تقرير بفايننشال تايمز: ما ينتظر إسرائيل في غزة كابوس حقيقي
تاريخ النشر: 13th, October 2023 GMT
أكد تقرير نشرته صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية أن الهجوم البري الإسرائيلي المحتمل "لاجتثاث مسلحي حركة حماس" سيكون بمثابة اختبار لمهارات الجيش الإسرائيلي في حرب المدن.
وتحدث التقرير عن حكاية خبير المتفجرات الإسرائيلي "إيال" الذي أرسل إلى غزة لأول مرة قبل 9 سنوات وعمره آنذاك 26 عاما، للمساعدة على تفكيك أنفاق حماس، وهو الآن يستعد للعودة إلى هناك.
ونقل الكاتبان عن إيال قوله إن دخول الأراضي الفلسطينية التي تسيطر عليها حماس "كابوس حقيقي.. أي شيء تلمسه يمكن أن يكون قنبلة، وأي شخص تراه يمكن أن يكون إرهابيًّا. عليك أن تتحرك ببطء عمدا. في بعض الأحيان يتحركون بشكل أسرع مما يمكنك الرد عليه. الشيء الوحيد الذي يبقيك على قيد الحياة هو تدريبك".
الأسوأ
وبحسب الكاتبَين، فقد قال إيهود أولمرت، الذي أَرسل حين كان رئيس الوزراء في عام 2008 قوات برية إلى المنطقة التي يبلغ طولها 40 كيلومترا في عملية الرصاص المصبوب التي استمرت 3 أسابيع، إن ما ينتظر الجنود الإسرائيليين هو "كل ما يمكنك تخيله أسوأ"، مضيفا "لن يكون الأمر بسيطا ولن يكون ماتعا لنا أو لهم".
ونظرا للإخفاقات الاستخباراتية الواضحة التي سبقت هجوم يوم السبت، فمن الممكن أن تتجه القوات الإسرائيلية نحو "قاذفات جديدة أو أنواع جديدة من الصواريخ الأقوى والأكبر حجما أو الصواريخ الجديدة المضادة للدبابات التي لسنا على دراية بها".
وأشار الكاتبان إلى أن حماس قد جمعت ترسانة صاروخية هائلة منذ دخول الجنود الإسرائيليين غزة آخر مرة في عام 2014، كما بنت مئات الكيلومترات من الأنفاق، التي أطلق عليها اسم "مترو غزة"، لنقل المقاتلين والأسلحة بدون أن يتم اكتشافها، وتدريبهم على القتال في المناطق الحضرية.
وحتى هجوم يوم السبت الصادم، كان الجيش الإسرائيلي مقتنعا بأنه كان على علم باختراع حماس، حيث أنفق المليارات على أجهزة استشعار للكشف عن التحركات تحت الأرض وبناء حاجز لمنع الأنفاق من الوصول إلى إسرائيل.
غزو بري
والآن، ومع حشد 300 ألف جندي على حدود غزة وقصف القوات الجوية الإسرائيلية لغزة، يبدو أن الجيش الإسرائيلي على شفا غزو بري لم يسبق له مثيل منذ تحركه إلى لبنان في عام 1982.
ونسب الكاتبان إلى الرائد نير دينار، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله إن "حماس مستعدة بشكل جيد للغاية، لقد حسّنا أدواتنا وأساليبنا".
ولفت الكاتبان إلى أن الحرب الجديدة ضد حماس، والتي قال نتنياهو إنها ستكون "طويلة ومؤلمة"، سوف تضع طريقتين متنافستين للحرب ضد بعضهما البعض، فهو يترك سكان غزة يستعدون لهجوم أكثر تدميرا هذه المرة؛ وقد فرضت إسرائيل بالفعل حصارا على القطاع وقطعت عنه المياه والكهرباء.
ومن جهة أخرى سوف يقاتل الجيش الإسرائيلي، عدوا يتطلع إلى استغلال جميع مزايا الدفاع الحضري -من الأفخاخ المتفجرة ومواقع القناصة إلى المعاقل المعززة- فضلا عن مجموعة من التكتيكات منخفضة التقنية لإضعاف القدرات التكنولوجية الإسرائيلية.
وأوضح الكاتبان أن الجيش الإسرائيلي سوف ينشر ما يسمى "عقيدة النصر"، والتي تتطلب من القوات الجوية أن يكون لديها مجموعة كبيرة من الأهداف التي تم فحصها مسبقا وتدميرها بطريقة سريعة. ولقد بدأ الأمر بالفعل، حيث تقصف الطائرات المقاتلة بشكل مكثف مساحات واسعة من غزة، وتتوقف فقط للتزود بالوقود، وغالبا ما تكون في الجو.
استهداف المقاومة
وتهدف الحملة إلى تجاوز قدرة حماس على إعادة تجميع صفوفها، ووفقا لشخص مطلع على المناقشات التي أدت إلى إنشاء عقيدة 2020، فإن الهدف منها هو "تحقيق الحد الأقصى من الأهداف قبل أن يمارس المجتمع الدولي ضغوطا سياسية للإبطاء".
وقال جون سبنسر، الرائد الأميركي السابق الذي يرأس دراسات حرب المدن في معهد الحرب الحديثة في الأكاديمية العسكرية الأميركية، المعروفة باسم ويست بوينت "ستكون الأمور دموية للغاية، لا يمكنك تغيير طبيعة حرب المدن، سيكون هناك الكثير من الأضرار الجانبية".
وبيّن الكاتبان أن إسرائيل قد طورت بعضا من أحدث التدريبات على حرب المدن في العالم استعدادا لمثل هذه الصراعات.
وإحدى التقنيات العسكرية هي دخول المباني عن طريق اختراق الجدران الجانبية لتجنب الأبواب المفخخة. وبمجرد دخولهم، يفجّر الجنود الجدران الداخلية لتجنب أي نيران قناصة على السلالم أو المساحات المفتوحة في الشارع. وهناك تكتيك آخر يتمثل في استخدام الجرافات المدرعة التي يبلغ ارتفاعها 3 طوابق لتمهيد الطريق أمام الوحدات التي تقاتل على الأرض.
تكتيكات
وبحسب الكاتبَين؛ فقد قال أنتوني كينغ، أستاذ دراسات الحرب في جامعة إكستر ومؤلف كتاب "الحرب الحضرية في القرن الـ21″، إن الخطوة الأولى المحتملة لإسرائيل ستتضمن بناء ما وصفه بأنه "أسطوانة متعددة الطبقات من القوة الجوية ترتفع 60 ألف قدم فوق القتال"، مضيفا "ستكون الطائرات المسيّرة الصغيرة والمروحيات الهجومية في أدنى مستوى، وطائرات المراقبة والطائرات المسيّرة فوقها، ثم الطائرات المقاتلة في الأعلى مع طائرات الاستطلاع الإستراتيجية".
وستشهد الخطوة التالية مرور المدرعات في الشوارع والمدفعية لتفجير الطريق. سيكون الأمر مدمرا للغاية.
وحذر الكاتبان من أنه قبل أن تتمكن القوات الإسرائيلية من الوصول إلى معاقل حماس الحضرية، فسيتعين عليها اختراق سلسلة من الخطوط الدفاعية التي ستشمل الألغام ومواقع الكمائن وأهداف قذائف الهاون، وفقا لمراجعة حديثة أجراها نداف موراغ، مستشار أمني إسرائيلي سابق.
وسينتظرهم على مشارف مدن غزة، قذائف الهاون الثقيلة، والرشاشات، والأسلحة المضادة للدبابات، والقناصون، وربما "الانتحاريون"، وسيتطلب اختراق الأنفاق قتالا مكثفا واستخدام "القنابل الإسفنجية"، وهو مركب كيميائي يغلق المداخل الصغيرة.
وقال سبنسر "إنها لا تدمر الأنفاق، ولكنها تسمح للقوات بالمضي قدما ولا تضطر إلى إخراج قوات العدو من كل نفق".
مهمة مستحيلة
وشدد الكاتبان على أن تفكيك حماس مع إنقاذ الرهائن الإسرائيليين وتقليل الخسائر في صفوف المدنيين سيكون مهمة معقدة للغاية -بل إنها مستحيلة وفق قول البعض- بالنسبة للجيش الإسرائيلي.
ونقل التقرير تحذير رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أولمرت من أن نتنياهو والجيش الإسرائيلي يواجهان مأزقا أخلاقيا، فاستخدام القوة الجوية لمهاجمة حماس يزيد من خطر وقوع خسائر في صفوف المدنيين، في حين أن استخدام القوات البرية أكثر دقة ولكنه يزيد من المخاطر على الجنود الإسرائيليين.
وأضاف "هل نحن مستعدون للقيام بعمل ينطوي على مخاطر كبيرة للجنود الإسرائيليين، أم أننا سنختار إستراتيجية من شأنها أن تتسبب في مقتل عدد أكبر من الأشخاص غير المتورطين بشكل مأساوي؟".
وتابع "مما أعرفه عن الرأي العام الإسرائيلي في الوقت الحالي، فإن الخيار سيكون القيام بمخاطرات أقل".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی
إقرأ أيضاً:
ما شروط حماس لإطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين؟
عواصم - الوكالات
قال طاهر النونو، المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس، اليوم الاثنين، إن الحركة مستعدة لإطلاق سراح كافة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة ضمن صفقة تبادل "جادة" تشمل وقف إطلاق النار والانسحاب الكامل لقوات الاحتلال من القطاع، إلى جانب إدخال المساعدات الإنسانية.
وأضاف النونو في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية أن "الاحتلال هو من يعرقل التوصل إلى اتفاق، ويتنصل من التزاماته"، مؤكداً أن "حماس تعاملت بإيجابية ومرونة مع المقترحات المطروحة، لكنها تطالب بضمانات حقيقية تلزم إسرائيل بتنفيذ أي اتفاق يتم التوصل إليه".
وأوضح أن "الاحتلال يريد صفقة جزئية لإطلاق أسراه دون التطرق إلى القضايا الجوهرية، وعلى رأسها وقف الحرب والانسحاب من غزة".
وكان وفد من حماس برئاسة خليل الحية قد أجرى محادثات في القاهرة مع مسؤولين مصريين، وبمشاركة قطرية، في إطار جهود الوساطة لوقف الحرب. لكن مصادر مطلعة أكدت لوكالة الصحافة الفرنسية أن اللقاءات لم تسفر عن "تقدم حقيقي".
وجدد النونو تأكيد حماس أن "سلاح المقاومة غير مطروح للتفاوض"، مشيراً إلى أن بقاءه "مرتبط بوجود الاحتلال واستمرار العدوان على الشعب الفلسطيني".
في المقابل، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن المقترحات الحالية تتضمن إطلاق سراح نحو 10 أسرى إسرائيليين أحياء مقابل إطلاق مئات الأسرى الفلسطينيين، إلى جانب وقف لإطلاق النار وفتح المجال أمام إدخال المساعدات إلى غزة.
وبحسب موقع "واي نت" الإسرائيلي، فقد جرى تقديم ضمانات أميركية لحماس بأن الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية من الصفقة –التي قد تشمل نهاية الحرب– سيتم فور إتمام الدفعة الأولى من التبادل.
وتشير تقارير إلى تعثر جهود الوسطاء في إحياء اتفاق وقف إطلاق النار الذي انهار بعد استمراره 58 يوماً، بسبب الخلافات حول أعداد الأسرى وشروط الانسحاب ووقف الحرب.
يُذكر أن الحرب الإسرائيلية على غزة، التي بدأت في 7 أكتوبر 2023، أسفرت عن أكثر من 167 ألف شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود، وسط حصار خانق أدى إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة.