طوفان الأقصى في الإعلام الفارسي.. بين تأييد المقاومة ودعم رواية الاحتلال
تاريخ النشر: 13th, October 2023 GMT
طهران- حالة من الانقسام الحاد ظهر بها الإعلام الناطق باللغة الفارسية في تغطيته لعملية "طوفان الأقصى"، لا سيما بين إعلام الداخل الإيراني والإعلام الناطق بالفارسية خارج البلاد، والذي تقوده المعارضة الإيرانية.
وخلال الأيام الماضية، لوحظ أن الإعلام في داخل إيران يشترك في نظرته للقضية الفلسطينية بشكل عام وتغطيته لعملية "طوفان الأقصى" بشكل خاص.
ورغم كل الخلافات في الاتجاهات بين التيارين المحافظ والإصلاحي، فإنهما يتحدان في الموقف تجاه القضية الفلسطينية.
وفي التغطية خلال الأيام الماضية، استخدمت وسائل إعلام كلا التيارين في إيران الأسماء والمصطلحات والروايات الفلسطينية ذاتها، وخصصت لـ"المقاومة" حيزا كبيرا في مساحاتها.
وما زالت عناوين الصحافة المقربة من التيار المحافظ الرئيسية تتمحور في إطار "طوفان الأقصى"، بينما عادت الصحافة الإصلاحية إلى العناوين الرئيسية العامة رغم استمرارها في تغطية ما يحدث في غزة.
ومن جانب آخر، هناك إعلام ناطق بالفارسية خارج إيران تقوده المعارضة، أهمه شبكة "إيران إنترناشونال" وقناة "بي بي سي" وشبكة "صوت أميركا" وقناة "من وتو" وإذاعة "الغد" (فردا بالفارسية).
واللافت في الأمر أن كل هذه الصحف والمحطات التلفزيونية والإذاعية والمواقع الإلكترونية والوكالات الخبرية، تدعم الاحتلال الإسرائيلي من خلال تبنيها لروايته واستضافة أصوات تصف فصائل المقاومة "بالإرهاب".
قناة "بي بي سي" الناطقة بالفارسية -على سبيل المثال- التي تبث من العاصمة البريطانية لندن، تسمي مقاتلي المقاومة بـ"المليشيات"، واستضافت مسؤولا في القناة دافع عن تجنب "بي بي سي الفارسية" استخدام كلمة "الإرهاب" لوصف حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، قائلا إنهم ينقلون الأخبار ولا ينحازون لتصنيفات معنوية.
أما شبكة "إيران إنترناشونال" التي نقلت مقرها الرئيس في فبراير/شباط الماضي من لندن إلى العاصمة الأميركية واشنطن لأسباب تقول إنها "تتعلق بأمن موظفيها"، ارتدى عدد كبير من موظفيها ملابس باللون الأسود حدادا على قتلى الاحتلال الإسرائيلي، وهي تواظب على نشر مقاطع فيديو من مواطنين إيرانيين وأجانب تقول إنها حملات تضامن مع إسرائيل.
قلب الحقائقويرى رئيس تحرير مؤسسة الرؤية الجديدة للدراسات الإستراتيجية في طهران محمد علي صنوبري، أنه لا يوجد إعلام ناطق بالفارسية خارج إيران يمارس المهنة باستقلالية، قائلا إن هذه القنوات تابعة لدول معادية للقضية الفلسطينية وهذا ما نشهده بوضوح من خلال كيفية تعاطيها لعملية "طوفان الأقصى".
ويضيف صنوبري للجزيرة نت، أن قنوات مثل "بي بي سي الفارسية" و"إيران إنترناشونال" لا يمكن تصنيفها ضمن الركن الرابع للديمقراطية؛ بمعنى أن يكونوا الفاعل الوسيط بين الواقع، والميداني، والشعب، والسلطات.
ويتابع أن هذه القنوات تتخذ سياسة "قلب الحقائق" لخدمة أجهزة المخابرات في الدول التي تدعمها ماديا.
بدون تأثير
في السياق، يشير المحلل السياسي والخبير في مجال الإعلام مختار حداد، إلى أن الإعلام الناطق بالفارسية خارج إيران يستخدم العناوين نفسها التي يستخدمها إعلام الاحتلال الإسرائيلي.
ويقول للجزيرة نت، إن ممولي هذه القنوات يستهدفون الشعب الإيراني لكنهم لم يؤثروا إلا على فئة قليلة جدا "بينما لا يوجد بين الإعلام الناطق بالفارسية في داخل إيران أي تفاوت من حيث تغطيته وتناوله للقضية الفلسطينية و"طوفان الأقصى" تحديدا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی طوفان الأقصى بی بی سی
إقرأ أيضاً:
مكتسباتُ معركة “طوفان الأقصى”
د. فؤاد عبد الوهَّـاب الشامي
مما لا شك فيه أن معركة “طوفان الأقصى” التي نفذتها المقاومة الفلسطينية بمختلف فصائلها في السابع من أُكتوبر من عام 2023م قد حقّقت مكتسباتٍ عديدةً على المستوى الفلسطيني والمستوى العربي وكذلك على المستوى الدولي.
فعلى المستوى الفلسطيني أعادت هذه المعركة للمقاومة المسلحة دورَها في الساحة وزخمها الشعبي.
وعلى المستوى العربي تمت عرقلة سير عجلة التطبيع التي كانت قد بدأت منذ التطبيع المصري مع الكيان الصهيوني وتوسعت في فترة ترمب السابقة واستمرت في عهد بايدن، وكانت كثيرٌ من الدول العربية تنتظر أن تلتحق السعوديّة بركب المطبِّعين فيلتحقون بها وكانت على وشك القيام بذلك.
وكذلك كشفت معركة “طوفان الأقصى” حجمَ التغلغل الصهيوني بين النخب السياسية والثقافية العربية والتي كانت تعمل على جَرِّ الأُمَّــة إلى جانب المطبِّعين، فقد كانت تصول وتجول في معظم القنوات العربية الرسمية وفي مواقع التواصل الاجتماعي للترويج للتطبيع وتقديم العدوّ الصهيوني كحَمَلٍ وديع يحب العرب وعلى العرب أن يتجاوبوا معه، وخلال الحرب انكشف كذبُ وتدليس تلك النخب بعد أن رأى العالم الجرائم الصهيونية في حق سكان غزة، وتم إعادة القضية الفلسطينية إلى أذهان الأُمَّــة العربية والإسلامية.
وأما على المستوى الدولي نجحت معركة “طوفان الأقصى” في التأثير على الرأي العام العالمي من خلال الاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي وتفاعل الكثير من المؤثرين العالميين مع القضية الفلسطينية، ومن خلال مواكبة وسائل الإعلام للأحداث في غزة ونقلها لما يجري بشكل مباشر؛ ونتيجةً لتلك التأثيرات خرجت المظاهراتُ في معظم المدن الأُورُوبية والأمريكية؛ دعماً للفلسطينيين في غزة، وتحَرّك طلاب الجامعات الأمريكية والأُورُوبية في مظاهرات واعتصامات وقوفاً مع سكان غزة، واعتبر البعض تلك التحَرُّكات التي استمرت حتى توقفت الحرب بداية لتغيير الرأي العام العالمي نحو القضية الفلسطينية.
ولكن يجب أن نعيَ أن العدوّ الصهيوني -بدعم من أمريكا وأُورُوبا- يعمل منذ عشرات السنيين على تثبيت كيانه في الأراضي العربية الفلسطينية، ولن يسمح للفلسطينيين بالاستفادة من المكاسب التي حقّقتها معركة “طوفان الأقصى”، وسيعمل بكل إمْكَانياته وقدراته الفائقة على إعادة السردية الصهيونية إلى الأذهان؛ ولذلك على الشعوب العربية والإسلامية أن تقفَ إلى جوار المقاومة الفلسطينية للمحافظة على تلك المكاسب وتطويرها بكافة الطرق المتاحة، ولا تنتظر أيَّ تحَرّك من النظام العربي الرسمي الذي يقفُ إلى جانب العدوّ الصهيوني في هذه المرحلة رغم الإهانات التي يتلقاها.