«دبي للثقافة» تبرز جاذبية الكلمات في «الخط بمنظور آخر»
تاريخ النشر: 14th, October 2023 GMT
دبي (الاتحاد)
أعمال فنية مبتكرة مستلهمة من فنون الخط، يقدمها معرض «الخط بمنظور آخر» الذي تنظمه هيئة الثقافة والفنون في دبي «دبي للثقافة» في غاليري «أيه دبليو سي» (AWC) في «جيت أفنيو - مركز دبي المالي العالمي»، ضمن فعاليات الدورة الأولى من «بينالي دبي للخط» التي تقام برعاية سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، رئيس المجلس التنفيذي، وتستمر حتى 31 أكتوبر الجاري.
ويأتي المعرض في سياق التزامات الهيئة الهادفة إلى خلق منصات متنوعة لتمكين أصحاب المواهب وتحفيزهم على عرض أعمالهم الإبداعية، ما يساهم في تعزيز قوة الصناعات الثقافية والإبداعية، تحقيقاً لرؤية دبي الثقافية الهادفة إلى ترسيخ مكانة الإمارة مركزاً عالمياً للثقافة، وحاضنة للإبداع، وملتقى للمواهب.
ويقدم معرض «الخط بمنظور آخر» 22 عملاً إبداعياً تحمل بصمات 11 فناناً من حول العالم، سعوا من خلالها إلى إبراز قدرة فن الخط على التحول وتجاوز الأشكال التقليدية لأنماط الكتابة، وقدرته على التفاعل مع الأشكال والألوان المختلفة، إلى جانب استكشاف جاذبية الكلمات وتفاعلها مع الحركة. فمن خلال مجموعته الفنية «نسيم الشرق» التي ضمت ثلاث منحوتات سعى الفنان الدكتور جاسم العوضي إلى تجسيد جوهر الخط العربي برؤية بصرية عصرية، بينما يطمح الفنان حميد طلوعى فرد، عبر عمله «متعدد الأبعاد» لإيجاد المعنى العميق للضمير «هو»، أما الفنان أورخان مامادوف فقد استند في قطعته «فن رقمي» إلى الذكاء الاصطناعي لإظهار جماليات فن الخط الموجود في المخطوطات القديمة وأنماط الزخرفة المعقدة والنقوش المعمارية، فيما يمثل عمل «طبقات المحيط العميق» لإسماعيل عبدالرحمن تحفة فنية تجريدية ثلاثية الأبعاد تجسد ببراعة جوهر النص العربي بطريقة مستقبلية، في حين اعتمد محمود ديوب في «زينة الحياة وبهجتها» على مفهوم التكرار لإيجاد طرح جديد لمعالجة السطوح المختلفة للعمل الفني.
أما الفنانة عزة القبيسي فقد استلهمت منحوتتها «أجنحة الحكمة» من تكوين طائر الصقر الذي يعد عنصراً حيوياً في التراث المحلي، ويشكل العمل احتفاءً بالثقافة الإماراتية ويبرز اهتمامها بفن الخط. وفي المقابل، استلهم الفنان عباس يوسف عمله «كنت أحلم» من قصيدة «جدارية» للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، وحاول فيه إحداث توازن بين ما هو كلاسيكي ومعاصر في الخط. وتسعى الفنانة موزة الفلاسي عبر سلسلتها «رسائل إلى المفقودين» لتوضيح مفهوم الحضور والغياب وذلك باستخدام طبقات من الأشياء المهملة والمواد اليومية. وتظهر سلسلة «مجموعة الحروف» للفنان أمير حسين جباري التي بدأ بتصميمها وتنفيذها في 2018، أشكال الخط التي وصلتنا كإرث من الماضي، حيث يعرضها بأشكال وألوان عصرية، ويقدم الفنان جوزيف الحوارني منحوتته الخشبية «بسملة» المكتوبة بالخط الكوفي. في حين، يستكشف الفنان عبدالمالك نونوحي من خلال عمله «رنين الأرض» عمق علاقتنا بالعالم وطبيعة تأثيرنا على الأرض واستدامتها وتطورها، ويبرز في عمله الثاني «صدى الحياة» تأثير الصدى في الحركة الدائمة والتحول المستمر.من جهة ثانية، يستضيف «غاليري بوكارا» الواقع في «جيت أفنيو - مركز دبي المالي العالمي» معرض الفنان والخطاط اللبناني غالب حويلا الذي يتضمن 9 أعمال فنية تبرز إبداعاته في الخط العربي التقليدي، ومن بينها لوحته «كسر الحدود» وسلسلته «فتح الجراح» المستلهمة من قصائد جلال الدين الرومي، وكذلك عمله «قابل للكسر» المستوحى من كلمات الكاتب الراحل جبران خليل جبران، فيما يسعى عبر لوحته «الرحمة» إلى البحث عن أصل الرحمة، بينما يصور من خلال «الانطواء» كيف يخفي الإنسان أفكاره ومشاعره.
وتعكس أعمال حويلا المتنوعة أسلوبه الخاص ورؤيته الفنية المميزة ومصادر إلهامه، ويهدف من خلالها إلى إظهار أهمية المهارة والدقة والإبداع في الفنون البصرية، كما يمتاز بقدرته على المزج بين العناصر المعاصرة وجماليات الخط التقليدي، إلى جانب استخدامه مواد وتقنيات غير تقليدية لإنشاء قطعه الفنية، ما يمنحها طابعاً عصرياً مميزاً.
كما يستضيف «جيت أفينيو - مركز دبي المالي العالمي» أيضاً تشكيلة متنوعة من ورش العمل التفاعلية التي تستهدف جميع الأعمار، حيث يتم خلالها تعليم وتدريب الزوار على طرق إنشاء أعمال فنية متنوعة باستخدام الطباعة والخطوط التقليدية والمعاصرة، بالإضافة إلى تمكينهم من استكشاف جاذبية الفنون البصرية والحرف اليدوية والألعاب التفاعلية، وكيفية ابتكار عمل فني ثلاثي الأبعاد باستخدام الخيوط والقماش.
وعلى هامش المعرض، شهد «جيت أفينيو» تقديم عرض «كلمات» المرئي من إبداع الفنانة علياء السند التي صممته ليبدو أشبه بقطعة رسوم متحركة، وتهدف من خلاله إلى نقل طبيعة وديناميكية فن الخط، إلى جانب تسليط الضوء على كيفية تطور هذا الفن وقدراته المختلفة على التحول. وتعبر استضافة مركز دبي المالي العالمي للمعارض المتنوعة الخاصة بـ«البينالي» وورش العمل المرافقة له، عن اهتمامه بدعم الحراك الإبداعي والتنسيق مع المؤسسات الأخرى في تنظيم واستقطاب الفعاليات الثقافية والفنية المختلفة، بما فيها النسخة السادسة عشرة من أمسيات «ليالي الفن» التي ستقام يومي 23 و24 نوفمبر المقبل.يذكر أن الدورة الأولى من «بينالي دبي للخط» تشهد تنظيم 19 معرضاً، وتساهم في تفعيل أكثر من 35 موقعاً تراثياً وثقافياً، وهي تقام بدعم رئيسي من «مجموعة الرستماني»، وبدعم من «صندوق الوطن»، وبالشراكة مع مجموعة من الشركاء والمؤسسات الفاعلة في المشهد الثقافي المحلي.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: دبي للثقافة الخط العربي مرکز دبی المالی العالمی فن الخط
إقرأ أيضاً:
رحيل محمد بن عيسى.. الوزير العاشق للثقافة
سعد عبدالراضي (أبوظبي)
رحل عن عالمنا، أمس الأول، محمد بن عيسى، وزير الخارجية المغربي الأسبق، عن عمر ناهز 88 عاماً، تاركاً خلفه إرثاً دبلوماسياً وثقافياً استثنائياً. وهو مؤسس أحد أبرز المنتديات الثقافية المغربية «موسم أصيلة الثقافي» المستمر منذ أكثر من 40 عاماً. تلقى محمد بن عيسى تكريمات عدة خلال مسيرته، أبرزها «جائزة الشيخ زايد للكتاب» كأفضل شخصية ثقافية للدورة الثانية 2007 - 2008، وجائزة الأغاخان للعمارة الإسلامية عن إعادة تأهيل مدينة أصيلة عام 1988.
مسيرة دبلوماسية حافلة
بدأ محمد بن عيسى مشواره المهني في الصحافة والإعلام، ثم انتقل إلى العمل الدبلوماسي، حيث شغل منصب سفير المغرب لدى الولايات المتحدة بين عامي 1992 و1999، وكان له دور فعال في تعزيز العلاقات المغربية الأميركية. في عام 1999، عيّن وزيراً للشؤون الخارجية والتعاون، وهو المنصب الذي شغله حتى عام 2007، حيث قاد الدبلوماسية المغربية في مرحلة مليئة بالتحديات الإقليمية والدولية..
أصيلة.. أيقونة ثقافية عالمية
بعيداً عن السياسة، كان لمحمد بن عيسى دور بارز في النهضة الثقافية المغربية، حيث كرّس جهوده لخدمة مدينته أصيلة، التي حولها إلى ملتقى عالمي للثقافة والفنون. أسس موسم أصيلة الثقافي الدولي، وهو مهرجان سنوي يجمع كبار المفكرين والأدباء والفنانين من مختلف دول العالم، ليصبح واحداً من أهم التظاهرات الثقافية في العالم العربي. ولم يكن محمد بن عيسى مجرد رجل سياسة، بل كان رجل فكر وثقافة، جمع بين الدبلوماسية والفن، وبين السياسة والإبداع، فساهم في ترسيخ مكانة المغرب الثقافية دولياً.
بوفاته، فقد المغرب واحداً من أبرز رموزه السياسية والثقافية، لكن إرثه سيظل خالداً من خلال إسهاماته في مجال الدبلوماسية، ودوره في تعزيز الثقافة كقوة ناعمة لخدمة البلاد. وسيبقى محمد بن عيسى نموذجاً للمثقف الدبلوماسي، الذي آمن بأن السياسة والثقافة وجهان لعملة واحدة.
تكريم للثقافة العربية
جاء في بيان حصول بن عيسى على جائزة زايد للكتاب 2008 أنها تقدير لدوره الهام في تأسيس مهرجان أصيلة للفنون والثقافة والفكر، كمشروع ثقافي حضاري هام منذ عام 1978 وجعله ملتقى للمبدعين والمفكرين العرب والأفارقة والغربيين، ومنارة تتحول بها قرية عربية بسيطة إلى نموذج مبدع للقرية العالمية في العصر الحديث، ولإسهاماته في إنعاش الحياة الثقافية المغربية ووصلها الحميم بالثقافة العربية والإنسانية· وحين أبلغته «الاتحاد» باتصال هاتفي معه بفوزه بجائزة الشيخ زايد للكتاب في فرع شخصية العام الثقافية قال بن عيسى حينها: إنني أفاجأ الآن بفوزي بجائزة الشيخ زايد حيث تغمرني السعادة· إنها ليست جائزة لشخصي فحسب وإنما هي تكريم للثقافة العربية، ولكل من ساهم في عملية البحث عن الحقيقة والبناء الحضاري· ولذا فإن جائزة الشيخ زايد، ولأهمية من وضعت باسمه الجائزة، فهي مهمة في ثقافتنا العربية.
المثقف الكبير وعاشق أصيلة
قال معالي محمد المر، رئيس مجلس إدارة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم: لسنوات عديدة كان صديقنا الوزير والدبلوماسي والمثقف المغربي الكبير محمد بن عيسى يدعوني لزيارة موسم مدينة أصيلة الثقافي والسنوي الشهير، ولأسباب عديدة لم أستطع تلبية دعوته، ويشاء القدر أن ألبي تلك الدعوة الكريمة في العام الماضي، فزرنا مدينة أصيلة تلبية لدعوته الكريمة، وتجولنا في أسواقها ومعالمها التاريخية، وصورنا جمالياتها التاريخية والطبيعية. والتقينا بصديقنا محمد بن عيسى في مكتبه في مدينته الحبيبة أصيلة، وبعد الترحيب الحميم حدثنا باستفاضة عن مدينة أصيلة وتاريخها، وعن مهرجان أصيلة، وكيف تطور من فكرة بسيطة لاستضافة المثقفين والفنانين العرب في أصيلة إلى أن أصبح من أهم المهرجانات الثقافية في العالم العربي وأفريقيا. وأمس نعت وسائل إعلام مغربية، رحيل صديقنا السياسي والمثقف الكبير محمد بن عيسى (88 عاماً)، وذلك بعد حياة مهنية وسياسية ودبلوماسية وثقافية حافلة امتدت على مدى عقود طويلة بدأها بالعمل في مجال الصحافة قبل أن يدخل غمار الدبلوماسية والعمل الثقافي.