الاضرار الصحية لتناول الأطعمة فائقة المعالجة
تاريخ النشر: 13th, October 2023 GMT
قبل عشرين عاما، لم يكن أحد قد سمع من قبل بمصطلح "الأطعمة فائقة المعالجة" - لكن حاليا، نصف الأطعمة التي يتناولها سكان المملكة المتحدة.
من الخبز البني المقطع إلى شرائح، إلى الوجبات الجاهزة إلى الأيس كريم، هذا النوع من الأطعمة ينطوي على مستويات مختلفة - ولكن غالبا عالية - من المعالجة الصناعية.
تقول البروفيسورة ماريون نِسل الخبيرة بسياسات الغذاء وأستاذة التغذية بجامعة نيويورك إن "الأطعمة فائقة المعالجة من بين أكثر الأطعمة التي يمكن أن تدر أرباحا على شركات الغذاء".
ومع ازدياد استهلاكنا للأطعمة فائقة المعالجة - فالمملكة المتحدة واحدة من أكثر الدول استهلاكا لها في أوروبا - ترتفع معدلات الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري.
البروفيسور تيم سبكتر أستاذ علم الأوبئة بجامعة كينغز كولدج لندن متخصص في دراسة اتجاهات الأمراض.
وقد أخبر البروفيسور سبكتر برنامج بانوراما الذي يبث على تلفزيون بي بي سي بأنه "خلال العقد الماضي، كان هناك دليل متنام على أن الأطعمة فائقة المعالجة مضرة لنا بطرق لم تكن تخطر على بالنا من قبل.
وجدت الدراسة التي أجريت على 200 ألف شخص في المملكة المتحدة أن الاستهلاك المتزايد للأطعمة فائقة المعالجة قد يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالسرطان بشكل عام، وبسرطاني المبيض والمخ بشكل خاص.
وابتداء من الشهر الماضي، شرعت منظمة الصحة العالمية في التحذير من استخدام المُحلّيات الاصطناعية على المدى الطويل، قائلة إنه قد يؤدي إلى مخاطر صحية.
يأتي ذلك في أعقاب عشرات الدراسات التي ربطت بين كثرة استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة وبين زيادة احتمال الإصابة بأمراض خطرة.
لكن إثبات أن مكونات بعينها تتسبب في أضرار صحية للبشر قد يكون أمرا صعبا - فهناك سلسلة من العوامل الأخرى في أنماط حياتنا التي يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بتلك الأمراض. على سبيل المثال، عدم ممارسة أنشطة رياضية والتدخين وتناول أطعمة تحتوي على كميات عالية من السكر.
تشرح الدكتورة ماتيلد توفيير التي ترأست الدراسة قائلة: "لدينا سجلات غذائية على مدار 24 ساعة، حيث يخبرنا [المشاركون في الدراسة] بكافة الأطعمة والمشروبات التي يتناولونها".
هذا البحث المتواصل نشر بالفعل بعض النتائج التي تظهر أن الأطعمة فائقة المعالجة قد تسهم في زيادة خطورة الإصابة بالسرطان.
المستحلِبات - الغاية المنشودة لصناعة الغذاء
ومؤخرا، ركزت الدراسة على تأثير مكون واحد بعينه هو المستحلِبات (Emulsifiers) التي تعمل على الحفاظ على تماسك كافة مكونات الأطعمة فائقة المعالجة مع بعضها بعضا.
وتعتبر المستحلبات هي الغاية المنشودة للقائمين على صناعة الأغذية، إذ إنها تحسن شكل وتركيبة الطعام وتساعد في إطالة مدة الصلاحية مقارنة بالأطعمة الأقل معالجة.
تدخل تلك المواد في الكثير من المنتجات الغذائية، من المايونيز إلى الشوكولاته إلى زبدة الفول السوداني إلى منتجات اللحوم. وعندما تتناول طعامك، فإنك على الأرجح تستهلك المستحلبات كجزء من نظامك الغذائي.
وقد اطلع برنامج بانوراما حصريا على النتائج الأولية لدراسة الدكتورة توفيير.
النتائج لم تتم مراجعتها وتقييمها بعد من قبل باحثين آخرين - أو ما يعرف بمراجعة الأقران أو النظراء والتي تعتبر خطوة حيوية بالنسبة للدراسات العلمية - لكن الدكتورة توفيير تقول إنها لا تزال مثيرة للقلق.
وتضيف: "لاحظنا صلات لا يستهان بها بين كمية المستحلبات التي يتم تناولها وبين زيادة خطورة الإصابة بالسرطان بشكل عام - ولا سيما سرطان الثدي - وأيضا الأمراض القلبية الوعائية".
يعني ذلك أنه تم رصد نمط يربط بين تناول الأطعمة فائقة المعالجة وبين خطر الإصابة بتلك الأمراض، لكن هناك حاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث.
ورغم تزايد الأدلة، فإن وكالة المعايير الغذائية بالمملكة المتحدة - التي تضع اللوائح والقواعد المنظمة لصناعة الغذاء في إنجلترا وويلز وأيرلندا الشمالية - لم تصدر بعد أمرا بتقليل استخدام المستحلبات.
أكثر من نصف أعضاء اللجنة على صلات حديثة بصناعة الأغذية أو صناعة المواد الكيميائية. وخلال الأعوام العشرة الماضية، لم تؤيد اللجنة فرض أي قيود على استخدام المضافات الغذائية في طعامنا.
وقد أخبر البروفيسور بوبيس بانوراما بأنه لا يقدم استشارات مصممة بغرض أن تصب في مصلحة صناعة الغذاء، وأنه دائما ما "يلتزم بإجراء وتحديد أفضل الأبحاث العلمية..بقطع النظر عن الجهة الممولة لها".
أما وكالة المعايير الغذائية فقالت إن لديها "مدونة واضحة لقواعد السلوك..فيما يتعلق بإعلان المصالح"، وإنه "ليس هناك دليل" على وجود تحيزات أثرت على قراراتها.
وقال المعهد: "نعمل داخل إطار من أرفع معايير النزاهة العلمية".
واطلعت لجنة دراسة درجة السمّية على دراسة أجريت على إسبارتام في عام 2013، وخلصت إلى أن النتائج "لا تشير إلى الحاجة إلى اتخاذ أي إجراء لحماية الصحة العامة".
بعد ذلك بستة أعوام، قرر البروفيسور إريك ميلستون الأستاذ الفخري المختص بسياسات العلم بجامعة ساسيكس مراجعة نفس الدليل الذي قامت الوكالة الأوروبية بدراسته لمعرفة الجهات التي مولت الدراسات المختلفة.
اكتشف البروفيسور ميلستون أن 90 في المئة من الدراسات التي دافعت عن تلك المادة مولتها مؤسسات كيميائية ضخمة تُصنّع إسبارتام وتبيعه.
ووجد أن كافة الدراسات التي أشارت إلى أن اسبارتام ربما يتسبب في ضرر صحي مولتها مصادر غير تجارية مستقلة.
وقال متحدث باسم الاتحاد الفيدرالي لمصنعي الأغذية والمشروبات لـ بي بي سي إن الشركات "تأخذ صحة المستهلكين وسلامة الأغذية التي تنتجها على محمل الجد، وتلتزم بالقواعد الصارمة" في هذا الشأن.
وتقول وكالة المعايير الغذائية إنها سوف تنظر في تقييم منظمة الصحة العالمية المتواصل لإسبارتام.
وتقول الحكومة البريطانية إنها على دراية بالمخاوف المتنامية من الأطعمة فائقة المعالجة، وإنها أمرت بإجراء مراجعة للأدلة التي تشير إلى احتمال تسببها في أضرار صحية.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
الملح الخفي.. كيف نتناول الصوديوم دون أن نشعر؟
يربط كثيرون بين "الملح" والمذاق المالح فقط، وقد تظن أنك تحافظ على صحتك عبر تجنّب المخللات أو الأسماك المالحة أو الأجبان مرتفعة الملوحة، وربما تمتنع حتى عن رشة الملح الإضافية لضبط النكهة. ولكن المفاجأة أنك، رغم ذلك، لا تتجنّب الملح بالكامل، لأنك تحصل عليه من مصادر أخرى عديدة لا يكون مذاقها مالحا، مما يجعلك لا تدرك أساسا أنها غنية بالملح أو الصوديوم.
ما يجب معرفته عن الصوديومغالبا ما تُستخدم كلمتا "ملح الطعام" و"الصوديوم" بالتبادل، لكنهما ليسا الشيء نفسه. فملح الطعام أو "كلوريد الصوديوم" مركب بلوري شائع في الطبيعة، يتكون من 40% صوديوم و60% كلوريد، وهو ما نضيفه للطعام لتحسين النكهة أو حفظ الأطعمة. أما الصوديوم فهو معدن، وعنصر كيميائي موجود داخل الملح، ويحتاجه الجسم بكميات ضئيلة جدا.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تحذير جديد للنساء.. خطر خفي في الأطعمة السريعة والمعلبةlist 2 of 2هل أنت مهووس بتناول البروتين؟ علامات لا يجب تجاهلهاend of listوالصوديوم عنصر غذائي أساسي، ويحتاجه الجسم بكميات صغيرة، للحفاظ على توازن سوائل الجسم والحفاظ على عمل العضلات والأعصاب بسلاسة. ولكن، الإفراط في تناول الصوديوم قد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطِرة.
ولا يقتصر الصوديوم على "الملح الأبيض" فحسب، وهنا تكمن المشكلة، إذ يظن كثيرون ممن يسعون لضبط مستويات الصوديوم في أجسامهم أن كل ما عليهم فعله هو تقليل استهلاك ملح الطعام، وهو اعتقاد خاطئ. فالصوديوم كمكوّن غذائي يُستخدم في أغراض متعددة، منها معالجة اللحوم والخبز، وتعزيز النكهة، والعمل كمادة حافظة.
ووفق إدارة الغذاء والدواء الأميركية، يستهلك الأميركيون في المتوسط نحو 3400 مليغرام من الصوديوم يوميا، في حين توصي الإرشادات الغذائية البالغين بألا يتجاوز الاستهلاك 2300 مليغرام يوميا، أي ما يعادل ملعقة صغيرة من الملح. أما الأطفال دون 14 عاما، فتكون الكمية الموصى بها أقل.
أدركت الآن أن الحفاظ على صحتك من فائض الصوديوم لا يتحقق بمجرد تقليل استخدام ملح الطعام، بل يتطلب معرفة المصادر الخفية للصوديوم. فالمفارقة أن بعض الأطعمة التي لا يبدو مذاقها مالحا قد تحتوي على كميات مرتفعة منه، مما يجعل الاعتماد على الطعم وحده طريقة غير دقيقة لتقدير محتوى الصوديوم.
إعلانووفق مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة، يحصل الناس على نحو ثلث الصوديوم من الخبز والبيتزا والبيض والمعكرونة، إضافة إلى اللحوم والدواجن والمأكولات البحرية، والخضراوات النشوية وغير النشوية، ورقائق البطاطس والمقرمشات والوجبات الخفيفة المالحة، والحلويات، والتوابل، والمرق، واللحوم المصنعة والباردة. وحتى بعض الأدوية قد تحتوي على الصوديوم، ويرتفع الخطر مع كثرة تناول هذه المنتجات.
كما تدخل مركبات تحتوي على الصوديوم في مكونات شائعة للعديد من المنتجات، مثل: غلوتامات أحادية الصوديوم، وبيكربونات الصوديوم (صودا الخبز) ونتريت الصوديوم، وبنزوات الصوديوم. وتُستخدم هذه المركبات محسنات نكهة أو مواد حافظة ومضادة للبكتيريا والفطريات. ولذلك، يوجد الصوديوم في الأطعمة المعلبة والمصنعة، والمخبوزات حتى الحلوة منها، والصلصات، والجبن، واللحوم المعالجة، بل حتى في بعض المشروبات الغازية أو الفوّارة.
وتُظهر الأبحاث الأميركية أن نحو 14% من الصوديوم في الغذاء اليومي موجود طبيعيا في بعض الأطعمة مثل اللحوم والدواجن وبعض الخضراوات، في حين يأتي أكثر من 70% منه من الأطعمة المصنعة والمعلبة.
يميل الصوديوم إلى جذب الماء والاحتفاظ به داخل الجسم، مما يؤدي عند استهلاكه بكميات كبيرة إلى احتباس السوائل في مجرى الدم، وزيادة حجم الدم، وبالتالي رفع ضغط الدم.
وارتفاع ضغط الدم حالة يُضطر فيها القلب للعمل بجهد أكبر، وقد تتسبب قوة تدفق الدم المرتفعة في إلحاق الضرر بالشرايين وبأعضاء حيوية مثل القلب والكلى والدماغ والعينين. وعندما لا يُضبط ضغط الدم، تزداد مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية، وقصور القلب، والسكتة الدماغية، وأمراض الكلى، وصولا إلى فقدان البصر. ومع التقدم في العمر، يصبح الحد من الصوديوم أكثر أهمية، إذ يميل ضغط الدم إلى الارتفاع تدريجيا.
وفي دراسة واسعة لجامعة هارفارد نُشرت بمجلة "سيركوليشن" خلص الباحثون إلى أنه يمكن تجنّب 40 مليون حالة وفاة حول العالم خلال 25 عاما، إذا خفّض الناس متوسط استهلاكهم من الصوديوم بنسبة 30%.
يمكنك الحد من استهلاك الصوديوم بخطوات بسيطة، منها:
اقرأ ملصقات الطعام بعناية: تحقق من كمية الصوديوم في كل منتج تشتريه، وقارنها بالحد اليومي الموصى به. وانتبه إلى حجم الحصة وعدد الحصص التي تستهلكها، فالمعلومات الغذائية عادة تُحسب وفق حصة واحدة. واختر المنتجات التي تحمل عبارات "خالية من الملح" أو "بدون إضافة ملح" أو "قليلة الصوديوم".
الحدّ من الأطعمة الجاهزة والمصنعة: غالبا ما تكون غنية بالصوديوم سواء لتحسين النكهة أو لحفظها. والأفضل هو الإكثار من الفواكه والخضراوات الطازجة ضمن نظامك الغذائي.
أضف نكهة دون صوديوم: قلّل من الملح المستخدم أثناء الطهي أو على المائدة. وجرّب الأعشاب وخلطات التوابل الخالية من الصوديوم كبديل.
إعلاناختر البروتينات الطازجة: من الأفضل تناول اللحوم والدواجن والمأكولات البحرية الطازجة بدلا من المصنعة. وتحقق من الملصقات، فقد تُضاف إليها محاليل ملحية أو منكّهات عن طريق الحقن أو النقع، ويُذكر ذلك عادة على العبوة.
فضّل الخضراوات الطازجة: إذا استخدمت الخضراوات المجمدة، فاختر الأنواع غير المملّحة أو الخالية من الصلصات. كما يمكنك شطف الأطعمة المعلبة مثل الفاصوليا والتونة والخضراوات لإزالة جزء من الصوديوم.