الوطن:
2024-09-16@16:19:02 GMT

محمد غالب يكتب.. حديث عن الأهرامات فوق جبال الألب!

تاريخ النشر: 13th, October 2023 GMT

محمد غالب يكتب.. حديث عن الأهرامات فوق جبال الألب!

على طريق السفر، كانت الأمطار لا تتوقف، غير معترفة بصيف يوليو، رسمت قطراتها خطوطاً متداخلة على زجاج الباص، ومن خلفه ظهرت جبال الألب شامخة تلامس السماء، فتشكلت لوحة بديعة من صنع الله.

وفى منتصف الطريق توقفت العربة وصعد داخلها ثلاثة مسئولين يرتدون زياً يبدو رسمياً، لرؤية «الباسبور» الخاص بركاب العربة، فعرفت حينها أننا خرجنا من الأراضى السويسرية وأصبحنا فى إمارة ليختنشتاين، واندهشت من بساطة الانتقال من بلد لبلد.

ظهرت معالم فادوز، عاصمة ليختنشتاين، سُحبها واضحة وكأنها قربت من الأرض، وكانت سماؤها شديدة الزرقة تُضفى سلاماً على البيوت الصغيرة المتفرقة بين الجبال الخضراء وعلى كل من يسير حولها.

كان المشهد بديعاً، ظللت أتفحص كل تفاصيله بدقة، وتذكّرت الصدفة التى قادتنى للسفر إلى إمارة ليختنشتاين، بعدما كنت فى رحلة لمدينة زيورخ فى سويسرا تستمر لأيام، كان ذلك فى آخر شهر يوليو عام 2017، وقتها اقترح الفكرة نزيل نمساوى تعرفت عليه فى «الهوستيل» الذى أقمت فيه بزيورخ، وحكى لى حينها عن ليختنشتاين بحماس، وفى محاولة منه لإقناعى قال إنها تبعد مسافة ساعة ونصف فقط عن المدينة السويسرية، فقررت الذهاب بعد تردد استمر لساعات، وذلك لحسابات تتعلق بضيق الوقت وارتفاع تكاليف الرحلة، خاصة أن الأسعار فى سويسرا شديدة الغلاء.

لكن فى النهاية غلبت روح المغامرة وخضت التجربة بحماس، وكان يوماً مميزاً أحفظه جيداً، ومهما مرت السنوات أحكى عن تفاصيله طوال الوقت.

ليختنشتاين تقع بين دولتى النمسا وسويسرا، وعاصمتها فادوز، وهى من أصغر دول أوروبا، وتقع بالكامل فوق جبال الألب.

تجولت قليلاً فى البلد الغريب والتقطت بعض الصور للذكرى، وأول ما قمت بزيارته فى الإمارة الصغيرة متحف اسمه Lichtenstein landes musem. ودخلت لعلى أتعرف بعمق على تاريخ هذا البلد ومعالمه، ولكن ما حدث وفاجأنى هو العكس، وجدت سكان البلد والأجانب قصدوا المتحف للتعرف على الحضارة المصرية بحب وبعيون تلمع من الانبهار والاحترام.

وبمجرد الدخول فوجئت بأن المتحف ملىء بصور للقدماء المصريين، وكتب مصورة ومطبوعة بجودة عالية وبأحجام مختلفة على أغلفتها صور للأهرامات وأبوالهول، بالإضافة لإكسسوارات على أشكال فرعونية، وكتيبات صغيرة تحكى عن حضارتنا وتوضح شكل الحياة المصرية القديمة، مع كلمات من قبيل سحر الأهرامات، والفراعنة عاشوا فى مصر القديمة. كنت أتنقل من مكان لآخر بسعادة مصحوبة بدهشة، أقلّب الأوراق، وأفتح الكتب بحب، حتى وصلت أمام قاعة مكتوب على بابها «هنا معايشة لآثار مصر الفرعونية»، بالإضافة إلى أوراق ودعاية لرحلات تقام للقاهرة من ليختنشتاين.

كانت مفاجأة سعيدة، خاصة أن أحداثها متعلقة بمصر، فوجهت سؤالى المتعلق بكل دهشتى مما رأيت إلى مسئولة بالمتحف، وبلغة إنجليزية ضعيفة للغاية قالت إن إدارة المتحف خصصت جزءاً كبيراً من المتحف للتعريف بمصر وآثارها الفرعونية وتاريخها، بالإضافة لعروض حكى عن تاريخ مصر وحضارتها، كما أن هناك إعلاناً عن رحلات تقام لمصر مع زيارة الأهرامات، بسبب تقديرهم لتلك الحضارة المبهرة.

وبفخر أخبرتها عن جنسيتى المصرية، فرحبت بى بشدة وأعربت عن تقديرها الشديد لى ولمصر وتاريخها الملهم.. وهو ما فعله كل زوار المتحف، لتنطلق أحاديث بكل حب عن القاهرة وناسها وشوارعها واختلافها.

وتعجبت من تلك المصادفة، والتى بسببها شعرت وكأنى أكثر أهل الأرض سعادة، ولم أشعر حينها بغربة ولا ببُعد مسافات.

تجولت بعدها بفخر داخل متحف ليختنشتاين الوطنى الذى يضم مجموعة من الأعمال الفنية المحلية للإمارة، ويمكن للزوار التعرف على التراث الثقافى لليختنشتاين، ومعلومات عن تاريخها. زيارة المتحف كانت خير بداية لجولتى فى الإمارة التى وقعت فى غرامها، وسرت على أرضها الخضراء بكل خفة وكأنى طائر يحلق فوق جبال الألب.

وجدت أن المواطن فى ليختنشتاين يتحدث الألمانية، ويمكن التعامل داخلها بعملة الفرنك السويسرى أو اليورو، وعلى الرغم من صغر مساحتها فإنها تتميز باستقرار مالى واقتصادى، ويوجد بها بعض الصناعات.

وأول الأماكن التى حرصت على زيارتها قلعة فادوس وهى المعلم الأشهر، والتى يسكن بها أمير ليختنشتاين، وللصعود إلىها استغرقنا نحو 25 دقيقة تقريباً، كنت أسير وقتها فى الطريق خفيفا مرحاً، أجرى وأبتسم وأدوّن وأصوّر، وكأنى لا أريد لهذا الطريق أن ينتهى أبداً، كان نسيم الهواء عليلاً، والمناظر بديعة، حيث إن العيون لا ترى سوى بيوت مطلة على مناطق خضراء واسعة، وسماء بلون نقى، وسحب تتحرك فى انسيابية بديعة، وناس من جنسيات مختلفة يتحركون بمرح فينشرون طاقة إيجابية فى المكان. أكثرهم من النمسا وسويسرا وألمانيا، حيث يعيشون فى الإمارة بجانب المواطنين فى ليختنشتاين. ومن الأماكن المميزة فى ليختنشتاين قرية مالبون بمساحتها الخضراء الواسعة، وغيرها من الأماكن الهادئة.

قضيت فى ليختنشتاين ٨ ساعات تقريباً، منذ العاشرة صباحاً وحتى الخامسة بعد المغرب، بعدها قررت العودة إلى زيورخ نظراً لارتباطى بمواعيد الباص.

وعلى الرغم من مساحة البلد الصغير، وضيق الوقت، تركت الزيارة أثراً كبيراً وذكريات لا تُنسى وحكايات أتذكرها مهما مرت السنوات.

فى طريق العودة لزيورخ، حرصت على تأمل الأرض والسماء والجبال الممتدة حتى الأفق، ورددت: «وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ»، كان مشهداً كنت أتمنى أن لا ينتهى أبداً.

بعدها عدت إلى زيورخ، وقلّبت فى الصور التى التقطتها بالكاميرا، وشاهدت ما عرضه المتحف من حكايات مصرية بإعجاب، وظللت أقلّب وأشاهد كل ما يتعلق بحضارتنا المصرية الساحرة، وأجعل كل من بجانبى يشاهد، وأحكى بفخر وسعادة وحب.

ثم عدت إلى مصر بعد أيام، وحكيت، وما زلت أحكى، مصر هى أجمل وأهم بلد فى العالم.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: جبال الألب الأهرامات جبال الألب

إقرأ أيضاً:

عمرو فهمى يكتب: بناء دولة حديثة

إن القيادة السياسية ممثلة فى الرئيس عبدالفتاح السيسى، وجميع مؤسسات الدولة المصرية تشريعية وتنفيذية وقضائية، الجميع يسعى نحو ترسيخ المفهوم الحقيقى للارتقاء بالمواطن المصرى، من خلال العمل على النهوض بأوضاع حقوق الإنسان والحريات العامة والأساسية، وذلك من خلال ترجمة حقيقية لما ينص عليه الدستور المصرى من نطاق واسع من الحقوق والحريات إلى تشريعات وبرامج واستراتيجيات، وبما يسهم فى الارتقاء بحياة المواطنين ويضمن لهم حياة كريمة على شتى المناحى السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية.

وأن الاهتمام بملف حقوق الإنسان فى مصر يأتى كجزء من بناء الدولة المصرية الحديثة، التى ينعم فيها كافة المواطنين بحقوقهم التى كفلها لهم الدستور والقوانين المصرية، واتساقاً مع التزامات مصر الدولية بموجب القانون الدولى لحقوق الإنسان، وبما يؤكد أيضاً للعالم احترامها لالتزاماتها الدولية والإقليمية بموجب الاتفاقيات التى تعد طرفاً فيها، وتسعى دوماً لتنفيذها والامتثال إليها، بعيداً عن المشككين والمضللين فى هذا الشأن، وهو واضح وبازغ بزوغ الشمس منذ إطلاق الرئيس السيسى للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان منذ ما يقرب من 3 سنوات تقريباً، تحديداً فى سبتمبر 2021، بالتكامل مع المسار التنموى القومى لمصر الذى يرسخ مبادئ تأسيس الجمهورية الجديدة ويحقق أهداف رؤية مصر 2030، وتعظيم حقوق المواطنة وتعزيز رؤية بناء الإنسان.

وأن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التى يعمل على تنفيذها الرئيس السيسى بأشكال مختلفة، سواء من خلال توفير حياة كريمة ووضع آليات تحد من التحديات الصعبة أمام المواطنين فى ظل الظروف الراهنة، وتوفير المناخ الآمن والاستقرار الدائم للجميع، وكذلك استخدام صلاحياته الدستورية فى الإفراج عن المحبوسين احتياطياً والمتهمين فى قضايا الرأى، وإطلاق الحوار الوطنى ليكون مائدة تجتمع عليها كافة الآراء والأيديولوجيات والأطياف السياسية والحزبية والنقابية والأهلية المختلفة، والعمل بتوصيات مناقشات هذا الحوار هو خير دليل أيضاً على مساعى الدولة المصرية نحو الارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان للمواطن المصرى بمفهومها الشامل.

وعن دلالات إلغاء مد تطبيق قانون الطوارئ فى مصر منذ 3 سنوات، أن هذا القرار جاء تأكيداً على حالة الاستقرار والأمن التى تعيشها البلاد، فى ظل الجمهورية الجديدة، ويحمل أيضاً تداعيات إيجابية على صعيد تأكيد أن مصر أصبحت واحة أمان واستقرار.

وأنه من بين دلالات إلغاء مد تطبيق قانون الطوارئ فى مصر هو تطور جهود الدولة نحو ترسيخ مفهوم حقوق الإنسان، وتهيئة المناخ للاستثمار الأجنبى، بما يؤكد أن الدولة المصرية باتت فى عدم الحاجة لإجراءات استثنائية بعدما سادها الأمن والاستقرار.

وأن قرارات العفو الرئاسية، والإفراجات المتتالية بقرارات من الرئيس عبدالفتاح السيسى استجابة لتوصيات الحوار الوطنى، تؤكد أن الحوار أصبح ركيزة أساسية فى المشهد السياسى المصرى، ومنصة فاعلة ومؤثرة لتقريب وجهات النظر.

وبالنسبة لمشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد فيعد سبيل الدولة نحو تحقيق العدالة الناجزة وإقامة مجتمع أكثر عدالة وأمناً واستقراراً، موضحاً أن ما طرأ على القانون من تعديلات أبرزها تخفيض مدد الحبس الاحتياطى وتنظيم التعويض عنه، وإعادة تنظيم اختصاصات وصلاحيات مأمور الضبط القضائى بإقرار مزيد من الضمانات التزاماً بالمحددات الدستورية، وإلغاء الباب الخاص بالإكراه البدنى واستبداله بإلزام المحكوم عليه بأداء أعمال بالمنفعة العامة، جميعها تسعى نحو هدف واحد وهو العدالة الناجزة، بما يتماشى مع مبادئ الدستور المصرى والاتفاقيات الدولية، وتعزيز الضمانات المرتبطة باحترام حقوق الإنسان والحريات العامة بصورة مباشرة، وضمان سيادة القانون، حفاظاً على تماسك وصلابة المجتمع، لضمان مستقبل أفضل يتماشى مع رؤية الجمهورية الجديدة القائمة على البناء والتنمية

مقالات مشابهة

  • ألمانيا.. تحذيرات من حدوث انهيارات جليدية بجبال الألب
  • أشرف غريب يكتب: أعظم ما في تجربة سيد درويش
  • علي الفاتح يكتب: تداعيات التطبيع المصري التركي..!
  • خالد ناجح يكتب: كل عام ومصر بخير
  • خالد ميري يكتب: أرض الألغام.. واحة للأحلام
  • د. زاهر الشقنقيرى يكتب: التعددية الحزبية
  • المستشار رضا صقر يكتب: بداية جديدة
  • رضا فرحات يكتب: تعزيز المكانة الحقوقية
  • عمرو فهمى يكتب: بناء دولة حديثة
  • د. محمد أبو العلا يكتب: انتصار للفئات المهمَّشة