البوابة نيوز:
2025-01-31@08:52:33 GMT

أكتوبر.. العبور من الانكسار إلى الانتصار (2-2)

تاريخ النشر: 13th, October 2023 GMT

فى مقالى هذا، أستكمل حديثى عن انتصارات أكتوبر المجيدة، وتجلياتها الشعبية، وهو حديث بدأته فى المقال السابق، وأرى أنه يستحق مقالات عدة للتحدث عن مدى التأثير النفسى والاجتماعى والشعبى الذى أحدثته تجليات هذا النصر فى نفوس المصريين. 

إن الصورة التى تجلت بها حرب أكتوبر المجيدة فى أدبنا الشعبي، عبر أنواعه المختلفة، تستحق منا أن نكتب عنها العديد من المقالات التى تبرز هذه التجليات المهمة على كافة مستوياتها.

ولقد رأينا القصيدة الشعبية التى توقفت بالتفاصيل عند الدور المهم للقيادة السياسية المصرية، ممثلة فى دور الرئيس الراحل محمد أنور السادات، ودور كبار القادة، ودور الجيش المصري، ضباطًا وجنودًا، وكذلك دور الحشد الشعبى المؤمن بقضايا وطنه، وكذلك دور الدول العربية، قيادات وشعوبا، وهى أدوار خلدها الوجدان الشعبى المصري، بل العربي.

إن الصورة التى لا يزال المصريون يختزنونها للرئيس السابق محمد أنور السادات، صورته الحاسمة، مرتديًا بدلته العسكرية، بل هى الصورة نفسها، التى كثيرًا ما أجدها معلقة على حوائط معظم البيوت المصرية، خاصة بيوت هؤلاء الفقراء فى ضواحى مصر المحروسة، المؤمنين بدور الرئيس الراحل، والجيش المصري، والمحبين لوطنهم. ولعل المصريين وهم يختزنون هذه الصورة، إنما يربطون هذه الصورة، وصاحبها بهذا النصر الذى أعاد للمصريين جزءًا كبيرًا من كرامتهم وثقتهم بأنفسهم. وبقدر ما تحمل هذه الصورة دلالة على ارتباط الشعب المصرى بجيشه، ممثلًا فى شغفه ببدلة قائده العسكرية، فإنها تحمل دلالة، لا تقل عنها أهمية، وهى أن الشعب المصرى شعب لا يمل من حمل السلاح؛ دفاعًا عن أرضه وعرضه ووطنه.   

قولوا ياما أحلاها بلادي فيها يسكن ريم الوادي

ياما أحلى مصر الغالية هَلْها ناس عزاز عليَّه

وليها نيل غزير الميه   والشمس والجو الهادي

هذه كلمات لشاعر شعبى مصرى مهمش هو عبد الصادق البدرماني، شاعر واحاتي، التقاه وجمعها منه الباحث أمين رسمى عبد الصمد، فى رسالته للماجستير، وهى جزء صغير من قصيدته التى يتغنى فيها بحبه لهذا الوطن، وفخره بانتمائه إليه. وعندما نتأمل موروثنا الشعبي، القولى منه والمادي، سنجده مليئًا بتلك الإبداعات التى ترتبط بالأحداث السياسية المهمة فى تاريخنا المصرى القديم منه والحديث. ولاشك أن من بين هذه الأحداث السياسية الكبرى التى توقفت عندها الذاكرة الشعبية المصرية، حرب أكتوبر. فانتصار أكتوبر حظى بدرجة كبيرة من الاهتمام والحفاوة فى ذاكرة المصريين؛ نظرًا إلى أنه الانتصار الذى أعاد الكرامة إلى الذات المصرية والعربية، بعد هزيمة كادت أن تقضى على روح المصريين بل روح العرب. فبالرغم من كارثية نكسة عام ١٩٦٧، فإن الروح الشعبية سرعان ما حاولت أن تستنهض الهمة المصرية، والدعوة إلى عدم الاستسلام. لذلك نجد أدبنا الشعبى المصرى ينتبه إلى ضرورة عودة الروح فى جسد الجيش المصري، بل فى جسد المصريين، واعتبار هزيمة ١٩٦٧ ثأرا لابد من أخذه فى أقرب وقت ممكن. وهو ما يعبر عنه أحد الشعراء الشعبيين بقوله:

بعون الكريم يا سينا حكم المسلمين عوَّاد  ونغز رايات السعد من رابعة لبير العبد

واللى جرى أول من صنعة الفسّاد  ربى يجبر صوابنا ونعمر اللى انهد

واللى تجيب التار أم اصبع وزناد  والملح لن ثار ما يختشى من حد

نور النبى عين تروى كل ورَّاد واللى طنيبه رسول الله ما ينهزم من عبد

فهذا الشعور القومى والديني- بحسب قول خطرى عرابي، الذى قام بجمع هذا النص- يخلق فى الشاعر والمتلقى الأمل فى الانتصار، والأمل فى الأخذ بالثأر ما بين عشية أو ضحاها، بحسب قول الشاعر نفسه فى قصيدة شعبية أخرى، جمعها د. خطري:

لا تحسبوا اللى صار يظلَّه على مجراه  مادام فى العرب من ينقل البارود

الله ولا غيره يجبر كسر الإسلام  وما بين صبح ومسا تلقى النقا مردود

*أستاذ الأدب الشعبى بكلية الآداب، جامعة القاهرة

المصدر: البوابة نيوز

إقرأ أيضاً:

سيناء الغزاوية وسوريا الداعشية والأحزاب الإخوانية!

من قال لك إن الهدف هو تهجير الفلسطينيين إلى سيناء فقط، لقد قلنا مرارًا وتكرارًا، أن الهدف هو مصر الدولة والمؤسسات، وأن الطريق إلى ذلك هو الطابور الخامس الذى لا يعرف للوطن حدودًا يقاتل من أجلها، ولكنه يريد الوصول إلى السلطة بأية طريق تمهد لجماعة الإخوان الإرهابية حكم مصر لمدة خمسمائة عام كما كانوا يقولون ويعتقدون!
لا تنس أن صفقة التهجير تم تسويقها فى عهد جماعة الإخوان كان مقابلها هو الصعود إلى قمة الهرم فى الدولة، والسيطرة على مقدرات هذا الشعب الذى قام بتصحيح مساره فأطاح بهم بعد عامٍ واحد فقط، ليصبح المخطط الذى كان سيتم تنفيذه رضاءً مع الجماعة لا يمكن تحقيقه إلا غصبًا وقهرًا مع غيرهم، ولذلك فالولايات المتحدة ومن قبلها إسرائيل تعلم أن مُخطط التهجير لن ينجح مع السيسى، ولن تقبله الدولة المصرية، ولن يسمح به الجيش المصرى، فالشعب الصامد والذى خاض أربع حروب للحفاظ على ترابه يُدرك أن هذا الخطر الكامن فى مصطلحات مثل الإنسانية والعطف على الشعب الذى تتم إبادته فى غزة، ما هو إلا حصان طروادة سيتم استخدامه للقضاء على القضية الفلسطينية والاستيلاء على سيناء للأبد، وبعدها ستتهم إسرائيل سكان سيناء (الغزاوية) بأنهم يخضعون لسيطرة حماس التى طردتها إسرائيل من غزة، وسيكون هذا هو مبررها بعد عشرة أوعشرين عامًا لسرقة سيناء من جديد، عندها ستقول لنا أمريكا «يجب نقل سكان سيناء التى أصبحت مركزًا للإرهاب إلى مدن القناة أو باقى المحافظات المصرية لحمايتهم من هجمات الجيش الإسرائيلي»، وتستمر اللعبة إلى أن نجد الضفة الأخرى من النيل يُرفع عليها علم إسرائيل ليتحقق حلم الدولة اليهودية التى تأسست سنة 1948 بكيان يمتد من النيل للفرات!
قد تقول لى.. هذا سيناريو من وحى الخيال.. لا يا عزيزى المواطن.. هذا سيناريو مستوحى من الأدبيات الإسرائيلية المكتوبة، وكنا نقاومه منذ كنا طلابًا فى جامعة القاهرة فى نهاية الثمانينيات ومطلع التسعينيات.. وكنا نتحدث مع زملائنا حول فلسفة إصرار إسرائيل على اختيار مبنى مجاور للجامعة فى الجيزة ويطل على نهر النيل كمقرٍ لسفارتها التى تم افتتاحها فى مصر عقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد، بأنه اختيار يتسق مع فكرها، فقد اختارت موقع السفارة على النيل فى الجيزة وليس العاصمة، لأن القاهرة طبقًا للبروتوكولات والخطة الاستراتيجية الإسرائيلية تقع فى شرق النيل وليس غربها، وشرق النيل هو جزء من دولة إسرائيل التى تمتد من النيل للفرات، وبالتالى لا يجوز للدولة أن تفتتح سفارة لنفسها فوق أرضها، أما الجيزة فهى غرب النهر الذى لن تعبره إسرائيل.
وقد تقول لى.. ولكن سفارة إسرائيل الآن موجودة فى المعادى بالقاهرة؟ نعم يا عزيزى.. هذا صحيح.. لأنها اضطرت مع ضغوط المتظاهرين قبل 14 عامًا على الرحيل والتراجع إلى شرق النيل مثلما تراجعت تاركة سيناء فى 1973 وما بعدها!
ثم إنك «مش واخد بالك» بأن إسرائيل تقترب من الفرات، وفى نفس الوقت تقترب من النيل بعد إبادة غزة، وهى تحركات تشبه حركة «البَرجلْ» الذى تزداد مساحة قدميه شرقًا وغربًا فى وقت واحد، فهى تتحرك نحو الشرق بنفس مقدار تحركها نحو الغرب، فقد دمرت غزة وطردت سكانها، وتحركت فى ذات الوقت للسيطرة على جنوب لبنان، واستولت على مساحات شاسعة من الأراضى السورية دون أن تواجه أية مقاومة من الجيش السورى المنهار، كما أن دخولها لسوريا تم بعد اتفاق مع (محمد الجولانى الذى أصبح اسمه أحمد الشرع) الرجل يرفض مصافحة النساء ولكنه يقبل ترك أرض بلاده فى سوريا والتى يحكمها الآن تُسرق وتنهب، ليتضح لنا أن مُخطط تمكين الجماعات الدينية المتطرفة هو مشروع يحظى برضًا إسرائيلى واضح!
نفس ما حدث فى سوريا.. يُدرس تنفيذه فى مصر.. ولكن لأن مصر دولة كبيرة– كما قال الرئيس فى الكاتدرائية يوم 6 يناير– فإن السيناريو من وجهة نظرى سيكون مختلفًا.. فالجيش المصرى قوى ومواجهته لن تكون سهلة.. والدولة المصرية تعمل بشكل علمى ومنظم وخداعها مستحيل.. ولذلك فإن الخطة سوف تختلف عن سيناريو سوريا وسيكون الهدف هو اختراق المؤسسات السياسية من الداخل.. وأطلب منك يا عزيزى أن تراجع ما قاله السيد وزير الداخلية منذ أيام قليلة فى خطابه أمام السيد رئيس الجمهورية خلال الاحتفال بعيد الشرطة.. فقد قال نصًا: «تسعى جماعة الإخوان الإرهابية.. لإحياء نشاطها عبر التوسع فى ترويج الشائعات والأخبار المغلوطة واستقطاب الشباب صغير السن ودفعه للقيام بأعمال غير مسئولة أملًا فى زعزعة الأمن والاستقرار، فضلًا عن التنسيق مع عدد من ذوى التوجهات الفكرية الأخرى من منطلق المصالح المشتركة لتبنى الدعوة لإعادة دمجها فى النسيج المجتمعى الذى لفظها لفكرها القائم على العنف والتخريب».
الكلام واضح.. وقلته لحضراتكم مرارًا فى مقالات عديدة.. جماعة الإخوان تحاول الاندماج عبر عناصر إخوانية ممتازة داخل المجتمع السياسى من خلال اختراق الأحزاب، عبر تمويل ضخم جدًا يستهدف الاستيلاء على هذه الأحزاب، ومن ثم خوض انتخابات مجلسى النواب والشيوخ القادمتين تحت ألوية هذه الأحزاب وشعاراتها– حدث بالفعل فى التسعينات وقامت الجماعة بالاستيلاء على حزب العمل– وبعدها ستجد كوادر إخوانية ممتازة تتوغل داخل الأحزاب والمجلسين التشريعيين، وقد يستطيع أحدهم التسرب إلى منصب تنفيذى مهم– حدث بالفعل فى نهايات عهد مبارك هشام قنديل رئيس وزراء الإخوان كان عضوًا فى الجهاز الإدارى للجنة السياسات– ومن بعدها ننتظر انتخابات رئاسة الجمهورية لنجد أحد الأحزاب– التى تم اختراقها– يدفع بمرشحٍ إخوانى يرتدى ثوب الليبرالية، مدعومًا بأموال الجماعة ومساندة مخابرات دول أجنبية، لتكتشف فى النهاية أن نموذج (الجولاني) تم زرعه فى مصر خلال سنوات قليلة، لنواجه مصيرًا مُعدلًا- لما حدث فى سوريا- لن تُدرك مخاطره إلا عندما تقع «الفاس فى الراس»!!
للمرة الرابعة أو الخامسة احذر من اختراق التنظيمات للأحزاب والمؤسسات السياسية.. ورغم إدراكى ليقظة وصحيان مؤسسات الدولة.. إلا أن دافعى فى التكرار هو أن الذكرى تنفع المؤمنين.
الموضوع كبير.. والخطة جُهنمية.. ونحن يقظون.. ولن تمر هذه المخططات الشيطانية مهما فات الزمن.. وسنقاوم أجيالًا بعد أجيال خطط تهجير سكان غزة نحو سيناء.. ومخططات الاستيلاء على أحزابنا.. وسيناريوهات اختراق مؤسساتنا.
اللهم احفظ بلدنا.. تحيا مصر.. وعاش الجيش المصرى العظيم.

مقالات مشابهة

  • د.حماد عبدالله يكتب: جدد حياتك !!
  • «الأزمة الاقتصادية» الباب الخلفى لمجتمع دموى
  • أصبحت أفعالكم لا تليق بمقام أم الدنيا
  • الرئيس المقاول
  • «الجارديان»: «ترامب» يهدد آمال «غزة» فى إعادة الإعمار
  • مكمن صلابة مصر
  • «ترامب».. لا بد منه!
  • قضية القضايا
  • عادل حمودة يكتب: الجيوب والقلوب
  • سيناء الغزاوية وسوريا الداعشية والأحزاب الإخوانية!