جال وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان على المسؤولين اللبنانيين والتقى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في السراي. وجرى البحث في العلاقات الثنائية بين البلدين، والأوضاع الإقليمية والدولية، والتطورات الأخيرة في جنوب لبنان وغزة. وفي خلال اللقاء، اكد رئيس الحكومة «ضرورة بذل كل المساعي الدبلوماسية من قبل جميع الاطراف لوقف ما يجري من أحداث في غزة وحماية لبنان».

بدوره حذر الوزير الايراني «من امتداد الأحداث الجارية في غزة الى مناطق أخرى في المنطقة، اذا لم يوقف نتنياهو حربه المدمّرة ضد القطاع، وأن ما قامت به حركة حماس كان رداً على سياسة نتنياهو وجرائم إسرائيل». أضاف: «المهم بالنسبة إلينا هو أمن لبنان والحفاظ على الهدوء فيه، وهذا هو هدف زيارتي، واقترح عقد اجتماع لقادة المنطقة للبحث في الأوضاع».كما التقى عبداللهيان في عين التينة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، قبل ان يتوجه الدبلوماسي الى دمشق للقاء نظيره السوري علي المقداد

ووصفت مصادر سياسية ل" اللواء" الاتصالات والمساعي التي جرت مع حزب الله في الساعات الماضية، بين الحكومة وحزب الله، لتجنب الانجرار الى مواجهة مع العدو الاسرائيلي الذي يصعد الموقف على الحدود اللبنانية، بقيت في اطار التمنيات، ونقل رسائل التحذير التي ابلغتها نقلا عن سفراء الدول الكبرى والمؤثرة على الساحتين الاقليمية والدولية، فيما لم تتبلغ اي رد على هذه الرسائل، او اي مواقف محددة تلتزم بمقتضيات الحفاظ على التهدئة وتجنب اي ردود فعل قد تنعكس سلبا على سلامة وامن لبنان واستقراره.
واشارت المصادر الى ان المسؤولين اللبنانيين الذين التقوا وزير الخارجية الايراني أمير عبد اللهيان، شددوا على أهمية الحفاظ على الأمن والاستقرار في لبنان في هذا الظرف بالذات، والابتعاد عن كل ما يؤدي الى استغلال الساحة اللبنانية في المواجهة المحتدمة حاليا في قطاع غزة، والاعتداءات الإسرائيلية غير المسبوقة التي باتت تهدد بكارثة لايحمد عقباها.
وكشفت المصادر ان المسؤولين اللبنانيين لم يتلقوا اي ضمانات او تعهدات من وزير الخارجية الايراني تطمئن بالتدخل لمنع انزلاق لبنان إلى الحرب الدائرة في غزة ، ولخصت ما سمعته من الوزير الايراني بأنه في معظمه كان كلاما ديبلوماسيا، تخلله مجاملات وحرص على مصلحة لبنان واستقراره، ولكنه تضمن قلقا ايرانيا ملحوظا جراء الحملة العسكرية الإسرائيلية والدولية التي لم يسبق لها مثيل على الفلسطينيين في قطاع غزة، الامر الذي يتطلب تشابك القوى لمواجهته.

وقالت اوساط سياسية ل"الديار" ان زيارة وزير الخارجية الايراني عبد اللهيان الى لبنان هدفها تجديد تضامن ايران مع حماس وكل فصائل المقاومة ضد العدو الاسرائيلي واهالي غزة الذين يتعرضون للاجرام الاسرائيلي المتوحش، واستنكارها للعقاب الجماعي الذي يفرضه الكيان الصهيوني على الغزاويين بحرمانهم من المياه والكهرباء والغذاء. وقد اعتبر الوزير عبد اللهيان ان ما يقوم به الكيان الصهيوني جرائم حرب بامتياز.
وبمعنى اخر، زيارة وزير الخارجية الايرانية لبيروت تصب في خانة تأكيد الجمهورية الاسلامية الايرانية انها معنية بما يحصل في غزة، ويخطئ من يعتبر غير ذلك على رغم ان مسؤولا في المخابرات الاميركية ابلغ الكونغرس الاميركي ان ايران ليس لها علاقة بعملية حماس ضد غلاف غزة. وهنا، تحاول واشنطن تحييد ايران عن الصراع بين «اسرائيل» والمقاومة الفلسطينية» وهو امر مستبعد كليا ان تقبله طهران.

وأشارت مصادر عسكرية وسياسية لـ»البناء» الى أن الاحتلال الإسرائيلي خرق قواعد الاشتباك مرة جديدة بقصف أهداف مدنية»، متوقعة أن يبادر حزب الله الى «ردّ يناسب الفعل الإسرائيلي»، مرجحة بأن يطلق الحزب صواريخ على مستوطنات إسرائيلية. لكن المصادر أوضحت بأن القصف والاشتباك المتبادل لا يزال ضمن إطار محدود ومن المستبعد أن ينزلق الى حرب واسعة النطاق على الأقل في الوقت الراهن، إذ لا مصلحة لـ»إسرائيل» بتوسيع مساحة الحرب على جبهات عدة لا سيما الجبهة الجنوبية مع حزب الله التي تعرف حجم التداعيات التي ترتبها لا سيما في ظل خوض جبهة مع قطاع غزة وقد تفتح جبهات أخرى داخل فلسطين، مثل الضفة الغربية وأراضي الـ48 والقدس. ولذلك تكثف الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها الضغوط على الحكومة اللبنانية للضغط على حزب الله لكي لا يفتح الجبهة الجنوبية، ما يعكس حجم الخوف والقلق الإسرائيليين من حزب الله.

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: وزیر الخارجیة الایرانی عبد اللهیان حزب الله فی غزة

إقرأ أيضاً:

المهمّة الأساسية للفكر الإسلامي هي أن يصوغ من الشرع أحكاماً توجّه الحياة

العقيدة الإسلامية هي حقيقة ثابتة وشاملة تُحدد علاقة الإنسان بربه، وبنفسه، وبالآخرين، وبالكون من حوله. فعاليتها تكمن في تحويل الإيمان إلى قوة دافعة للإصلاح والتنمية، مما يجعلها الأساس المتين لبناء الفرد والمجتمع.

الكاتب والمفكر التونسي الدكتور عبد المجيد النجار وهو أحد المفكرين والباحثين في مجال الفقه والفكر الإسلامي المعاصر يواصل في هذه السلسلة من المقالات التي تنشرها "عربي21" بالتزامن مع نشرها على صفحته على منصة "فيسبوك"، البحث في مدلول العقيدة الإسلامية ومفرداتها.

أ ـ التأطير العقدي للفكر

إن الفكر يسبق العمل، وليس العمل إلا نتاجا للفكر، ولا يكون الفكر الإسلامي رشيدا إلا إذا كان موصولا بالاعتقاد، صادرا عنه، ويتمّ ذلك بأن يكون المسلم في كل ما يفكر فيه لإنتاج الرؤى والتصوّرات والمخطّطات والمشاريع مستحضراً للعقيدة الإسلامية استحضارا تكون به تلك العقيدة حالا له لا مجرّد مفردات يحملها ذهنه.

وبهذا الاستحضار الحالي يتكيف الفكر بمقتضيات العقيدة أولا في مستوى القصد والعزم، فيوضع إذن الفكر في سياق الاعتقاد ابتداءً، ويوطّد على نهجه ليتحرّك ضمنه. ثمّ يتكيّف بعد ذلك في حركة بنائه للأفكار والصور بمقتضيات العقيدة بأن يتّخذ من معانيها ومقاصدها ناظماً ينظم كل تلك الرؤى والصور، ويكوّن منها بناءً متكاملاً في كل ميدان أراد فيه بناء، حتى تكون العقيدة هي الروح السارية في كل فكرة بعينها، وفي كل بناء فكري مركّب..

إن الفكر يسبق العمل، وليس العمل إلا نتاجا للفكر، ولا يكون الفكر الإسلامي رشيدا إلا إذا كان موصولا بالاعتقاد، صادرا عنه، ويتمّ ذلك بأن يكون المسلم في كل ما يفكر فيه لإنتاج الرؤى والتصوّرات والمخطّطات والمشاريع مستحضراً للعقيدة الإسلامية استحضارا تكون به تلك العقيدة حالا له لا مجرّد مفردات يحملها ذهنه.وعلى سبيل التمثيل لذلك فإن الفكر الإسلامي إنما يكون رشيدا عقديا حينما يكون نظره في الكون لبناء صورة علمية عنه موجّها في كلّ حين بحقيقة وحدانية الله في أفعاله، تلك الوحدانية التي كان بها الكون موحَّد القانون، فتحصل إذن تلك الصورة العلمية متولّدة عن وحدانية الله، وحينما يكون نظره لإنتاج قوانين تنظّم المجتمع موجّهاً بوحدانية الله في حكمه، فتكون إذن تلك القوانين مصاغة بحسب وحدانية الله في الحكم، وحينما يكون نظره في النظام الاقتصادي موجّهاً بحقيقة أن الملكية الحقيقية إنما هي ملكية الله، وليس الإنسان إلاّ مستخلفا فيها، وحينما يكون تخطيطه لبرامج استثمار الكون موجّها بعقيدة الارتفاق انتفاعا ورفقاً في نفس الآن، وهكذا الأمر في كل منشط من مناشط الفكر.

وقد كانت المهمّة الأساسية للفكر الإسلامي هي أن يصوغ من الشرع أحكاماً توجّه الحياة، إما صياغة استنباط مباشر من النص، أو صياغة اجتهاد، وفي هذا المجال ظهرت أكبر تجلّياته متمثّلة في الفكر الشرعي المعبّر عنه بعلم الفقه بمعناه الواسع، سواء كان فقهاً تعبّديا أو اجتماعياً أو اقتصادياً أو سياسياً.وحينما نطبّق المبدأ الذي بيّناه آنفا في التأطير العقدي للفكر على الصورة الحالية التي عليها الفكر الشرعي موروثة على عهد الانحطاط مفصولاً فيها الوجه العملي عن الوجه العقدي، حينذاك فإن الترشيد الاعتقادي يقتضي أن يصاغ الفكر الشرعي من جديد صياغة عقدية بحيث تبدو فيه روح العقيدة سارية في مفرداته، وفي هيكله العامّ مؤطرة له في كلّ مساراته. ويكون ذلك بأن يتمّ هذا التأطير بصورتين متكاملتين:

الصورة الأولى ـ أن يعمد الفكر الشرعي إلى كل محور من المحاور الأساسية للشريعة فيدرج بين يديه مبحثا عقديا يتعلّق به، ويكون ذلك المبحث كالسند لكافّة قضايا المحور، يوجّه بناءها وترتيبها والاجتهاد فيها عن قرب. فإذا محور العبادات على سبيل المثال يتقدّمه مبحث عقدي في العبادة في المفهوم الإسلامي وخصائصها وأبعادها الروحية والتربوية، ومحور المعاملات الاقتصادية يتقدّمه بحث في المال من الناحية العقدية من حيث حقيقة الملكية في المفهوم الإسلامي، ودورها في الخلافة في الأرض. ومحور الأنكحة يتقدّمه مبحث في الأسرة من حيث أهميتها في البناء الاجتماعي، ودورها في التعمير، وقداسة روابطها ومواثيقها.

وهكذا يمكن أن تدرج في منظومة الأحكام الشرعية بحسب ما يناسب كل محور فيها مباحث عقدية أخرى مثل: قيمة الإنسان المبنية على التكريم، وغاية وجوده التي هي الخلافة في الأرض، وحقوق الإنسان في العدل والمساواة، وعلاقة الإنسان بالكون ومنزلته فيه، والعدالة الاجتماعية، والتكافل الاجتماعي، بحيث لا يخلو باب من أبواب الأحكام الشرعية إلا ويسند إلى مبحث تأصيلي من مباحث العقيدة.

الصورة الثانية ـ أن تقرن القضايا والأحكام الشرعية المندرجة في محاورها العامّة بمغازيها العقدية القريبة المندرجة في مباحثها الكلية المصدّرة بين يدي المحاور، بحيث لا يُقرّر حكم في النظر أو في التطبيق إلا وهو مرتبط بسند عقدي جزئي بالإضافة إلى استناده العام في نطاق محوره إلى السند العقدي العام للمحور كله، فإذا حُكم منع الاحتكار على سبيل المثال مرتبط عند تقريره بمغزى عقدي تربوي هو محاربة الأنانية والجشع والبغي، وذلك في نطاق ارتباطه ضمن محوره الاقتصادي بمبدإ عقدي عام هو أن الملكية الحقيقية للمال هي ملكية الله.

وإذا حُكم الوجوب في بعض وجوه الإنفاق التي يلزم بها وليّ الأمر أثرياء الأمّة مستند إلى مغزى عقدي هو حقّ كفالة المحتاج في المجتمع، وذلك في نطاق ارتباطه ضمن محوره الاجتماعي  بمبدإ عقدي عام هو تكريم الإنسان وحفظه من الهوان، وهكذا الأمر في سائر أحكام الشريعة حينما يباشرها بالتقرير والصياغة والتطبيق.

وبالتكامل بين هاتين الصورتين يكون الفكر الشرعي وهو يعالج واقع الأمة بأحكام الشريعة موجّها بالعقيدة في كل حال، فإذا ثماره من الأحكام تنتظم في سياق عقدي انتظاما محكما، فما من حكم يتقرّر إلاّ وقد وجّه بمغزى عقدي جزئي في نطاق ذلك الكلّي، فتصبح الشريعة بذلك في توجيهها لكافة مناشط الحياة موصولة بالعقيدة لما كان من تأطير عقدي دائم للفكر الذي يقرّرها، فتسري إذن روح العقيدة في كل خاطرة فكر، وفي كل حكم شرعي.

نحسب أن الإمام الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين كان له غرض في هذا المعنى من الوصل بين العقيدة والشريعة في نطاق غرضه الأعلى الذي هو الإحياء الروحي لعلوم الدين، ذلك أنه رأى أن علوم الشريعة انحرف بها أهلها إلى الفصل بين أحكامها كما تقررها أفهامهم، وبين روح العقيدة الإسلامية، فتبدّدت بذلك وتشتّتت..ونحسب أن الإمام الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين كان له غرض في هذا المعنى من الوصل بين العقيدة والشريعة في نطاق غرضه الأعلى الذي هو الإحياء الروحي لعلوم الدين، ذلك أنه رأى أن علوم الشريعة انحرف بها أهلها إلى الفصل بين أحكامها كما تقررها أفهامهم، وبين روح العقيدة الإسلامية، فتبدّدت بذلك وتشتّتت، فألّف هذا الكتاب الذي بناه على صورة فقهية لأغراض من أهمّها " ترتيب ما بددوه، ونظم ما فرّقوه"، وذلك بإعادة الربط بين العقيدة وبين أحكام الشريعة، فإذا هو يصدّر كتابه ذا الصورة الفقهية بمبحث عقدي عام شامل ترجم له بكتاب قواعد العقائد، ثم هو يتعهّد كل محور فقهي بعد ذلك، وأحيانا كل حكم شرعي بعينه بالوصل بينه وبين مغزاه العقدي ليكون الفكر المستنبط أو الفكر القارئ المتفهم مرتبطا دوما بمعاني العقيدة، مقاومة منه في ذلك لما رآه من "ميل أهل العصر عن شاكلة الصواب، وانخداعهم بلامع السراب، واقتناعهم من العلوم بالقشر عن اللباب" . إنها إذن حركة ترشيد عقدي قام بها الغزالي يريد بها تأطيرا عقديا للفكر كلّه، وهو ما تدعو الحاجة إليه الآن في نطاق ما ندعو إليه من الترشيد العقدي.

ويلحق بالفكر في هذا المجال كل ما هو شبيه به من ألوان المنازع الإنسانية في توليد الصور والتعبير عنها، مثل سائر الآداب والفنون شعرا وأناشيد ورسوماً وحركات جسمية وسواها، فإنها هي أيضاً ينبغي أن تكون موصولة بمعاني العقيدة صادرة بتوجيه منها، بحيث تكون واقعة في النفوس موقع الدفع إلى المتعة الجمالية بآيات الله في الكون، أو موقع الحثّ على العمل والتحفيز إليه، أو موقع الإثارة للدفاع عن النفس أو عن الإنسان المظلوم عامّة، أو الإثارة للحركة في سبيل نشر الخير والحقّ بين الناس لتحقيق معنى الشهادة عليهم، فهذه المواقع التي تقعها في نفوس المخاطبين إنما هي دالّة على المواقع التي منها تصدر من المخاطبين، وهي مواقع التوجيه العقدي الشامل.

إقرأ أيضا: العقيدة الإسلامية أساس الدين كله والمرجع الذي يوجّه الأحكام..

إقرأ أيضا: العقيدة الإسلامية من الدلالة الغيبية النظرية المؤسّسة إلى البعد العملي

إقرأ أيضا: ترشيد مدلول العقيدة في تصوّر المسلمين يستلزم نظرا جديدا في المفردات

إقرأ أيضا: العقيدة الإسلامية ليست مفاهيم تنحصر قيمتها في التصديق القلبي بها

مقالات مشابهة

  • نوال الزغبي تحتفل بعيد الفطر في بيروت.. “لبنان ما بيلبقلو إلا الفرح”
  • سفير أميركي جديد في بيروت والرياض تدعم مسيرة استنهاض الدولة
  • هنا والآن .. في بيروت: القلق!
  • المهمّة الأساسية للفكر الإسلامي هي أن يصوغ من الشرع أحكاماً توجّه الحياة
  • هذا ما يشهدهُ وسط بيروت
  • من أصل لبناني.. ترامب يُعين مايكل عيسى سفيرا أميركيا جديدا في بيروت
  • لبنان.. استجواب ثلاثة مدعى عليهم في ملف انفجار مرفأ بيروت
  • لبنان: استجواب 3 مدعى عليهم في ملف انفجار مرفأ بيروت
  • الأردن يدين التدخلات الخارجية التي تستهدف أمن سوريا
  • الخارجية التركية: نقف ضد جميع الأعمال التي تستهدف حق السوريين في العيش بسلام وازدهار