«بن زير» يُطالب دول العالم والمنظمات الدولية بالابتعاد عن ازدواجية المعايير
تاريخ النشر: 13th, October 2023 GMT
دعا أستاذ القانون والأمين العام المفوض للمركز العربي الأوروبي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الذي يتخذ من أوسلو النرويجية مقرا له الدكتور رمضان زير، كافة المنظمات الدولية إلى العمل على وقف الإبادة الجماعية للشيوخ والأطفال والنساء في قطاع غزة.
جاء ذلك في تعليق له على ما يتعرض له أبناء الشعب الفلسطيني في غزة من إبادة جماعية من قبل الجيش الإسرائيلي والدروس المستفادة من عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية.
وقال د. بن زير: “لقد تابعنا وتابع العالم ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادة جماعية ممنهجة وبدعم مباشر من قبل بعض الدول الكبرى التي تزعم بأنها حامية للديمقراطية وحقوق الإنسان وهذا يجسد حقيقية خطيرة للأسف وهي (ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين)”.
وأشار أستاذ القانون الدولي إلى أن هذه الازدواجية بالانحياز لطرف أمر مخالف لمبادئ العلاقات الدولية في كافة مجالاته الاقتصادية والاجتماعية خاصة الإنسانية منها لأنه يعمل على تحقيق التعاون الدولي في كافة المسائل الدولية والعمل على تعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية دون تميز بسبب الدين أو العرق أو اللون.
وأضاف د. بن زير أن ازدواجية المعايير من قبل الدول الكبرى تضع علامات استفهام كبيرة حول مدى أهمية القانون الدولي الإنساني الذي يطبق في الحروب والقانون الدولي لحقوق الإنسان الذي يسري في أوقات السلم والحرب وكلاهما مجموعتان متميزتان من القواعد القانونية وكلاهما متكاملين ومترابطين بهدف حماية الأفراد وكرامتهم في السلم والحرب.
وفيما يتعلق بعملية طوفان الأقصى، نوه الدكتور رمضان بن زير بأن الدروس المستفادة منها تتمثل في:
الأمر الذي يقبل أي شك هو ضعف العرب وخذلانهم لأبناء الشعب الشعب الفلسطيني والمسجد الأقصى الذي يدنس يوما من قبل المتطرفين الصهاينة. بينت بشكل واضح هشاشة القوة العسكرية والأمنية الإسرائيلية ومقولة هو الجيش الذي لا يقهر في منطقة الشرق الأوسط حيث أصبحت أكذوبة عندما تتوفر إرادة القتال والتحرير والإيمان بالهدف الذي تقاتل من أجله. بينت النفاق السياسي وازدواجية المعايير الذي تتعامل به الدول الكبرى.وأردف د. بن زير: “أعتقد جازما أن عملية طوفان الأقصى الهدف منها هو لفت انتباه العالم الذي لم يُعير اهتماما لعمليات القتل الممنهجة والاستمرار في بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 67 في مخالفة واضحة لقرارات الأمم المتحدة”.
واستطرد: “لقد حان الوقت اليوم وقبل غدا لحل القضية الفلسطينية بإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف العاصمة الأبدية للشعب الفلسطيني”.
كما دعا الدكتور رمضان بن زير، كافة دول العالم إلى الوقوف مع الحق والقيم والمبادئ الإنسانية، ودعا أيضاً كافة المنظمات الدولية خاصة منظمة العفو الدولية ومنظمة الرقيب لحقوق الإنسان إلى الضغط على الدول لإيقاف الإبادة الجماعية الممنهجة ضد أبناء غزة الذين يعيشون بدون ماء وغذاء وكهرباء ويتغطون بسماء القنابل التي تسقطها الطائرات الصهيونية”.
واختتم بالقول: “كفى دمار وقتل ولنعمل جميعا على حل لدولتين.. لنعمل جميعا دول ومنظمات على ترسيخ قيم ومبادئ القانون الدولي الإنساني والابتعاد عن ازدواجية المعايير في تطبيق كافة القوانين التي تُعزز وتحمي حقوق وحريات الإنسان في كل بقاع العالم.. واختم وللأسف أن هناك فرق بين العرض والجوهر والنظر والتطبيق وأن مقولة الحق مع القوة أصبحت هي المطبقة على أرض الواقع”.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: ازدواجیة المعاییر القانون الدولی من قبل بن زیر
إقرأ أيضاً:
الثورة الرأسمالية التي تحتاجها إفريقيا
في السنوات القادمة ستصبح إفريقيا أكثر أهمية مقارنة بأي وقت آخر في العصر الحديث، فخلال العقد المقبل من المتوقع أن ترتفع حصتها من سكان العالم إلى 21% من 13% في عام 2000 و9% في عام 1950 و11% في عام 1800، ومع تزايد شيخوخة سكان باقي العالم ستتحول إفريقيا إلى مصدر بالغ الأهمية للعمل، فأكثر من نصف الشباب الذين يلتحقون بالقوة العاملة العالمية في عام 2030 سيكونون أفارقة.
هذه فرصة عظيمة لأفقر القارات، لكن لكي تنتهزها بلدان القارة (54 بلدا) سيلزمها أن تفعل شيئًا استثنائيًا وهو التخلص من ماضيها ومن أرثوذكسية الدولة الكئيبة التي تُمسِك بخناق أجزاء كبيرة من العالم (تقصد الإيكونومست بأرثوذكسية الدولة الاعتقاد التقليدي بمركزية الدولة وهيمنتها على الاقتصاد والمجتمع والسياسة وجعل هذه الهيمنة أساسا للحكم وتنظيم الحياة - المترجم). سيلزم قادة إفريقيا تبني الأنشطة الإنتاجية الخاصة والنموَّ وحرية الأسواق. إنهم بحاجة إلى إطلاق ثورة رأسمالية.
إذا تابعتَ التطورات في إفريقيا من بعيد ستكون مدركًا لبعض متاعبها كالحرب المدمرة في السودان وبعض جوانبها المضيئة كالهوس العالمي بموسيقى «آفروبيتس» الإفريقية التي ارتفع معدل بثها عبر منصة «سبوتفاي» بنسبة 34% في عام 2024، وما يصعب استيعابه واقعُها الاقتصادي الصادم الذي وثقته الإيكونومست في تقرير خاص نشرته هذا الشهر وأسمته « فجوة إفريقيا»
التحولات التقنية والسياسية التي شهدتها أمريكا وأوروبا وآسيا في العقد الماضي لم تؤثر إلى حد بعيد على إفريقيا التي تخلفت كثيرا وراء الركب. فدخل الفرد في إفريقيا مقارنة بالدخل في باقي العالم هبط من الثلث في عام 2000 إلى الربع. وربما لن يكون نصيب الفرد من الإنتاج عام 2026 أعلى عن مستواه في عام 2015. إلى ذلك أداء عملاقين إفريقيين هما نيجيريا وجنوب إفريقيا بالغ السوء. بلدان قليلة فقط مثل ساحل العاج ورواندا تجنبت ذلك.
خلف هذه الأرقام يوجد سجل بائس لركود الإنتاجية. فالبلدان الإفريقية تشهد تحولا كبيرا بدون تنمية. فهي تمر عبر اضطرابات اجتماعية مع انتقال الناس من المزارع إلى المدن دون أن يترافق ذلك مع ثورات زراعية أو صناعية، وقطاع الخدمات، الذي يجد فيه المزيد من الأفارقة فرص عمل، أقل إنتاجا مقارنة بأي منطقة أخرى. وهو بالكاد أكثر إنتاجا في الوقت الحالي من عام 2010.
البنية التحتية الضعيفة لا تساعد على ذلك، وعلى الرغم من كل الحديث عن استخدام التقنية الرقمية والطاقة النظيفة لتحقيق قفزة إلى الأمام تفتقر إفريقيا إلى مستلزمات القرن العشرين الضرورية للازدهار في القرن الحادي والعشرين. فكثافة طُرُقِها ربما تراجعت، وأقل من 4% من الأراضي الزراعية مَرويَّة ويفتقر نصف الأفارقة تقريبا جنوب الصحراء إلى الكهرباء.
للمشكلة أيضا بُعدٌ آخر لا يحصل على تقديرٍ كافٍ. فإفريقيا «صحراء» من حيث توافر الشركات. في السنوات العشرين الماضية أنتجت البرازيل شركات تقنية مالية عملاقة وإندونيسيا نجوما تجارية وتحولت الهند إلى الحاضنة الأكثر حيوية لنمو الشركات في العالم. لكن ليست إفريقيا. فهي لديها أقل عدد من الشركات التي تصل إيراداتها على الأقل إلى بليون دولار مقارنة بأي منطقة أخرى في العالم، ومنذ عام 2015 يبدو أن هذا العدد قد تقلص، المشكلة ليست في المخاطر ولكن في الأسواق المبعثرة والمعقدة التي أوجدتها كل هذه الحدود السياسية الكثيرة في القارة، فبورصات إفريقيا المُبَلْقَنة (المجزَّأة) ليست جاذبة للمستثمرين.
وتشكل إفريقيا 3% من الناتج المحلي الإجمالي للعالم لكنها تجتذب أقل من 1% من رأسماله الخاص.
ما الذي يجب أن يفعله قادة إفريقيا؟ يمكن أن تكون نقطة البداية التخلي عن عقود من الأفكار الرديئة. تشمل هذه الأفكار تقليد أسوأ ما في رأسمالية الدولة الصينية التي تتضح نقائصها والركون إلى الإحساس بعدم جدوى الصناعة التحويلية في عصر الأتمتة ونسخ ولصق مقترحات تكنوقراط (خبراء) البنك الدولي.
النصائح الجادة التي يقدمها البليونيرات الأمريكيون عن السياسات الكلية من استخدامٍ للناموسيات (للوقاية من الملاريا) وإلى تصميم ألواح الخلايا الكهروضوئية مقبولة. لكنها ليست بديلًا لإيجاد ظروف تسمح للشركات الإفريقية بالازدهار والتوسع.
إلى ذلك، هنالك نمط خطير من التفكير التنموي الذي يوحي بأن النمو لا يمكنه التخفيف من الفقر أو أنه ليس مهما على الإطلاق طالما هناك جهود للحد من المرض وتغذية الأطفال والتلطيف من قسوة الطقس. في الحقيقة في كل الظروف تقريبًا النمو الأسرع هو السبيل الأفضل لخفض الفقر وضمان توفر موارد كافية للتعامل مع التغير المناخي.
لذلك يجب أن يتخذ القادة الأفارقة موقفا جادا تجاه التنمية. عليهم استلهام روح الثقة بالذات في التحديث والتي شوهدت في شرق آسيا في القرن العشرين وحاليا في الهند وأماكن أخرى.
هنالك بلدان إفريقية قليلة مثل بوتشوانا وإثيوبيا وموريتشوس التزمت في أوقات مختلفة بما أسماها الباحث ستيفان ديركون «صفقات التنمية». إنها اتفاق ضمني بين النخبة بأن السياسة تتعلق بزيادة حجم الاقتصاد وليس فقط النزاع حول اقتسام ما هو موجود. المطلوب المزيد من مثل هذه الصفقات النخبوية.
في الوقت ذاته على الحكومات بناء إجماع سياسي يحبذ النمو. والأمر الجيد وجود أصحاب مصلحة أقوياء حريصين على الدينامية الاقتصادية. فهناك جيل جديد من الأفارقة الذين ولدوا بعد عدة عقود من الاستقلال. إنهم أكثر اهتماما بمستقبلهم المهني من عهد الاستعمار.
تقليص «فجوة إفريقيا» يدعو إلى تبني مواقف اجتماعية جديدة تجاه النشاط الاقتصادي الخاص وريادة الأعمال مماثلة لتلك التي أطلقت النمو في الصين والهند. فبدلا من تقديس الوظائف الحكومية أو الشركات الصغيرة يمكن للأفارقة إنجاز الكثير مع المليارديرات الذين يركبون المخاطر باتخاذ قرارات استثمارية جريئة.
وتحتاج البلدان الإفريقية كل منها على حِدة إلى الكثير من البنى الأساسية من الموانئ والى الكهرباء وأيضًا المزيد من التنافس الحر والمدارس الراقية.
هناك مهمة أخرى ضرورية وهي التكامل بين الأسواق الإفريقية حتى تستطيع الشركات تحقيق أكبر قدر من اقتصاد الحجم الكبير واكتساب الحجم الذي يكفي لاجتذاب المستثمرين العالميين. هذا يعني المضي في تنفيذ خطط إيجاد مناطق لا تحتاج إلى تأشيرة سفر وتحقيق التكامل بين أسواق رأس المال وربط شبكات البيانات وأخيرا تحقيق حلم المنطقة التجارية الحرة لعموم إفريقيا.
عواقب استمرار الوضع في إفريقيا على ما هو عليه ستكون وخيمة.
فإذا اتسعت فجوة إفريقيا سيشكل الأفارقة كل فقراء العالم «المُعْدَمين» تقريبا بما في ذلك أولئك الأكثر عرضة لآثار التغير المناخي. وتلك ستكون كارثة أخلاقية. كما ستهدد أيضا عبر تدفقات الهجرة والتقلب السياسي استقرارَ باقي العالم.
لكن ليس هنالك سبب لتصوير الأمر وكأنه كارثة والتخلي عن الأمل. فإذا كان في مقدور القارات الأخرى الازدهار سيكون ذلك ممكنًا أيضًا لإفريقيا. لقد حان الوقت لكي يكتشف قادتها الإحساس بالطموح والتفاؤل. إفريقيا لا تحتاج إلى إنقاذ. إنها أقل احتياجًا إلى النزعة الأبويَّة والرضا بالواقع والفساد وبحاجة إلى المزيد من الرأسمالية.