إنجاز كبير.. علماء يكشفون "خرائط جديدة" للدماغ تساهم في حل ألغازه
تاريخ النشر: 14th, October 2023 GMT
خريطة متقدمة للدماع تكشف عددا من ألغازه
هل تساءلت يوماً ما إذا كان دماغك مترابطًا بشكل مختلف عن الآخرين؟ قد تكون على حق. تتناول دراسات جديدة كيفية عمل أدمغتنا على المستوى الخلوي، إذ كشف العلماء عن أطالس (جمع أطلس) مفصلة للغاية للدماغ، نُشرت في مجموعة مكونة من 21 بحثًا
وتعد هذه الدراسات أول رحلة إلى الفهم العميق للدماغ البشري على المستوى الخلوي حسب تأكيد أحد المشاركين الباحثين، لأجل فهم تعقيدات عمل الدماغ.
تساعد الدراسات على إنشاء خرائط مختلفة للدماغ، حيث توفر كل خريطة معلومات تكميلية عن الدماغ، وتتناول هذه الدراسات الخرائط الدماغ بمقاييس مختلفة - من الجينات، إلى الخلايا، إلى الهياكل الخلوية، إلى مناطق الدماغ الأكبر، وأخيراً الدماغ ككل. والهدف من هذه الدراسات هي تعزيز فهمنا للدماغ والعقل، وحل الألغاز حول أمراض مثل الزهايمر والفصام والاكتئاب.
وقال جوزيف إيكر، عالم الأحياء في معهد معهد سولك للدراسات البيولوجية: "إن هذه المجموعة من الدراسات هي محاولة لفهم الدماغ البشري وتطوره على مستوى أكثر تفصيلاً. وهي تركز على الوحدات البنائية للدماغ، بدءاً بالخلايا".
تعد هذه الدراسات جزءًا من مبادرة BRAIN (دماغ) التي تقودها الولايات المتحدة، والتي تهدف إلى كشف أسرار الدماغ. إنه واحد من العديد من المشاريع التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات حول العالم والتي تهدف إلى إنشاء أطالس شاملة للدماغ.
علاج أمراض الدماغ هو الهدف النهائي من هذه الدراسات، ويقول باتريك هوف، عالم الأعصاب في مدرسة طب ماونت سيناي في نيويورك: "لم تكن لدينا رؤية شاملة للدماغ الطبيعي بتفاصيل كافية لمساعدتنا على فهم أمراض الدماغ. ونحن الآن نقترب من هذا".
ويقول هوف إن المهم هنا هو أننا ننشئ أطالس للدماغ خلال تطوره - من مراحل الجنين إلى الشيخوخة. عندها فقط يمكننا أن نفهم تماماً الأخطاء التي تحدث في الدماغ، ومن ذلك اضطرابات النمو كاضطراب طيف التوحد، والأمراض النفسية مثل الاكتئاب والفصام، والأمراض العصبية مثل مرض الزهايمر ومرض باركنسون.
ويؤكد إيكر أن عمل علماء الأعصاب معاً في مشروع مماثل يمثل تحولاً علمياً وثقافياً، وتعد هذه الدراسات الجديدة هي المسودة الأولى للدماغ البشري، وهي تندرج ضمن مبادرة BRAIN التي تهدف إلى تقديم أول أطلس كامل لدماغ الفأر في أوائل عام 2024، على أن يتبعه الدماغ البشري في السنوات اللاحقة.
فريد شوالر/إ.ع
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: أخبار الدماغ البشري الزهايمر أمراض الدماغ أمراض الأعصاب طيف التوحد علوم أخبار دراسات دويتشه فيله أخبار الدماغ البشري الزهايمر أمراض الدماغ أمراض الأعصاب طيف التوحد علوم أخبار دراسات دويتشه فيله هذه الدراسات
إقرأ أيضاً:
ابتكار أداة جديدة ترصد «أمراض الدماغ» بدقة غير مسبوقة
طوَّر فريق بحثي أداة جديدة تتيح تحليل التغيرات الجزيئية في أنسجة الدماغ بشكل دقيق، ومحدود التداخل، مما يجعلها مثالية للعينات الحساسة، بالإضافة إلى كونها قابلة للاستخدام في بيئات معقَّدة.
وتعمل هذه التقنية باستخدام مسبار فائق الدقة، يبلغ عرضه أقل من ملليمتر، بطرف لا يتجاوز واحد ميكرون (ألف جزء من المليمتر)، ما يجعلها غير مرئية بالعين المجردة.
وبحسب الدراسة المنشورة في دورية “نيتشر ميثودز” Nature Methods، يمكن إدخال هذا المسبار في أعماق الدماغ دون التسبب في أضرار تُذكر، إذ يضيء أنسجة الأعصاب، ويوفر بيانات عن تركيبها الكيميائي، مما يساعد في الكشف عن التغيرات الجزيئية الناتجة عن الأورام، أو الإصابات الأخرى.
تعتمد هذه الأداة على تقنية تُسمى “التحليل الطيفي الاهتزازي”، والتي تستفيد من ظاهرة تسمى “تأثير رامان” إذ ينعكس الضوء بشكل مختلف بناءً على التركيب الكيميائي للجزيئات، ما يتيح تحديد إشارات طيفية مميزة لكل جزيء، تعمل كـ”بصمة جزيئية” لتحليل النسيج المستهدف.
والتحليل الطيفي الاهتزازي تقنية علمية تُستخدم لدراسة الخصائص الكيميائية للمركبات والجزيئات بناءً على التفاعلات بين الضوء والمادة. وتعتمد هذه التقنية على استغلال الخصائص الاهتزازية للجزيئات، إذ يتسبب الضوء في اهتزاز الروابط الكيميائية بين الذرات داخل الجزيء، مما ينتج أنماطاً طيفية مميزة، تمثل “بصمة” لكل جزيء.
وتأثير رامان ظاهرة تحدث عندما يتفاعل الضوء مع الجزيئات، ويتشتت بشكل غير مرن، فبعض الضوء الممتص من الجزيء يعاد إصداره بطاقة مختلفة، بناءً على التغيرات في مستوى الطاقة الاهتزازية للجزيء.
وتبدأ تقنية التحليل الطيفي الاهتزازي بتوجيه شعاع ليزر عالي الدقة إلى العينة المراد تحليلها، ليتفاعل هذا الشعاع مع الجزيئات داخل العينة، وتُحدث فوتونات الليزر تغيّرات في مستوى الطاقة الاهتزازية للجزيئات.
بعد ذلك، تقوم الأجهزة الطيفية بتسجيل التغيرات في تردد الضوء المتشتت نتيجة هذا التفاعل، ويتم تحليل الطيف الناتج للكشف عن طبيعة الروابط الكيميائية والذرَّات المكونة لها، مما يوفر معلومات دقيقة وشاملة عن التركيب الكيميائي للمادة.
واستخدم الفريق التقنية لدراسة نماذج تجريبية للورم النقلي الدماغي، وكشفت الأداة عن قدرة الأورام على إطلاق خلايا قد تفلت من الجراحة التقليدية.
كما أظهر الفريق قدرة الأداة على التمييز بين التغيرات الجزيئية المرتبطة بالإصابات الدماغية والصدمات، مما يمهد الطريق لتشخيص دقيق باستخدام الذكاء الاصطناعي.
ويقول الفريق إن هذه التقنية يمكن أن تستخدم في تحليل التغيرات الجزيئية المرتبطة بالأمراض المختلفة، مثل السرطان، مما يساعد في فهم تطور المرض والتشخيص المبكر له، كما يُمكن أن تُستخدم لرصد التغيرات الكيميائية في الأنسجة العصبية.
كما استخدم الباحثون التقنية الجديدة لدراسة المناطق الدماغية التي تتسبب في نوبات الصرع بعد الإصابات الدماغية، ووجدوا أن أنماط الاهتزاز الجزيئي تختلف بين المناطق المتأثرة بالأورام وتلك المتأثرة بالإصابات.
وترى المؤلفة المشاركة، ليسيت مينينديز دي لا بريدا، الباحثة في معهد “كاخال” الإسباني، أن هذه النتائج تفتح الباب أمام استخدام التوقيعات الجزيئية لتصنيف الكيانات المرضية المختلفة بدقة عالية، باستخدام الخوارزميات، بما في ذلك تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وتتميز هذه التقنية بكونها غير مدمِّرة، إذ لا تتطلب إتلاف العينة، مما يجعلها مثالية للعينات الحساسة، كما تتميز بحساسيتها ودقتها العالية، مما يسمح برصد تغييرات طفيفة جداً في التركيب الكيميائي، بالإضافة إلى كونها قابلة للاستخدام في بيئات معقَّدة، مثل الأنسجة الحيّة، أو المواد الصلبة.
ورغم مزاياها، تواجه التقنية بعض التحديات، أبرزها حساسية الأجهزة المستخدمة، والتي تتطلب بيئة محكمة لتجنب أي تداخل يؤثر على النتائج، كما أن ارتفاع تكلفة المعدات يمثل عائقاً أمام استخدامها على نطاق واسع، وخاصة في الدول، أو المؤسسات ذات الموارد المحدودة.
ويقول الباحثون إن التقنية الجديدة “نقلة نوعية في دراسة الدماغ البشري؛ وتتيح تحليل أنسجته في حالتها الطبيعية دون الحاجة إلى تعديلها وراثياً كما هو الحال مع التقنيات التقليدية”، وفق المؤلف المشارك في الدراسة، مانويل فالينتي، قائد فريق البحث في المركز الوطني الإسباني لأبحاث السرطان.
ويقول فالينتي: “تسمح هذه التقنية برصد أي تغيرات جزيئية في الدماغ ناجمة عن الأمراض، مما يعزز من دقة التشخيص ودراسة البنى الدماغية، بشكل شامل، دون الحاجة إلى إعدادها مسبقاً”.