عاشت مصر بطولات وأحداثاً وتفاصيل ثرية خلال حرب أكتوبر 1973، وهذه الفترة لا تنفصل بحال من الأحوال عن سنوات الاستعداد للعبور وسنوات حرب الاستنزاف التى أعقبت حرب 1967، وبخلاف الوثائق العسكرية سجّل البعض من جيل أكتوبر ممن شهدوا وقائع الحرب تجاربهم ومعايشاتهم على الجبهة وانعكاساتها على مشاعرهم وحياتهم من خلال أعمال أدبية، لتوثيق التجربة إنسانياً، وتقديمها لمن لم يحظَ بشرف المشاركة بحمل السلاح.

الكاتب حجاج أدول، أحد أبناء أكتوبر 73، قدّم العديد من الأعمال، من بينها رواية «بولاق الفرنساوى» التى شاركت فى معرض الكتاب العام الماضى، وقال إن «الرواية تتناول أحوال الجندى، سواء فى القتال أو الحياة المدنية، والتفاعل ما بين الجيش والشعب، وصدر لى حديثاً مجموعة قصصية بعنوان (بكّات الدم)، ومن بينها 6 قصص تتناول تجربة الحرب».

وأكمل «أدول»: «خرجت من القوات المسلحة فى 1974، بدأت الكتابة فى الثمانينات وعمرى 40 سنة، بعد 10 سنوات من خروجى من الجيش، وفى التسعينات كان عندى إصرار على تقديم مشروع روائى ضخم عن حروب مصر، بحيث يبدأ من حرب 1948 مروراً بثورة 1952، ومن بعدها حرب 1956، ثم 1967، ثم حرب الاستنزاف، وكانت خطتى أن تسير أحداث العمل تزامناً مع فترة تجنيدى، وصولاً إلى انتصار أكتوبر 1973».

وأضاف: «المشروع الروائى أتعبنى جداً، فهو مُكلف من حيث التحضير ويحتاج التنقل بين أماكن متنوعة، وحدث لى ما يشبه الصدمة ومزقت جميع الأوراق المكتوبة ووقعت فى أزمة نفسية، وأحسست بأننى لن أكتب الرواية مرة أخرى، لكن بعدها كتبت (بولاق الفرنساوى) وعدداً من القصص».

وتابع: «الأعمال الأدبية تتناول ذكرياتى والمعارك التى خضتها مكتوبة بصورة قصصية روائية، عبارة عن لقطات غير مرتبة، أو معركة معينة أتناولها فى قصة معينة، وأكتب ما هو عالق فى الذهن، ومعى فى الإسكندرية عدد من الزملاء المقاتلين يروُون لى ما شهدوه من أحداث خلال سنوات الحرب، وأقدّم التجربة فى صورة أدب أو توثيق فنى، وهو يختلف عن الدور التأريخى للحرب، والكتابة الأدبية ضرورة، فهى إلى جانب الوثائق التاريخية تقدم الصورة كاملة عما جرى فى تلك السنوات».

وقال: «قبل التجنيد كنت أعمل فى مشروع السد العالى لمدة 5 سنوات، وعند وقوع أحداث 1967 تم تجنيدى فى يوليو من العام نفسه، وأنا فى عمر 23 سنة، ومنذ تنحى عبدالناصر نكاد نكون دخلنا فى حرب، أى إننى بدأت تجنيدى مع مرحلة إعادة بناء القوات المسلحة، وهى فترة كانت متعبة جداً وصعبة جداً على مصر، من أجل الانتقال من مرحلة جيش منهزم إلى جيش منتصر، وكان من الضرورى إجراء تدريبات قاسية جداً للجنود، وكان الشعار أن (العرَق فى التدريب يوفر الدم فى المعارك). وصلت تدريباتنا إلى حد بالغ القسوة فى حرب الاستنزاف والعبور، إلى أن أصبحنا قوات على مستوى عالٍ من المهارة والحنكة والتجارب».

«الخميسي»: نتمنى ظهور أعمال مثل رواية «الحرب والسلام».. والكتابة عن هذه التجربة تحتاج مجهوداً ضخماً حتى يخرج العمل لائقاً

ويرى الناقد أحمد الخميسى أن ما كُتب من أعمال إبداعية قليل جداً مقارنة بثراء التجربة، وربما يعود ذلك إلى قصَر فترة حرب أكتوبر، وهى حرب نظامية خاضها الجيش لا الشعب، بخلاف العدوان الثلاثى الذى شارك فيه الشعب وتمكن من تسجيل بطولات متنوعة.

وتابع: «ما كُتب عن الحروب الكبرى عالمياً كانت أعمالاً ضخمة، مثلاً نجد أن تولستوى كتب رواية عالمية متميزة بعنوان (الحرب والسلام) عن حرب نابليون ضد روسيا، نتمنى أن نرى أعمالاً بهذا العمق عن تجربة حرب أكتوبر، مشيراً إلى أن الكتابة عن هذه التجربة تحتاج مجهوداً بحثياً ضخماً كشرط ليخرج العمل لائقاً بالحدث.

رواية «العمر لحظة» من أعمال يوسف السباعى المميزة، وتتناول أحداث معركة شدوان التى جرت مع القوات الإسرائيلية بعد حرب الاستنزاف، ما بين عامى 1969 و1970، وسجلت الرواية جانباً من بطولات الجندى المصرى فى معارك العبور وحرب المدفعية وعمليات القناصة وتوغل الكوماندوز إلى أعماق العدو.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الك تاب المؤرخون القوة الناعمة حرب الاستنزاف

إقرأ أيضاً:

من يوقف حرب الاستنزاف الإسرائيلية ضد حزب الله؟

كتب معروف الداعوق في" اللواء": لا يكاد يمر يوم منذ انتهاء اتفاق وقف اطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله في الثامن عشر من الشهر الماضي، حتى تقدم الطائرات الحربية والمسيرة الإسرائيلية على تنفيذ عمليات اغتيال كوادر ومسؤولين بالحزب، او تقصف مواقع ومستودعات اسلحة في أكثر من منطقة لبنانية تعود له، كما تتذرع بذلك إسرائيل، من دون أن يتمكن أحد من وقف هذه الاستهدافات، التي اصبحت بمثابة حرب استنزاف إسرائيلية منظمة متواصلة، ضد الحزب، وباتت تستلزم البحث عن طريقة ما، لمواجهة هذه الحرب ووضع حد له.

ليس في الافق، ما يؤشر إلى امكانية وقف حرب الاستنزاف الإسرائيلية هذه ضد حزب الله، لان الحزب يبدو أنه غير قادر للرد على عمليات الاغتيال والغارات التي يتعرض لها، او أنه لا يرغب القيام بالرد لاعتبارات تتعلق بوضعية الحزب عموما، بعد حرب المشاغلة. بينما يتولى كبار المسؤولين في الدولة، انتهاج الخيار الديبلوماسي، مع الدول المؤثرة، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية. 

 ولكن بالرغم من كل الجهود والاتصالات التي تبذلها الدولة اللبنانية حتى الان، مع المجتمع الدولي، لم تسفر عن وقف هذه الاستهدافات الإسرائيلية، بحجة ان الحزب مايزال يقوم بنشاطات عسكرية وبناء قوته العسكرية، وتسليح مواقعه، ولم يلتزم بتنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار والقرار الدولي رقم ١٧٠١، الذي وافق عليه، ما يوجب على إسرائيل الرد على خروقات الحزب وضربها بلا تردد.

إزاء هذا الواقع المتردي، واستمرار الغارات الجويّة الإسرائيلية ضد مواقع الحزب وعناصره في لبنان، يبقى الخيار الوحيد المتاح هو تجاوب حزب الله مع متطلبات تنفيذ اتفاق وقف اطلاق والقرار الدولي رقم ١٧٠١، وتسليم مواقعه وسلاحه غير الشرعي، الى الدولة اللبنانية بلا تردد، ودون إعطاء تفسيرات غُبْ الطلب لاتفاق وقف النار، بأنه لا يسري تنفيذه شمال الليطاني، خلافا للواقع،وهو خيار يُسقط جميع حجج وادعاءات إسرائيل أمام المجتمع الدولي، لتبرير حربها على الحزب، ولانه لا يبدو ان هناك خيارا آخر، متاح لوقف حرب الاستنزاف الإسرائيلية ضد حزب الله حتى الان.    
 

مقالات مشابهة

  • من يوقف حرب الاستنزاف الإسرائيلية ضد حزب الله؟
  • صورة العربي في سرديات أميركا اللاتينية
  • التحقيقات الإسرائيلية تكشف.. كيف خدعت حماس الجيش والشاباك في 7 أكتوبر؟
  • التحقيقات الإسرائيلية بفشل 7 أكتوبر.. كيف خدعت حماس الجيش والشاباك؟
  • رعب الجبهة اليمنية يتواصل .. “الكيان” ينهار بين مخرجات “الهدنة” والتزاماتها وفاتورة تفجيرها
  • تحليل لهآرتس عن تحقيقات 7 أكتوبر: حماس تفوقت على الجيش الإسرائيلي
  • بالتفصيل.. الجيش الإسرائيلي يكشف خبايا معركة 7 أكتوبر
  • تحقيقات إسرائيلية تكشف عن إخفاقات كبرى داخل الجيش تتجاوز أحداث 7 أكتوبر
  • نتنياهو يرفض تشكيل لجنة تحقيق رسمية مستقلة بشأن أحداث 7 أكتوبر
  • نتنياهو يرفض تشكيل لجنة تحقيق بشأن أحداث 7 أكتوبر ويتوعد حماس