منذ الهجوم النوعي الذي شنته حركة حماس على إسرائيل قبل أسبوع، وما تبعه من رد انتقامي من قبل الأخيرة، يتجه العالم بخطى متسارعة نحو سيناريو يعيد إلى الأذهان ما حدث إبان هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001.

وفي ظل تطورات جسيمة وغير مسبوقة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ربما تُجمع دوائر التحليل السياسي على أن الأسوأ لم يأت بعدن وأن مستقبل منطقة الشرق الأوسط برمتها بات على المحك، مع أحداث متلاحقة ليس أسوأ ما فيها سقوط آلاف القتلى والجرحى من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي خلال الأيام الماضية.

فجولة الصراع الحالية تختلف عن سابقاتها من منظور أن أطرافاً إقليمية فاعلة حاضرة بقوة وبأداوات مغايرة هذه المرة، مع تبادل التهديدات المبطنة والرسائل غير المباشرة التي تشي بأن المنطقة بصدد منعطف تاريخي، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عنه إنه "سيغير الشرق الأوسط"، معلناً أن إسرائيل "في حالة حرب" رسمياً، وذلك للمرة الأولى منذ حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973.

دعم غير محدود

وربما تفهم كلمات نتانياهو، الذي تحدث عن حرب "ستستغرق وقتاً طويلاً"، إذا وضعت في سياق التحركات الأمريكية المتسارعة التي أظهرت دعماً غير محدود لإسرائيل لم يقف عند الدعم السياسي، من خلال إيفاد وزيري الخارجية أنتوني بلينكن والدفاع لويد أوستن للمنطقة، ولكنه تخطى ذلك إلى حد إرسال حاملة طائرات وسفن حربية إلى البحر المتوسط وتزويد إسرائيل بأسلحة وذخائر.

وفي السياق ذاته، جاءت تحركات مماثلة من جانب بريطانيا والهدف المعلن هو "دعم إسرائيل وتعزيز الاستقرار الإقليمي". وأفاد بيان لمكتب رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك بأنه "وجه بنشر الأصول العسكرية البريطانية في شرق البحر المتوسط، لدعم إسرائيل وتعزيز الاستقرار الإقليمي ومنع التصعيد".

وأضاف البيان أن طائرات الدوريات والمراقبة البحرية ستقوم بمهمة "تتبع التهديدات التي تواجه الاستقرار الإقليمي مثل نقل الأسلحة للجماعات الإرهابية".

الخارجية الإسرائيلية: ضرباتنا على #سوريا رسالة تحذير لـ #إيران https://t.co/BJCk4Ss3Qw

— 24.ae (@20fourMedia) October 13, 2023 رسالة لإيران 

ويرى مراقبون أن التحذيرات التي خرجت بعد ساعات فقط من هجوم السبت الماضي، من إسرائيل وحلفائها من "محاولة استغلال أي جهة أو طرف الوضع الحالي"، والتشديد على ضرورة "ألا تنضم أي أطراف أخرى إلى هجوم حماس"، هو رسالة تهديد لإيران في المقام الأول، حيث ترى إسرائيل أن هذا الهجوم يحمل البصمات الإيرانية.

واعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، أن نشر حاملة الطائرات الأمريكية "رسالة لأصدقائنا وأعدائنا على حد سواء".

وبالتزامن مع زيارة وزير الدفاع الأمريكي لإسرائيل، كان وزير الخارجية الإيراني أمير حسين عبد اللهيان في لبنان الذي يشهد جنوبه مناوشات متقطعة بين ميليشيا حزب الله وإسرائيل، وسط مخاوف إقليمية من اشتعال جبهة جديدة هناك في إطار الصراع الحالي.

وبينما حذرعبد اللهيان خلال زيارته للبنان من احتمال اندلاع "حرب إقليمية" حال عدم "لجم" الولايات المتحدة لإسرائيل، خرج حزب الله، الذي ينظر إليه باعتباره إحدى الأذرع الإيرانية في المنطقة، ببيان يلوح فيه بالاستعداد لـ"المساهمة في المواجهة"، مؤكداً "جهوزيته وقت يحين أي عمل" ضد إسرائيل.

سيناريو 11 سبتمبر

ويرى محللون أن إسرائيل، التي توعدت بمحو حركة حماس، وداعميها لديها خطط تتخطى حركة حماس والفلسطينيين وأن هناك رغبة في استغلال الهجوم الذي تعرضت له الدولة العبرية لتنفيذ تلك الخطط، كما كان الحال إبان هجمات 11 سبتمبر (أيلول) قبل 22 عاماً.

وتشبيه الموقف الراهن بأحداث 11 سبتمبر (أيلول)، استخدمه أيضاً السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة الذي قال: "هذا هو 11 سبتمبر الخاص بنا. نحن ملتزمون بتغيير المعادلة وتحطيم النموذج القديم".

وكتبت مجلة "جاكوبين"، السياسية الأمريكية التي تتخذ من نيويورك مقراً لها، أن "ثمة أوجه تشابه لا حصر لها، فهناك بطبيعة الحال في كلتا الحالتين خسائر مروعة في أرواح المدنيين على أيدي جماعات متطرفة"، مشيرة إلى استفادة تلك الجماعات من "الإخفاقات الاستخباراتية الفادحة". وأضافت المجلة أنه "في الحالتين انتشرت التقارير غير المؤكدة، وأنصاف الحقائق كالنار في الهشيم وسط مناخ الخوف والغضب الذي أعقب ذلك".

If this is "Israel's 9/11," it is repeating the US's disastrous mistakes. https://t.co/2IFr7p8C2F

— Jacobin (@jacobin) October 13, 2023 رفض عربي 

وإذا كانت نذر المواجهة العسكرية بين إيران من جهة وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى، تلوح في الأفق على مدار السنوات الماضية، إلا أنها لم تكن بنفس القوة التي هي عليه هذه المرة، بحسب مراقبين.

ولم يقف التوتر الراهن عند هذا الحد، بل اتخذ بعداً آخر مع سعي إسرائيل لتهجير سكان شمال قطاع غزة ودفعهم إلى التوجه جنوباً باتجاه الحدود مع مصر، في خطوة قوبلت بردود فعل دولية رافضة وبطبيعة الحال أثارت حفيظة القاهرة التي رأت في ذلك تفريغاً للقضية الفلسطينية من مضمونها.

وحذرت مصر من أن هذا الإجراء "يعد مخالفة جسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني، ويعرض حياة أكثر من مليون مواطن فلسطيني وأسرهم لمخاطر البقاء في العراء دون مأوى في مواجهة ظروف إنسانية وأمنية خطيرة وقاسية، فضلاً عن تكدس مئات الآلاف في مناطق غير مؤهلة لاستيعابهم". وطالبت مصر الحكومة الإسرائيلية بالامتناع عن الإقدام على "تلك الخطوات التصعيدية، لما سيعقبها من تبعات خطيرة على الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة".

تفاقم الصراع 

وفي ظل مخاوف دولية من اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط، كتبت ناحال توسي الصحفية الأمريكية المتخصصة في الشؤون الخارجية بصحيفة بوليتيكو: "لقد قمت بتغطية حروب وإبادات جماعية وهجمات انتحارية في مسيرة مهنية، تأثرت بشكل كبير بهجمات 11 سبتمبر 2001، غالباً ما يكون لمثل هذه الكوارث التي من صنع الإنسان مسار يمكن التنبؤ به".

وأضافت "أولاً، تكون هناك صدمة وألم مشتركان، تليهما وحدة الهدف بين المتضررين. وبمرور الوقت، يتلاشى هذا التماسك عندما تصبح الاستجابة فوضوية، وترتفع التكاليف الاقتصادية، وتزداد حصيلة القتلى المدنيين. وتجلب مرحلة لاحقة ، مثل الاحتلال، المزيد من التحديات".

وأثارت الصحفية الأمريكية تساؤلات بشأن الشكل الذي يمكن أن يتخذه الصراع خلال الأيام المقبلة، وأشارت إلى أنه "حتى لو اختفت حماس من على وجه الأرض اليوم، فسوف يظل لزاماً على إسرائيل أن تواجه المعضلة الأكبر... وهي المعضلة التي تحرك العديد من المقاتلين الذين يحاربونها: ماذا عن الفلسطينيين وتطلعاتهم؟".

وعقدت مقارنة بين الرأي العام الأمريكي والإسرائيلي والظروف المحيطة بما تعرض له البلدان، وقالت إن "العديد من الإسرائيليين يشعرون أيضاً بالغضب من حكومتهم ومؤسستهم الأمنية لفشلهم في حمايتهم، وهو غضب فوري لم يكن موجوداً في الأيام الأولى في الولايات المتحدة بعد أحداث 11 سبتمبر".

وبينما لا تزال هناك أصوات منتقدة لطريقة انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، بعد حرب دامت أكثر من عقدين رداً على هجمات 11 سبتمبر (أيلول) وتشكيك في النتائج التي تحققت، يحذر مراقبون من أن "حسابات خاطئة" من قبل تل أبيب وواشنطن هذه المرة ربما يكلف منطقة الشرق الأوسط ، التي تئن أساساً من وطأة صراعات لا حصر لها، ثمناً باهظاً.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: غزة وإسرائيل التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل أمريكا مصر الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

تقرير لـNational Interest: الحرب بين حزب الله وإسرائيل من شأنها أن تلتهم الشرق الأوسط

ذكر موقع "The National Interest" الأميركي أنه "بعد تسعة أشهر من القتال الوحشي في غزة، يبدو أن حزب الله وإسرائيل على استعداد لتصعيد الأعمال العدائية المستمرة إلى حرب أوسع نطاقاً.والحقيقة أن كلا الجانبين يدق ناقوس الخطر بينما تضع إسرائيل اللمسات الأخيرة على العمليات الثقيلة في غزة لتحويل التركيز إلى الجبهة اللبنانية، مع التزامها بشكل خاص بضمان هزيمة عدوها في الشمال. ويجب أن يرعب هذا الواقع زعماء العالم الذين يجب عليهم أن يرفضوا علنا أي صراع محتمل".
وبحسب الموقع، "تبادل حزب الله وإسرائيل إطلاق النار عبر الحدود منذ 8 تشرين الأول، أي بعد يوم واحد من هجوم حماس على إسرائيل. وزاد كلا الطرفين من خطابهما وأفعالهما النارية منذ ذلك الحين، ووسعا نطاق وحجم عملياتهما العسكرية، واستهدفا شخصيات ومواقع ذات أهمية متزايدة، بينما وعدا بحرب دموية أوسع نطاقا. ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن الوضع يبدو خارج نطاق هيكل الردع الطبيعي الذي تم إنشاؤه بعد حرب عام 2006 بين الطرفين. ولا يتراجع القادة الإسرائيليون عن تصريحاتهم العلنية، حيث كرر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، في 27 حزيران، تهديداته السابقة بأن بلاده ستعيد لبنان "إلى العصر الحجري". هذا الخطاب وخطاب مماثل من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يسلط الضوء على استعداد إسرائيل لغزو لبنان".
وتابع الموقع، "لا يختلف خطاب حزب الله عن ذلك، على الرغم من أنه وراعيته إيران، يبدوان أقل ميلاً لبدء حرب شاملة. ومع ذلك، ادعى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في 26 حزيران أن المعركة المستقبلية لن تكون لها "قواعد ولا خطوط حمراء". وجاء ذلك في أعقاب نشر الحزب لقطات لطائرة من دون طيار داخل المجال الجوي الإسرائيلي تسلط الضوء على قدرته على ضرب البنية التحتية الحيوية. وأرسل الرئيس الأميركي جو بايدن مسؤولين كباراً إلى لبنان وإسرائيل للتحدث مع الطرفين عن حرب شاملة، لكن هذه الجهود متعثرة. ولا يزال حزب الله مصراً على ربط أي توقف للقتال بوقف دائم لإطلاق النار في غزة، وهو الأمر الذي يواصل نتنياهو تقويضه من خلال التحدث علناً عن المفاوضات. ويفعل المسؤولون الأميركيون الآن الشيء نفسه مع حزب الله، حيث يقدم مسؤولون مجهولون ضمانات بأن الولايات المتحدة ستدافع عن إسرائيل في الحرب".
وأضاف الموقع، "على هذا النحو، فإن الوضع غير مستقر. إن التهديد الأكبر الذي يواجه إسرائيل هو حزب الله، وهي حقيقة يفهمها قادة المجموعتين جيدًا. يجب على حزب الله أن يظهر القوة والدعم لفلسطين ضمن أيديولوجية المقاومة الأوسع الخاصة به للاحتفاظ بالشرعية بين قاعدة دعمه. وفي الوقت نفسه، تدعي الولايات المتحدة أنها تدعم وقف التصعيد، لكنها تواصل تصنيف نفسها في مواقف تصعيدية من خلال الدعم غير المشروط لإسرائيل.في هذا السيناريو، كل الطرق تؤدي إلى الصراع، ومن المرجح جداً أن تختار إسرائيل القوة للسماح بعودة ما يقرب من 96 ألف مواطن إلى مدنها الشمالية. وحتى عند القراءة المنمقة للموقف، حيث تحاول إسرائيل التوصل إلى وقف غير رسمي نسبياً لإطلاق النار في غزة من خلال إنهاء كافة العمليات الكبرى بعد غزو رفح، فإن احتمالات نجاح مثل هذه الاستراتيجية تظل محدودة. ومن غير المرجح أن يتمكن أي من الطرفين من كبح جماح القتال في المناطق الحدودية أيضاً، بقدر ما اقترح البعض عمليات إسرائيلية "محدودة"."
وبحسب الموقع، "في الواقع، يرجع ذلك إلى أن دوامة تصعيدية لا مفر منها قد تكون موجودة بالفعل. لن تلتزم إسرائيل بوقف كامل ودائم لإطلاق النار في غزة، ومن غير المرجح أن تتخلى حماس عن مطالبها، وعلى وجه التحديد الانسحاب الإسرائيلي الكامل ووقف إطلاق النار الدائم. ومن دون التوصل إلى اتفاق، من غير المرجح أن يتحرك حزب الله نحو وقف إطلاق النار من جانب واحد مع إسرائيل.وعلى الرغم من كل الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة لتحقيق نتائج إيجابية وسلمية، أثبتت إدارة بايدن عدم قدرتها على القيام بما هو ضروري لتحقيق نتيجة تنهي القتال. والنتيجة هي حرب بين حزب الله وإسرائيل، وهي حرب يكاد يكون من المؤكد أنها ستجذب الولايات المتحدة. وعندما تبدأ القنابل في التساقط على تل أبيب، فمن المرجح أن يختار نتنياهو إحراج بايدن علنًا مرة أخرى، وذلك من خلال الإشارة إلى أن بايدن لا يبذل ما يكفي لدعم صديقه وحليفه وشريكه الديمقراطي الوحيد في الشرق الأوسط".
وختم الموقع، "في نهاية المطاف فإن المخاطر المرتبطة بالحرب بين حزب الله وإسرائيل تشكل سيناريو يوم القيامة بالنسبة لصناع القرار السياسي الأميركيين، ولكنه سيناريو يمكنهم، بل وينبغي لهم، أن يتجنبوه. ويجب أن يكون واضحاً الآن أن الولايات المتحدة لن تدعم الغزو الإسرائيلي للبنان، وأي شيء أقل من هذا النهج يترك واشنطن متواطئة في عاصفة نارية من صنعها". المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • أكاديمي إسرائيلي يستعرض تاريخ الصراع مع حماس.. لن ترفع الراية البيضاء
  • تقرير لـNational Interest: الحرب بين حزب الله وإسرائيل من شأنها أن تلتهم الشرق الأوسط
  • هل نحن على أعتاب حرب جديدة؟
  • الحرب بين إسرائيل وحزب الله قد تلتهم الشرق الأوسط
  • محمد الباز يكشف كيف أجهضت 30 يونيو مخطط الشرق الأوسط الجديد (فيديو)
  • الرئيس الصربي يحذر من صراع عالمي وشيك.. الشرق والغرب يتجه لشراء الأسلحة
  • كيف أنقذت ثورة 30 يونيو العالم العربي من مخطط الإخوان؟ (فيديو)
  • كيف أنقذت ثورة 30 يونيو العالم العربي من مخطط الإخوان لتقسيم الشرق الأوسط؟
  • سيناريو التقسيم والفقاعات.. هذه خطط إسرائيل لغزة بعد الحرب
  • إرث بريطانيا في الشرق الأوسط: التحالف مع المستبدين المؤيدين للغرب