طوفان الأقصى….بداية النهاية ،،
تاريخ النشر: 13th, October 2023 GMT
كتب / سعيد سالم الحرباجي
حقاً لكل حر شريف اليوم أن يرفع هامته ،،
حقاً لكل حر شريف اليوم أن يسجد سجدة شكر لله سبحانه وتعالى ،،
حقاً لنا جميعاً أن ننحني تقديراً وعرفاناً لجهود مقاومة صادقة أحيت الأمل لدى الأمة الإسلامية بإعادة روح حياتها ، و بعث مقدراتها لمقاومة الظلم ، والقهر ،والاضطهاد ، والانعتاق من حضيرة العبودية ، وتمزيق قيود الاحتلال .
فتحية وألف تحية لكم أيها الأبطال ،،،
يكفيكم فخراً أيها الشجعان أنكم حطمتم أسطورة الجيش الذي لا يُقهر ، وأظهرتم هشاشة المخابرات التي نسجت حولها القصص الخيالية ، وجعلتم العالم كله يقف مشدوها ، حائراً ، خائر القوى ،،،
واهتزت لإنجازكم العسكري عروش القوى الكبرى ، ومن يقف إلى جانبهم من صهاينة العرب .
فقف أيها التاريخ ،،
قف… لتسجل اليوم أول كلمة في بداية السطر لتاريخ جديد ، لميلاد جديد ، لحياة جديدة .
قف لتصغي لصوت الحق ، لتدوَّن الأحداث بلغة مختلفة ، لتسجل الوقائع بمداد العزة ، لتكتب مستجدات العصر برائحة البارود .
قف لتعلن للعالم أن زمن الهزائم ولى وإلى غير رجعة ، وأننا اليوم نغزو ولا نغزى ، ونبادر لأخذ حقنا ولا ننتظر ، ونتقدم لاسترجاع مجدنا ولن نتأخر .
هكذا من رَحِم المعاناة تلد المعجزات ،،،
وهكذا يعيد التأريخ نفسه ،،
فما أشبه الليلة بالبارحة …
فإذا ما طوينا صفحات التأريخ القديم لرأينا الصورة تتكرر اليوم وكأننا الساعة نرى تلك الأحداث عياناً ..
ففي السنة الخامسة للهجرة تآمر العالم كله كي يستأصل تلك النواة التي تتشكل في المدينة
لترسم معالم تاريخ جديد …
فحشد القوم ما يربو على عشرة آلاف مقاتل من خارج المدينة ، وتآمر معهم اليهود والمنافقون من داخلها ، وأحاطوا بالمدينة إحاطة السوار بالمعصم ، وبلغ الكرب بالمسلمين مبلغه كما صوره القرآن الكريم فقال : ( وبلغت القلوب الحناجر ) وكان عدد المسلمين ثلاثة آلاف مقاتل يعانون من شدة البرد ، والعوز ، وقلة الإعداد العسكري ….ومع ذلك كله ثبت المسلمون ، وخيَّب الله آمال الأحزاب ،وولَّوا الأدبار ، ونصر الله المسلمين …
حينها قال الرسول الأعظم : ( اليوم نغزوهم ولا يغزوننا) .
ومن تلك اللحظات إنفرط عقد قوى الشر ، وبدأ العد التنازلي للنهاية المحتومة ، فتوالت الانتصارات التي تكللت بفتح مكة في السنة الثامنة للهجرة .
اليوم يتكرر المشهد ..
فهاهي غزة محاصرة ، وها هي ذي إسرائيل تحظى بالدعم الكامل من قبل كل دول العالم…
ومع ذلك استطاعت المقاومة اليوم أن تفرض واقعاً جديداً في معادلة الصراع شعارهم ( اليوم نغزوهم ولا يغزوننا ) ليبدأ العد التنازلي للعدو الغاصب .
الله أكبر ،،،
لقد أثبت أبطال فلسطين أنَّ الأمة لا تزال حية ، وأنَّ روح المقاومة تسري في جسدها ، وأنها قادرة على استرداد حقها المسلوب ..
أي نعم كشر العدو الجبان _ الذي خسر المعركة مع رجال المقاومة الفلسطينية _ عن أنيابه ، وصب جام غضبه على المواطنين العزل في غزة ، وتداعت قوى الشر جمعاء لدعمه ، وتأييده في عمله الجبان …
كل ذلك كان متوقعاً ،كل ذلك كان في الحسبان ….
لكن الذي لم يكن متوقعاً إلى هذه الدرجة من الخسة ، والنذالة ، والهوان ….هذا الصمت المريب من قبل الحكومة الفلسطينية نفسها ، ومن ( ما نسميهم زعماء ) العالم العربي والإسلامي ، بل والأشد إيلاما من ذلك كله … تعاطف بعض الدول العربية مع الكيان الغاصب.
أإلى هذه الدرجة وصل بكم الحال يا صهاينة العرب ؟؟
لقد كشفت هذه الحرب _الغير أخلاقية _ الوجه القبيح للنظام العالمي ، وإماطة اللثام عن عنصريته ، ووقاحته ، وخسته ، ووحشيته ، وإرهابه .
ذلك ما تجلى بوضوح من خلال ما صرح به وزير خارجية إمريكا اليوم الذي أعلن إنه وصل إلى إسرائيل لأنه( يهودي) وأنه يؤيد كل الخطوات الإجرامية التي يقوم بها النتن ياهو …أنهم يديرون حرباً دينية ،،
فاين موقف مليار ونصف مليار مسلماً من هذه الإبادة الجماعية لشعب أعزل ، محاصر ؟
فرغم مرارة الالم الذي يعتصر قلوبنا لهذه الإبادة الجماعية لأهلنا في غزة ..
إلا أننا متفائلون أنٌ ذلك كله ضريبة الحرية ، وثمن النصر ، وعربون التمكين ، وقيمة العزة .
وصدق الله إذ يقول :
( كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ) .
المصدر: شمسان بوست
إقرأ أيضاً:
ترامب الذي انتصر أم هوليوود التي هزمت؟
ما دمنا لم نفارق بعد نظام القطب الواحد المهيمن على العالم تظل النظرية القديمة التي نقول إن الشعب الأمريكي عندما يختار رئيسه فهو يختار أيضا رئيسا للعالم نظرية صحيحة. ويصبح لتوجه هذا الرئيس في فترة حكمه تأثير حاسم على نظام العلاقات الدولية وحالة الحرب والسلم في العالم كله.
ولهذا فإن فوز دونالد ترامب اليميني الإنجيلي القومي المتشدد يتجاوز مغزاه الساحة الداخلية الأمريكي وحصره في أنه يمثل هزيمة تاريخية للحزب الديمقراطي أمام الحزب الجمهوري تجعله عاجزا تقريبا لمدة ٤ أعوام قادمة عن منع ترامب من تمرير أي سياسة في كونجرس يسيطر تماما على مجلسيه.
هذا المقال يتفق بالتالي مع وجهة النظر التي تقول إن اختيار الشعب الأمريكي لدونالد ترامب رئيسا للمرة الثانية ـ رغم خطابه السياسي المتطرف ـ هو دليل على أن التيار الذي يعبر عنه هو تيار رئيسي متجذر متنامٍ في المجتمع الأمريكي وليس تيارا هامشيا.
فكرة الصدفة أو الخروج عن المألوف التي روج لها الديمقراطيون عن فوز ترامب في المرة الأولى ٢٠١٦ ثبت خطأها الفادح بعد أن حصل في ٢٠٢٤ على تفويض سلطة شبه مطلق واستثنائي في الانتخابات الأخيرة بعد فوزه بالتصويت الشعبي وتصويت المجمع الانتخابي وبفارق مخيف.
لكن الذي يطرح الأسئلة الكبرى عن أمريكا والعالم هو ليس بأي فارق من الأصوات فاز ترامب ولكن كيف فاز ترامب؟ بعبارة أوضح أن الأهم من الـ٧٥ مليون صوت الشعبية والـ٣١٢ التي حصل عليها في المجمع الانتخابي هو السياق الاجتماعي الثقافي الذي أعاد ترامب إلى البيت الأبيض في واقعة لم تتكرر كثيرا في التاريخ الأمريكي.
أهم شيء في هذا السياق هو أن ترامب لم يخض الانتخابات ضد هاريس والحزب الديمقراطي فقط بل خاضه ضد قوة أمريكا الناعمة بأكملها.. فلقد وقفت ضد ترامب أهم مؤسستين للقوة الناعمة في أمريكا بل وفي العالم كله وهما مؤسستا الإعلام ومؤسسة هوليوود لصناعة السينما. كل نجوم هوليوود الكبار، تقريبا، من الممثلين الحائزين على الأوسكار وكبار مخرجيها ومنتجيها العظام، وأساطير الغناء والحاصلين على جوائز جرامي وبروداوي وأغلبية الفائزين ببوليتزر ومعظم الأمريكيين الحائزين على نوبل كل هؤلاء كانوا ضده ومع منافسته هاريس... يمكن القول باختصار إن نحو ٩٠٪ من النخبة الأمريكية وقفت ضد ترامب واعتبرته خطرا على الديمقراطية وعنصريا وفاشيا ومستبدا سيعصف بمنجز النظام السياسي الأمريكي منذ جورج واشنطن. الأغلبية الساحقة من وسائل الإعلام الرئيسية التي شكلت عقل الأمريكيين من محطات التلفزة الكبرى إلي الصحف والمجلات والدوريات الرصينة كلها وقفت ضد ترامب وحتى وسائل التواصل الاجتماعي لم ينحز منها صراحة لترامب غير موقع إكس «تويتر سابقا». هذه القوة الناعمة ذات السحر الأسطوري عجزت عن أن تقنع الشعب الأمريكي بإسقاط ترامب. صحيح أن ترامب فاز ولكن من انهزم ليس هاريس. أتذكر إن أول تعبير قفز إلى ذهني بعد إعلان نتائج الانتخابات هو أن ترامب انتصر على هوليوود. من انهزم هم هوليوود والثقافة وصناعة الإعلام في الولايات المتحدة. لم يكن البروفيسور جوزيف ناي أحد أهم منظري القوة الناعمة في العلوم السياسية مخطئا منذ أن دق أجراس الخطر منذ ٢٠١٦ بأن نجاح ترامب في الولاية الأولى هو مؤشر خطير على تآكل حاد في القوة الناعمة الأمريكية. وعاد بعد فوزه هذا الشهر ليؤكد أنه تآكل مرشح للاستمرار بسرعة في ولايته الثانية التي تبدأ بعد سبعة أسابيع تقريبا وتستمر تقريبا حتى نهاية العقد الحالي.
وهذا هو مربط الفرس في السؤال الكبير الأول هل يدعم هذا المؤشر الخطير التيار المتزايد حتى داخل بعض دوائر الفكر والأكاديميا الأمريكية نفسها الذي يرى أن الإمبراطورية ومعها الغرب كله هو في حالة أفول تدريجي؟
في أي تقدير منصف فإن هذا التآكل في قوة أمريكا الناعمة يدعم التيار الذي يؤكد أن الامبراطورية الأمريكية وربما معها الحضارة الغربية المهيمنة منذ نحو٤ قرون على البشرية هي في حالة انحدار نحو الأفول. الإمبراطورية الأمريكية تختلف عن إمبراطوريات الاستعمار القديم الأوروبية فبينما كان نفوذ الأولى (خاصة الإمبراطوريتين البريطانية والفرنسية) على العالم يبدأ بالقوة الخشنة وبالتحديد الغزو والاحتلال العسكري وبعدها يأتي وعلى المدى الطويل تأثير قوتها الناعمة ولغتها وثقافتها ونظمها الإدارية والتعليمية على شعوب المستعمرات فإن أمريكا كاستعمار إمبريالي جديد بدأ وتسلل أولا بالقوة الناعمة عبر تقدم علمي وتكنولوجي انتزع من أوروبا سبق الاختراعات الكبرى التي أفادت البشرية ومن أفلام هوليوود عرف العالم أمريكا في البداية بحريات ويلسون الأربع الديمقراطية وأفلام هوليوود وجامعات هارفارد و برينستون ومؤسسات فولبرايت وفورد التي تطبع الكتب الرخيصة وتقدم المنح وعلى عكس صورة المستعمر القبيح الأوروبي في أفريقيا وآسيا ظلت نخب وشعوب العالم الثالث حتى أوائل الخمسينات تعتقد أن أمريكا بلد تقدمي يدعم التحرر والاستقلال وتبارى بعض نخبها في تسويق الحلم الأمريكي منذ الأربعينيات مثل كتاب مصطفى أمين الشهير «أمريكا الضاحكة». وهناك اتفاق شبه عام على أن نمط الحياة الأمريكي والصورة الذهنية عن أمريكا أرض الأحلام وما تقدمه من فنون في هوليوود وبروداوي وغيرها هي شاركت في سقوط الاتحاد السوفييتي والمعسكر الشيوعي بنفس القدر الذي ساهمت به القوة العسكرية الأمريكية. إذا وضعنا الانهيار الأخلاقي والمستوى المخجل من المعايير المزدوجة في دعم حرب الإبادة الإسرائيلية الجارية للفلسطينيين واللبنانيين والاستخدام المفرط للقوة العسكرية والعقوبات الاقتصادية كأدوات قوة خشنة للإمبراطورية الأمريكية فإن واشنطن تدمر القوة الناعمة وجاذبية الحياة والنظام الأمريكيين للشعوب الأخرى وهي واحدة من أهم القواعد الأساسية التي قامت عليها إمبراطورتيها.
إضافة إلى دعم مسار الأفول للإمبراطورية وبالتالي تأكيد أن العالم آجلا أو عاجلا متجه نحو نظام متعدد الأقطاب مهما بلغت وحشية القوة العسكرية الأمريكية الساعية لمنع حدوثه.. فإن تطورا دوليا خطيرا يحمله في ثناياه فوز ترامب وتياره. خاصة عندما تلقفه الغرب ودول غنية في المنطقة. يمكن معرفة حجم خطر انتشار اليمين المتطرف ذي الجذر الديني إذا كان المجتمع الذي يصدره هو المجتمع الذي تقود دولته العالم. المسألة ليست تقديرات وتخمينات يري الجميع بأم أعينهم كيف أدي وصول ترامب في ولايته الأولى إلى صعود اليمين المتطرف في أوروبا وتمكنه في الوقت الراهن من السيطرة على حكومات العديد من الدول الأوروبية بعضها دول كبيرة مثل إيطاليا.
لهذا الصعود المحتمل لتيارات اليمين المسيحي المرتبط بالصهيونية العالمية مخاطر على السلم الدولي منها عودة سيناريوهات صراع الحضارات وتذكية نيران الحروب والصراعات الثقافية وربما العسكرية بين الحضارة الغربية وحضارات أخرى مثل الحضارة الإسلامية والصينية والروسية.. إلخ كل أطرافها تقريبا يمتلكون الأسلحة النووية!!
حسين عبد الغني كاتب وإعلامي مصري