولوجيات.

لذلك كتاباته تثير الحماس في أي متابع للشأن السياسي لدراستها و تتبع ظلالها، و معروف أن الحوار المبني على المعرفة ينتج وعيا جديدا في المجتمع، و من أهم القناعات الراسخة في منهج الحلو تتبع جذور الظاهرة و معرفة اسبابها ثم وضع الافتراضات لدراستها، دون الوقوف على تمظهراتها. هذه القناعة هي التي تستدعي الاهتمام بكتابات أمام الحلو، خلاف الآخرين الذين يتبعون ثقافة الشعبويين.
كتب الحلو مقالا بعنوان " الرداءة السياسية أخطر من الفساد" و المقال يطرح قضيتين مهمتين أشار إليهما الحلو بأنها جاءت في كتابات الصحفي التونسي مالك التريكي عن الحالة السياسية في تونس بالقول ( أن الفساد ليس شر الأخطار بل عدم الكفاءة – الثانية أن العميل الفرنسي المزدوج " بين فرنسا و أمريكا" قال ردا على سؤال الرئيس الفرنسي ديجول " بماذا كلفك الإمريكان" قال العميل: كلفوني أن لا يعين الشخص المناسب في المكان المناسب" و يقول الكاتب الصحفي التونسي "أن السياسة مهنة مشاعة يمكن أن يظفر بها أستاذ جامعي مثل باراك أوباما و ودرو ويلسون، و يمكن أن يظفر بها ممثل من الدرجة الثانية مثل ريغان و جورج بوش الأبن، أو مراهق طاعن في الجهالة مثل دونالد ترامب). هذا التوصيف للصحفي التونسي؛ يعتبره أمام الحلو مدخلا لتناول القضية السياسية السودانية، لإنه شبيه ما يجري في الساحة السودانية بعد ثورة يسمبر. حيث يقول الحلو (أما في السودان؛ فإن الأخطار المتراكمة منذ الفترة الانتقالية في أغسطس 2019م ، قد تجاوزتها في التعقيد و الاستعصاء أخطاء النخب في الساحات السياسية و المدنية و العسكرية منذ اندلاع حرب إبريل اللعينة، و العجز العام الذي اجتاح هذه الساحات، أنما هو بسبب الرداءة و الأداء و التقدير و التخطيط الناتجة من عدم كفاءة من يتولون قيادة هذه الساحات الثلاث) هذه الإشارة كنت قد أشرت إليها في أغلبية مقالاتي، أن التغيير دائما يقع عبئه على العناصر التي تشتغل بالعقل، أي التي تنتج أفكارا، لآن الأفكار تطرح تساؤلات عديدة ينتج عنها حوارا مسؤولا في المجتمع، و بالتالي تنتج وعيا مغايرا للذي كان سائد و قد أنتج الفشل، و عدم بروز هذه الكفاءات المطلوب في الأحزاب استبدلت الأفكار بالشعارات التي لا يستطيع الذين أطلقوها إنزالها للأرض.
يواصل الحلو في نقده للمكونات الثلاث " السياسيين و المدنيين و العسكر" بالقول ( أن عدم توفر الإرادة على وقف الحرب بسبب الرداءة السياسية – عدم الكفاءة بسبب عدم اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب.. و الأنكى في حالتنا السودانية أن أغلب الأشخاص غير المناسبين.. لم يختارهم أحد ، أنما فرضوا أنفسهم بأنفسهم في المكان غير المناسب، و لعل أغلب الأحزاب السياسية غير براء من هذه الرداءة السياسية) أضيف لحديث الحلو أن طول مدة الإنقاذ في السلطة قد أضعفت معايير كثيرة كانت مطلوبة، و هي الكفاءة و النزاهة و الشفافية، و الصراحة و الوضوح، و أيضا غياب الحرية قد أدى لفتح الباب أمام العديد من الانتهازيين و الوصوليين أن يصعدوا إلي قمة العمل السياسي، الذي أضعف ما كان موجودا من بواقي الثقافة الديمقراطية، و بدلا من التصويت في الاقتراع الحر المباشر للاختيار أصبح مصطلح " الموافقة السكوتية". يرجع أمام الحلو إلي قول الإمام الصادق المهدي في الأختيار بقوله ( القيادة توكل لصاحب/ة الأهلية و الشعبية، أي التحصيل المعرفي و القدرة و الكفاءة معايير لازمة للتأهيل قبل تفعيل إجراءات الخيار الانتخابي لنوال الشعبية) هذه المرجعية تحدد معايير التصعيد في السياسة و حتى في العمل، و هي المفقودة الآن، و لا يميل لها الذين يرفعون شعارات الديمقراطية خوفا على انفسهم، أن لا تكون منطبقة عليهم. على رؤية الإمام الصادق يقول الحلو ( لقد كان الإمام المهدي حصيفا تماما و واعيا لمخاطر عدم الكفاءة عندما وضع هذه المعايير لبناء الدولة، و التي لم يضمنها معيار الأمانة منعا للفساد. و كذلك عندما طورها الحبيب الأمام الحقاني لم يضيف لمعايير التأهيل معيار الأمانة و غيرها.. إن الفساد السياسي بكافة أشكاله لم يبلغ ضرره مبلغ ضرر الرداءة السياسية في مفاصل الدولة و الأحزاب السياسية و القوى المدنية) أن معييار الكفاءة مسألة مهمة و مطلوبة في اختيار القيادات، و الفساد ينتج عن غياب الحرية للصحافة و الإعلام التي كان عليها أن تكون أهم مراقب للعمل و الأداء. و الثاني القوانين الرادعة للفساد و تطبيقها. أما رداءة الكفاءة لا يمكن معالجتها لأنها هي التي تدير العملية السياسية، و مؤسسات الدولة، و يقع عليها عبء التخطيط و الانجاز و المتابعة. و عدم أنجاز شعارات ثورة ديسمبر سببها عدم الكفاءة المطلوبة. و رغم ذلك لا نجد الأحزاب خضعت الفترة لحوار مسؤول لتنقل الناس لمربع جديد.
يحاول الحلو أن يبين الفرق بين الكفاءة و عدمها و خطورتها على انجاز المهام الوطنية بالقول (أن عدم الكفاءة السياسية يسعى صاحبها جاهدا بكل السبل للوصول إلي موقع و بأي ثمن ليسد به هذا النقص لكنه ينتهي بالرداءة في الأداء، و القيادي الكفؤ.. غالبا يكون غير متكالبا و لا يسعى لسلطة إلا بحقها.. و غالبا ما يحقق إنجاز رفيعا في الأداء. هذه المعضلة .. تتمظهر في سمات الرداءة السياسية من فهلوة و وصولية و انتهازية.. و تحجب فرص توظيف القدرات صاحبة الكفاءة التي تستطيع أن تحدث الفرق) و الحلو يرجع بهذه المسألة لفترة الإنقاذ و يختم بها المقال الذي لم ينتهي لأنه قال سوف يتبع. أن القضية التي تطرق لها الحلو في غاية الأهمية و هي التي أدت إلي الحرب الدائرة الآن. لكن كان المتوقع أن الأحزاب السياسية تكون قد درست فترة الإنقاذ بكل إيجابياتها و سلبياتها و سوءاتها، و أنها وضعت المشاريع البديلة التي تتجاوز بها مرحلة الإنقاذ، لكن جاءت الأحزاب بعد الثورة لا تحمل أي مشاريع سياسية بديلة غير شعارات لا يسندها الفعل في الواقع. بل كانت الثقافة الشمولية التي خلفتها الإنقاذ هي المرجعية التي اعتمدت عليها، كان لابد أن تعطي نتيجة مغايرة عن ما هو مرفوع من شعارات. أول ردة فعل كانت أن أبعدت الشارع عن القيادات السياسية الأمر الذي أدى إلي اختلال في توازن القوى لصالح المكون العسكري قبل الأختلاف الذي وقع داخله. أن الحوارات الفكرية أهميتها أنها تطرح الأسئلة عن المسكوت عنه، و الأسئلة الجريئة التي يجب الإجابة عليها. مع التقدير لإمام الحلو. و نواصل عندما يواصل الرجل الكتابة. و نسأل الله لنا و له و للجميع حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

توكل كرمان من لاهاي أمام تجمع عالمي: العالم يواجه الآن خطراً خطيراً يتمثل في الحرب السيبرانية التي قد تؤدي إلى تقويض الأمن والخصوصية

قالت الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان إن العالم يواجه الآن خطراً جديداً وخطيراً يتمثل في الحرب السيبرانية، التي قد تؤدي إلى تقويض الأمن والخصوصية، مما يؤثر على المجتمعات على مستوى العالم.

جاء في كلمة لها عن السلام والعدالة خلال تجمع عالمي بعنوان "ما بعد 125 عامًا: تأمين مستقبل عالمنا الرقمي"، في قصر السلام بمدينة لاهاي في هولندا، نظمته مدينة لاهاي ومعهد السلام السيبراني" (CyberPeace) والتحالف السيبراني العالمي.

وأضافت توكل كرمان: يشكل ارتفاع الهجمات السيبرانية خطراً كبيراً، وبعد 125 عاماً، يتعين علينا أن نواجه هذا العصر الجديد من الصراع.

وتابعت كرمان: إن الحرب السيبرانية لا يرتكبها القراصنة أو المنظمات الإجرامية فحسب؛ بل أعتقد أنه تنفذها الحكومات أيضًا. ونحن بحاجة إلى معالجة هذه التحديات بشكل جماعي وإيجاد طرق لحماية مجتمعاتنا من هذا التهديد المتطور.

وأوضحت كرمان أن أحد العوامل الرئيسية التي تدفع إلى ارتكاب الجرائم والهجمات السيبرانية هو إساءة استخدام التكنولوجيا من قبل الحكومات كجزء من سياساتها الحربية أو ضد شعوبها.

وقالت كرمان: أستطيع أن أتحدث من تجربتي الشخصية؛ فقد كنت ضحية لهجوم سيبراني حكومي في ظل دكتاتورية عبد الله صالح.

وأشارت كرمان إلى أنه غالبًا ما يستخدم الدكتاتوريون أدوات الإنترنت للتجسس على مواطنيهم، وانتهاك خصوصيتهم، وقمع المعارضة، لافتة إلى أنها واجهت مثل هذه الهجمات، وواجهها العديد من الآخرين أيضًا.

وأفادت كرمان: على سبيل المثال، نفذت سلطات الإمارات العربية المتحدة برامج مراقبة تستهدف الأفراد، بما في ذلك الناشطون والمعارضون.

وقالت كرمان: لقد تصاعد استغلال الفضاء الإلكتروني، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الافتقار إلى المساءلة والخبرة المستخدمة لإيذاء الأبرياء. وقد حدث موقف مماثل مع صديقي جمال خاشقجي، الذي استُهدف أيضًا بهذه الطريقة، مشددة على ضرورة الحاجة إلى معالجة هذه القضايا ومحاسبة المسؤولين عنها.

واعتبرت كرمان أن المشكلة الرئيسية في استخدام هجمات الجرائم الإلكترونية ضد دول أخرى هي أنه لا يوجد إعلان رسمي للحرب، وهذا يؤثر على العديد من الناس، مضيفة: كنت أحد ضحايا هجوم إلكتروني حكومي. لقد استخدموا وسائل التواصل الاجتماعي لمهاجمتي وتقويض خصوصيتي. كنت أحد الضحايا في ذلك الوقت.

وبيّنت كرمان أن الحكومات الأجنبية، بما في ذلك الولايات المتحدة، لديها خبرة في هذه التكتيكات الإلكترونية، مستدركة بالقول: هذه الخبرة لا تُستخدم لحماية الناس ولكن للدفاع عن النظام. نفس الشيء حدث لصديقي.

وأكدت كرمان أن الأمر لا يتعلق بمنع البلدان من استخدام هذا النوع من الحرب؛ إنه يتعلق بالاعتراف بأننا لا نريد الحرب على الإطلاق. أنا شخص يحب العالم أجمع ويؤمن بالوحدة.

وشددت كرمان على أن الحل لا يتعلق فقط باللوائح؛ بل يتضمن أيضًا ضمان احترام حقوق الأفراد. لا ينبغي فرض شروط على حقوق الأفراد في التعبير. هذا أمر بالغ الأهمية، وخاصة في مشهد الأمن السيبراني اليوم، حيث قد تستخدم الحكومات الاحتجاجات لتقويض الحقوق الخاصة. إننا بحاجة إلى التركيز على حماية هذه الحقوق مع تعزيز نهج أكثر شمولاً وسلمية.

وقالت توكل كرمان: يمكن اعتبار معاهدة الجرائم الإلكترونية بمثابة سيف ذو حدين. فمن ناحية، قد تنتهك الحقوق الحصرية والابتكارات؛ ومن ناحية أخرى، تقدم فرصة للتغيير الإيجابي. ونحن بحاجة إلى التركيز على استخدام التكنولوجيا ليس فقط كتهديد، بل كوسيلة لتعزيز السلام.

وأعربت كرمان عن اعتقادها بأن المستقبل يمكن أن يكون مشرقًا، وخاصة مع الأفراد المخلصين الذين يتحملون مسؤولية خلق عالم أفضل. يجب ألا نغفل عن وطننا وقيمنا وقيادتنا. من الأهمية بمكان تعزيز التعاون وضمان خدمة بعضنا البعض بمسؤولية.

وتابعت كرمان: تقع علينا مسؤولية كبيرة لوقف الحروب وتعزيز السلام في عالم يتأثر بشكل متزايد بقضايا الإنترنت. يجب أن تكون حماية الخصوصية ومنع الصراع في طليعة جهودنا. ومع ذلك، فإن معالجة هذه التحديات من خلال المعاهدات والإجراءات الصحيحة هي قضية معقدة نواجهها جميعًا معًا.

وشددت كرمان على الحاجة إلى إصلاحات جوهرية توضح من هو المسؤول عن خدمة الصالح العام. وهذا أمر ضروري لتقدمنا الجماعي. وبالإضافة إلى ذلك، تقع علينا مسؤوليات كبيرة، وخاصة في منع الصراعات. ولا ينبغي النظر إلى وقف الحروب باعتباره عملاً تقليدياً فحسب؛ بل يتطلب الأمر اتباع نهج مبتكر لحماية الخصوصية ومعالجة التهديدات السيبرانية مع السعي أيضاً إلى منع الصراعات في المستقبل.

وقالت كرمان إن مجلس الأمن نفسه يتطلب الإصلاح من أجل حماية الناس بشكل أفضل من أشكال مختلفة من انعدام الأمن. وفي الوقت الحالي، غالباً ما يخدم مجلس الأمن مصالح خمس دول أعضاء فقط، وهو ما يحد من فعاليته. ونحن بحاجة إلى تمكين المحكمة الجنائية الدولية وغيرها من منظمات العدالة التي تعمل من أجل السلام والعدالة، وضمان حصولها على السلطة اللازمة للتصرف دون تدخل من الدول القوية.

وأكدت كرمان وجوب أن تكون هذه المنظمات مجهزة بالكامل للعمل بشكل مستقل، مما يسمح لها بعبور أي حواجز في مهمتها دون الحاجة إلى إذن من سلطات خارجية. إن معالجة هذه الإصلاحات تشكل تحدياً كبيراً يتعين علينا جميعاً مواجهته معاً

 

مقالات مشابهة

  • السفارة الأمريكية: نشعر بالقلق من الأضرار التي لحقت بمقر سفير الإمارات في السودان
  • جبالي يدعو الأحزاب السياسية إلى سرعة موافاة النواب بأسماء ممثلي الهيئات البرلمانية
  • بوميل: “مباراتنا أمام شبيبة القبائل هي التي كنت أحلم برؤيتها في الجزائر”
  • جبالي يدعو الأحزاب السياسية بسرعة إخطار المجلس بأسماء ممثلي الهيئات البرلمانية
  • فوائد زيت اللوز الحلو للبشرة: كنز الجمال الطبيعي
  • توكل كرمان من لاهاي أمام تجمع عالمي: العالم يواجه الآن خطراً خطيراً يتمثل في الحرب السيبرانية التي قد تؤدي إلى تقويض الأمن والخصوصية
  • اليمن: تحالف الأحزاب والقوى السياسية يدين العدوان الإسرائيلي على مدينة الحديدة
  • اليمن.. الأحزاب والقوى السياسية تعتبر العدوان الاسرائيلي الجديد على الحديدة انتهاكاً لسيادة الأراضي اليمنية
  • مدبولي: نحن أمام تحديات غير تقليدية تستلزم التعامل بأساليب مستحدثة لتحقيق التنمية
  • محافظ الجيزة يتابع مخططات التطوير ورفع الكفاءة للطرق وتحسين الرؤية البصرية