كان للتضحيات العظيمة التي قدمتها جماهير الشعب اليمني في انتفاضاتها ومحاولاتها المستمرة الفضل العظيم في انبلاج فجر جديد مشرق بقيام ثورتين اليمن .

 

تفجير ثورة

إن ثورة 26 سبتمبر 1962م في شمال اليمن هيأت للنضال ضد الاستعمار في الجنوب اليمني الذي تمثل بسلسلة من التمردات والانتفاضات غير المنظمة في أغلب مناطق الجنوب اليمني والتي كانت تعبر تعبيرا صادقا عن رفض الشعب لقوى الاستعمار , ومن ناحية أخرى شكلت عاملا مساعدا في توضيح وبلورة مجموعة من المسائل الوطنية والاجتماعية والسياسية والفكرية في الساحة اليمنية .

وهيأت الشعب اليمني نضاليا ونفسيا لمعركته الفاصلة مع المستعمرين وهذا ما أثبته الجماهير اليمنية في دفاعها الباسل المستميت طوال ثمانية أعوام من ثورة السادس والعشرين من سبتمبر والنظام الجمهوري وانخراطها في ثورة 14 أكتوبر 1963م , وما قدمته من تضحيات مادية وبشرية كبيرة طوال فترة الدفاع عن الجمهورية الوليدة وثورة الرابع عشر من اكتوبر .

 

مؤتمر صنعاء

 قام  فرع حركة القوميين العرب في اليمن الشمالية بدعوة اليمنيين الجنوبيين الموجودين في صنعاء الذين ساهموا بالدفاع عن الثورة إلى مؤتمر شعبي عام عقد في دار السعادة بصنعاء يوم 24 فبراير 1963م , حضره أكثر من ألف شخص . وكان ذلك بهدف خروج المؤتمر بقرار يؤدي إلى تجميع القوى الوطنية الجنوبية المختلفة في جبهة موحدة تؤدي دورا ليس فقط في الدفاع عن ثورة 26 سبتمبر . وإنما أيضا في مواجهة الاستعمار البريطاني في جنوب اليمن والذي يقوم بدعم قوى الثورة المضادة .

وقد استقر رأي المؤتمرين على إعداد مشروع ميثاق في صيغة نداء إلى الفئات الوطنية , لكي تلتقي بالفعل في جبهة واحدة أطلق عليها , في البداية اسم ( جبهة تحرير الجنوب اليمني  المحتل) . وتم انتخاب لجنة تحضيرية مؤلفة من 11  عضوا من ضمنهم - قحطان الشعبي أول رئيس لجنوب اليمن بعد الاستقلال - لإعداد مشروع الميثاق .

 

وحدة اليمن

عقدت اللجنة التحضيرية عدة اجتماعات في مارس 1963م , وأسفرت عن تقديم ميثاق وطني أكد على ايمان جبهة التحرير بوحدة جميع أجزاء اليمن وعدم اعترافها ومقاومتها لأي شكل اتحادي استعماري في الجنوب , ورفضها الاعتراف بأي معاهدات للحماية أو الاستشارية , وقال بأن : ( الثورة والوضع الثوري في الجمهورية العربية اليمنية , هي ثمرة تجارب الشعب العربي في اليمن - شمالا وجنوبا - ولذلك فإن على الجبهة مهمة التفاعل مع الثورة وقادتها...) . كما أعلن الميثاق تطلعه إلى : ( أن تكون الجمهورية العربية اليمنية قاعدة للنضال في الجزيرة العربية , وأن تسهم مع الجمهورية العربية المتحدة في تحمل مسؤولية دعم النضال العربي التحرري , ويقع على عاتقها خاصة مسؤولية الاسهام والمساندة لنضال الشعب في الجنوب اليمني المحتل )  .ومع أن الميثاق صيغ وفقا لمبادئ ومفاهيم حركة القوميين العرب , وبخاصة منها مبادئ وحدة اقليم اليمن والوحدة العربية ( حماية الثورة من أية نكسة قد تقوم بها الرجعية والاستعمار والانتهازية ... ) ومع ان الميثاق تجاوز قضية الكفاح المسلح  لكن الكثيرين من قادة حركة القوميين العرب وقواعدها كانوا يدعون إلى قيام الثورة المسلحة . وإزاء الاحتمال الواقعي لإجهاض فكرة القيام بالثورة المسلحة قامت مجموعة من ممثلي المناطق والقوات المسلحة في الجنوب بينهم علي ناصر محمد وعلي عنتر ) بإصدار بيان في 5 يونيو 1963م يبشر بالثورة المسلحة . فكان ذلك البيان دافع قويا لصنعاء بمد الثوار بالجنوب بالسلاح مما قاد إلى تفجير ثورة 14 أكتوبر 1963م ضد الاستعمار البريطاني وسلاطين الجنوب عملاء المحتل والرجعية .

 

 الكفاح المسلح

لقد فشلت كافة الحركات والتنظيمات السياسية التي كانت تنادي بالعمل السياسي السلمي لتحرير جنوب اليمن كوسيلة أساسية نظريا وعلميا ضد الكفاح المسلح , غير أن حركة القوميين العرب التي شكلت الفصيل الأساس للجبهة القومية رأت أن هذا الطريق مسدود ولن يحل المشكلة الاساسية مع الاستعمار , وهذا ما أكدته الوقائع والأحداث التاريخية المتلاحقة ومحاولات احتواء الثورة من داخلها كشكل من أشكال التركيع الذي كان الاستعمار وعملاؤه والرجعية السعودية يخططون له ويمارسونه قبل الاستقلال وحتي بعد الاستقلال وعلى يد نفس القوى التي ساهم الاستعمار بخلقها في الساحة وأرضعها من ثديه ومن خلال المحاولات الانقلابية والتخريب الداخلي المستمر .

وبعد حوار متواصل في مايو 1963م بين حركة القوميين العرب والتنظيمات الأخرى بعد قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م , وما تعرضت له من قبل السعودية والملكيين والمرتزقة الأجانب , وكذلك من قبل الاستعمار البريطاني الجاثم على أرض جنوب اليمن , فكان لا بد من الإسراع في إعلان قيام الجبهة القومية على ضوء المتغيرات الجديدة  التي أفرزتها ووفرتها ثورة 26سبتمبر . وبإعلان قيام الجبهة القومية في مايو 1963م وقيام الثورة المسلحة في  14 أكتوبر 1963م بقيادة الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل مثل كل ذلك بداية لمرحلة جديدة من النضال السياسي والعسكري للخلاص من الاستعمار البريطاني وعملائه ومن أجل حماية ثورة 26 سبتمبر ونظامها الجمهوري الذي جابه التآمر المباشر منذ اليوم الأول لقيامه بهدف القضاء عليه في المهد .

وإن إيمان الجبهة القومية بالنضال المسلح كطريق وحيد لتحرير الجنوب اليمني من الاستعمار والحكم السلاطيني , لم يأت ه صدفة بقدر ما أتى تتويجا لنضال شعبنا عبر مراحل تاريخية طويلة وكتعبير عن كل تلك المعاناة التي كان يعانيها شعبنا وهو ما إستطاعت الجبهة القومية أن تقوم به من خلال تصعيد الكفاح المسلح على طول وعرض جنوب اليمن المحتل . وحسبما يؤكد علي ناصر محمد فإن فكرة القيام بثورة مسلحة كانت طرحت  لأول مرة في عام 1960م , من قبل العديد من منظمات حركة القوميين العرب, إلا أن قيادة حركة في عدن رأت أن ( إن فكرة قيام الثورة المسلحة في الجنوب , بدون تغيير الأوضاع في الشمال , تعد مجرد مغامرة , وأنه لكي تنتصر ثورة تحررية في الجنوب لابد أن تنتصر ثورة وطنية في الشمال )

ويبدوا أنه على هذا الأساس دعمت حركة القوميين العرب نشاط مجموعة من الضباط في تنظيم ( الضباط الأحرار) كما ساهم بعض أعضاء فرع الحركة في عدن في الإعداد والتحضير لثورة 26 سبتمبر1962م وقيام الجمهورية . وكان  من بين أبرز الاعضاء المساهمين بالتحضير للثورة سعيد أحمد الجناحي الذي كان : ( ضابط اتصال بين مجموعة الضباط الأحرار - الذين نفذوا الثورة - والمناضلين في تعو وصنعاء) . أما بعد انتصار الثورة في الشمال , فقد ساهم العشرات من أعضاء الحركة في جنوب اليمن في الدفاع عن الثورة ملتحقين بكتائب الحرس الوطني , ومشاركين في العمليات الحربية التي خاضتها قوى الثورة ضد فلول الملكيين . وكان من بين أبرز أولئك المشاركين في الدفاع عن الثورة صالح مصلح وعوض الحامد ومحمد ناصر الجوي وسعيد صالح ومحمد علي الصماتي وقاسم الزومحي وثابت عبده حسين , والشهيد راجح بن غالب لبوزة والذي أطلق باستشهاده شرارة الثورة المسلحة في جنوب اليمن من جبال ردفان في 14 أكتوبر 1963م  . والتي قادت بعد اربع سنوات بقيادة الجبهة القومية إلى تحرير جنوب اليمن من الاستعمار البريطاني بعد أن خاضت ضده معارك وبطولات وتضحيات توجت بيوم الاستقلال في 30 نوفمبر 1967م .

 

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: الاستعمار البریطانی الثورة المسلحة الجنوب الیمنی الکفاح المسلح ثورة 26 سبتمبر المسلحة فی جنوب الیمن الدفاع عن فی الجنوب

إقرأ أيضاً:

في ذكراها السادسة كيف تم إجهاض ثورة ديسمبر؟

بقلم: تاج السر عثمان

١
في الذكرى السادسة لثورة ديسمبر، نستلهم دروسها حتى لا تتكرر تجربة إجهاضها التي قادت للحرب اللعينة، بترسيخ الحكم المدني الديمقراطي، وابعاد العسكر والدعم السريع عن السياسة والاقتصاد، ونحن نسير في تكوين اوسع جبهة جماهيرية قاعدية لوقف الحرب واسترداد، وذلك من خلال النقد والنقد الذاتي، بمتابعة تطور المخططات للانقلاب علي ثورة ديسمبر من القوى المضادة لها في الداخل والخارج. ننطلق من الوقائع لا من التصورات الذهنية المسبقة والأوهام ، ويمكن تحديد تلك المخططات في الآتي:
٢
بعد اندلاع ثورة ديسمبر ، تم التوقيع علي ميثاق إعلان ” الحرية والتغيير” والذي توحدت حوله قوي الثورة ، وانطلقت الثورة بعنفوان وقوة أكثرعلي أساسه باعتباره البديل الموضوعي للنظام الإسلاموي الفاشي الدموي ، وكانت كما اوضحنا في مقالات ودراسات سابقة في اهم النقاط التالية:
– تشكيل حكومة انتقالية من كفاءات وطنية بتوافق جميع أطياف الشعب السوداني، تحكم لمدة أربع سنوات. – وقف الحرب بمخاطبة جذور المشكلة السودانية ومعالجة آثارها وعمل ترتيبات أمنية مكملة لاتفاق سلام عادل وشامل وقيام المؤتمر الدستوري الشامل لحسم القضايا القومية.
– وقف التدهور الاقتصادي وتحسين حياة المواطنين في كل المجالات المعيشية والتزام الدولة بدورها في الدعم الاجتماعي وتحقيق التنمية الاجتماعية من خلال سياسات دعم التعليم والصحة والاسكان مع ضمان حماية البيئة ومستقبل الأجيال.
– إعادة هيكلة الخدمة المدنية والعسكرية (النظامية) بصورة تعكس استقلاليتها وقوميتها وعدالة توزيع الفرص فيها دون المساس بشروط الأهلية الكفاءة.
– استقلال القضاء وحكم القانون ووقف كل الانتهاكات ضد الحق في الحياة فورا ، والغاء كل القوانين المقيدة للحريات وتقديم الجناة في حق الشعب السوداني لمحاكمة عادلة وفقا للمواثيق والقوانين الوطنية والدولية.
– تمكين المرأة السودانية ومحاربة كافة أشكال التمييز والاضطهاد التي تتعرض لها.
– تحسين علاقات السودان الخارجية علي أسس الاستقلالية والمصالح المشتركة والبعد عن المحاور ، مع ايلاء أهمية خاصة لاشقائنا في دولة جنوب السودان.
٣
بعد وصول الثورة الي ذروتها في اعتصام القيادة العامة ، تم انقلاب اللجنة الأمنية للنظام البائد بهدف قطع الطريق أمام الثورة، واستمرت المقاومة باسقاط الفريق ابنعوف، ومع اشتداد المقاومة والمطالبة بالحكم المدني، تمت المحاولة الانقلابية بمجزرة فض الاعتصام ، والتي أعلن فيها البرهان انقلابه على ميثاق ” إعلان الحرية والتغيير” بقيام انتخابات بعد 9 شهور وإلغاء الاتفاق مع” قوى التغيير” الذي خصص لها 67 % من مقاعد التشريعي، لكن موكب 30 يونيو 2019 قطع الطريق أمام الانقلاب بعد المجزرة، وتمت العودة للمفاوضات مع قوى الحرية والتغيير، وتم التوقيع على الوثيقة الدستورية “المعيبة” التي تجاوزت ميثاق ” إعلان الحرية والتغيير”، فما هي أبرز نقاط “الوثيقة الدستورية” : –
– تراجعت ” الوثيقة الدستورية” عن ” إعلان الحرية والتغيير” ، واصبحت الفترة الانتقالية ( 39 شهرا) ، وتكوين مجلس سيادة من 11 ( 5 عسكريين و6 مدنيين) ، لمجلس السيادة الرئاسة خلال في 21 شهرا الأولي، والشق المدني في الفترة الانتقالية الثانية 18 شهرا!!. كما أعطت المكون العسكري حق تعيين وزيري الدفاع والداخلية والانفراد بالاصلاح في القوات النظامية. وقننت الوثيقة الدعم السريع دستوريا ، واعتبرته مؤسسة عسكرية وطنية حامية لوحدة الوطن ولسيادته وتتبع للقائد العام للقوات المسلحة وخاضعة للسلطات السيادية.
– اعتبرت “الوثيقة الدسترية” المراسيم الصادرة من 11 أبريل 2019 سارية المفعول ما لم تلغ أو تعدل من قبل المجلس التشريعي ، أما في حالة تعارضها مع أي من أحكام الوثيقة تسود أحكام الوثيقة. بالتالي ابقت الوثيقة الدستورية كما جاء في المراسيم علي وجود السودان في محور حرب اليمن ، والقوانين المقيدة للحريات التي ظلت سارية المفعول ولم يتم إلغايها..
٤
تم التنكر من المكون العسكري للوثيقة الدستورية رغم عيوبها ، ولم يتم تنفيذ بنودها كما في البطء والفشل في الآتي:
– محاسبة منسوبي النظام البائد في الجرائم التي ارتكبت منذ يونيو 1989.
– معالجة الأزمة الاقتصادية ووقف التدهور الاقتصادي ، وزاد الطين بلة الخضوع لتوصيات صندوق النقد الدولي برفع الدعم الذي زاد من حدة الغلاء والسخط علي الحكومة مما يهدد بسقوطها.
– الاصلاح القانوني وإعادة بناء المنظومة القانونية ، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات واستقلال القضاء وحكم القانون.
– تسوية أوضاع المفصولين من الخدمة المدنية والعسكريين وعدم اصدار قرار سياسي وبعودتهم.
– استمرار الانتهاكات ضد المرأة ( كما حدث في حالات الاغتصاب التي سجلتها مجازر دارفور واعتصام القيادة العامة . الخ.
– سياسة خارجية متوازنة تحقق المصالح الوطنية العليا للدولة ، وتعمل علي تحسين علاقات السودان الخارجية ، وبنائها علي أسس الاستقلالية والمصالح المشتركة مما يحفظ سيادة البلاد وأمنها، بل تم الخضوع للاملاءات الخارجية كما في تنفيذ توصيات صندوق النقد الدولي بطريقة فوق طاقة الجماهير استنكرها حتى صندوق النقد الدولي وانتقد الحكومة علي تلك الطريقة في التنفيذ التي تؤجج الشارع وتهدد استقرار البلاد والفترة الانتقالية، والخضوع للابتزاز في التطبيع مقابل الرفع من قائمة الدول الراعية للارهاب، فضلا عن دفع التعويض (335 مليون دولار) عن جرائم ليس مسؤولا عنها شعب السودان.
– تفكيك بنية التمكين الذي ما زال قويا ، وقيام دولة المؤسسات.
– تغول المجلس السيادي علي ملف السلام ، وتأخير تكوين التشريعي والولاة المدنيين بعد اتفاق المكون العسكري مع الجبهة الثورية، وعدم تكوين مفوضية السلام التي من اختصاص مجلس الوزراء، والسير في منهج السلام الجزئي والقائم علي المحاصصات حتى توقيع اتفاق سلام جوبا الذي وجد معارضة واسعة.
– تسليم البشير ومن معه للجنائية الدولية، وإعلان نتائج التحقيق في مجازر الاعتصام ومظاهرات ومواكب المدن( الأبيض، كسلا، قريضة، . الخ).
– انتهاك وثيقة الحقوق باطلاق الرصاص علي المواكب والتجمعات السلمية مما أدي لاستشهاد وجرحي
– عدم تكوين التشريعي.
٥
الانقلاب علي الوثيقة الدستورية:
وأخيرا جاءت اتفاقية جوبا التي كرّست الانقلاب الكامل علي “الوثيقة الدستورية”، ولم تتم اجازتها بطريقة دستورية بثلثي التشريعي كما في الدستور، بل تعلو بنود اتفاق جوبا علي الوثيقة الدستورية نفسها، كما قامت علي منهج السلام الذي حذرنا منه منذ بدايته، والذي قاد لهذا الاتفاق الشائه الذي لن يحقق السلام المستدام، بل سيزيد الحرب اشتعالا قد يؤدي لتمزيق وحدة البلاد مالم يتم تصحيح منهج السلام ليكون شاملا وعادلا وبمشاركة الجميع.
كان من الأهداف تعطيل الفترة الانتقالية وتغيير موازين القوي لمصلحة القوى المضادة للثورة ، ويتضح ذلك عندما وقع المكون العسكري اتفاقا مع الجبهة الثورية بتأجيل المجلس التشريعي وتعيين الولاة المدنيين، وجاءت الاتفاقية بشكلها لتغيير موازين القوي لصالح قوى “الهبوط الناعم ” بإعطاء نسبة 25% في التشريعي للجبهة الثورية و3 في السيادي و5 في مجلس الوزراء ، مما يحقق أغلبية يتم من خلالها الانقلاب علي الثورة..
اضافة للسير في الحلول الجزئية والمسارات التي تشكل خطورة علي وحدة البلاد ، ورفضها أصحاب المصلحة أنفسهم.
السير في منهج النظام البائد في اختزال السلام في محاصصات دون التركيز علي قضايا جذور مجتمعات مناطق الحرب من تعليم وتنمية وصحة وإعادة تعمير، فقد تمّ تجريب تلك المحاصصات في اتفاقات سابقة (نيفاشا، ابوجا، الشرق،. الخ) وتحولت لمناصب ووظائف دون الاهتمام بمشاكل جماهير مناطق النزاعات المسلحة في التنمية والتعليم والصحة وخدمات المياه والكهرباء وحماية البيئة، وتوفير الخدمات للرحل و الخدمات البيطرية، وتمّ إعادة إنتاج الحرب وفصل الجنوب، من المهم الوقوف سدا منيعا لعدم تكرار تلك التجارب.
جاء انقلاب ٢٥ أكتوبر 2021 ليطلق رصاصة الرحمة على الوثيقة الدستورية الذي وجد مقاومة جماهيرية كبيرة، وفشل حتى في تشكيل حكومة، مما أدي للتدخل الإقليمي والدولي لفرض الاتفاق الإطاري الذي أعاد الشراكة وكرس الدعم السريع واتفاق جوبا، وقاد للصراع على السلطة والثروة بين قيادتي الدعم السريع والجيش، الذي اتخذ شكل دمج الدعم السريع في الجيش و فجر الصراع المكتوم، وقاد للحرب الجارية حاليا.

٦
من العرض السابق تتضح الخطوات التي سارت عليها القوى المضادة للثورة كما في تغيير نسب المجلس لإجهاض الثورة التي رفضتها لجان المقاومة وتجمع المهنيين ، في مواجهة ومقاومة مستمرة لقواها التي أكدت استمرارية جذوتها ، وكان طبيعيا أن ينفرط عقد ” تحالف قوى الحرية والتغيير”، وينسحب منه الحزب الشيوعي وقبل ذلك جمد حزب الأمة نشاطه فيه، بعد أن سارت بعض مكوناته في خط “الهبوط الناعم “والتحالف مع المكون العسكري لإعادة إنتاج سياسات النظام البائد القمعية والاقتصادية وتحالفاته العسكرية الخارجية ، ومنهج السلام الجزئي الذي يعيد إنتاج الحرب ولا يحقق السلام المستدام.
كل ذلك يتطلب بمناسبة الذكرى السادسة للثورة أوسع حراك في الشارع بمختلف الأشكال وقيام أوسع تحالف من القوى الراغبة في استمرار الثورة واستعادة مسار الثورة على أساس ” ميثاق قوى الحرية والتغيير في يناير 2019 وتطويره)، وتحقيق الديمقراطية والتحول الديمقراطي، وتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية ، وعودة كل شركات الذهب والبترول والجيش والأمن والدعم السريع وشركات الماشية والمحاصيل النقدية والاتصالات لولاية المالية، ودعم الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمي بما يقوي الصادر والجنية السوداني وتوفير العمل للعاطلين من الشباب، ورفض السير في السياسة الاقتصادية للنظام البائد في رفع الدعم وتخفيض العملة والخصخصة،، وانجاز مهام الفترة الانتقالية وتفكيك التمكين والانتقال للدولة المدنية الديمقراطية التعددية ، ورفض الحلول الجزئية في السلام بالحل الشامل والعادل الذي يخاطب جذور المشكلة.
– إلغاء كل القوانين المقيدة للحريات ، وإلغاء قانون النقابات 2010، واجازة قانون نقابة الفئة الذي يؤكد ديمقراطية واستقلالية الحركة النقابية، ورفع حالة الطوارئ ، واطلاق سراح كل المحكومين ونزع السلاح وجمعه في يد الجيش وحل جميع المليشيات (دعم سريع ومليشيات الكيزان وجيوش الحركات. الخ) وفقا الترتيبات الأمنية، وتكوين جيش قومي موحد مهني تحت إشراف الحكومة المدنية. لضمان وقف الحرب واستعادة مسار الثورة. وعودة النازحين لمنازلهم وقراهم وإعادة إعمار ما دمرته الحرب.
– تسليم البشير والمطلوبين للجنائية الدولية ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب وضد الانسانية.
– عودة النازحين لقراهم وحواكيرهم ، وإعادة تأهيل وتعمير مناطقهم ، وعودة المستوطنين لمناطقهم ، وتحقيق التنمية المتوازنة.
– السيادة الوطنية ووقف ارسال القوات السودانية لمحرقة الحرب في اليمن، فلا يمكن تحقيق سلام داخلي، والسودان يشارك في حروب خارجية لا ناقة له فيها ولا جمل، والخروج من المحاور العسكرية، وقيام علاقاتنا الخارجية مع جميع دول العالم علي اساس المنفعة والاحترام المتبادل، وتصفية كل بؤر الارهاب والحروب في السودان.

alsirbabo@yahoo.co.uk

   

مقالات مشابهة

  • وقفة.. ثورة سوريا
  • في تذكّر ثورة في السودان غابتْ
  • السودان: ثورات تبحث عن علم سياسي (1-2)
  • هل كانت ثورة ام وهم الواهمين
  • استفتاء 19 ديسمبر .. جذوة الثورة ما تزال حية
  • في ذكراها السادسة كيف تم إجهاض ثورة ديسمبر؟
  • ثورة يحبّها الأعداء… إلى حين!
  • سودانيون يحيون ذكرى ثورة 19 ديسمبر بـ«احتجاجات إسفيرية» .. أنصار البشير يتحدونهم بالنزول إلى الشوارع
  • استفتاء 19 ديسمبر ..جذوة الثورة ما تزال حية 
  • ذكرى 19 ديسمبر: عهد يتجدد مع الحرية والسلام والعدالة.