شهدت السنوات التى أعقبت «67» حالة من التلاحم بين الشعب بكل طوائفه وأبنائه على الجبهة فى حرب الاستنزاف التى تُوِّجت بالمعجزة العسكرية المتمثلة فى انتصار أكتوبر 73، بعد أن توحَّد الجميع على هدف واحد انعكس على أداء القيادات السياسية والعسكرية، وأفرز بطولات عظيمة حققها الجندى المصرى، وبدوره كان لها أثر على جيش المثقفين الذى كان داعماً وبقوة للجبهة فى ذلك التوقيت.

«المؤرخ العسكري»: الفن خلق حالة من الاصطفاف الجماهيرى خلف المؤسسة العسكرية والقيادة السياسية

الكاتب والمؤرخ العسكرى محمد الشافعى، قال إن الأيام السابقة على انتصار أكتوبر 73 كانت وسيلة لتجييش الدولة بأكملها، بدأت يوم 30 يونيو 1967 بمعركة مُهمة هى معركة «رأس العش»، وفى 21 أكتوبر من العام نفسه كان تدمير المدمرة «إيلات»، وخلال حرب الاستنزاف التى استمرت 1041 يوماً تم تنفيذ 4400 عملية، بمعدل 4 عمليات يومياً، وبعض العمليات ما زالت تُدرَّس إلى الوقت الحالى فى الأكاديميات العسكرية الدولية، من بينها تدمير المدمرة إيلات ودخول ميناء إيلات خمس مرات، وضرب مدار الطور والإغارة على النقطة الحصينة فى لسان بورتوفيق.

وتابع: «الثقافة كانت حاضرة فى متابعة الأحداث، بداية من أغنية (عدى النهار) لعبدالرحمن الأبنودى وبليغ حمدى وعبدالحليم حافظ، ومن بعدها أغنية (فدائى) والمتبوعة بعد ذلك بعشرات الأغانى التى تمثل جزءاً أصيلاً من الثقافة إلى جانب القصص القصيرة والروايات والمقالات والقصائد الشعرية التى كان لها دور الحشد الثقافى والشعبى»، وأضاف أن من بين الفرق الفنية التى ظهرت خلال تلك الأيام فرقة «ولاد الأرض»، بقيادة الكابتن غزالى فى السويس، والذى ملأ مصر كلها بأغانى مقاومة ومن بينها «فات الكتير يا بلدنا»، وبعدها اصطحبهم عبدالحليم حافظ معه فى حفلات أضواء المدينة، وكذلك فرقة «السمسمية»، التى قدمت عشرات الأغانى الشعبية، وفرقة «شباب البحر» فى بورسعيد، وفرقة «الصامدين» فى الإسماعيلية، وجميعها قدمت أغانى عظيمة لدعم المقاتلين على الجبهة والمشاركة فى الحالة العامة التى كانت تعيشها مصر فى هذا التوقيت.

وأوضح أن الصورة التى كانت تعيشها مصر خلال تلك السنوات مهدت لانتصار أكتوبر من خلال عمليات على الجبهة من جهة وزخم ثقافى فى الشارع المصرى من جهة أخرى، حيث خلقت جيشاً من المثقفين مؤمنين بقضية بلدهم، داعمين للجيش المصرى بالقصائد والغناء والكتابة لمختلف التوجهات، بدءاً بطه حسين ليوسف إدريس لتوفيق الحكيم وصلاح عبدالصبور وغيرهم.

إلى جانب جهود الفنانين، ومن بينها مبادرة أم كلثوم، التى كان لها كاريزما خاصة وتربطها علاقة شديدة الرقى بالزعيم عبدالناصر، والتقته بعد 67 وطرحت عليه أفكارها عن دعم الجبهة، فقال لها «تصرفى كما ترين»، لأنه كان يثق فى عقليتها، وتمخض تفكيرها عن فكرة دعم المجهود الحربى، فكانت تقدم الحفلات داخل وخارج مصر وتخصص عائدها لصالح إعادة بناء القوات المسلحة، وكذلك تبرع عبدالحليم بأجر حفلاته فى أضواء المدينة، وبعض الملحنين والشعراء قدموا مثل هذه المبادرات لصالح البلد، لأنهم استشعروا الهمّ الوطنى، ليكتمل الحشد بما يمكن أن يوصف بـ«جيش المثقفين» إلى جانب قيادة مُؤمنة بقوة ودور القوة الناعمة.

وأشار إلى أن نكسة يونيو لم تكن هزيمة لمصر، لأن الهزيمة فى التعريف العلمى البحت هى «أن يستطيع عدوك شل حركتك وأن يفرض عليك إرادته»، وهو ما لم يحدث معنا فى 1967، بدليل أننا بدأنا حرب الاستنزاف فى غضون أيام بعدها (التى انتهت فى 8 يونيو)، أى أن الجيش المصرى قام من الكبوة إلى المقاومة فى اللاوقت، وهى معجزة لم تحدث ولن تحدث فى تاريخ البشرية، لافتاً إلى حدوث صدمة عقب 5 يونيو دفعت الرئيس عبدالناصر إلى إعلان تنحيه يوم 9 يونيو، وخرج الملايين للشوارع معلنين تمسكهم به ليس حباً فيه فقط، لكنها رسالة شعبية وثقافية مضمونها «67 حدثت فى وجودك، تعالى لتحمل مسئولياتك ونحن معك وفى ظهرك نحميك ونقويك لنمحو آثار هذا العدوان»، وكان الشعار الوحيد لمظاهرات الناس وقتها «هنحارب.. هنحارب».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: دور الفنانين المؤرخين التى کان

إقرأ أيضاً:

تظل المدرعات أم المعارك والصمود

أيام بطر المليشيا في شهورها الأولى وعربدتها ، وقدرتها على الهجوم على عدد من معسكرات الجيش في وقت واحد، أفرادها مشيتهم في الأرض اتغيرت وتشوف الواحد ماشي في حالة في الزهو والعنطزة ، وكم مرة بنكون قاعدين يجوا يقولوا ليك انتو منتظرين الجيش ؟
السُلاح الشايلنه ده سلاح الجيش

ومرات: منتظرين البرهان انتو ؟ ومحل ما مشيتو نحن جاينكم ..

كنت بتكلم مع واحد صاحبي قلت ليه الناس ديل ما ح تروح الحالة ده عندهم الا ياخدو كف جامد يصحيهم من الحالة ده
وكانت أول صفعة هزت غرورهم وذهبت بكثير من أوهامهم هي صفعة المدرعات ، فوالله وبالله وتالله ما رأيتهم مكسورين مطأطيء الرؤوس الا بعد هجومهم على المدرعات ، وما بردت قلوبنا الا لمن شفناهم ينقلوا في جثثهم طول الليل ودمهم يشرشر على الشوارع ..

تظل المدرعات أم المعارك والصمود ويظل ابطال المدرعات شعار والناس دثار

علاء الدين عثمان

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • كيف كانت ردة فعل نتنياهو وإسرائيل لحظة هجمات 7 أكتوبر؟.. أسرار أول دقيقة
  • غياب الروح الرياضية كارثة الألعاب القتالية.. حرب شوارع فى بطولات الجمهورية للملاكمة والمصارعة ببورسعيد والمنوفية
  • «جيل جديد».. «مواليد النازحين» تشهد العودة إلى غزة: الفرحة صارت فرحتين
  • قوات الدفاع الشعبى والعسكرى تواصل تنفيذ الأنشطة والفعاليات لدعم المجتمع المدنى 
  • قوات الدفاع الشعبى والعسكرى تواصل تنفيذ الأنشطة والفعاليات لدعم المجتمع المدني
  • قوات الدفاع الشعبي والعسكري تواصل تنفيذ الأنشطة والفعاليات لدعم المجتمع المدني
  • في آخر فعاليات معرض الكتاب.. مناقشة "رواد وقادة" لمحمد الشافعي
  • أسرار أم كلثوم.. لا يعرفها أحد!
  • تظل المدرعات أم المعارك والصمود
  • البريد فى عامه الـ160: نجاحات بارزة وطموحات تصطدم بالتحديات