تعاني دول القرن الأفريقى مؤخرا من التغيرات المناخية، التى أجبرت مجتمعات كاملة من السكان على النزوح بعيدا بسبب الجفاف الذى يضرب شرق أفريقيا، وهى أسوأ موجة جفاف منذ أكثر من ٤٠ عاما، تمتد عبر منطقة شرق أفريقيا من إريتريا شمالا، مرورا بإثيوبيا وجيبوتى إلى الأطراف الجنوبية لكينيا والصومال.


وتسبب تغير المناخ فى إثيوبيا، فى تنامى ظاهرة الزواج المبكر للفتيات فى محاولة من أسرهم من تداعيات التغير المناخي، والنجاة بأنفسهم من براثن الفقر والجفاف والموت جوعا، وفى هذا السياق نشرت صحيفة "الجارديان" البريطانية تقريرا دونت فيه شهادات لبعض الفتيات فى إثيوبيا بشأن معانتهن من هذه الظاهرة.


ويتسرب العديد من الأطفال من المدارس فى المنطقة الصومالية بإثيوبيا، بسبب تعرضهم لضغوط من قبل والديهم للزواج ويرجع ذلك أساسا إلى الصعوبات المالية التى يواجهها آباؤهم وتوقع الحصول على الماشية كمهر، وتعتبر الأسر التى تعيش فى المناطق الريفية، أنه إذا طلب رجل غنى يد فتاة للزواج، فإن الأب يعتبر ذلك ضمانا لمستقبل أفضل لبقية الأطفال، وقد يوافق على مثل هذه الزيجات من أجل رفاهية الأسرة وحماية بقية الأطفال. فى هذا السياق، قالت صحيفة الجارديان البريطانية، فى تقرير لها إن الفتيات فى أجزاء من البلاد المتضررة من الجفاف ونقص الغذاء يجبرن، بشكل متزايد على زواج الأطفال، مع ارتفاع المعدلات بنسبة ١١٩٪ فى عام ٢٠٢٢، وقد تضافرت مصادر المياه الجافة والمحاصيل المدمرة ونفوق الماشية مع الصراع العنيف لجعل الزواج المبكر أمرًا واقعًا. ويعنى الجفاف المتكرر فى المنطقة الصومالية بإثيوبيا، أن الأرض لم تعد تزود الأسر بالمياه والغذاء الذى تحتاجه ولهذا السبب جعلت المناظر الطبيعية المتضررة من الجفاف والنهر المجفف جزءًا لا يتجزأ من كل صورة، لتمثيل كيفية تشابك زواج الأطفال وتغير المناخ. ويكشف تقرير جديد صادر عن منظمة إنقاذ الطفولة بعنوان الفتيات فى قلب العاصفة: كوكبها، مستقبلها، وحلولها، أن عدد الفتيات اللاتى يعشن فى "بؤر ساخنة" شديدة الخطورة لزواج الأطفال وتغير المناخ.


وأوردت "الجارديان" فى تقريرها المنشور الأسبوع الماضي، عددا من قصص الفتيات اللاتى أجبرن على الزواج المبكر، فى المنطقة الصومالية بإثيوبيا، حيث تقول "عايدة" البالغة من العمر عشرين عامًا "تم تغيير جميع أسماء الفتيات" تزوجت فى سن الخامسة عشرة بعد النزوح بسبب النزاع والجفاف، لقد كنت محطمة فى ذلك الوقت واضطررت إلى ترك المدرسة وبعد أشهر قليلة من هذا الزواج القسري، أصبت بالاكتئاب، وبدعم من عمي، فررت إلى المدينة القريبة قبل العودة للعيش مع عائلتى بعدما أصبح الوضع آمنا.


وأضافت: "منذ النزوح، أصبحت الحياة صعبة، وكنا نعيش حياة جميلة، وعشنا بشكل مريح وكنا نحرث حقولنا وكان لدينا كل ما نحتاجه، لقد زرعنا وأكلنا ما أردنا من حديقتنا الآن ليس لدينا ما نأكله، ونعانى كثيرًا، ونعيش فى كوخ والحرارة فظيعة وليس لدينا كهرباء كما كنا فى السابق، وتزوجت عندما كان عمرى ١٥ عامًا ولقد زوجنى والداى معتقدين أن مشاكلنا ستصبح أسهل، وأعطونى لهذا الرجل للتخفيف من مشاكلنا، أخبرتهم أننى أفضل الموت على العيش مع هذا الرجل." 


وتابعت "عايدة": "عندما كان عمرى ١٤ سنة، أراد رجل أن يتزوجنى ووافق والدي، وأصبحت غير سعيدة ومنعزلة فى المدرسة، وكنت مكتئبة ولأنه كان أغنى منا، نصحنى والداى بأن حياتى إذا تزوجته ستصبح أفضل من حياتهم".


كما أوردت الصحيفة البريطانية قصة أخرى لفتاة تدعى "ليلو" البالغة من العمر خمسة عشر عامًا، وتنتمى لعائلة من الرعاة الذين اعتادوا الاعتماد على مواشيهم للحصول على الدخل، ولكن منذ أن بدأ الجفاف، افتتحت والدتها متجرًا للشاى فى مجتمعهم لدعم أسرتهم، وعندما كانت ليلو تبلغ من العمر ١٤ عامًا، طلب منها رجل كبير السن أن تتزوجه، ووافق والديها على الزواج لأن أسرتهما كانت تعانى اقتصاديًا خلال فترة الجفاف، ومع ذلك، تفاوض النادى المدرسى المناهض للعنف التابع لمنظمة إنقاذ الطفولة مع والدتها للتراجع عن تزويجها.


وأضافت "ليلو"، أنها عندما كان عمرى ١٤ عامًا، عرض عليها الزواج وشعرت بالإحباط، ووثقت بصديق أبلغ المعلم ورئيس نادى الفتيات بالزواج، وذهبوا إلى والدى وأخبروهم أننى لا أوافق على هذا الزواج، وأخيرًا بعد الكثير من المفاوضات وافق والدى على إلغاء هذا الزواج.


وتقول فتاة أخرى تدعى "سعيدة"، ١٦ سنة، إنها تعيش مع والديها وشقيقتها الصغرى وقد نزحت عائلتها بسبب الجفاف قبل عامين حيث فقدوا ثلاثة جمال وست أبقار وخمسة ماعز وقد شهدت سعيدة التأثير السلبى للجفاف على الفتيات فى مجتمعها، بما فى ذلك زيادة معدلات العنف القائم على النوع الاجتماعى أثناء جمع المياه، واضطرت صديقاتها إلى ترك المدرسة للزواج مبكرا.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: زواج الأطفال إثيوبيا تغير المناخ الفتیات فى

إقرأ أيضاً:

«البيئة»: إجراء دراسات تحليلية لتحديد تأثيرات تغير المناخ المحتملة على المنطقة المحلية

أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، أن آلية التكيف مع التغيرات المناخية على المستوى المحلي تتضمن مجموعة من الإجراءات والأنشطة التي تهدف إلى تقليل التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية وتعزيز قدرة المجتمعات المحلية على التكيف مع هذه التغيرات، حيث تشمل التحليل المحلي للتغيرات المناخية، من خلال إجراء دراسات تحليلية لتحديد تأثيرات التغيرات المناخية المحتملة على المنطقة المحلية، تحديد العوامل الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية التي قد تؤثر في قدرة المجتمع على التكيف.

حماية النظام البيئي المحلي

وأضافت وزيرة البيئة، في تصريحات خاصة لـ«الوطن»، أن التكيف مع تغيرات المناخ، يتضمن تطوير البنية التحتية لتكون مرنة أمام التغيرات المناخية، مثل تحسين تصريف مياه الأمطار، بناء سدود للحد من الفيضانات، وتعزيز الهياكل ضد العواصف، واعتماد تقنيات البناء المستدامة التي تأخذ في الاعتبار الظروف المناخية المستقبلية، بالإضافة إلى حماية النظام البيئي المحلي، بما في ذلك الغابات والمراعي، من خلال برامج إعادة التشجير ووقف تدهور الأراضي.

برامج إعادة التشجير ووقف تدهور الأراضي

وأشارت وزيرة البيئة إلى أهمية تعزيز وعي المجتمعات المحلية حول التغيرات المناخية وأهمية التكيف معها، وإشراك المجتمعات المحلية في عملية اتخاذ القرار، لضمان تنفيذ حلول تتناسب مع احتياجاتهم، بالإضافة إلى دعم مشروعات تنويع مصادر الدخل المحلي لتقليل الاعتماد على الأنشطة الزراعية التي قد تتأثر بشكل مباشر بالتغيرات المناخية.

مقالات مشابهة

  • «الطفولة والأمومة» يحبط زواج طفلة عمرها 15 عامًا بسوهاج
  • "الطفولة والأمومة" يحبط زواج قاصر بسوهاج قبل فوات الأوان
  • إحباط زواج طفلة تبلغ من العمر 15 عاما في سوهاج
  • تغير المناخ في قفص الاتهام: حرائق لوس أنجلوس تعكس تصاعد المخاطر البيئية
  • «البيئة»: إجراء دراسات تحليلية لتحديد تأثيرات تغير المناخ المحتملة على المنطقة المحلية
  • مركز معلومات تغير المناخ: عاصفة شمسية قوية تضرب الأرض خلال أيام.. «فيديو»
  • تحذير عالمي بمواجهة تغير المناخ والتهديد النووي
  • خبير بيئي: الاعتراف بحقيقة تغير المناخ ضروري لمواجهة الانبعاثات الدفينة
  • دراسة تكشف سبب تفاقم حرائق لوس أنجلوس: تغير المناخ في قفص الاتهام!
  • وزيرة البيئة ونظيرها الأردني يناقشان خطة عمل «هيئة البحر الأحمر» لمكافحة تغير المناخ