عصر جديد في العراق.. تقرير أوروبي يرصد آمال القطاع الخاص الناشئ: ثورة في ريادة الأعمال
تاريخ النشر: 13th, October 2023 GMT
شفق نيوز/ سلّط موقع "ايكوال تايمز" الأوروبي الذي يتخذ من بروكسل مقرا له، الضوء على ما اسماه العصر الجديد من الفرص في العراق حيث يجري تحفيز ثورة في مجال ريادة الأعمال، على الرغم من وجود تحديات عدة.
وذكر الموقع الأوروبي في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز؛ ان رياح التفاؤل تهب من قلب مدينة بغداد الصاخبة، على القطاع الخاص في العراق، وخصوصا في حي الكرادة حيث تفتح مع نسائم الصباح ابواب "المحطة" لكي تستقبل حوالي 30 طالبا شابا ورائد أعمال، من المتحمسين من أجل على أحياء أفكارهم ودفع شركاتهم الناشئة نحو آفاق جديدة.
واعتبر التقرير؛ أن "المحطة" هي أكثر من مجرد مساحة عمل مشتركة، اذ انها ايضا المحفز لثورة ريادة الأعمال في العراق، والتي تأسست في العام 2018 من جانب مجموعة من المستثمرين المحليين، وتوفر التدريب على الطباعة ثلاثية الأبعاد وبناء الطائرات المسيرة والتدريب المهني على الروبوتات، فضلا عن كونها مكانا لاستضافة جميع أنواع المهرجانات والمؤتمرات بما يشجع مناخ التحفيز الإبداع والابتكار وتبادل المعرفة.
ونقل التقرير عن رئيسة قسم الاتصال والعلاقات العامة في "المحطة" غادة أحمد
قولها إنه "منذ الثمانينيات، تم تصميم نظام التعليم العراقي لخدمة القطاع العام بالدرجة الاولى، وذلك التزاما بالايديولوجية الاشتراكية لحزب البعث، إلا أنه برغم سقوط صدام حسين، الا ان هذا النظام فشل في التكيف مع الاحتياجات الحالية للبلاد".
ولفت التقرير إلى أن الدستور العراقي في مادته الـ34، ينص على أن التعليم في مجاني، مضيفا أن سلسلة من القوانين التي تم تطبيقها منذ أواخر الستينيات، أدت إلى الحد من تطور التعليم الخاص ومنحت الحكومة السيطرة الكاملة على تعليم المواطنين. وبرغم أن التقرير قال ان هذه السياسة أدت الى خفض معدل الأمية في العراق بشكل كبير، من 50 % في أواخر الخمسينيات إلى 16 % في أوائل العقد الأول من القرن ال21، الا ان عددا كبيرا من الناس وجدوا أنفسهم يعتمدون على مؤسسات الدولة العامة للحصول على الوظائف.
واشار التقرير الى ان نظام العمل في القطاع العام، يحمل مزايا، تدعمه الإيرادات النفطية التي بلغت 43 % من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2021، وهي كثيرة ومتنوعة، مثل نظام رواتب التقاعد وعدد معين من أيام الاجازة المدفوعة الاجر، ما يجعل القطاع العام قادرا ان يخلق منافسة غير متكافئة مع القطاع الخاص الذي ليس بإمكانه دائما تقديم مثل هذه المزايا، وبالتالي فهو أقل جاذبية لبعض العمال.
وبحسب التقرير، فإن مسحاً للقوى العاملة لعام 2021 اجرته منظمة العمل الدولية، يظهر أن ما لا يقل عن 38 % من العراقيين يعملون في القطاع العام، وهو أحد اعلى المعدلات في المنطقة والعالم.
التحدي الكبير
وبالاضافة الى ذلك، ذكر التقرير أن القطاع الخاص في العراق عانى بشكل كبير من سنوات الصراعات المسلحة منذ سقوط صدام في العام 2003، والتي تبعتها الحرب الاهلية والحرب ضد داعش، ولهذا فان مشهد ريادة الاعمال في العراق الان مؤلف من فسيفساء من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم التي تساهم، بدرجة اكبر او اقل، في المشهد الاقتصادي للبلد.
ونقل التقرير عن منسقة منظمة العمل الدولية في العراق مها قطاع قولها "إن هذه الأزمات المتعددة خلقت مناخا من عدم اليقين مما ادى الى ردع المستثمرين بقوة عن المخاطرة والمشاركة ماليا في الاقتصاد الوطني".
وإلى جانب ذلك، قال التقرير ان عملية تسجيل الأعمال التجارية في العراق غالبا ما تكون عملية مرهقة وبيروقراطية، مما يحبط عزيمة العديد من رواد الأعمال الذين يفضلون عندها العمل بشكل غير رسمي بدلا من الاضطرار للتعامل مع الاجراءات الادارية الصعبة. كما ان اغلاق الأعمال التجارية يعتبر أيضا عملية معقدة ومكلفة تمنع أصحاب الأعمال من إنهاء المشاريع غير المربحة.
وتابع التقرير؛ ان افتقار الحكومة الى الموارد، وخصوصا فيما يتعلق بمفتشي العمل، يحد من قدرتها على توسيع التغطية لتشمل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، وهو ما يعزز من احباط من الأفراد عن التسجيل والامتثال للمعايير القانونية.
وكنتيجة لذلك، يقول التقرير إن نحو 54.8 % من القوة العاملة في العراق، يعملون في القطاع غير الرسمي، وهو ما يجعل العديد من الاشخاص ممن يعملون بعقود محددة المدة، عرضة للاستغلال، ويتم حرمانهم في أحيان كثيرة من الحصول على الضمان الاجتماعي. واضاف التقرير انه بالاضافة الى تقييد قدرة الحكومة على جمع الإيرادات الضريبية، فإن القطاع الخاص غير الرسمي يحد أيضا من امكانية ازدهار الأعمال التجارية وتوسعها.
جعل القطاع الخاص أكثر جاذبية
وذكر التقرير ان الحكومة العراقية بدأت تدرك بشكل متزايد الحاجة إلى إصلاح هذا النظام، مشيرا إلى أنه في العام 2014، نشرت استراتيجية لتطوير القطاع الخاص حتى العام 2030، والتي لا تقدم وصفا للوضع الحالي للقطاع الخاص فحسب، بل تعمل أيضا كخريطة طريق لتنفيذ سياسات مختلفة، مضيفا أن الحكومة تعمل من اجل ضمان ان يمثل القطاع الخاص ما لا يقل عن 60 % من الناتج المحلي الإجمالي بين عامي 2023 و2030 ويمتص 4 % من البطالة.
وذكر التقرير بأن مجلس النواب أصدر في أيار/مايو 2023، قانونا بشأن الضمان الاجتماعي للعاملين في القطاع الخاص، مما أدى الى توسيع التغطية القانونية لنظام الضمان الاجتماعي بشكل كبير ليشمل أنواعا مختلفة من العمال غير الرسميين والعاملين لحسابهم الخاص، مشيرا الى ان هذا القانون يمنح الحقوق في إعانات الامومة والبطالة، إلى جانب التأمين الصحي، مما يمثل تقدما كبيرا لحقوق العمال في البلد.
ونقل التقرير عن رجل الأعمال لبيب الجيتا، هو رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة "النخلة" المتخصصة بصيانة أشجار النخيل، قوله "إن البيئة اليوم أكثر ملاءمة لإنشاء الشركات الناشئة حيث تشجع الحكومة المزيد من الشباب على إطلاق مشاريعهم وتسجيل أعمالهم أكثر من قبل".
وبحسب التقرير؛ فإن هذه الإصلاحات ضرورية ايضا لكي تساعد في مواجهة التحديات الديموغرافية الحالية للعراق، مضيفا أنه بالنظر إلى أن 40 % من السكان تقل أعمارهم عن 25 عاما، فقد أصبح من الصعب بشكل متزايد أن يتمكن القطاع العام من استيعاب جميع العمالة المتاحة.
أما البنك الدولي، فيقول إن ما لا يقل عن 34.5 % من السكان الشباب في سن العمل، عاطلون عن العمل، وهو ما يساهم في تأجيج السخط الاجتماعي، مذكرا في هذا الإطار بتظاهرات الاحتجاج في العام 2019 والتي هزت العراق، حيث كان الشباب في الطليعة يطالبون بتغيير النظام الذي يعتبرونه فاسدا، وتأمين المزيد من فرص العمل وتحسين الخدمات العامة.
ونقل التقرير عن مها قطاع قولها ان الاصلاحات يجب ان تكون شاملة حيث أن عددا كبيرا من الشابات لا يجدن فرص العمل، مضيفة أن "معدل مشاركة المرأة في سوق العمل لا يتجاوز 10.5 % ، وهو من ادنى المعدلات في المنطقة، إن لم يكن في القارة الآسيوية، وغالبيتهن في القطاع العام".
ولفتت الى ان التقديرات تشير الى وجود مئات الآلاف من النساء في القطاع الخاص، رغم أنه يوجد في العراق 13 مليون امرأة في سن العمل.
وفي اشارة الى "المحطة"، قال التقرير انه رغم التحديات هناك مستقبل اقتصادي واعد للقطاع الخاص حيث ان الشركات الناشئة هنا، تمثل مجموعة متنوعة من القطاعات، من التكنولوجيا والزراعة إلى التجارة والخدمات، وتشترك جميعها في شغف مشترك متمثل في المساهمة في تطوير القطاع الخاص من اجل مستقبل العراق الاقتصادي.
ونقل التقرير عن محمد البياتي (35 عاما) ، الذي أنشأ شركة "Zulitak" المتخصصة بصناعة السجاد اليدوي العالي الجودة، قوله "ارغب في احداث تغيير ايجابي في بلدي ومجتمعي واظهر لاحبائي انه بالامكان تحقيق النجاح من خلال الفكرة والموارد اللازمة".
واشار التقرير الى انه بعد عقود من الصراع وعدم الاستقرار، فان العراق يشهد حاليا هدوءا سياسياً وأمنياً نسبيا، مما يفتح آفاقاً جديدة للقطاع الخاص، الذي يمكن أن يتطور بشكل أكثر أماناً من أي وقت مضى، وهو ما ينعكس في الاهتمام المتزايد للمستثمرين الأجانب، حيث أعلنت قطر في حزيران/يونيو 2023، عن عزمها استثمار 5 مليارات دولار امريكي، بينما وقعت السعودية والإمارات اتفاقية في الشهر نفسه لتخصيص 6 مليارات دولار أمريكي لدعم المشاريع التجارية ومشاريع البنية التحتية في العراق.
لكن التقرير لفت الى تحديات لا تزال قائمة مثل الافتقار إلى البنية التحتية المرتبطة بلوجستيات النقل، واتصالات الإنترنت وامدادات الطاقة، وهو ما يمكن أن يعرقل نمو الشركات الناشئة. وقال البياتي "لهذا قمنا أيضا بافتتاح فرع في تركيا لمساعدتنا في العملية اللوجستية"، مضيفا انه "برغم هذه التحديات، ارى من حولي ان الشباب العراقي لديهم حافز كبير ولديهم الكثير من الإمكانات. وانا متاكد من انه اذا اعطانا المستثمرون الفرصة، فإن العراق سيكون مركزا اقليميا حقيقيا للقطاع الخاص".
ترجمة: وكالة شفق نيوز
المصدر: شفق نيوز
كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير مجلة فيلي عاشوراء شهر تموز مندلي العراق القطاع الخاص المحطة ريادة الاعمال للقطاع الخاص القطاع العام القطاع الخاص التقریر ان فی القطاع فی العراق فی العام الى ان وهو ما
إقرأ أيضاً:
الباروني: غياب قانون للقطاع الخاص يدفع الليبيين للجوء إلى الوظائف الحكومية
ليبيا – دعوات لتحفيز القطاع الخاص ومخاوف من قرارات توظيف غير مدروسة الباروني: ضعف القطاع الخاص عزز ثقافة التوظيف الحكوميقال عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة نالوت، إلياس الباروني، إن اعتماد ليبيا منذ الثمانينيات على القطاع العام مع إهمال القطاع الخاص أدى إلى زيادة أعداد الباحثين عن الوظائف الحكومية. وأوضح في تصريحات خاصة لموقع إرم نيوز أن غياب سياسات تشجع على ظهور مشاريع صغرى ومتوسطة كان سبباً رئيسياً في نشر ثقافة الاعتماد على التوظيف الحكومي، مما أضعف الميزانية العامة للدولة.
وأشار الباروني إلى أن غياب رؤية واضحة للنهوض بالقطاع الخاص والاستفادة من الأموال الموجودة في المصارف الليبية يُعزز تردد المواطنين في الانضمام لهذا القطاع. وأضاف أن غياب قانون للشغل في القطاع الخاص يجعل المواطنين يخشون الانخراط فيه، مفضلين القطاع العام لحماية حقوقهم من أي تعسف أو إهمال.
عمار: قرارات تعليق التوظيف غير مدروسة وتزيد الأعباءمن جانبه، وصف الخبير الاقتصادي الليبي فوزي عمار قرار تعليق التوظيف في القطاع العام بـ”الارتجالي وغير المدروس”. وقال في حديثه للموقع ذاته إن مثل هذه القرارات تأتي على الرغم من ارتفاع إنتاج النفط إلى 1.4 مليون برميل يومياً، مع أسعار جيدة للنفط. وأشار إلى أن غياب مشروع اقتصادي واضح ولجوء المواطنين إلى القطاع العام كمصدر دخل رئيسي يجعل قرار وقف التوظيف عبئاً إضافياً عليهم.
وأضاف عمار أن الحكومة الليبية فشلت في تنويع مصادر الدخل، مما أدى إلى اعتماد الدولة بالكامل على عائدات النفط، مشدداً على أن هذه العائدات تخص جميع الليبيين. ورأى أن تحميل المواطنين مسؤولية أزمات التوظيف هو إجراء غير عادل، داعياً الحكومة إلى إيجاد حلول واقعية.
تحذيرات من تضخم الكادر الإداري وغياب بنية تحتيةواختتم عمار حديثه بالقول إن تضخم الكادر الإداري في القطاع العام يمثل تحدياً كبيراً، في ظل غياب مصادر دعم القطاع الخاص. وأضاف أن الحكومة عليها مسؤولية بناء بنية تحتية وتحقيق تنوع اقتصادي لتخفيف العبء عن القطاع العام ودعم المواطن الليبي.