عندما يحاضر أحفاد غوبلز بالشرف الإعلامي!
تاريخ النشر: 14th, October 2023 GMT
#سواليف
عندما يحاضر #أحفاد_غوبلز بالشرف الإعلامي!
د. #فيصل_القاسم
غالباً ما يقدم الإعلام الغربي نفسه للعالم على أنه أرقى أنواع الإعلام باعتباره إعلاماً ديمقراطياً تعددياً يسمح بحرية التعبير وتنوع الآراء وينشد دائماً الموضوعية والمهنية الإعلامية. وللأسف تنطلي أكاذيبه هذه على رهط كبير من البشر في كل أنحاء العالم، لأن ثقافة الغالب هي الأقوى والأكثر تأثيراً دائماً.
بصراحة لا يمكنك إلا أن تشعر بالقرف اليوم وأنت تتابع تغطية الإعلام الأوروبي والأمريكي للحرب في غزة، فهو بمجمله، وخاصة الإعلام العام منه، إعلام حربي موجه بعيد كل البعد عن كل ما يروجه عن نفسه من موضوعية وتعددية وحرية، فمذيعو التلفزيونات الغربية يبدون في حالة توتر وحزن شديدين وهم يغطون الحرب بين إسرائيل وغزة، وبعضهم على وشك أن يجهش بالبكاء وهو يقرأ أخبار القتلى والمفقودين والأسرى الإسرائيليين. لقد اختفت الموضوعية والمهنية المزعومتان فوراً، وتحولت التلفزيونات والصحف إلى أبواق حربية تضخ كل أنواع الدعاية والفبركات والكذب على الطريقة الغوبلزية التي كانت تتخذ من الكذب المنظم شعاراً لها. وكلنا يتذكر أن غوبلز وزير إعلام هتلر الشهير كانت نصيحته الرئيسة لوسائل إعلامه: «اكذبوا ثم اكذبوا حتى تصدقوا أنفسكم أو حتى يلصق شيء في أذهان الجماهير». والمضحك في الأمر أن وسائل الإعلام الغربية التي تسخر على الدوام من الإعلام الغوبلزي هي أسوأ اليوم بمرات من ذلك الأعلام التضليلي، وبطريقة أكثر حرفية في الكذب والتضليل والتشويه والشيطنة.
لا أحد في الإعلام الغربي اليوم يريد أن يعرف وجهة نظر الحمل في الحرب الدائرة في فلسطين، فالكل يتسابق على إظهار وجهة نظر الذئب بكل صفاقة. هم دائماً يبرئون الذئب من تعكير مياه النبع مع العلم أنه يقف على رأس النبع، بينما يجرّمون الحمل البريء القابع في أسفل النبع. وكم شعرت بالقرف عندما سمعت المذيعين في أكثر من تلفزيون غربي وهم يسألون ضيوفهم: «ألا يجب أن تدينوا الإرهاب الفلسطيني؟» وكأن الفلسطينيين هم الذين يحتلون إسرائيل وليس العكس. إنها قمة الدناءة والحقارة والسفالة الإعلامية. حتى كبرى المؤسسات الإعلامية الغربية التي صدعت رؤوسنا بالموضوعية والنزاهة غدت مفضوحة بشكل مقزز، فعندما تتحدث عن الضحايا الفلسطينيين مثلاً تسميهم «الموتى» الفلسطينيين كما لو أنهم ماتوا قضاء وقدراً ولم تقتلهم آلة الحرب الإسرائيلية الوحشية. وعندما تتحدث عن الإسرائيليين تسميهم «قتلى» وضحايا الإرهاب الفلسطيني. هكذا بكل صفاقة تدعس على كل أبجديات النزاهة الإعلامية، ويصبح الحياد في قاموسها الإعلامي رجساً من عمل الشيطان فاجتنبوه. مقالات ذات صلة دموع الغرب 2023/10/13 الغرب يصور إعلامه دائماً على أنه الإعلام الأكثر حرية وموضوعية وحياداً ونزاهة، بينما هو في الواقع إعلام غوبلزي بامتياز عندما يصبح على المحك
غالباً من يصورون الإعلام العربي بأنه إعلام أحادي ولا يحب أن يسمع إلا صوته، لكن لو قارنا اليوم التغطية العربية للأحداث في فلسطين لوجدناها أكثر توازناً وموضوعية من الإعلام الغربي، فالإعلام العربي اليوم يستضيف مسؤولين إسرائيليين وغربيين ويعطيهم المجال ليكذبوا كما يشاؤون دون تدخلات أو استفزازات صارخة من قبل المذيعين والمذيعات، بينما تجد المذيعين في التلفزيونات الغربية يقطرون سماً وغضباً وحقداً على أي ضيف فلسطيني أو عربي يدافع عن غزة.
ولطالما شاهدنا ضيوفاً فلسطينيين على تلفزيونات غربية وهم يشتكون من مقاطعات المذيعين الذين يحاولون التشويش على كلام الضيوف ويقاطعونهم بشكل سخيف كي لا تصل وجهة نظرهم إلى المشاهد الغربي.
لا ننكر أبداً أن الدول تهمها في نهاية النهار مصالحها ولتذهب النزاهة والموضوعية الإعلامية إلى حيث ألقت أم قشعم، لكن المقرف في الأمر أن الغرب يصور نفسه دائماً على أنه الإعلام الأكثر حرية وموضوعية وحياداً ونزاهة، بينما هو في الواقع إعلام غوبلزي بامتياز عندما يصبح على المحك، فعندما يلجأ الفلسطيني إلى المقاومة المشروعة يسمونه «إرهابياً» وعندما يخرج في تظاهرة يصبح في رأيهم «عنيفاً» وعندما يتكلم يتهمونه بالتحريض. هذه هي وجهة نظر إسرائيل وكل من يدور في فلكها في الإعلام الغربي. وكم شعرت بالقرف والاشمئزاز عندما كنت أحضر مؤتمرات لمناقشة حال الإعلام في دول غربية، فكانوا يتهمونني بأنني منحاز للقضايا العربية. تصوروا!
لا بأس أن يتحول الصحافي الغربي إلى بوق غوبلزي مفضوح عندما يتعلق الأمر بمصالح بلده وشعبه، لكنه يعتبر انحيازنا للقضايا العربية خطيئة كبرى. حرام علينا أن ننحاز لهموم شعوبنا، لكن حلال على القادة والمسؤولين والإعلاميين الأوروبيين والأمريكيين أن يبكوا على الهواء مباشرة اليوم وهم يدعمون إسرائيل ظالمة أو مظلومة.
والأنكى من كل ذلك أن بعض مواقع التواصل الغربية لا تسمح لك أن تستخدم حتى اسم الحركات الفلسطينية، أو أسماء قادتها، والويل لك إذا ذكرت الاسم فقط، فتتعرض لعقوبة صارمة ويقيدون حسابك أو صفحتك لعام كامل، بحجة أنك تشير إلى جماعات إرهابية. أما إذا كتبت لصالح تلك الحركات، فقد يغلقون حسابك فوراً. ثم يحدثونك عن حرية التعبير. يا لها من ديموخراطية!
لكن للأمانة أعجبني ذات يوم مدرب إعلامي غربي كنت أتدرب على يديه قبل أكثر من ثلاثين عاماً، فقد سألته وقتها: «أنتم دائماً تصدعون رؤوسنا بالحديث عن الشفافية والموضوعية والحيادية والمهنية الإعلامية، لكن هل أنتم حياديون وموضوعيون ومهنيون فعلاً في تقديمكم للأخبار مثلاً؟» فكان رده بصراحة صادقاً. قال لي: «نحن باختصار نقدم الأخبار كما نراها من عواصمنا». دققوا في عبارة «كما نراها» وليس كما هي. بعبارة أخرى، فهو قال بطريقة غير مباشرة إننا غير موضوعيين ولا مهنيين، بل ننظر إلى القضايا الدولية إعلامياً من الزاوية الغربية حصراً وبمنظار مصالحنا الخاص فقط، ونعبر إعلامياً عن رؤى القيادات والأنظمة الغربية وانحيازاتها ومصالحها الضيقة بعيداً عن المهنية والحياد والنزاهة المزعومة التي نضحك بها على ذقون المغفلين. وشهد شاهد من أهله. وسلامتكم!
كاتب واعلامي سوري
falkasim@gmail.com
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف فيصل القاسم الإعلام الغربی
إقرأ أيضاً:
فى ذكراه .. قصة رحيل ملحم بركات المأساوية وعدد زيجاته
يحل اليوم ذكرى ميلاد المغني والموسيقار الراحل ملحم بركات، الذي استطاع ان يكون أحد أهم ورائد عصره، والذى قدم عديد من الأعمال الفنية التى تظل محفورة فى وجدان واحاسيس كل محب له فى الوطن العربي.
ويرصد صدى البلد أبرز معلومات عنه.
_ ولد يوم 5 ابريل في العام 1942 في منطقة كفرشيما اللبنانية.
- في بداياته، كان ملحم بركات يقوم بتلحين بعض الكلمات من الصحف اليومية ثم يقوم بغنائها في المناسبات المدرسية.
أطلق عليه لقب "مطرب الضيعة" لأنّه كان موجوداً دائماً لإحياء السهرات، كما كان يدندن بشكل مستمرّ.
- أول اغنية لحّنها فعلياً هي "بلغي كلّ مواعيدي" التي غنّاها مع جورجيت الصايغ.
- في أول مراحل شبابه، تزوّج من سعاد فغالي، شقيقة النجم الكبيرة الراحلة صباح، وهذا الزواج لم يثمر أي أطفال. ومن بعدها تزوّج رندا عازار، أمّ أولاده مجد ووعد وغنوة، وبعد انفصاله عن زوجته، تزوّج من النجمة مي حريري وأنجب منها ملحم جونيور لكنّه عاد وطلّقها.
- كان يعشق الأطباق اللبنانية كالكبة والتبولة والمجدرة، بالإضافة إلى الفول المتبل.
- حبّه للبنان عبّر عنه أيضاً من خلال دفاعه عن الأغنية اللبنانية، وذلك دفعه حتّى الى اتهام كلّ فنان يغنّي بلهجة غير لبنانية بأنّه "خائن". وذلك سبّب له الكثير من المشاكل مع العديد من النجوم.
- لم يكن ملحم بركات مقتنعاً بكلّ أصوات الفنّانين الذين لحّن لهم، وذلك بحسب ما ذكر الملحّن نزار فرنسيس خلال مقابلة صحافية.
-كان ملحم بركات من الشخصيات التي يعلو صوتها في النقد، وكانت آرائه السياسية تسبب له المشكلات دائما، وكانت له عداوات كثيرة داخل وخارج الوسط الفني بعدما هاجم زملائه الذين يغنون بلهجات غير لبنانية.
-فارق ملحم بركات الحياة عن عمر يناهز 71 عاما، بعد توقف عضلة القلب التي رفضت الاستجابة لمحاولات الأطباء، ووهن جسمه نتيجة العلاج الكيماوي بعد إصابته بمرض السرطان.