عواصم - رويترز

تظاهر عشرات الآلاف من المحتجين في دول بمنطقة الشرق الأوسط وأنحاء من آسيا وأوروبا والولايات المتحدة اليوم الجمعة دعما للفلسطينيين وللتنديد بإسرائيل التي تكثف ضرباتها على قطاع غزة ردا على هجمات حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

في الوقت نفسه نظمت جاليات يهودية في فرنسا وأماكن أخرى مسيرات تضامنا مع إسرائيل التي تعرضت لأكثر الهجمات دموية في تاريخها مطلع الأسبوع.

وظهر تعاطف ودعم قوي لإسرائيل من حكومات غربية والكثير من المواطنين بسبب هجوم حماس لكن رد إسرائيل أثار أيضا الغضب خاصة في أغلب دول العالمين العربي والإسلامي.

وفي تركيا تجمعت حشود أمام المساجد وهتفوا ضد إسرائيل وأشادوا بحماس. 

وتتركز الأنظار على المسجد الأقصى في القدس الشرقية كنقطة اشتعال محتملة.

وفي نابلس بالضفة الغربية المحتلة أضرم شبان النار في الشوارع واشتبكوا مع الجيش الإسرائيلي.

ورُفع علم فلسطيني ضخم فوق احتجاج في العاصمة الإيطالية روما، ونُظمت مظاهرات في مدن أوروبية أخرى تشمل مسيرة في براباند في الدنمرك وفي برلين حيث ألقت الشرطة القبض على بعض المحتجين.

ومنعت ألمانيا وفرنسا المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، وقالت العديد من الدول الأوروبية الأخرى إنها كثفت الأمن حول المعابد والمدارس اليهودية خشية تحول الاحتجاجات إلى العنف.

ودعت حماس التي تدير قطاع غزة الفلسطينيين إلى نفير عام اليوم الجمعة احتجاجا على القصف الإسرائيلي للقطاع، وحثتهم على التوجه إلى المسجد الأقصى ومواجهة القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.

وقالت حماس إنه يجب على الفلسطينيين البقاء في المسجد طوال اليوم.

وأدى الهجوم الذي شنته حماس على تجمعات سكنية إسرائيلية في مطلع الأسبوع إلى مقتل ما لا يقل عن 1300 إسرائيلي. وتصنف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحكومات أخرى حماس منظمة إرهابية.

وردا على هجوم حماس، بدأت إسرائيل في تنفيذ قصف وضربات جوية عنيفة على قطاع غزة مما أدى إلى مقتل أكثر من 1500 فلسطيني أغلبهم نساء وأطفال. ويبدو أن الاجتياح البري للقطاع المحاصر بات وشيكا.

وأبدى محتجون في الولايات المتحدة تضامنهم مع جانبي الصراع، مع تعزيز المدن الكبرى من نيويورك إلى لوس انجليس وجود الشرطة في المناطق السكنية لليهود والمسلمين.

وفي واشنطن شارك نحو 200 من الجالية اليهودية الأمريكية في مسيرة لدعم إسرائيل في ساحة الحرية بالمدينة حيث نصبت الشرطة سياجا واقيا في الليلة السابقة.

وفي نيويورك تجمعت حشود من المتظاهرين قرب ساحة تايمز مطالبين باستقلال فلسطين ومنددين برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

صرخات ألم

في بغداد، شارك عشرات الآلاف من العراقيين في مسيرة في ساحة التحرير بوسط المدينة وهم يلوحون بأعلام فلسطين وأحرقوا علم إسرائيل وهم يهتفون بشعارات مناهضة لها وللولايات المتحدة.

وقال أحد المتظاهرين وهو معلم في الخامسة والعشرين من عمره "مستعدون للانضمام للقتال وتخليص الفلسطينيين من الفظائع الإسرائيلية".

وكان يحيط جسده بكفن أبيض مثل معظم المتظاهرين للرمز إلى استعدادهم للقتال حتى الموت. 

وفي إيران ذكر التلفزيون الرسمي أن مسيرات نظمتها الدولة أقيمت في أنحاء البلاد دعما لحركة حماس وتنديدا بالقصف الإسرائيلي لغزة. وإيران واحدة من أعداء إسرائيل الرئيسيين وحكومتها من الداعمين الأساسيين لحماس. 

وردد المتظاهرون خلال المسيرات هتافات "الموت لإسرائيل. الموت للصهيونية" وكان كثيرون يحملون الأعلام الفلسطينية ورايات جماعة حزب الله اللبنانية.

ووصفت وسائل الإعلام الرسمية المسيرات الإيرانية بأنها "صرخات ألم مشترك... ألم سحق النظام الصهيوني (إسرائيل) للإنسانية".

وفي إندونيسيا، انضم رجل الدين الإسلامي أبو بكر باعشير العقل المدبر المشتبه به لتفجيرات بالي عام 2002 التي أسفرت عن مقتل 202 شخص، إلى عشرات الأشخاص في مسيرة ضد إسرائيل في مدينة سولو بإقليم جاوة. 

وقال في كلمة أمام المتظاهرين الذين كانوا يلوحون بالأعلام الفلسطينية "لا يمكن أن نكون ضعفاء في مواجهة إسرائيل.. نأمل أن يكون هناك من بين هؤلاء الشباب من هم على استعداد لإرسالهم إلى (الأراضي الفلسطينية)".

وفي داكا عاصمة بنجلادش، ردد نشطاء مسلمون شعارات خلال احتجاج أقيم بعد صلاة الجمعة للتنديد بما تقوم به إسرائيل تجاه الفلسطينيين.

ونظم أعضاء الجالية الإسلامية في اليابان احتجاجا بالقرب من السفارة الإسرائيلية في طوكيو ورفع المشاركون لافتات وهتفوا بشعارات مثل "إسرائيل إرهابية" و "فلسطين حرة".

وفي سريلانكا رفع المتظاهرون لافتات كتب عليها "فلسطين لن تسيري وحدك أبدا".

وخرج المتظاهرون أيضا إلى الشوارع في الجزء الخاضع للهند من إقليم كشمير على الرغم من إلغاء صلاة الجمعة في المسجد الرئيسي في سريناجار عاصمة الإقليم لتجنب الاضطرابات. ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها "اللهم احفظ إخواننا وأخواتنا في غزة وفلسطين".

ومن المقرر تنظيم مسيرات في روما وميونيخ وإسطنبول وبلجراد ومدن أخرى دعما للفلسطينيين واحتجاجا على قصف غزة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

هيرست: حكومة ترامب القادمة وصفة لحرب شاملة في الشرق الأوسط

حمّل الكاتب البريطاني، ديفيد هيرست، إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن المسؤولية عن الجرائم المروعة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة ولبنان بشكل يومي، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن فريق الرئيس المنتخب دونالد ترامب الذي جرى الإعلان عن أبرز مرشحيه "وصفة لحرب شاملة في الشرق الأوسط".

وقال هيريس، وهو رئيس تحرير موقع "ميدل إيست آي"، في مقال ترجمته "عربي21"، إن الفريق الحكومي للرئيس الأمريكي القادم سوف يسعر لهيب الصراع في منطقة الشرق الأوسط.

وأضاف "لا يمكنني القول ما هي الخطط التي سوف ترى النور، هذا لو فعلاً رأي أي منها النور. ولكني أعلم أن العالم العربي تغير خلال الشهور الثلاثة عشر الماضية ولم يعد كما كان، وأن فريق ترامب لن يعود إلى نفس الملعب الذي كان يلهو فيه من قبل في عام 2017".

تاليا نص مقال ديفيد هيرست كاملا:
باتت مثل هذه المشاهد أمراً شائعاً، ولم تعد مفاجئة لأحد: مجموعة من الرجال يحملون أكياساً من الدقيق يتم سحقهم حيث يقفون بقصف إسرائيل، في مذبحة الغاية الوحيدة منها هي فرض مجاعة جماعية.

لو أردنا أن ننشر صوراً مموهة لهذه المذبحة، لربما جازفنا بحظر المادة من قبل مواقع وسائل التواصل الاجتماعي، ولذلك سوف أقدم وصفا لتفاصيل المشهد بالكلمات.

يمتد خط من الطحين والأشلاء البشرية على مسافة طويلة في شمال رفح. أصاب قصف جوي إسرائيلي عربة توك توك بجوار نقطة توزيع المساعدات الإنسانية في منطقة ميراج.

تنتشر على الأرض في الموقع سبع جثث في أوضاع متعددة بما يشير إلى الموت المفاجئ، رغم أننا نعلم أن العدد الإجمالي للقتلى هو 11. يظهر في صدر الصورة رجل ملقى فوق رجل آخر، وقد رسم الدم المنساب من رأس الرجل الذي دونه خطاً أحمر.


وخلفه رجل يستلقي على جانبه، وقد انسابت منه أيضاً الدماء لترسم خطوطاً ممتدة. ملابسه مغطاة بالغبار الأبيض، ومن خلفه تنتشر البقايا المتناثرة لكيس طحين كان يحمله.

وثمة حصان يجر عربة بتثاقل. وغلام يمشي بعيداً عن المكان. الناس في الموقع مشدوهون، ينظرون وقد تسمروا من أثر الصدمة، لا يعرفون ماذا يفعلون. الطحين عزيز، أما حياة الإنسان فلا.

بينما كان ذلك كله يحدث، كان وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن يعلن على الملأ أنه "مسرور بعدد شاحنات المساعدات التي سمحت لها إسرائيل بالدخول"، وبأنه لن يفرض عليها العقوبات التي كانت بلاده قد هددتها بها في الثالث عشر من أكتوبر (تشرين الأول).

قال المسؤولون في وزارته إن إسرائيل اتخذت "خطوات هامة" لمعالجة المسائل التي كانت الولايات المتحدة قد أعربت عن قلقها إزاءها، فيما يتعلق بالوضع الإنساني في غزة، ولكنهم لم يتوسعوا في شرح ما هي تلك الخطوات الهامة التي اتخذتها إسرائيل برأيهم.

ما من شك في أن بلينكن كان يتحدث بشكل آلي. إلا أن تفاؤله إزاء دخول المساعدات لم تشاركه فيه الأونروا، وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة، والتي صرحت بأن شهر أكتوبر (تشرين الأول) شهد أقل دخول أقل كمية من الطعام إلى غزة خلال عام.

انظر في المرآة
ولا أكد ذلك أولئك الذين يزدادون ثقة بما يمارسونه بحق الفلسطينيين من تجويع جماعي.

في تصريح للصحفيين الإسرائيليين، قال الجنرال إتزيك كوهين إنه "لا توجد نية للسماح لسكان شمال قطاع غزة بالعودة إلى مناطقهم"، مضيفاً بأن المساعدات الإنسانية سوف يسمح بدخولها "بشكل منتظم" إلى جنوب القطاع، ولكن "لم يعد يوجد مدنيون" في الشمال.

ولكن بمجرد أن انتهى من تصريحه ذلك تدخل رؤساؤه من الضباط الأرفع منه درجة، ليستدركوا على ما نطق به، لأن ما قاله دليل إثبات على ارتكاب جريمتي حرب: استخدام التجويع كسلاح والترحيل القسري للسكان.

إذا كان الديمقراطيين يريدون فعلاً أن يعرفوا لماذا قام عدد كبير من الناس في قاعدتهم الانتخابية – شباب الجامعات والكليات، والعرب والمسلمون الأمريكان – بالتخلي عن مرشحتهم "المرحة" لصالح "قوى الظلام"، فهذا هو السبب.

تتحمل المرحة كامالا هاريس نفس القدر من المسؤولية، مثلها في ذلك مثل الرئيس جو بايدن أو مثلها مثل بلينكن، عن المشاهد التي تحدث في غزة وفي لبنان بشكل يومي. فهي لم تقدم بتاتاً على النأي بنفسها عن سياسة إدارتها تجاه غزة. بل، وكما قالت هي بنفسها، لقد كانت متواجدة داخل الحجرة عندما كانت تتخذ القرارات بهذا الشأن.

رسالتي لهم هي كالتالي: لا تبحثوا في أي مكان آخر عن سبب هزيمتكم. سوف تجدونه كله هناك في المرآة التي أمامكم.

ونفس الشيء ينطبق على كل شخص يستمر في القول إنه يتوجب على إسرائيل "إنهاء المهمة" – وهي الشيفرة التي تعني تصعيد عمليات التجويع، والترحيل القسري، والقتل الجماعي.

تلك هي الذهنية الجمعية التي يعمل الرئيس المنتخب دونالد ترامب على شغل حقائب حكومته بها.
متظاهراً بأنه مرشح "وقف الحرب"، توجه ترامب نحو الإمام الساذج لمسجد بلدة هامترامك في ديترويت قائلاً إنه سوف يجلب السلام. وفي واحدة من أكثر الحركات الانتخابية البهلوانية سخرية، ظهر الإمام وزملاؤه على المنصة مع ترامب مبايعين له.

وها هو ترامب بعد بضعة أيام فقط من انتخابه يملأ مقاعد وزارته بأناس لم يكفوا عن تبرير ما تمارسه إسرائيل من نشر للحرب في كافة أرجاء المنطقة.

اختيارات ترامب
ومن هؤلاء مايك والتز، الذي روج له موقع التواصل الاجتماعي التابع لترامب، واسمه تروث سوشال، باعتباره "خبيراً في التهديدات التي تشكلها الصين وروسيا وإيران والإرهاب الدولي."

كان والتز هذا، الذي اختاره ترامب ليشغل منصب مستشار الأمن القومي لديه، قد صرح لقناة فوكس نيوز في شهر سبتمبر (أيلول) بأن وقف إطلاق النار وصفقة تحرير الرهائن لن توقفا الصراع. ومضى يقول: "سوف تستمر إيران في إشعال القلاقل لأنهم يريدون تدمير إسرائيل. وإن تقديم التنازلات تلو التنازلات لإيران هو ما يسبب انعدام الاستقرار في الأوضاع."

والتز عدو لدود لوقف إطلاق النار. وكذلك هو حال فيفيك راماسوامي، والذي سوف تناط به بالاشتراك مع إيلون ماسك مهام وزارة الكفاءة الحكومية.

راماسوامي هذا هو الذي قال: "لدي ثقة كاملة في أن الجيش الإسرائيلي لو ترك ليؤدي عمله بدون قيود فسوف يكون قادراً على إنجاز مهمة الدفاع عن إسرائيل."

ثم هناك سفير ترامب إلى إسرائيل، المسيحي الإنجيلي مايك هكابي. هناك كلمات معينة يرفض سفير الولايات المتحدة القادمة استخدامها، فكما قال في مقابلة له مع محطة سي إن إن في عام 2017: "لا يوجد هناك شيء اسمه الضفة الغربية. إنها يهودا والسامرة. لا يوجد شيء اسمه المستوطنات. إنها المجتمعات، إنها الأحياء السكانية، إنها المدن. لا يوجد شيء اسمه الاحتلال."

وهناك بيت هيغسيث، الذي قال في مقابلة مع قناة فوكس نيوز: "أظن أنه هذه لحظة مواتية لكي تتخذ الحكومة الإسرائيلية، وليس حكومة الولايات المتحدة، إجراء ضد إيران لمنع القنبلة الإيرانية. لقد قال الغرب على الدوام إنه لا يمكننا السماح لإيران، للملالي، بأن يكون لديهم درع نووي. تصوروا كيف ستبدو المنطقة وكيف سيبدو العالم. لقد قامت إسرائيل حتى الآن بالكثير من الأمور السرية لتثبيطهم ومنعهم، من اغتيالات، واختراق لمرافقهم، وتدمير أجهزة الطرد المركزي التي لديهم. وسوف يقومون بالمزيد من ذلك، لأن من الواضح أن هذه الإدارة لن تفعل شيئاً."

هذا الذي يتحدث هو الشخص المرشح لاستلام حقيبة وزارة الدفاع.

ولأهم الوظائف على الإطلاق، منصب وزير الخارجية الأمريكي، اختار ترامب ماركو روبيو، الذي كتب بعد آخر رحلة قام بها إلى إسرائيل (وكانت تلك هي رحلته الرابعة إليها): "إن أعداء إسرائيل هم أيضاً أعداؤنا. النظام الإيراني ووكلاؤه – حماس في غزة، وحزب الله في لبنان، والحوثيون في اليمن، والعديد من الجماعات في سوريا والعراق – كلهم يسعون إلى تدمير إسرائيل كجزء من خطة متعددة المراحل للهيمنة على الشرق الأوسط ونزع الاستقرار عن الغرب. إن الدولة اليهودية في خط المواجهة الأول من هذا الصراع، تقاتل بالكثير من الأرواح الأمريكية الإسرائيلية المشتركة."


ويرى روبيو أنه لا يوجد أشنع من أن تصدر المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وكبار الضباط في الجيش الإسرائيلي، ويقول: "لا تلاحق المحكمة الأسد في سوريا، الذي قصف شعبه بالغاز. ولا تلاحق زي جينبنغ في الصين، الذي يرتكب الإبادة الجماعية على مرأى ومسمع من العالم ضد الإيغور. بدلاً من ذلك، تقوم المحكمة بمهاجمة بلد بذل جيشها قصارى وسعه للحفاظ على حياة المدنيين. إنه لنفاق مذهل."

وفي منصب مبعوثك إلى الشرق الأوسط، من هو أفضل من شريكك في لعبة الغولف؟
إنه ستيف ويتكوف، تاجر العقارات في نيويورك، الذي قال عن آخر خطاب ألقاه نتنياهو أمام أعضاء الكونغرس بحجرتيه: "كان روحانياً، ومع ذلك لا تشعر بأن هذا هو رد الفعل الذي تحصل عليه من كثير من هؤلاء الديمقراطيين."

تلك هي الجوقة التي من المفروض أن تساعد الرئيس الجديد على وقف جميع الحروب في الشرق الأوسط وفيما يلي الشرق الأوسط.

خطة إسرائيل لما بعد غزة
ولكن هذا جانب واحد للصورة الآخذة في التشكل. يتعلق الجانب الآخر بخطط إسرائيل لإدارة ترامب، والتي بدأت تتبلور.

وفي هذا الصدد تم ابتعاث مستشار نتنياهو الخاص ووزير الشؤون الاستراتيجية في حكومته، رون ديرمر، إلى مقر إقامة ترامب في مار ألاغو، في ولاية فلوريدا، للبت فيما هي القضايا التي يرغب ترامب في رؤيتها تحل قبل العشرين من يناير (كانون الثاني)، عندما يستلم الرئيس الجديد مقاليد الأمور، والقضايا التي يفضل الرئيس أن تتركها إسرائيل له.

أخذ ديرمر معه معلومات استخباراتية حول برنامج إيران النووي والتهديد المحتمل الذي تشكله طهران بما توشك أن تحققه من "تقدم نحو التسلح النووي".

لم يغادر ديرمر فلوريدا قبل أن يزور صهر ترامب جاريد كوشنر، الذي أدخل السرور إلى قلوب المسؤولين الإسرائيليين بما اقترحه من مشاريع للتطوير السياحي على امتداد ساحل غزة.

في هذه الأثناء، قال وزير المالية بيزاليل سموتريتش، الذي يوشك خطابه أن يكون ممثلاً للتيار السائد، إنه حان الوقت لضم الضفة الغربية، وأصدر أوامره إلى المسؤولين الذين يشرفون على المستوطنات "بالبدء بالعمل المهني والإعداد الشامل للموظفين للإعداد للبنية التحتية الضرورية" من أجل تمديد السيادة.

وكما كنا قد نشرنا سابقاً، تنتظر دانييلا ويس، زعيمة حركة المستوطنين الأرثوذكس، والتي تعرف باسم ناخالا، أن "يختفي الفلسطينيون من غزة" لأن لديها آلاف اليهود الذي ينتظرون الانتقال إلى هناك.
إلا أن أبرز شيء على الإطلاق يصدر عن وزير في الحكومة هو الخطاب المفصل الذي ألقاه آخر وزير للخارجية جدعون ساعر.

ففي إقرار ضمني بأن إسرائيل لن تجد السلام من خلال الحصول على تواقيع على قطعة من الورق من قبل زعماء الدول العربية، قال ساعر إن حلفاء إسرائيل الطبيعيين في المنطقة هم جماعات الأقليات المضطهدة الذين بلا دول. وذكر تحديداً كلاً من الكرد والدروز.

ولدى حديثه عن الكرد، قال ساعر: "إنها أقلية قومية موزعة على أربعة بلدان، تتمتع في اثنين منها بحكم ذاتي، بحكم الأمر الواقع في سوريا وبحكم القانون في الدستور العراقي." وأضاف إن الكرد هم "ضحية القهر والعدوان الذي تمارسه كل من إيران وتركيا." ومضى يقول إن هذا بالنسبة لإسرائيل "له أبعاد سياسية وأبعاد أمنية في نفس الوقت".

وصفة للحرب الإقليمية
ليس سراً أن إسرائيل تدعم الحزب الديمقراطي الكردستاني، والذي يهيمن على إقليم كردستان الذي يتمتع بالحكم الذاتي في العراق. وكانت إسرائيل هي البلد الوحيد الذي دعم الاستفتاء على الاستقلال الذي أجرته حكومة إقليم كردستان في عام 2017، والذي رفضت بغداد الاعتراف به.

في المقابل، تعتبر وحدات حماية الشعب الكردية، والتي تسيطر على معظم مناطق شمال شرق سوريا، فرعاً لحزب العمال الكردستاني، الذي يقود تمرداً في تركيا منذ عقود، وكلاهما يدعمان فلسطين منذ وقت طويل.

ولكن بالنسبة لأي شخص يجلس في تركيا أو في إيران، تعتبر تصريحات ساعر تهديداً مباشراً بالتدخل العسكري من قبل إسرائيل نفسها.

ولذلك لم يكن مفاجئاً أن يبادر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الأربعاء بقطع جميع العلاقات مع إسرائيل.

من خلال تسريبها لمحادثاتها مع المبعوث الأمريكي آموس هوتشستين، أفصحت إسرائيل بكل وضوح عن خططها لكل من لبنان وسوريا والعراق. فهي تريد ليس فقط الدفع بحزب الله شمالاً إلى ما وراء نهر الليطاني وقطع خطوط إمداداته من إيران عبر كل من سوريا والعراق، ولكنها تريد كذلك تفكيك محور المقاومة، أو على الأقل إضعافه إلى حد كبير، وهو المحور الذي بدأت إيران ببنائه منذ ما قبل الغزو الأمريكي للعراق – مع أن الكارثة سرعت بشكل كبير من تمدد النفوذ الإيراني عبر المنطقة.

إن أقل ما يقال فيما صرح به ساعر أنه وصفة لحرب إقليمية. فقد جُعلت سوريا بذلك الهدف القادم للعمليات البرية الإسرائيلية. كما يفهم من ذلك تهديد أقوى جيشين في المنطقة خارج إسرائيل – تركيا وإيران، والتحدي المباشر لدوائر نفوذ كل من البلدين في الإقليم.

وماذا عن الفلسطينيين؟ بالنسبة لهم، سوف يقوم ترامب وإسرائيل بإزالة بيت العنكبوت عن "صفقة القرن"، وإذا ما كانوا محظوظين، شريطة أن يبقوا صامتين وأن يتخلوا عن جميع المطالب الوطنية مثل علم بلدهم – بإمكانهم أن يعيشوا كما لو كانوا عمالاً أجانب، تقع أكواخهم في زاوية من الحدود الصحراوية مع مصر.


بالمناسبة، حتى خارطة ترامب لفلسطين التي خرج بها على الناس في عام 2020، ورغم أنها كانت صادمة عند نشرها للوهلة الأولى، يتوقع أن تكون اليوم قد انكمشت أكثر، وخاصة إذا ما أعيد احتلال شمال غزة واستيطانه وإذا ما ضمت إسرائيل إليها ثلثي الضفة الغربية.

تصعيد غير مسبوق
لا يمكنني القول ما هي الخطط التي سوف ترى النور، هذا لو فعلاً رأي أي منها النور. ولكني أعلم أن العالم العربي تغير خلال الشهور الثلاثة عشر الماضية ولم يعد كما كان، وأن فريق ترامب لن يعود إلى نفس الملعب الذي كان يلهو فيه من قبل في عام 2017.

أستدل على ذلك بما يقوله مروان المعشر، وزير خارجية الأردن السابق وأول سفير للأردن في إسرائيل. كان المعشر واحداً من الذين كتبوا مبادرة السلام العربية في عام 2002، آخر محاولة جادة للتفاوض مع إسرائيل على حل الدولتين. إذا كان هناك من كرس حياته كدبلوماسي للتفاوض مع إسرائيل على السلام، فإنه هذا الرجل.

أما اليوم، فهذا ما قاله لي:
"الجمهور، ليس في الأردن فحسب، بل وفي كل أرجاء الوطن العربي، غيره السابع من أكتوبر ودفعه نحو التطرف، ولا يوجد اليوم من يرغب في الحديث عن السلام. كما تعلم، غالبية الناس اليوم ترى أن السبيل الوحيد لإنهاء الاحتلال هو عبر المقاومة المسلحة، وهو أمر لم نشهده من قبل، ولا حتى بين الفلسطينيين أنفسهم. خمسة وستون بالمائة من الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، في استطلاع للرأي أجرى بعد السابع من أكتوبر، يرون أن السبيل الوحيد لإنهاء الاحتلال هو عبر المقاومة المسلحة. وبالطبع، أكثر من ثمانين بالمائة من الإسرائيليين لا يريدون حل الدولتين. بل لقد وصف نتنياهو حل الدولتين بأنه جائزة للإرهاب. فهذا هو الوضع الذي نحن فيه اليوم."

يرى المعشر اليوم أن حلاً يقوم على إنهاء الاحتلال هو فقط الكفيل بإنهاء الصراع. وهذا يمكن أن يتحقق من خلال المواطنة المتساوية لجميع من يعيشون بين النهر والبحر، كما قال.

لو كان ترامب، أو أي رئيس أمريكي قادم، يتمتع بشيء من الحكمة لاستمع إلى هذا الصوت. إلا أن صهيونية بايدن الغريزية، وإنجيلية ترامب المسيحية، كلاهما إلى خسران مبين بدعمهما مشروعاً صهيونياً فاشلاً. إن إسرائيل اليوم مكان مختلف، لا قبل لها بأن تعمل كدولة لجميع من فيها من البشر. وفي نفس الوقت وصل العالم العربي إلى مستوى من التطرف يحتم عليه نقل المعركة مع إسرائيل إلى كل حدودها.

من خلال نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والسماح لإسرائيل بضم الجولان، واختراع اتفاقيات أبراهام، أوجدت عهدة ترامب الأولى الظروف التي أفضت إلى هجوم حماس يوم السابع من أكتوبر.

وفي العهدة الثانية، وبحكومة تتشكل من أشخاص يكررون كالببغاء خطط إسرائيل لتوسيع الحرب لتشمل سوريا والعراق وإيران، سوف تكون لدى ترامب القدرة على إشعال صراع إقليمي يخرج عن سيطرة أمريكا وعن سيطرة إسرائيل.

مقالات مشابهة

  • هيرست: حكومة ترامب القادمة وصفة لحرب شاملة في الشرق الأوسط
  • الأمير تركي الفيصل لترامب: "سيادة الرئيس أمامك الكثير لإكمال ما بدأته".. فما راي رواد مواقع التواصل؟
  • سيرجي كاراجانوف: واشنطن معنية باستمرار الحرب في الشرق الأوسط |فيديو
  • مناصرون لفلسطين ينظمون تظاهرة قبل مباراة فرنسا و"إسرائيل"
  • ترامب.. وقضايا الشرق الأوسط
  • ‏الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض 4 مسيرات صباح اليوم كانت قادمة من لبنان
  • ألِف تعزز شراكتها الاستراتيجية الحصرية مع Reddit
  • ضابط إسرائيلي يرفض الانخراط ضمن تنفيذ خطة الجنرالات لتجويع الفلسطينيين
  • مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: إسرائيل تستخدم المجاعة كأداة حرب ضد الفلسطينيين
  • ترامب.. هل يُنهي حروب الشرق الأوسط؟