اقتصاد العالم مَرِن لكنه يتعثر
تاريخ النشر: 13th, October 2023 GMT
جلبت السنوات الأربع الأخيرة ثلاث صدماتٍ هائلة هي جائحة كوفيد-19واختلال سلاسل التوريد في فترة ما بعد كوفيد، والحرب في أوكرانيا، والارتفاع الذي أعقبها في أسعار السلع. هل انتهت هذه السلسلة من الصدمات الواسعة النطاق الآن؟ الحرب في غزة توحي أن الإجابة ربما بالنفي. مما يشكل الاضطراب في سوق السندات مؤخرا مؤشرا آخر على استمرار انعدام القدرة على التنبؤ بما يمكن أن يحدث في المستقبل.
لنبدأ بالمرونة إذن. هنا توجد ثلاث تطورات مشجعة، فصندوق النقد الدولي لم يكن بحاجة إلى إجراء أية تعديلات مهمة لتوقعاته في أبريل. إلى ذلك انحسر الاضطراب المالي في الربيع الماضي بانهيار البنوك الإقليمية في الولايات المتحدة وبنك كريدي سويس. والأهم من كل ذلك هنالك أدلة متزايدة على أن التضخم ربما سيتم خفضه إلى المعدل المستهدف بدون انكماشات اقتصادية. وهكذا قد يتضح أن انخفاض التضخم خال من المشاكل بأكثر مما سبق أن توقعت. أشار تقرير آفاق الاقتصاد العالمي إلى أن أسواق العمل لا تزال قوية في عدد من بلدان الدخول المرتفعة دون أن تكون هنالك أدلة على وجود "دوامات" ارتفاع في الأجور والأسعار. كما ثمة أدلة أيضا بتقلص التفاوت في الأجور مع ارتفاع الأجور الأدنى بالنسبة إلى الأجور الأعلى. ويشير التقرير إلى أن ذلك ربما يعود إلى ميزات الرفاهية التي يحققها العمل عن بُعد والمرِن للعاملين المهرة. فهؤلاء على استعداد للعمل من البيت بأجر أقل. مع ذلك تظل هناك مخاطر مهمة في الأجل القصير. إحدى هذه المخاطر أن تصبح أزمة العقارات في الصين أكثر سوءا، ومن بينها أيضا احتمال حدوث المزيد من التقلبات في أسعار السلع. ومن المخاطر أيضا ضعف الاستهلاك مع نفاد المدخرات التي تراكمت خلال حقبة كوفيد خصوصا في الولايات المتحدة. ومنها أيضا اتضاح أن التضخم أكثر مرونة مما كان متوقعا. وحقيقة الأمر أن خفض التضخم يبدو ممكنا بدون انكماش ليس سببا للتخلي عن جهود خفضه قبل الأوان. وأخيرا سيتضح أن السياسة المالية ستكون مقيدة بقدر أكبر في هذا العالم الجديد.(أي أن قدرة الحكومة على فرض الضرائب وتقليل الإنفاق ستكون محدودة - المترجم). ذلك يعني خصوصا أن البلدان النامية ستواجه تحديات كبيرة في التعامل مع الديْن باهظ التكلفة. ومن المرجح كما يبدو أن نشهد المزيد من الصدمات. إلى ذلك ولسوء الحظ لا تعني المرونة ضمنا الأداء الجيد. وهكذا في عام 2023 سيكون الإنتاج العالمي أقل بنسبة 3% مما كان متوقعا قبل الجائحة. ما هو أكثر من ذلك هذه الخسائر قليلة في بلدان الدخل المرتفع. بل في الولايات المتحدة هناك مكاسب طفيفة. لكن في البلدان الصاعدة والنامية كان التأثيرأشد ضررا. هذا يعكس قدرة البلدان الدخل المرتفع على التعامل مع الصدمات والتي تفوق كثيرا قدرة البلدان الأفقر والتي تفتقر إلى إمكانية إيجاد لقاحات أو اقتراض أموال بتكلفة زهيدة. نتيجة لذلك قضت صدمات الجائحة والحرب في أوكرانيا والمناخ على جهود استمرت لعقود لخفض الفقر. فحسب البنك الدولي زادت أعداد من يعيشون في فقر مدقع بحوالي 95 مليون شخص في عام 2022 مقارنة بأعدادهم في عام 2019.
يجب وضع هذا الأداء الاقتصادي الضعيف والمتفاوت في سياق زمني أطول. يلاحظ تقرير آفاق الاقتصاد العالمي أنه كان هنالك انخفاض بنسبة 1.9% في توقعاته عن آفاق النمو العالمي في المدى المتوسط لعام 2008 مقارنة بتوقعاته لعام 2023. التدهور عام لكنه مهم خصوصا للبلدان النامية. فالعدد المتوقع للسنوات اللازمة للبلدان الصاعدة والنامية كي تسد نصف الفجوة بين الدخول مقابل الفرد مع بلدان اقتصادات الدخول العالية ارتفع بشدة من 80 عاما بحسب تقديرات تقرير آفاق الاقتصاد العالمي في أبريل 2008 إلى 130عاما وفقا لتقديراته في أبريل 2023. فالتقارب الاقتصادي "المفرِح" بين هذه البلدان يتوقف.
هناك المزيد من المصاعب في الأجل الطويل. إحداها المناخ. فالعالم شهد شهر سبتمبر الأشد حرارة على الإطلاق في هذا العام بعد أن تجاوز أعلى درجة حرارة مسجلة في السابق بنصف درجة مئوية. وهذه حالة استثنائية. إضافة إلى ذلك إذا ظلت أسعار الفائدة الحقيقية مرتفعة بشكل دائم كما يعتقد البعض ستكون الظروف اللازمة للاستثمار والنمو في الأجل الطويل أسوأ على نحو دائم أيضا. وذلك تماما في وقت يتطلب زيادة ضخمة في الاستثمار لمواجهة تحديات المناخ والوفاء بأهداف التنمية الأوسع نطاقا. كل هذا غالبا ما سيفاقمه تشظِّي اقتصاد العالم مع تصاعد الحمائية واحتدام التنافس الجيوستراتيجي. وفي أسوأ الأحوال سيتضح أن الآثار السلبية للسنوات الأخيرة ليس فقط من غير الممكن إزالتها ولكنها ستكون نذيرا بأداء مختل بشكل دائم.
في آخر المطاف كل هذه المشاكل سياسية أساسًا. وهذه طريقة أخرى للقول إنها تكاد تكون غير قابلة للحل. نحن لدينا الموارد والتقنية اللازمة للتعامل معها. وليس هنالك سبب وجيه لأن يعيش هذا العدد الكبير من الناس في مثل هذه الظروف القاسية. كما لا يوجد سبب أيضا لأن نفشل في التصدي لمشاكل المناخ والتحديات البيئية الأخرى. لكن لكي نفعل ذلك نحن بحاجة إلى معرفة مصالحنا المشتركة وضرورة العمل الجماعي وأن ما كنا نعتبرها حتى وقت قريب احتمالات بعيدة التحقق أصبحت وشيكة. جماعيا نحن سيئون في التفكير والعمل بطرائق معقولة. بل أصبحنا أسوأ في الوقت الحاضر كما يظهر من الفوضى التي تضرب بأطنابها في واشنطن وخيارات السياسات السيئة في الصين وحرب أوكرانيا الكارثية والفشل في التوصل إلى أي نوع من السلام بين إسرائيل والفلسطينيين والعجز عن تجنب بعض العواقب التي ترتبت عن الصدمات الأخيرة للبلدان الفقيرة. في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي (المنعقدة حاليا) في مراكش بالمغرب يحتاج واضعو السياسات إلى الاتفاق على زيادة ضخمة للموارد المتاحة لكلا المؤسستين. كل أحد تقريبا يعلم ذلك. فهل سيحدث ذلك؟ علينا أن نشك كثيرا وكثيرا جدا. لكن يجب أن يتوصلوا إلى هذا الاتفاق. لقد آن للبشرية أن تتعقَّل قليلا.
الكاتب كبير معلقي الاقتصاد بصحيفة الفاينانشال تايمز
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی الأجل
إقرأ أيضاً:
«الأبيض» يتعثر أمام «الأزرق» وينتظر «جولة الحسم»
الكويت (الاتحاد)
أخبار ذات صلة مباشر.. لحظة بلحظة تابع مباراة منتخب الإمارات مع الكويت في كأس الخليج «العُماني» يهزم «القطري» بهدفي «الصبحي» خليجي 26 تابع التغطية كاملةخسر منتخبنا الوطني 1-2 أمام المنتخب الكويتي في المباراة التي جمعتهما ضمن الجولة الثانية من «خليجي 26» المقامة حالياً بالكويت.
ارتكب المدافع خليفة الحمادي خطأين أسفرا عن هدفي «الأزرق» صاحب الأرض والجمهور بعدما تقدم «الأبيض» بهدف، كما تلقى كوامي بطاقة حمراء قبل نهاية الشوط الثاني، ما صعب من مهمة المنتخب.
سجل أهداف المباراة كايو كانيدو لمنتخبنا في الدقيقة 5، وللكويت محمد دحام بالدقيقة 16 ومعاذ الأصيمع بالدقيقة 89، وبهذه النتيجة حل منتخبنا في المركز الثالث للمجموعة الأولى بنقطة وحيدة، بينما تقاسم الأزرق الصدارة مع المنتخب العُماني برصيد 4 نقاط لكل منهما، وينتظر منتخبنا الجولة الثالثة والأخيرة لتحديد موقفه في البطولة.
بدأ منتخبنا المباراة بهجوم ضاغط على مرمى الكويت، حيث لم تستمر فترة جس النبض طويلاً، وانطلق حارب عبدالله من الجبهة اليمنى وراوغ دفاعات أصحاب الأرض ليتوغل إلى داخل منطقة الـ18، ومن هجمة جيدة، حول الكرة عرضية باتجاه المرمى لينبري ليها كايو كانيدو ويودعها بالرأس معلناً تقدم المنتخب الوطني في الدقيقة الخامسة من زمن المباراة.
واصل «الأبيض» الضغط على مرمى المنتخب الكويتي، الذي عاد لاعبوه للدفاع والاعتماد على المرتدات، وكاد حارب عبد الله أن يصنع الهدف الثاني من كرة عرضية أرسلها إلى كايو كانيدو، الذي حاول أن يراوغ داخل المنطقة، ولكن تدخل الدفاع «الأزرق» لإنقاذ الموقف.
استمر الأداء من طرف واحد عبر سيطرة منتخبنا على مجريات اللعب، مقابل تقهقر أصحاب الأرض للبحث عن فرصة بهجمة مرتدة حتى الدقيقة 16، والتي ارتكب فيها خليفة الحمادي خطأ فردياً بتحويل الكرة إلى الخلف لينقض عليها محمد دحام مهاجم الأزرق الكويتي، الذي انطلق إلى داخل المنطقة، وانفرد بمرمى خالد عيسى، وأودع الكرة في شباك منتخبنا يسجل هدف التعادل.
عاد «الأزرق» مجدداً للدفاع من وسط ملعبه، مقابل تقدم منتخبنا للأمام بحثاً عن هدف ثانٍ، وحاول حارب عبدالله التوغل في أكثر من كرة بالجبهة اليمنى، ويحيى الغساني عبر الجبهة اليسرى، بالإضافة لتناقل الكرة من العمق عن طريق ماكنزي هانت، الذي تقدم للأمام لتشكيل الضغط اللازم على أصحاب الأرض، ولكن عابه البطء في تحويل الهجمات، فيما كاد أن يسجل حارب عبدالله عبر تسديدة مباغتة أطلقها من أمام المنطقة، مرت بجوار القائم في أخطر فرص الشوط الأول لمنتخبنا.
وحاول فابيو ليما أن يسدد أيضاً من أمام منطقة الـ18، ولكن الكرة ارتدت من أقدام الدفاع، ثم حول تمريرة سحرية ليحيى الغساني في أواخر الشوط الأول، لينفرد ويسدد بقوة، لكن الكرة ارتطمت بالقائم، لترتد إلى داخل الملعب، لينتهي الشوط بالتعادل الإيجابي.
في الشوط الثاني، حاول المنتخب الكويتي التقدم للأمام ومبادلة منتخبنا الهجوم، ولكن دفاع «الأبيض» تصدى لأكثر من محاولة هجومية لم تسفر عن خطورة حقيقية على مرمى خالد عيسى.
ومع مرور الوقت، أجرى باولو بينتو مدرب منتخبنا تبديلاً ودفع ببرونو أوليفيرا في الهجوم على حساب زايد سلطان المدافع الأيمن، وذلك لزيادة الضغط الهجومي للأبيض في ظل لجوء الأزرق للدفاع واللعب على المرتدات مقابل عدم استغلال مهاجمي منتخبنا للفرص والتحولات الهجومية من الوسط، كما دفع بيحيى نادر بدلاً من عبد الله حمد، ولاحقاً دفع بطحنون الزعابي بديلاً لفابيو ليما المرهق، ولكن لم تسفر التبديلات عن تشكيل الخطورة اللازمة على مرمى المنتخب الكويتي.
وتلقى كوامي بطاقة حمراء للإنذار الثاني بعد كرة مشتركة مع مهاجم المنتخب الكويتي، ليكمل «الأبيض» الدقائق الأخيرة بـ10 لاعبين، ليدفع بينتو بمحمد العطاس لتأمين الدفاع مجدداً على حساب كايو.
وفي الدقيقة 89، ارتكب خليفة الحمادي خطأً فردياً مجدداً بإعادة الكرة لمرمى خالد عيسى لينقض عليها معاذ الأصيمع ويودعها الشباك معلناً تقدم «الأزرق»، وارتبك أداء المنتخب وكاد المنتخب الكويتي أن يعزز بهدف ثالث، ولكن انتهى اللقاء عند ثنائية أصحاب الأرض على حساب منتخبنا.