"مهمة مستحيلة" تلك التي واجهها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، خلال جولته بالشرق الأوسط، في ظل مساعي تسليح إسرائيل قبل هجوم بري متوقع على غزة، مع حثها على ضبط النفس.

هكذا يتحدث تحليل لصحيفة "فايننشال تايمز"، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، لافتا إلى أنه على بلينكن أيضا إقناع حلفائها الخليجيين بكبح "الحركات الإسلامية"، التي سترد حتماً بغضب.

يقول خبير شؤون الشرق الأوسط في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ديفيد ماكوفسكي: "تبدو الأوضاع على مستوى معين وكأنها مهمة مستحيلة".

وكانت الأهداف المتداخلة، وربما المتضاربة، لمهمة بلينكن واضحة تماماً خلال محطته الأولى، الخميس في تل أبيب، حيث أعطى تأييداً كاملاً لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها رغم تحذيره رئيس وزراء إسرائيل، في الوقت نفسه، بالتصرف وفق قوانين الحرب.

وقال بلينكن في مؤتمر صحفي، وهو يقف بجوار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: "الطريقة التي ستتعامل بها إسرائيل مهمة؛ لهذا من المهم جداً اتخاذ كل الاحتياطات الممكنة لتجنب إيذاء المدنيين".

ووفق التحليل، فإنَّ نجاح هذا الجهد صار موضع تساؤل بالفعل، إذ انتقدت جماعات حقوق الإنسان قرار نتنياهو بقطع إمدادات الغذاء والمياه والكهرباء عن قطاع غزة المكتظ بالسكان، وهي خطوة وصفتها منظمة العفو الدولية بأنها "حصار غير قانوني".

اقرأ أيضاً

طوفان الأقصى.. نهاية أبدية لعقيدة "سلام بلا دولة فلسطينية"

وتوقفت محطة الكهرباء الوحيدة في غزة عن العمل بعد نفاد الوقود، الأربعاء.

وحاولت الولايات المتحدة أيضاً إقناع إسرائيل ومصر بتوفير ممر إنساني للمدنيين لمغادرة غزة عبر مصر، وهو ما قال محللون إنه قد يساعد في مواجهة وجهات النظر السلبية تجاه إسرائيل مع استمرار حملتها.

لكن حتى الآن قوبلت هذه الجهود بالمقاومة، خاصة من مصر.

وعلى الرغم من صعوبة مهمة بلينكن في إسرائيل، إلا أنها قد تزداد صعوبة، ، عندما بدأ جولة مع حلفاء الولايات المتحدة العرب، بما في ذلك الأردن وقطر والسعودية والإمارات ومصر.

ومهّد الرئيس جو بايدن الطريق في هذه البلدان، التي كان على اتصال هاتفي مع قادتها العرب لعدة أيام، حيث يعمل مع الحلفاء الإقليميين، على أمل منع امتداد الصراع عبر الحدود.

لكن هذا قد يكون شبه مستحيل بالنسبة للحلفاء العرب، بما في ذلك السعودية، التي أصرت منذ أشهر على أنها لم تتخلَّ عن القضية الفلسطينية حتى مع اقترابها من إسرائيل لمواجهة عدوهم المشترك، إيران.

اقرأ أيضاً

ذا هيل: طوفان الأقصى حطم الحلم الأمريكي بالتكامل الأمني بين إسرائيل والعرب

تاريخياً، كانت السعودية واحدة من أهم الداعمين الماليين للسلطة الفلسطينية، لكن ليست لها صلات بحركة حماس، التي تعتبرها فصيلاً متحالفاً مع إيران.

وتشعر المملكة بقلق عميق بشأن اندلاع صراع أوسع نطاقاً، وفق الصحيفة.

وقبل هجوم يوم السبت 7 أكتوبر/تشرين الأول، على جنوب إسرائيل، أظهرت إدارة بايدن مقاومة محدودة في دعم جهود نتنياهو لمواجهة الهجمات الفلسطينية بالقوة العسكرية.

وخلال الصراع الأخير بين إسرائيل وحماس في عام 2021، حثّ بايدن وغيره من كبار المسؤولين الأمريكيين نتنياهو على إنهاء الصراع بعد أكثر من أسبوع بقليل.

لكن المسؤولين الأمريكيين يقولون إنَّ الظروف المحيطة بهجوم حماس مختلفة هذه المرة.

ويستعد البيت الأبيض لدعم إسرائيل في حرب طويلة تشهد توجيه ضربة حاسمة للحركة، على عكس النهج الذي اتبعته في السنوات الأخيرة والذي يُلقِّبه المسؤولون الإسرائيليون بـ"جزّ العشب".

اقرأ أيضاً

الشيخ تميم يشدد لبلينكن على أهمية بذل الجهود لخفض التصعيد بغزة

من جانبه، يقول مدير مركز رفيق الحريري التابع للمجلس الأطلسي يليام ويشسلر، إنَّ القادة العرب سيُظهِرون المزيد من الصبر أمام رد إسرائيل على حماس بسبب الطبيعة الشنيعة للفظائع.

لكنه يحذر من أنَّ الحلفاء الخليجيين سيواجهون صعوبة في الاستجابة لمناشدات الولايات المتحدة لضبط النفس، مع استمرار الحرب.

ويضيف ويشسلر: "سوف تتضاءل قدرتهم على ضبط النفس بمرور الوقت مع ظهور صور ومقاطع فيديو لمعاناة الأبرياء".

ويشعر المسؤولون الأمريكيون بالقلق، تحديداً إزاء محاولات إيران الاستفادة من الصراع، إما عن طريق دعم فتح جبهة ثانية في إسرائيل من خلال إطلاق العنان للجماعات الشيعية المسلحة؛ مثل حزب الله في لبنان، أو استخدام وكلائها لمهاجمة عرب الخليج.

وسعى بايدن إلى طمأنة خصوم إيران من العرب بإرسال مجموعتين من حاملات الطائرات إلى المنطقة، قائلاً إنَّ الهدف منهما هو إرسال رسالة واضحة إلى الإيرانيين: "احذروا".

وقد أبدت طهران حتى الآن علامات ضبط النفس، فيما قال مسؤولون أمريكيون إنه لا توجد مؤشرات على تورط إيران تورطاً مباشراً في هجوم حماس، وإنَّ "حزب الله" لم يدخل المعركة جدياً بعد.

اقرأ أيضاً

ملك الأردن وعباس يحذران بلينكن من تهجير أهالي غزة

كما أجرى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان اتصالاً هاتفياً نادراً مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الخميس.

وقال بيان سعودي إن بن سلمان أبلغ رئيسي أن "المملكة تبذل أقصى جهدها للتواصل مع جميع الأطراف الدولية والإقليمية لوقف التصعيد المستمر"، مما يؤكد تحرك الرياض لاحتواء الأزمة.

فيما قال مسؤول إيراني كبير، إن المكالمة التي أجراها رئيسي مع بن سلمان، استهدفت دعم "فلسطين ومنع انتشار الحرب في المنطقة".

ولم تقدم الحكومة السعودية تفاصيل أخرى عن المكالمة، لكن البيان قال إن ولي العهد أكد معارضة المملكة "لأي شكل من أشكال استهداف المدنيين وفقدان أرواح الأبرياء"، وأعرب عن موقف الرياض الذي "لا يتزعزع في الدفاع عن القضية الفلسطينية".

وتسعى السعودية إلى تخفيف التوترات في مناطق أخرى بالشرق الأوسط، تضمنت السعي لإنهاء الصراع في اليمن، حيث تقود الرياض تحالفاً عسكرياً في حرب ضد الحوثيين المتحالفين مع إيران.

ورداً على سؤال حول اتصال الرئيس الإيراني بولي العهد السعودي، قال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية، إن واشنطن "على اتصال مستمر مع القادة السعوديين".

وأثناء وجود بلينكن في إسرائيل، كان نظيره الإيراني وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان في بيروت، حيث حذّر من أنَّ الهجمات الإسرائيلية على الفلسطينيين ستلقى رداً من "بقية المحاور، وسيكون الكيان الصهيوني" هو المسؤول.

اقرأ أيضاً

من الخليج إلى المغرب العربي.. كيف ستؤثر طوفان الأقصى على سياسات الشرق الأوسط؟

المصدر | فايننشال تايمز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: بلينكن أمريكا إسرائيل العرب طوفان الأقصى إيران اقرأ أیضا

إقرأ أيضاً:

فايننشال تايمز: بشار نقل طنين من الدولارات خارج سوريا.. كم قيمتها؟

أفادت صحيفة "فايننشال تايمز" أن البنك المركزي السوري نقل لرئيس النظام المخلوع بشار الأسد نحو 250 مليون دولار نقداً إلى موسكو خلال فترة عامين، عندما كان مديناً للكرملين مقابل الدعم العسكري.

وأضافت الصحيفة أن أقارب الأسد كانوا يشترون أصولاً في روسيا سرًا خلال تلك الفترة.

كما كشفت الصحيفة عن سجلات تظهر أن نظام الأسد، في ظل معاناته من نقص حاد في العملة الأجنبية، نقل جواً أوراقاً نقدية تزن نحو طنين من فئة 100 دولار و500 يورو إلى مطار فنوكوفو في موسكو.

تم إيداع هذه الأموال في البنوك الروسية الخاضعة للعقوبات بين عامي 2018 و2019.


وتؤكد التحويلات النقدية غير العادية من دمشق كيف أصبحت روسيا الحليف الأساسي لبشار الأسد، الذي قدم له الدعم العسكري لإطالة أمد نظامه، كما تعد واحدة من أهم الوجهات للأموال السورية بعد أن دفعتها العقوبات الغربية للخروج من النظام المالي.

تزامنت شحنات الأموال النقدية إلى روسيا مع اعتماد سوريا على الدعم العسكري من الكرملين، بما في ذلك مرتزقة مجموعة فاغنر. وفي الوقت نفسه، بدأت عائلة الأسد الممتدة في شراء عقارات فاخرة في موسكو.


الهروب من مطار حميميم
ويذكر أن رئيس النظام السوري المخلوع بشار الأسد٬ هرب من مطار حميميم بريف مدينة اللاذقية الساحلية، غربي سوريا، إلى موسكو، حيث نال اللجوء الإنساني.

ووفقًا لتقارير وتسريبات غير رسمية، اصطحب الأسد معه مليارات الدولارات وكميات كبيرة من الذهب، بعد مسيرة طويلة من الإتاوات ونهب ثروات البلاد عبر ممثلين له، أبرزهم زوجته أسماء عبر المكتب السري بالقصر الرئاسي.

وأفادت مصادر أن الأسد لم يتمكن من سرقة ما تبقى من احتياطي المصرف المركزي قبل هروبه إلى موسكو.

وخلال تخطيطه للهروب، قام الأسد بتفريغ الخزائن من الذهب والعملات الأجنبية، وأخفى خطته حتى عن أخيه ماهر، قائد الفرقة الرابعة، تاركًا إياه وبقية المسؤولين في مواجهة مصيرهم.


وأكمل بشار الأسد مسيرة النهب التي بدأها والده، لتبلغ ثروته، وفق تقديرات وزارة الخارجية الأميركية قبل عامين، نحو ملياري دولار.

مقالات مشابهة

  • "فايننشال تايمز": من دمشق إلى موسكو.. الأسد هرب 250 مليون دولار جواً في سلسلة رحلات سريّة
  • فايننشال تايمز: الأسد شحن طنين من الدولارات واليوروات إلى روسيا
  • فايننشال تايمز: نظام الأسد نقل 250 مليون دولار إلى موسكو
  • غوريلا في “مهمة مستحيلة” بعيادة أسنان
  • فايننشال تايمز: نظام بشار الأسد نقل لموسكو مبالغ نقدية تزن طنين
  • فايننشال تايمز: بشار نقل طنين من الدولارات خارج سوريا.. كم قيمتها؟
  • غوريلا في "مهمة مستحيلة" بعيادة أسنان
  • عاجل| فايننشال تايمز: نظام الأسد نقل أوراقا نقدية تزن نحو طنين إلى مطار فنوكوفو بموسكو بين عامي 2018 و2019
  • فايننشال تايمز: ندرة الدقيق تفاقم أزمة الجوع في غزة
  • فايننشال تايمز: مساعدات غزة تقترب من أدنى مستوياتها