طغت الأحداث المتسارعة في الأراضي الفلسطينية، منذ عملية "طوفان الأقصى" وما أعقبها من حرب إسرائيلية متجدّدة على قطاع غزة، معطوفةً على "التوتر" على حدود لبنان الجنوبية، على كلّ ما عداها من اهتمامات وملفات، ومن بينها استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية، الذي يقترب من إحياء "ذكرى السنة" على دخول "بازاره"، بغياب أيّ آفاق توحي بأيّ انفراج قريب على خطّه في المدى المنظور.


 
وعلى الرغم من أنّ التوتر المسجّل جنوبًا كان يفترض، في ظروف مثاليّة، أن يتكاتف اللبنانيون، ويسارعوا لانتخاب رئيس، لتحقيق حدّ أدنى من "الوحدة الوطنية"، في سبيل "تحصين" الساحة الداخلية لمواجهة أصعب السيناريوهات وأقصاها، فإنّ نتيجة أحداث غزة والجنوب جاءت معاكسة، حتى إنها "شطبت" وفق ما يقول البعض الاستحقاق، وجعله في أسفل "سلّم الأولويات"، إن وُجِد فيه أصلاً.
 
ثمّة من يرى أنّ الأمور باتت في مكانٍ آخر، وأن الحديث عن الرئاسة يكاد يصبح ترفًا مقارنة مع الحروب الدائرة في المنطقة، وثمّة من يذهب لحدّ "الرهان" على أحداث غزة وانعكاساتها لبنانيًا، بانتظار "تقريش" نتيجتها في الاستحقاق الرئاسي، لكن في الحالتين يبدو الثابت أنّ الاستحقاق "مجمَّد"، فإلى متى يبقى كذلك؟ وهل يمكن أن يُرحَّل إلى "ما بعد" حرب غزة، والتي يخشى كثيرون أنّها قد تمتدّ لأمدٍ طويل؟!
 
"جمود" على كلّ المستويات
 
بمعزل عن التحليلات والاستنتاجات، وبغضّ النظر عن مدى "واقعيّة" الربط بين الاستحقاق الرئاسي وحرب غزة، يقول العارفون إنّ الشيء الوحيد الأكيد وسط كلّ هذه "المعمعة" يبقى أنّ ملف رئاسة الجمهورية "جُمّد" على كلّ الصُّعُد، فالحديث عن "الخيار الثالث" اختفى من الأوساط السياسية هذا الأسبوع، تمامًا كما غاب الوسطاء العرب والدوليون، وما عادت زياراتهم التي كانت مرتقبة على "الأجندة"، على الأقلّ حتى إشعار آخر.
 
قد يكون ذلك بديهيًا وفق هؤلاء، فأزمة الرئاسة اللبنانية التي لم تكن "أولوية" أصلاً بالنسبة إلى الدول الكبرى والصديقة، يمكنها أن تنتظر، ليس فقط لأنّ هذه الدول كانت ولا تزال مقتنعة بأنّ الحلّ يجب أن ينطلق من لبنان بالدرجة الأولى، ولكن لأنّ حرب غزة فرضت نفسها في صدارة الاهتمام، حتى إنّ الملف اللبناني كان "الغائب الأكبر" عن كلّ الاتصالات الدولية، ولو حضر من باب توتر الجنوب، واحتمالات دخول "حزب الله" على خطّ المواجهة.
 
ولعلّ الأمر نفسه تجلّى على المستوى الداخلي، حيث غاب الملف الرئاسي عن الاهتمامات أيضًا، لتتوجّه كلّ الأنظار إلى أحداث الجنوب، وسط مخاوف من انزلاق محتمل في أيّ لحظة، علمًا أنّ الرئاسة كانت قد تراجعت عن صدارة الاهتمام منذ الأسبوع الماضي، حين طغى على استحقاقها ملف النزوح السوري، في وقت بات الكثير من اللبنانيين يجاهرون بأنّ "الإفراج" عن الاستحقاق "رهن" كلمة سرّ خارجية لم يحِن أوانها بعد.
 
"إلى ما بعد حرب غزة"؟
 
يفتح هذا "الجمود" على خط الاستحقاق الرئاسي، الباب أمام المزيد من علامات الاستفهام، فهل يؤشّر إلى أنّ الاستحقاق رُحّل إلى "ما بعد" حرب غزة كما يحلو للبعض القول؟ وماذا لو طال أمد هذه الحرب، وبقيت إلى أجل غير مسمّى، خصوصًا أنّ أحدًا لا يتوقع أن نهايتها ستكون قريبة، ولا سيما في ظلّ الموقف الإسرائيلي "المرتبك"؟ وماذا عن مواعيد "الانفراج" التي حدّدها البعض، على وقع الحراكين الفرنسي والقطري الرئاسيّين؟!
 
ثمّة أكثر من وجهة نظر في هذا الإطار، فهناك من يعتقد أنّ الأحداث الدراماتيكية المتسارعة يجب أن "تسرّع" مسار الرئاسة، خلافًا لكلّ ما هو ظاهر، ولو بعد حين، وبشكل محدّد، بعد استيعاب "صدمة" التطورات الإقليمية الأخيرة، في مقابل رأي آخر يكاد يجزم أنّ ملف الرئاسة لن يتحرّك قبل انتهاء حرب غزة، بل إنّ هناك من يعتقد أنّ نتيجة هذه الحرب ستحدّد المسار المستقبليّ للملف، باعتبار أنّها ستغيّر المعادلات في المنطقة ككلّ.
 
وبين هذا الرأي وذاك، تزداد الخشية من "ترحيل" ملف الرئاسة إلى "ما بعد بعد حرب غزة"، على طريقة "المعادلات الحربية" التي تلقى الصدى المطلوب هذه الأيام، خصوصًا أنّ ربط الملف بالاستحقاقات الإقليمية والدولية أثبت عدم جدواه، بعدما سقطت كل الرهانات على كلّ الأحداث، وآخرها الاتفاق السعودي الإيراني، الذي ظنّ كثيرون أنّه سيجلب معه "الرئيس"، فإذا به يبقي الأزمة مكانها، بل يطيل أمدها إن جاز التعبير.
 
لا حديث في الرئاسة هذه الأيام في لبنان. لعلّ ذلك طبيعيّ لأكثر من سبب، من بينها أنّ أحداث غزة، ومعها الجنوب اللبناني، أكبر وأهمّ، ومن بينها ربما أنّ هناك من يريد "تقريش" هذه الأحداث رئاسيًا. لكن قبل هذا وذاك، قد يكون السبب أنّ الاستحقاق بات "مملاً" في ظلّ "العناد" الذي يمارسه كثيرون، ممّن يرفضون "الحرب" مع العدو للمفارقة، لكنّهم يرفضون أيضًا "السلم" على شكل حوار، مع شركائهم في الوطن!
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حرب غزة على کل ما بعد

إقرأ أيضاً:

رئيس بلدية إسطنبول يقرر الترشح لانتخابات الرئاسة التركية المقبلة

أعلن رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، أنه تقدم بطلب رسمي لحزبه، حزب الشعب الجمهوري، ليكون مرشحا عن الحزب لانتخابات الرئاسة المقبلة.

وفي منشور على صفحته الخاصة على منصة إكس، قال إمام أوغلو: "اتخذت الخطوة الأولى لبداية جديدة وتقدمت رسميًا بطلب الترشح للرئاسة عن حزب الشعب الجمهوري الذي أتشرف بأن أكون عضوًا فيه".



وتابع: "ننطلق في رحلة مع أمتنا التي تستحق أن تعيش إنسانيا وتتوق إلى الحرية والعدالة والرخاء والوحدة، نحن ننطلق في رحلة لجعل دولتنا ديمقراطية وقوية، وأمتنا غنية ومسالمة، ومواطنينا متساوون وأحرار".

Bugün yeni bir başlangıcın ilk adımını atarak, mensubu olmaktan onur duyduğum Cumhuriyet Halk Partisi’nin Cumhurbaşkanı Adayı olmak için resmi müracaatımı yaptım.

İnsanca yaşamayı hak eden, özgürlüğe, adalete, refaha ve birlik olmaya hasret milletimizle bir yolculuğa çıkıyoruz.… pic.twitter.com/Q6qfeaX1Mb — Ekrem İmamoğlu (@ekrem_imamoglu) February 21, 2025

وقال إنه سيعمل على "تطبيق الديمقراطية البرلمانية وفصل السلطات وآليات الضوابط والتوازنات في أقرب وقت ممكن. سنعطي الأولوية للمشاركة الديمقراطية".

وتابع في بيان، إنه سيجعل "سننقذ مؤسسات الدولة، والعلم، والفن، والرياضة، ووسائل الإعلام من التحزب؛ ولن ننظر إلى خصومنا كأعداء؛ وسنحول المنافسة السياسية إلى سباق عادل ومتحضر ونزيه في حضور الأمة".

الشهر الماضي، قال زعيم حزب الشعب الجمهوري التركي، أوزجور أوزيل، إنّ: "الحزب سوف يعلن عن مرشحه للانتخابات الرئاسية خلال الأشهر المقبلة"، وذلك في خطوة وصفها بأنها: "تهدف لمواجهة إجراءات قضائية تستهدف حزبه".



وأوضح أوزيل، في كلمة أمام نواب من حزب الشعب الجمهوري، الذي يعدّ أكبر أحزاب المعارضة بتركيا: "من خلال استكمال جميع الاستعدادات، في فبراير ومارس وأبريل، بوسعنا اليوم القول إننا مستعدون لمواجهة هذا الشر"، في إشارة إلى التحقيقات.

وأضاف أن: "نحو 1.6 مليون من أعضاء حزب الشعب الجمهوري سوف يختارون المرشح الرئاسي عن الحزب من خلال تصويت داخلي". 

وكان أحد ممثلي الادعاء في إسطنبول، قد فتح تحقيقا، مع رئيس بلدية المدينة، أكرم إمام أوغلو، متهما إياه بمحاولة التأثير على السلطة القضائية بعد انتقاده التحقيقات في البلديات التي تديرها المعارضة.

واتهم إمام أوغلو، الذي يُنظر إليه على أنه منافس محتمل للرئيس رجب طيب أردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة، الحكومة التركية، باستخدام القضاء أداة سياسية للضغط على المعارضة. 

إلى ذلك، قال أوزيل إن: "التحقيقات مع إمام أوغلو أظهرت مدى خوف حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان منه"؛ فيما تنفي الحكومة الاتهامات الموجهة لها بالتدخل السياسي في القضاء وتقول إنه يحظى بالاستقلال.

وفي السياق نفسه، يقضي أردوغان آخر فترة رئاسية له، وذلك بموجب الدستور، ما لم يدع البرلمان إلى انتخابات مبكرة. ويحكم أردوغان تركيا منذ أكثر من 21 عاما، حيث شغل في البداية منصب رئيس الوزراء ثم أصبح رئيسا.

مقالات مشابهة

  • رئيس الكونغو يعتزم تشكيل حكومة وحدة وطنية
  • الرئاسي: المنفي رحب باستمرار التعاون مع تيتيه
  • بيان من الرئاسة المصرية بعد اجتماع السيسي مع القادة في السعودية
  • الانتخابات البلدية 2025: تحالفات ومفاجآت واستعدادات مكثفة
  • الرئاسة الفلسطينية: جهزنا خطة بالتعاون مع مصر لإعادة إعمار غزة دون تهجير السكان
  • الرئاسة الفلسطينية: نؤكد على ضرورة تمكين الحكومة الشرعية في غزة والضفة
  • رئيس بلدية إسطنبول يقرر الترشح لانتخابات الرئاسة التركية المقبلة
  • ألطون: تركيا ستقف مع الشعب السوري في مرحلة النهوض وإعادة البناء
  • ترامب يُهدد بالبحث عن بدائل لبوينج لتصنيع طائرة الرئاسة Air Force One
  • الانتخابات البلدية في موعدها؟