طوفان الأقصى... الآن العالم يبكي بحرقة
تاريخ النشر: 14th, October 2023 GMT
طوفان الأقصى... الآن العالم يبكي بحرقة
البنك المركزي الأوروبي يشعر بالقلق بشكل خاص من تطورات أسعار النفط جراء الوضع في إسرائيل.
دول ومؤسسات وبنوك مركزية كبرى تصرخ قائلا إن الحرب بين إسرائيل المقاومة تشكل صدمة اقتصادية عالمية.
استمرار الفائدة المرتفعة لمواجهة التضخم يكلف العالم مليارات الدولارات ويعمق عجز الموازنات ويزيد الأعباء على المواطن والأسواق.
الآن، يبكي العالم يبكي ويقول إن ما يحدث في فلسطين بمثابة كارثة بالنسبة للاقتصاد الدولي، وأن الاقتصاد الأميركي في مقدمة المتضررين.
الدول باتت على موعد مع موجة تضخم مرتفع جديدة، وإن تبعات الحرب الشرسة بين قوات الاحتلال والمقاومة الفلسطينية ستعيد اقتصادات العالم إلى الصفر.
استمرار الحرب الدائرة في فلسطين يعني تأخر البنوك المركزية الكبرى في خفض أسعار الفائدة الأعلى في 22 عاماً والإبقاء على التشدد النقدي ورفع الفائدة.
* * *
سكت العالم سنوات طويلة على جرائم ووحشية الاحتلال ضد الفلسطينيين، ولم يتحرك في يوم ما لوقف المجازر التي ارتكبها الاحتلال والإعدامات الميدانية بحق المدنيين، والتضييق على الفلسطينيين في قوتهم ومعيشتهم وإقامتهم وتحركاتهم طوال 75 سنة.
ولم يحرك الغرب جفنا وهو يرى قوات الاحتلال الإسرائيلي تسحل النساء في شوارع الضفة الغربية والقدس المحتلة وغيرها من المدن الفلسطينية، أو تقتل شابا على قارعة الطريق وهو يحرك يده نحو رأسه ظنا من جنود الاحتلال أنه يستهدفهم بطعنة أو طلقة نار، رغم ادعاء هذا العالم بالتمدن والتحضر والإنسانية، ورفع شعار مكافحة العنصرية ومقاومة الاحتلال كما جرى في أوكرانيا والعراق وغيرها.
الآن، بات العالم يبكي بحرقة ويصرخ ويقول إن ما يحدث في فلسطين بمثابة كارثة بالنسبة للاقتصاد الدولي، وأن الاقتصاد الأميركي، وليس فقط الاقتصادين الإسرائيلي والفلسطيني، في مقدمة المتضررين، وأن اشتعال الحرب سيؤثر على رفاهية المواطنين وقدرتهم الشرائية حول العالم.
وإن الدول باتت على موعد مع موجة جديدة من التضخم المرتفع، وإن تبعات الحرب الشرسة بين قوات الاحتلال والمقاومة الفلسطينية ستعيد اقتصادات العالم إلى الصفر، حيث سيعود غلاء أسعار النفط والغاز والوقود والسلع والمواد الخام والسلع الوسيطة وربما الحبوب، مع تعقد سلاسل التوريد.
وإن استمرار الحرب الدائرة في فلسطين يعني تأخر البنوك المركزية الكبرى في تطبيق سياسة خفض أسعار الفائدة، والتي وصلت إلى أعلى مستوياتها في 22 عاماً، وبالتالي الإبقاء على سياسة التشدد النقدي ورفع الفائدة لمواجهة تضخم الأسعار، وهو ما يكلف العالم مليارات الدولارات، ويعمق عجز الموازنات ويزيد الأعباء على المواطن والأسواق.
كما تخشى دول من اتساع مقاطعة السلع الإسرائيلية، ومنتجات الشركات العالمية الداعمة لدولة الاحتلال، وعودة العرب لتنشيط المقاطعة الاقتصادية والتي تراجعت منذ فترة التسعينيات.
أمس، قالت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين، إن الأوضاع الأمنية الحالية القائمة في إسرائيل، تربك نمو الاقتصاد الأميركي للعام الجاري، وتثير مزيدا من المخاوف بشأنه، وهذا تصريح مهم نظرا لضخامة وأهمية الاقتصاد الأميركي وتأثيره في الاقتصاد العالمي.
وأمس أيضا، خرج علينا رئيس البنك الدولي أجاي بانغا، قائلا إن الصراع بين إسرائيل وغزة شكل صدمة اقتصادية عالمية لا ضرورة لها، وسيجعل من الصعب على البنوك المركزية تحقيق خفض سلس للتضخم في اقتصادات عديدة إذا انتشر.
وقبلها مباشرة، قال صندوق النقد الدولي إن وتيرة التعافي الاقتصادي العالمي تتباطأ، وإن "القتال المستمر قد يزرع بذور الاضطراب في مختلف أنحاء منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي يعكس مدى التحدي الذي أصبح يواجه الاقتصادات من الصدمات العالمية المتكررة وغير المتوقعة على نحو متزايد".
وجاءت تحذيرات الصندوق في الوقت الذي تهدد فيه الحرب الجديدة في فلسطين بقلب الاقتصاد العالمي رأسا على عقب، الذي يعاني منذ عدة سنوات من أزمات متداخلة ومعقدة بسبب تزايد المخاطر الجيوسياسية وجائحة كورونا وحرب أوكرانيا ورفع أسعار الفائدة وأزمة الإمدادات.
وأول من أمس قال محافظ البنك المركزي الفرنسي، فرانسوا فيلروي دو غالو، إن البنك المركزي الأوروبي يشعر بالقلق بشكل خاص من تطورات أسعار النفط جراء الوضع في إسرائيل.
وجاءت تلك التصريحات عقب حدوث قفزة في أسعار النفط والغاز في الأسواق الدولية، وهو ما شكل صدمة للبنوك المركزية في العالم لا سيما في الولايات المتحدة وأوروبا، كما أربك حسابات الحكومات الغربية مع تزايد مستويات الغموض وعدم اليقين السياسي داخل دول المنطقة بسبب استمرار الحرب المفتوحة واشتداد الاشتباكات بين قوات الاحتلال والمقاومة.
لو تحرك العالم طوال 75 سنة وطبق القانون الدولي الذي يحظر احتلال أراضي الغير، ما وصلنا لتلك المرحلة الحرجة، وما وصل الاقتصاد العالمي لهذا الوضع المتردي.
ولو تحرك الغرب للضغط على الاحتلال الإسرائيلي ومقاومته بكل الطرق كما يفعل الآن في أوكرانيا، ما علا صوته حاليا محذرا من مخاطر التضخم والركود وربما اللإفلاس والتعثر المالي، في الوقت الذي لا يسمع فيه أحد إلا صوت الرصاص.
*مصطفى عبد السلام كاتب صحفي اقتصادي
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الأزمات التضخم الركود الاقتصاد الدولي الاقتصاد الأميركي طوفان الأقصى الشرق الأوسط الفائدة المرتفعة الاقتصاد الأمیرکی قوات الاحتلال أسعار النفط فی فلسطین
إقرأ أيضاً:
صناع السياسات قلقون بشأن الاقتصاد المتعثر في أوروبا
الاقتصاد نيوز - متابعة
الاقتصاد المتعثر في أوروبا يثير قلق الاقتصاديين، لاسيّما بعد التهديدات المتكررة من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية على بعض الشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة،
ويؤيد هذا القلق المسؤول الكبير في البنك المركزي الأوروبي، ماريو سنتينو. الذي يشغل أيضاً منصب محافظ بنك البرتغال، في حديث مع برنامج "Squawk Box Europe" على قناة CNBC يوم الجمعة: "أنا قلق للغاية بشأن الاقتصاد الأوروبي".
يوم الخميس، قام البنك المركزي الأوروبي بمراجعة توقعاته للناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو لعام 2025، حيث خفض التوقعات إلى نمو بنسبة 0.9% بدلاً من 1.1% كما كان متوقعاً سابقاً. وكان الناتج المحلي الإجمالي المعدل موسمياً لمنطقة اليورو قد سجل زيادة طفيفة بلغت 0.1% في الربع الرابع.
ربط سنتينو تعديل توقعات النمو بالانخفاض في الصادرات والاستثمارات، مشيراً إلى بيان البنك المركزي الأوروبي.
وقال: "الاستثمار الخاص في أوروبا أعتقد أنه ضعيف للغاية. سيستغرق الأمر أربع سنوات حتى نعود إلى مستوى الاستثمار في القطاع الخاص لعام 2023، وستة سنوات بالنسبة لاستثمار الإسكان وسنعود إلى مستويات 2022 فقط في عام 2028".
أوروبا هدفاً لترامب
تسارعت المخاوف بشأن الاقتصاد البطيء في أوروبا في الأشهر الأخيرة، بعد التهديدات المتكررة من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية على بعض الشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة، حيث أشار إلى أن الاتحاد الأوروبي قد يكون الهدف التالي.
قال سنتينو يوم الجمعة: "التعرفات هي ضريبة. إنها ضريبة على كل من الاستهلاك والإنتاج، ونحن نعلم أن الضرائب لها تأثير واضح للغاية على الاقتصاد"، محذراً من أنه في النهاية لن يستفيد أحد من حرب الرسوم.
إحدى النقاط المضيئة أمام أوروبا قد تكون دفعة محتملة لزيادة الإنفاق الدفاعي من الاتحاد الأوروبي، الذي تم الإعلان عنه في وقت سابق هذا الأسبوع بعد تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة وأوكرانيا.
وقال سنتينو إن هذه الحزم إذا كانت "مُصممة بشكل جيد، يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي على الاقتصاد الأوروبي".
كما أعلنت ألمانيا هذا الأسبوع عن خطط لتعزيز الإنفاق على البنية التحتية والدفاع، على الرغم من أن المقترح يجب أن يمر عبر بعض العقبات قبل تنفيذه.
هل هناك مزيد من خفض الفائدة في الطريق؟
تحدث سنتينو أيضاً عن آفاق أسعار الفائدة في البنك المركزي الأوروبي، مشيراً إلى أنه من المتوقع حدوث مزيد من الخفض في المستقبل.
وقال: "نعتقد أن الرحلة واضحة جداً، وعلى الرغم من أن هذه التخفيضات في الفائدة تم تنفيذها لأن الاقتصاد الأوروبي في حالة ركود، لدينا في توقعاتنا الأساسية معدل تضخم يصل إلى 2% في الأجل المتوسط، لكن ذلك يتضمن مزيداً من التعديل في الأسعار".
ومع ذلك، أضاف أن البنك المركزي يقوم بتقييم الوضع في كل اجتماع على حدة، خاصة في ظل حالة عدم اليقين الحالية بشأن السياسات الاقتصادية.
ويوم الخميس، أعلن البنك المركزي الأوروبي عن سادس خفض للفائدة منذ يونيو من العام الماضي، وسط نمو اقتصادي ضحل في منطقة اليورو، حيث تم خفض سعر الفائدة الأساسي، وهو سعر تسهيلات الإيداع، بمقدار ربع نقطة ليصل إلى 2.5%. وكانت الأسواق قد توقعت هذا التحرك على نطاق واسع.
وفي بيان إعلان القرار، عدّل البنك المركزي الأوروبي اللغة المستخدمة لوصف السياسة النقدية ليقول إنها أصبحت الآن "أقل تشديدًا بشكل ملحوظ"، وهو تغيير عن الوصف السابق "التقييدي".
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام