طوفان الأقصى في أميركا اللاتينية.. تضامن واسع وتنديد بالعدوان الإسرائيلي
تاريخ النشر: 13th, October 2023 GMT
ساو باولو- تتوالى مواقف الدول اللاتينية الداعمة والمتضامنة مع الشعب الفلسطيني وحقه بالدفاع المشروع عن نفسه بعد عملية "طوفان الأقصى" وما تلاها من هجوم إسرائيلي استهدف أهالي قطاع غزة.
فقد أصدرت حكومات كوبا وفنزويلا وكولومبيا ونيكاراغوا وبيليز بيانات تضامنية رسمية مع الشعب الفلسطيني عبرت فيها عن تفهمها الأسباب التي دفعت الشعب الفلسطيني لانتهاج المقاومة من أجل تحرير نفسه وأرضه.
بدورها، أصدرت وزارة الخارجية البوليفية بيانا غامضا عبرت فيه عن "قلقها العميق إزاء أحداث العنف التي وقعت في قطاع غزة بين إسرائيل وفلسطين"، وهو ما دفع الرئيس السابق إيفو موراليس لاستنكار البيان في صفحته على منصة "إكس".
وعلى المستوى الشعبي وبمبادرات من شخصيات ومنظمات انطلقت بعض المظاهرات والوقفات التضامنية في بعض المدن الكبرى في أميركا اللاتينية -كما هو الحال في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس والعاصمة الكولومبية بوغوتا والعاصمة البرازيلية برازيليا، بالإضافة إلى مدينتي ريودي جانيرو وساو باولو- عبر فيها المتظاهرون عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني.
مظاهرات أمام سفارة فلسطين في بوغوتا (تصوير: ماريا هوتون) استعادة الأرضوفي حديث للجزيرة نت، تقول الناشطة اليسارية الكولومبية ماريا هوتون -التي شاركت في الوقفات أمام سفارة السلطة الفلسطينية في بوغوتا للتضامن وأمام سفارة إسرائيل للاحتجاج- إن المتظاهرين يدعمون مقاومة الشعب الفلسطيني ضد حرب إسرائيل "الصهيونية" وهجومها الحالي على قطاع غزة، حسب وصفها.
وتضيف هوتون أن "العنف الصهيوني" -الذي يمارس منذ عقود ضد الشعب الفلسطيني- هو المسؤول عن تصاعد العنف، معتبرة أن الشعب الفلسطيني هو المالك الشرعي لجميع الأراضي التي تحتلها إسرائيل.
وتشدد هوتون على أن المتظاهرين يؤيدون إصرار الفلسطينيين على استعادة أراضيهم ومقاومة سياسة الفصل العنصري والإبادة الجماعية ضدهم، موضحة أن مشاركتها في فعاليات تضامنية مع الشعب الفلسطيني أمام السفارتين الفلسطينية والإسرائيلية هي من أجل المطالبة بالوقف الفوري للعدوان، وكذلك المطالبة بقطع العلاقات الدبلوماسية بين الحكومة الكولومبية وإسرائيل وإلغاء اتفاقيات التجارة الحرة معها.
مظاهرة في ساو باولو تندد بالعدوان على غزة وتدين العنف الإسرائيلي (تصوير: لوكاس مارتينز) الحرية لفلسطينومن العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، يقول الكاتب والناشط اليساري الأرجنتيني أليهاندرو إيتوربي إنه وبعض الناشطين بذلوا جهدهم لحشد المتظاهرين وسط العاصمة للاحتجاج أمام السفارة الإسرائيلية.
ودعت اللجنة الأرجنتينية للتضامن مع الشعب الفلسطيني إلى هذا التحرك تضامنا مع الشعب الفلسطيني ورفض التفجيرات والهجوم ضد قطاع غزة، وقد شاركت في هذا التحرك أبرز المنظمات اليسارية، بالإضافة إلى اتحاد الكيانات والمنظمات الأرجنتينية الفلسطينية في البلاد.
وفي حديث للجزيرة نت قال رئيس اتحاد النقابات الشعبية البرازيلية لويز كارلوس براتس مانشا إن الحركة العمالية العالمية برمتها يجب أن تقف ضد الهجمات الوحشية التي يشنها الكيان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين العُزّل وغزة.
وأضاف أن المظاهرات التي بدأت بالفعل في أنحاء مختلفة من العالم -بما في ذلك الولايات المتحدة والبرازيل، والتي شارك فيها الاتحاد بفخر واعتزاز- هي الطريق الذي يجب اتباعه، مطالبا الحكومة البرازيلية بإرسال المساعدات اللازمة للمقاومة الفلسطينية فورا.
ودعا راتس مانشا النقابات العمالية والمنظمات الشعبية والمنظمات الديمقراطية للانضمام إلى الفعاليات والمظاهرات التضامنية مع الشعب الفلسطيني في كافة أنحاء العالم، مؤكدا "سنبقى صامدين إلى جانب إخواننا، فلسطين حرة من البحر إلى النهر".
وفي تصريح خاص للجزيرة نت قال رئيس حزب العمال الاشتراكي الموحد في البرازيل زي ماريا إن الحق في الدفاع عن النفس هو حق شرعي للشعب الفلسطيني، مشيرا إلى أن أراضي الشعب الفلسطيني تخضع للاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من 70 عاما، ومنذ ذلك الحين تم طرد ملايين الفلسطينيين من منازلهم وأراضيهم، وقتل مئات الآلاف بسبب المجازر المتعاقبة التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي، بمن في ذلك آلاف الأطفال الأبرياء والعزّل.
ناشطون بمظاهرة ساو باولو يؤكدون على حرية فلسطين (تصوير: لوكاس مارتينز)وقال زي ماريا "أنا اشتراكي، لا أتفق مع حركة حماس ولا أدعمها سياسيا، لكن هذه الحملة التي تحاول تحويل حق الفلسطينيين المشروع في استخدام الوسائل المتاحة لهم للقتال من أجل أراضيهم وتحرير أنفسهم من السجن الحقيقي المفتوح الذي يُحتجز فيه شعب بأكمله إلى "إرهاب" هي في الواقع حملة تافهة ومقززة إلى حد فظيع، إنهم يحاولون التغطية على الفظائع التي ترتكبها إسرائيل ضد الإنسانية، الحرية لفلسطين من البحر إلى النهر".
الأمر ذاته تؤكده المرشحة لانتخابات الرئاسة البرازيلية السابقة اليسارية فيرا لوسيا التي تقول إنها "تدعم دون قيود نضال الشعب الفلسطيني ضد دولة إسرائيل العنصرية والمستعمرة المتحالفة مع الإمبريالية الأميركية والأوروبية بشكل رئيسي"، حسب تعبيرها.
واعتبرت لوسيا أن معظم الحكومات -بما في ذلك حكومة لولا دا سيلفا- تصنف الفلسطينيين إرهابيين وتقلب الأدوار من خلال وضع إسرائيل في موقع الدفاع عن النفس، وكأنها تريد أن تقول للعالم إن ما هو موجود هو صراع بين إسرائيل وحركة حماس.
وأكدت أن المعركة غير متكافئة، لأنها حرب دولة ضد حركة مقاومة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: مع الشعب الفلسطینی قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
"طوفان الأقصى" تعصف باستقرار المستوطنين وتدفعهم للهجرة
الضفة الغربية - خاص صفا
عقب عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/ تشرين أول 2023، دخلت "إسرائيل" منعطفاً لم تسلكه منذ عام 1948، وباتت الدولة التي كان يروج ساستها أنها المكان الأكثر أماناً، تحت نار صواريخ المقاومة وضغط الحرب.
وأفادت تقارير بمغادرة نحو نصف مليون "إسرائيلي" بعد بدء الحرب على قطاع غزة، وتجاوز عدد "الإسرائيليين" الذين قرروا العيش خارج حدود دولة الاحتلال أعداد العائدين بنسبة 44%.
وأظهرت البيانات انخفاضاً بنسبة 7% في عدد العائدين إلى "إسرائيل" بعد العيش في الخارج، حيث عاد 11 ألفاً و300 إسرائيلي فقط خلال عام 2023، مقارنة بمتوسط 12 ألفاً و214 في العقد الماضي.
وتتصاعد الهجرة العكسية في "إسرائيل" لأسباب أمنية واقتصادية، ما يضع الاحتلال أمام انعطافة ديموغرافية تهدد مستقل الدولة اليهودية.
وأفاد المختص في الشأن الإسرائيلي نهاد أبو غوش، بأن اتجاهات الهجرة بدأت ترتفع مع وجود حكومة اليمين ومحاولات تغيير النظام السياسي "الإسرائيلي" من خلال مشروع الانقلاب القضائي.
وقال في حديثه لوكالة "صفا"، إن ارتفاع مؤشرات الهجرة بشكل ملحوظ بعد طوفان الأقصى، يأتي بسبب زعزعت فكرة الوطن القومي الآمن لليهود، التي كان يروج لها الاحتلال على مدار عقود لاستقطاب يهود العالم.
أن صواريخ ومسيرات المقاومة وصلت كافة الأراضي المحتلة، وخلقت واقعاً يتنافى مع العقيدة الأمنية للاحتلال، التي ترتكز على تحقيق الأمن والاستقرار للمستوطنين.
وأشار أبو غوش إلى أن الأزمة الاقتصادية والخسائر التي يتكبدها الاحتلال في انفاقه على الحرب، والضغط على جنود الاحتياط واستمرار خدمتهم لفترات طويلة، فضلاً عن تغلغل اليمين المتطرف في مفاصل الحكومة، عوامل ساهمت مجتمعة في تشجيع الهجرة العكسية لليهود.
وبيّن أن الهجرة الداخلية من القدس إلى تل أبيب، كانت دائماً موجودة من قبل الفئات الليبرالية بسبب القيود التي يفرضها اليهود المتدينين "الحريديم" على الحياة اليومية.
وتتركز الهجرة في أوساط الليبراليين العلمانيين، والمهنيين الذين يديرون عجلة اقتصاد الاحتلال، بحسب أبو غوش، مرجحاً الأسباب إلى اتساع سيطرة اليمين المتطرف على الحكومة، وكلفة الحرب وتبيعاتها الاقتصادية التي يدفع فاتورتها المستوطنين.
وأكد على أن الهجرة العكسية هي الكابوس الأكبر الذي من شأنه أن ينهي حلم الدولة للكيان الصهيوني، إذ تتحول "إسرائيل" تدريجياً إلى دولة متطرفة لا ديموقراطية فيها، بعدما كان نظامها الليبرالي الديموقراطي أبرز عناصر قوتها وجذبها ليهود العالم.
وأضاف "إن هيمنة اليهود المتدينين وتغلغلهم في الحكم، وهم فئة غير منتجة ومساهمتها صفرية في الاقتصاد، إلى جانب رفضها الانضمام إلى الجيش، ستحول إسرائيل إلى دولة عالم ثالث تعتمد على المساعدات".
وهدمت الحرب أسطورة الجيش الذي لا يقهر، وأظهرت ضعف "إسرائيل" واعتمادها التام على الدعم الأمريكي، وكشفت حقيقة الاحتلال المجرم للعالم، وفق أبو غوش، مبيّناً أن كل هذه العوامل أسقطت ثقة المستوطنين في حكومتهم ودفعتهم إلى الهجرة إلى أماكن أكثر أماناً واستقراراً.
ويتكتم الاحتلال على حقيقة الأرقام المتعلقة بالهجرة العكسية أو عودة اليهود إلى أوطانهم الحقيقية، إلا أن الأرقام التي تتضح في مفاصل أخرى للدولة مثل مؤسسات التأمين الصحي تظهر عزوفاً وتراجعاً في الرغبة بالعيش داخل "إسرائيل".
وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 10 آلاف "إسرائيلي" هاجروا إلى كندا هذا العام، في حين حصل حوالي 8 آلاف إسرائيلي على تأشيرات عمل، وهي زيادة كبيرة عن أعداد العام الماضي، كما تقدم أكثر من 18000 "إسرائيلي" بطلب جنسية ألمانية في الأشهر التسعة الأولى من عام 2024.
وأفاد تقرير لـ "هآرتس" بأن من يغادرون هم رأس مال بشري نوعي، ومغادرتهم تعرض استمرار النمو الاقتصادي في "إسرائيل" للخطر، إذ بلغت الزيادة في نسبة الأثرياء الباحثين عن الهجرة نحو 250%، ليتراجع أعداد أصحاب الملايين في "إسرائيل" من 11 ألف إلى 200 مليونير فقط.