مفتي الجمهورية: الدين الإسلامي يحرم الاعتداء على السائحين
تاريخ النشر: 14th, October 2023 GMT
قال الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، إن حماية التراث الإنساني واجب ديني واجتماعي، وقد دلت عليه أحكام الشرع وتوجيهات النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وقال المفتي إن الإسلام يحث على الاحتفاظ بالموروث الثقافي والتاريخي، حيث إن الشريعة الإسلامية تعاملت مع السياحة تعاملًا راقيًا، لأنها من قبيل السير في الأرض وتبادل المعارف والرؤى المختلفة، حتى إن القرآن الكريم في كثير من آياته قد لفت نظر الناس إلى السير في الأرض ودراسة آثار الأمم السابقة والاعتبار والانتفاع بتلك الآثار.
جاء ذلك ردًّا على سؤال لأحد المشاهدين عن "حكم السياحة وحكم معاملة السائح وعن موقف الشرع الشريف من قيام البعض بمعاقبة بعض السائحين"، وذلك خلال لقائه الأسبوعي اليوم، الجمعة، في برنامج نظرة مع الإعلامي حمدي رزق على فضائية صدى البلد.
وأضاف أن العهد والأمان ثابتان للسائح وهو تصرف دولي، فمن يدخل مصر وَفق تصريح وإجراءات معينة لا ينبغي أن يُهان بل يحرم باتفاق العلماء الاعتداء عليه في شخصه وماله، ويعتبر كمصري تمامًا ويحرم الاعتداء عليه بأي صورة، وإذا أخطأ، فالذي يحاسبه بإجماع العلماء، هو القانون ولا ينبغي لأي فرد أن يعاقبه بشكل فردي حتى من عُهد إليه بالتأمين، وإذا حدث ذلك فيكون خللًا في الفهم والتطبيق وخيانة للعهد الذي أخذه هذا الإنسان من أي دولة، وعدم الوفاء بالعهد والأمان معه لا يقتصر على التأثير بالسلب على سمعة ودخل السياحة، بل يؤدي إلى خلل مجتمعي كبير.
وعن حكم من مات غدرًا وفي مشقة وأثناء قيامه بعمل نبيل كمن مات في عمله بالسياحة أو غيرها، أكد المفتي أن هناك أنواعًا كثيرة من الشهادة جاء التنبيه عليها في عدد من الأحاديث النبوية، منها: ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: المَطْعُونُ، وَالمَبْطُونُ، وَالغَرِقُ، وَصَاحِبُ الهَدْمِ، وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللهِ". وما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم فهو ليس على سبيل الحصر، ولكن على سبيل المثال، فمفهوم الشهادة واسع فتنطبق الشهادة على من ماتوا في شدة أو محنة.
وعن حكم الاحتكار قال فضيلته لا خلاف بين الفقهاء في أن الاحتكار حرام في الأقوات، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ» وغيره من الأدلة، فالمحتكر منعدم الضمير وآثم إذا قصد حجب السلع عن أيدي الناس إضرارًا بهم حتى يصعب الحصول عليها وترتفع قيمتها، فضلًا عن أن المال المكتسب من الاحتكار بلا شك هو مال مكتسب من حرام وجريمة، لأن الاحتكار جريمة وأكل لأموال الناس بالباطل.. مؤكدا أنه ينبغي أن يعلم هذا المحتكر أنه قبل توبته عليه رد أموال الناس التي أخذها منهم بطرق غير مشروعة.
وعن حكم إخراج الزكاة قبل موعدها، قال فضيلة المفتي: يجوز تعجيل زكاة المال ولو لمدة عام أو عامين مقبليْن، والفتوى مستقرة في الدار على ذلك بسبب هذه الظروف الاقتصادية الاستثنائية، بل يستحب توجيه الأموال لمواساة الفقراء وأصحاب الحاجات ومساعدة المرضى ووجوه البر المتنوعة، وذلك أولى في ظل الأزمة الراهنة، فهناك نصوص كثيرة تحث على التراحم والتكافل، وهي من الكثرة بحيث يصعب حصرها.
واختتم فضيلة مفتي الجمهورية حواره بالرد على سؤال عن أفضل صيغة للدعاء، وخاصة في هذه العسرة الاقتصادية التي يواجهها كثير من الناس في أغلب بلدان العالم قائلًا: الدعاء أفضله بالمأثور أو ما جاء بالقرآن والسنة، ولكن إذا تعذر ذلك فيمكن للمرء الدعاء بما شاء أو بما يحفظ ما لم يكن في دعائه مخالفة شرعية، فيمكن للإنسان الدعاء لنفسه ولأبويه ولأبنائه بل لغيرهم.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: مفتي الجمهورية دار الإفتاء الاعتداء على السائح صلى الله علیه وسلم
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية يستقبل وفد أئمة من ستِّ دول برئاسة الدكتور المحرصاوي
استقبلَ الأستاذ الدكتور نظير عيَّاد -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- وفدًا من أئمة سِتِّ دول برئاسة الأستاذ الدكتور محمد المحرصاوي، رئيس أكاديمية الأزهر العالمية للتدريب، وذلك في مقرِّ دار الإفتاء المصرية، في ختام برنامجهم التدريبي الذي أُقيم بالأكاديمية.
المفتي: الأخلاق لا تقل أهمية عن العقيدة والشريعة لتحقيق مصالح الناس مفتي الجمهورية: التكفير يعدُّ من أهم العقبات التي ابتليت بها هذه الأمةوفي مستهلِّ اللقاء، رحَّب المفتي بالحضور، مشيدًا بجهود أكاديمية الأزهر العالمية في تأهيل الأئمة والعلماء وتطوير مهاراتهم العلمية والدعوية. وأكَّد فضيلتُه أنَّ دار الإفتاء المصرية مؤسَّسة وطنية ذات هُوية أزهرية خالصة، تتَّسم منهجيتُها بالوسطية والتجديد، وتعتمد على تأهيل علميٍّ وإفتائي دقيق لضمان إصدار الفتاوى المنضبطة التي تراعي مصالح الناس وتلبي احتياجاتهم.
واستعرض المفتي خلال اللقاء مختلفَ إدارات دار الإفتاء، موضحًا دَور القطاع الشرعي، الذي يُعَدُّ القلبَ النابض للدار، حيث يتم استقبال الأسئلة الشرعية وتكييفها، والنظر في الأدلة الشرعية ومآلات الفتوى لضمان تحقيق الصالح العام.
كما سلَّط الضوءَ على إدارات الفتوى المختلفة، مثل: الفتوى الشفوية والمكتوبة والهاتفية والإلكترونية، التي تُسهم جميعها في تقديم خدمات إفتائية متكاملة وسريعة، بالإضافة إلى الجهود المبذولة في التحوُّل الرقْمي واستخدام التكنولوجيا الحديثة لتوسيع نطاق الخدمات الإفتائية عالميًّا.
وتحدَّث المفتي عن جهود دار الإفتاء في تعزيز الاستقرار الأسري من خلال مركز الإرشاد الزواجي، الذي يقدِّم استشاراتٍ نفسيةً وشرعية لحلِّ المشكلات الأسرية، لا سيَّما قضايا الطلاق. وأوضح أن المركز يمثل نموذجًا فريدًا للتكامل بين الإرشاد النفسي والوعي الشرعي، ويساهم في توعية الشباب المُقبلين على الزواج بمبادئ الاستقرار الأسري.
وأكَّد المفتي أنَّ دار الإفتاء المصرية تُولِي اهتمامًا كبيرًا ببرامج التدريب، مشيرًا إلى أنَّ برامج تدريب المفتين التي تقدِّمها الدار تركِّز على الجوانب الشرعية والإنسانية والاجتماعية، مضيفًا أن الدار تسعى إلى تطوير مناهج التدريب، بهدف تأهيل المفتين بشكل أكثر كفاءة وفاعلية.
وخلال حديثه عن خدمات الدار، أشار إلى إدارة فتاوى المحاكم، التي تُقدِّم ردودًا شرعية متخصصة بناءً على المستندات والعناصر المقدمة من المحاكم والمؤسسات الرسمية.
وأكد أن هذه الإدارة تُعد نموذجًا للتكامل بين الفقه والقانون في حل القضايا الشرعية.
وأوضح أن الدار تضمُّ إدارةَ فضِّ المنازعات، التي تختصُّ بالحلِّ في القضايا الاجتماعية والمالية، مثل تقسيم التركات وقضايا الديات والإصابات. وتهدُف هذه الإدارة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وتقريب وجهات النظر بين المتنازعين.
كما تناول دَور وَحدة حوار التابعة لدار الإفتاء، التي تُقدِّم استشاراتٍ وتحليلاتٍ معمَّقةً لمعالجة القضايا الفكرية والدينية المعاصرة، مستندةً إلى منهجيات علمية وحوارية شاملة. وأكد أن الوحدة تسعى إلى تعزيز الحوار البنَّاء بين الأديان والثقافات؛ مما يُسهم في نشر قيم التعايش والسلام في المجتمعات.
وفي سياق متَّصل، أشار فضيلةُ المفتي إلى أهمية إدارة المؤشر العالمي للفتوى التابع للدار كأداة استراتيجية لتحليل الخطاب الإفتائي في مختلف دول العالم. وأوضح أن المؤشر يُسهم في ضبط الفتاوى وتصحيح مسارها، مما يمنع ظهور خطابات متشددة أو منحرفة تخالف روح الإسلام السمحة.
كما تحدَّث المفتي عن الدَّور المهمِّ الذي تضطلع به الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، مؤكدًا أنها تعدُّ مِنصَّةً عالمية تجمع المؤسسات والهيئات الإفتائية من أكثر من 108 دول، بهدف تعزيز التعاون وتبادل الخبرات ومناقشة القضايا الفكرية والإفتائية المعاصرة.
وأشار إلى أن الأمانة العامة تعمل على إيجاد حلول مبتكرة للتحديات الإفتائية العالمية، بما يضمن مواجهة الفكر المتطرف وتعزيز قيم التعايش والسلام، مؤكدًا أن الفتاوى يجب أن تكون وسيلة لبناء المجتمعات، لا لنشر الانقسام أو التشدد.
وتحدَّث عن مركز سلام لدراسات التطرف التابع لدار الإفتاء، موضحًا أنه يمثل مِنصَّةً متخصصة لمواجهة الفكر المتطرف وتعزيز قيم التسامح والاعتدال. وأشار إلى أن المركز يعتمد على دراسات معمقة وبرامج تدريبية تستهدف تعزيز الفهم الوسطي للإسلام وتقديم خطاب ديني يتصدَّى لظاهرة التطرف بطرق علمية مدروسة.
وفي سياق حديثه، ألقى الضوء على مركز الإمام الليث بن سعد لفتاوى التعايش، الذي تم إطلاقه مؤخرًا، موضحًا أنه يمثل مركزًا علميًّا فريدًا يهدُف إلى إحياء تراث الإمام الليث بن سعد وتعزيز الفقه الوسطي المصري. وأكد أن المركز يسعى إلى مكافحة خطاب الكراهية من خلال برامج تدريبية ودراسات متخصصة، وتشجيع البحث العلمي في مجال فقه التعايش والسلام.
من جانبه، أعرب الأستاذ الدكتور محمد المحرصاوي، رئيس أكاديمية الأزهر العالمية للتدريب، عن بالغ شكره وتقديره لفضيلة المفتي على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، مؤكدًا أن هذا اللقاء يعكس التعاون المثمر بين دار الإفتاء المصرية والأزهر الشريف.
وقال الدكتور المحرصاوي: "نحن في أكاديمية الأزهر نعتز بالعلاقة الوطيدة مع دار الإفتاء المصرية، التي تمثل نموذجًا عالميًّا في تقديم الخطاب الديني الوسطي والتصدي للتحديات الفكرية. هذا التعاون بين المؤسستين يسهم في إعداد أئمة ودعاة قادرين على حمل رسالة الإسلام السمحة في مختلف دول العالم."
وأضاف: "نشكر فضيلة المفتي على دعمه الدائم لجهود الأكاديمية، وحرصه على تقديم رؤًى علمية ومعرفية قيِّمة للمتدربين؛ مما يعزز من فهمهم العميق للمسائل الشرعية والواقع المعاصر."