قبل عدة سنوات كان لي صديقة غالية ومقربة جدا لقلبي، كانت دوما ما تكون حواراتنا مشتملة على مواضيع واعية ونحاول أن نفهم ونحلل أي موضوع نتطرق إليه بصورة شمولية من كل الجوانب.
لنخرج في النهاية بفوائد عدة من ذلك الحوار والنقاش
كنا يافعين بعقول راجحة.
لا مكان للغيبة بأحاديثنا، وأفكارنا أرقى وأرفع كان حبنا للمواضيع الفلسفية يفوق كل شيء.
كان يتخلل حواراتنا في بعض الأحايين شيئا من روح النكتة العالي، الذي كان يجعلنا نحلق داخل المرح مع الضحكات التي تشع كلها بالسعادة والأمل.
ثم بعد ذلك، لم يعد يجمعنا أنا وصديقتي تلك أي جامع؛ فالحياة قاسية للغاية فهي تفرق الأصدقاء، ولكن فراق صديقتي كان برحيلها عن هذا العالم، رحلت إلى الأبد ارتحلت إلى البارئ سبحانه، غادرتنا مبكرا وبدون مقدمات.
من بعدها لم أبحث مرة أخرى عن صديقة بديلة.
قيل: “إني لأفتح عيني حين أفتحها على كثير ولكن لا أرى أحدا.”
اتخذت بعد صديقتي كتاب فقط، و لابديل عنه القراء كانت هي الحوار الصامت الراقي والواعي الذي عشت به ومعه طويلا من بعدها في زحمة هذه الحياة.
اليوم، وبعد كل تلك السنوات كان قلمي هو من يسير على هذه الأسطر ليخط بضع أحرف مفادها: لن يكرر الزمن الماضي ما عشناها أيا كان، لن نلتقي الأصدقاء الأوفياء حتما؛ فوجودهم أصبح من الندرة، ولن تتكرر السنوات التي مضت من العمر، لن نعيش لحظات كانت تشع بالفرح والحبور والصدق والمحبة مع أحبة لنا قد غادرونا لأنه وبكل بساطة هناك مرة واحده من كل شيء بالحياة، مرة واحده فقط بالعمر، يمكن أن نجتمع بأصدقاء يشاطرونا الفكر والمنطق الراقي مرة واحده فقط!
المصدر: صحيفة صدى
إقرأ أيضاً:
تقرير يكشف كيف ساعدت بريطانيا جماعة القاعدة في سوريا
كشف تقرير بعنوان “عندما ساعدت بريطانيا القاعدة في سوريا” كواليس ما قامت به المملكة المتحدة منذ العام 2011 من دعم للجماعات المسلحة في سوريا للإطاحة بالرئيس السوري السابق بشار الأسد، وذلك بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية وأنظمة عربية وإسلامية.
ويوضح التقرير، للكاتب مارك كورتيس في موقع ” declassifieduk” البريطاني، مراحل عشرية النار التي شهدتها دمشق والمنطقة بدءاً من التدخّل الدولي، حيث دعمت الولايات المتحدة وبريطانيا جماعات ما يسمّى “المعارضة السورية” عسكرياً ومالياً، بالتعاون مع دول مثل قطر والسعودية.
وكان أحد المستفيدين الرئيسيين من الحملة السرية “جبهة النصرة” التكفيرية، وهي فرع لجماعة “القاعدة” في سوريا الذي أسسه “أبو محمد الجولاني”، والذي أطلق فيما بعد على قواته المسلحة اسم “هيئة تحرير الشام”.
مالياً، قُدّرت المساعدات الأمريكية للجماعات المسلحة في حينها بمليار دولار، بينما ساهمت قطر والسعودية بمليارات أخرى.
عسكرياً، يكشف التقرير، مسار الأسلحة التي أُرسلت من ليبيا عبر تركيا بدعم من حلف “الناتو”، وتضمّنت أنظمة متطوّرة من الاتصالات وعتاداً عسكرياً، وُجّهت إلى “الجيش السوري الحرّ”، لكنها انتهت غالباً في أيدي جماعات أخرى مثل “جبهة النصرة”.
ويتحدّث الكاتب كيف درّبت بريطانيا الجماعات المسلحة في حينها، داخل قواعد عسكرية تمّ تجهيزها في الأردن، وخلال هذه الفترة أشرفت الاستخبارات البريطانية والأمريكية على التدريب والتوجيه والتنسيق.
في العام 2015، أرسلت بريطانيا 85 جندياً إلى تركيا والأردن لتدريب الجماعات المسلحة، وكان الهدف تدريب 5 آلاف مسلح سنوياً على مدى السنوات الثلاث التالية.
ووفّرت بريطانيا مسؤولين لغرف العمليات في تركيا والأردن للمساعدة في إدارة البرنامج، الذي نقل أسلحة مثل الصواريخ المضادة للدبابات والقذائف إلى عدد من مجموعات التدريب المستحدثة.
وباعتراف الكاتب فإنّ فصول السنوات العشر الماضية من تدريب ودعم “أطال أمد الحرب”، مما فاقم معاناة الشعب السوري وخلق أزمة لاجئين ضخمة.
وركّزت الدول الغربية من خلال ماكناتها الإعلامية على تحميل النظام السوري السابق المسؤولية، في تفاقم الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية.
وبين التقرير أن سياسة بريطانيا وحلفائها في سوريا، القائمة على دعم ما أسماهم بالمعارضة بما في ذلك الجماعات المسلحة، قد عزّزت الفوضى وأطالت الصراع، طارحاً في الوقت عينه إشكالية “مع من سيعمل المسؤولون البريطانيون الآن لتعزيز أهدافهم؟”، وهل من المحتمل جداً أن تستمر رغبة المؤسسة البريطانية في تحقيق حكومة موالية للغرب في سوريا بأيّ ثمن، وهل يتكرّر سيناريو السنوات الماضية من تداعيات أمنية واقتصادية على الشعب السوري.