قال الشيخ الدكتور أحمد بن طالب بن حميد ، إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف،  إن الله إذا أخبر فخبره الصدق، وإذا حكم فحكمه العدل، لا يُبدل القول لديه، والكل منه وبه وإليه؛ وفي إخباره سبحانه عدل أحكامه، وفي أحكامه صدق أخباره.

إذا حكم فحكمه العدل

واستشهد " بن حميد" خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة، ما قال تعالى: (وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّٗا شَيَٰطِينَ ٱلۡإِنسِ وَٱلۡجِنِّ يُوحِي بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٖ زُخۡرُفَ ٱلۡقَوۡلِ غُرُورٗاۚ وَلَوۡ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُۖ فَذَرۡهُمۡ وَمَا يَفۡتَرُونَ وَلِتَصۡغَىٰٓ إِلَيۡهِ أَفۡـِٔدَةُ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ وَلِيَرۡضَوۡهُ وَلِيَقۡتَرِفُواْ مَا هُم مُّقۡتَرِفُونَ أَفَغَيۡرَ ٱللَّهِ أَبۡتَغِي حَكَمٗا وَهُوَ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ إِلَيۡكُمُ ٱلۡكِتَٰبَ مُفَصَّلٗاۚ وَٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ يَعۡلَمُونَ أَنَّهُۥ مُنَزَّلٞ مِّن رَّبِّكَ بِٱلۡحَقِّۖ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ وَتَمَّتۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدۡقٗا وَعَدۡلٗاۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَٰتِهِۦۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ وَإِن تُطِعۡ أَكۡثَرَ مَن فِي ٱلۡأَرۡضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنۡ هُمۡ إِلَّا يَخۡرُصُونَ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِۦۖ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ)؛ وكذلك الحال في اتباع الأنبياء وأعدائهم.

ودلل بما قال الله عز وجل في كتابه العزيز: (وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ ۖ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا)؛ وتمت كلمة ربكم صدقاً في صفة الأمة المحمدية وخصالها السنية، ونعوت خصومها الردية، فقال: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ*لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ*ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ).

وأضاف أنه بيّن الله سبحانه أن ذلة العدد لا تضر مع عزة المدد، فقال عز وجل: (وَلَقَدۡ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدۡرٖ وَأَنتُمۡ أَذِلَّةٞۖ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ إِذۡ تَقُولُ لِلۡمُؤۡمِنِينَ أَلَن يَكۡفِيَكُمۡ أَن يُمِدَّكُمۡ رَبُّكُم بِثَلَٰثَةِ ءَالَٰفٖ مِّنَ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ مُنزَلِينَ. بَلَىٰٓۚ إِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأۡتُوكُم مِّن فَوۡرِهِمۡ هَٰذَا يُمۡدِدۡكُمۡ رَبُّكُم بِخَمۡسَةِ ءَالَٰفٖ مِّنَ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ مُسَوِّمِينَ. وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلَّا بُشۡرَىٰ لَكُمۡ وَلِتَطۡمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِۦۗ وَمَا ٱلنَّصۡرُ إِلَّا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ. لِيَقۡطَعَ طَرَفٗا مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَوۡ يَكۡبِتَهُمۡ فَيَنقَلِبُواْ خَآئِبِينَ. لَيۡسَ لَكَ مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَيۡءٌ أَوۡ يَتُوبَ عَلَيۡهِمۡ أَوۡ يُعَذِّبَهُمۡ فَإِنَّهُمۡ ظَٰلِمُونَ وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ يَغۡفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ).

تمت كلمة ربكم

وتابع: وما الإمداد إلى مع الاستعداد، فأما استعداد الأرواح القائمة بالعزيز الوهاب، فقد تمت كلمة ربكم عدلاً، فشرع أسباب الفلاح والنصر في الدنيا والآخرة حالاً ومقالاً وفعلاً، قال سبحانه: (وَسَارِعُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِينَ . ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي ٱلسَّرَّآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَٱلۡكَٰظِمِينَ ٱلۡغَيۡظَ وَٱلۡعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ . وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَٰحِشَةً أَوۡ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسۡتَغۡفَرُواْ لِذُنُوبِهِمۡ وَمَن يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلَّا ٱللَّهُ وَلَمۡ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ أُوْلَٰٓئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغۡفِرَةٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَجَنَّٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ وَنِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَٰمِلِينَ . قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِكُمۡ سُنَنٞ فَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُكَذِّبِينَ . هَٰذَا بَيَانٞ لِّلنَّاسِ وَهُدٗى وَمَوۡعِظَةٞ لِّلۡمُتَّقِينَ . وَلَا تَهِنُواْ وَلَا تَحۡزَنُواْ وَأَنتُمُ ٱلۡأَعۡلَوۡنَ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ).

وأشار إلى أن استعداد الأجساد القائمة في الأسباب فحكم سبحانه بقوله: (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةٖ وَمِن رِّبَاطِ ٱلۡخَيۡلِ تُرۡهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمۡ وَءَاخَرِينَ مِن دُونِهِمۡ لَا تَعۡلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ يَعۡلَمُهُمۡۚ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيۡءٖ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ يُوَفَّ إِلَيۡكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تُظۡلَمُونَ)، منوهًا بأنه تمت كلمة ربكم صدقاً فقال عز ذكره وجلت حكمته: (إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ. وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ).

وأوضح أنه أخبرنا الله خبر صدق عن كثير ممن مضى من الأنبياء والأمم، فقال سبحانه: (وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ* وَمَا كَانَ قَوۡلَهُمۡ إِلَّآ أَن قَالُواْ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسۡرَافَنَا فِيٓ أَمۡرِنَا وَثَبِّتۡ أَقۡدَامَنَا وَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ*فَـَٔاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ ثَوَابَ ٱلدُّنۡيَا وَحُسۡنَ ثَوَابِ ٱلۡأٓخِرَةِۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ).

الخسار في طاعة الكفار

واستطرد: : ثم حكم سبحانه عدلاً وأخبر سبحانه صدقاً أن الخسار في طاعة الكفار، وأن النصر في ولاية العزيز القهار، وأن الفشل مع التنازع والمعصية وإرادة الدنيا، ونهى الله أهل الإيمان عن تخذيل إخوانهم وتحسيرهم، وأمرهم فيما بينهم باللين والاستغفار والمشاورة، والتوكل َعلى الله والاستنصار به، وتنكب أسباب الخذلان بالغلول ومعصية الرسول، ومن ظن أن القتلى من الفريقين سواء، فليقرأ قوله تعالى: (أَفَمَنِ ٱتَّبَعَ رِضۡوَٰنَ ٱللَّهِ كَمَنۢ بَآءَ بِسَخَطٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَمَأۡوَىٰهُ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ هُمۡ دَرَجَٰتٌ عِندَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِمَا يَعۡمَلُونَ).

وأفاد بأنه تمت كلمة ربكم صدقاً وعدلاً بالمنة على المؤمنين بسيد المرسلين، وإنقاذهم به من الضلال المبين، وأن المصيبة تحل علينا من أنفسنا، بمخالفة أمره، وترك هديه، وتمت كلمة ربك ربكم صدقاً يورث اليقين، وعدلاً يحكم بالثبات على الحق إلى يوم الدين، قال سبحانه: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).
 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: خطيب المسجد النبوي بن حميد ٱل أ ر ض

إقرأ أيضاً:

دعاء عظيم ليوم الجمعة.. كن موقنا بالإجابة

الدعاء وقراءة القرآن يوميًا مع العبادات والطاعات، من الأمور التي يجب على المسلمين القيام بها، لكن يوم الجمعة من أعظم الأوقات للدعاء؛ لما له من فضائل كبيرة، حيث وردت أحاديث كثيرة في السنة النبوية توضح فضائله، وأهميته عند الله عزّ وجل، لكن في بعض الأوقات يتساءل الأشخاص إذا كان دعاءه كافيًا أم مقصرًا، وهل توجد بعض الأعية التي لها فضل الاستجابة ونيل شفاعة الله ورسوله عن غيرها، وخلال السطور التالية توضح «الوطن»، دعاء هز السماء وله فضل الاستجابة من أول مرة، ولا يرد الله العبد بعد الدعاء به.

ما هو دعاء يوم الجمعة المستجاب؟

الله تعالى هو العليم، وعلمه سبحانه محيط وشامل لكل شيء؛ فهو عليم بخلقه وعباده يعلم أن لهم حوائج لا تقضى إلا بأمره، ولا يُنَالُ منها شيء إلا بفضله، فهو الغني وهم الفقراء إليه، وقد جعل سبحانه لكل شيء بابًا، وجعل بابه الدعاء؛ فمن لزمه بيقين وتضرع نال كل خيرٍ وحصل كل مطلوب، ومن ابتعد عنه فقد كل شيء، ولن يجد غير بابه ملجأ يلجأ إليه، وفقًا لما نشرته دار الإفتاء المصرية.

ولعموم النفع لجميع خلقه؛ أرشدهم الله سبحانه وتعالى إلى ما فيه صلاحهم، فأمرهم بسؤاله ودعائه بما شاءوا، قال تعالى: «ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ» الأعراف: 55، ورغب سبحانه في ذلك بأن وعد بالاستجابة لمن توجه إليه بالدعاء وجعله جوهر العبادة؛ قال تعالى: «وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ» غافر: 60.

كما ورد في سنن أبي داود عن النعمان بن بشير رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ، قَالَ رَبُّكُمُ: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ»، ولأن الله تعالى هو الجواد الكريم المتفضل على عباده يأمرهم بالدعاء في كل الأوقات، إلا أنه تعالى خص بعض الأوقات بمزيد فضل يستحب عدم إغفالها في الاستغفار والتضرع والسؤال؛ وذلك كيوم الجمعة، ويوم عرفة، والثلث الأخير من الليل في كل ليلة.

ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ؛ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟»، ولا تتوقف الفيوضات الربانية والنفحات الإلهية في باب الدعاء؛ فيرشد الحق سبحانه وتعالى عباده إلى مفاتيح الخير؛ ومنها: الأسماء الحسنى، قال تعالى: «وَللهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا» الأعراف: 180.

الدعاء بأسماء الله الحسنى 

تلك الأسماء الحسنى التي أمرنا أن ندعو الله بها؛ فنقول: يا رحيم ارحمنا، ويا رزاق ارزقنا، ويا لطيف الطف بنا في جميع المقادير، وهكذا في جميع الأسماء بما يتناسب مع الدعاء.

ومن آداب الدعاء: أن يتحقق الداعي بحسن الظن بخالقه، وأنه سيجيب دعاءه ويحقق له مطلوبه ورجاءه؛ ففي «سنن الترمذي» عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ادْعُوا اللهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ»، والله تعالى كريم حيي يستحي أن يدعوه عبده فلا يجيبه؛ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا» سنن أبي داود، وفقًا لدار الإفتاء المصرية.

كما ينبغي الإلحاح في الدعاء؛ فإن الله يحب الملحين في الدعاء، وأن يتمثل شروط الإجابة من إطابة المطعم من الرزق الحلال الطيب، وينبغي أيضًا ألا يستبطئ رحمات ربه تعالى ويتعجل الإجابة.والله تعالى يقول في الآية الكريمة: «تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً» بمعنى: إذا كنت أيها العبد داعيًا فاستحضر عظمة الخالق سبحانه بالانكسار والتذلل إليه، وإظهار الضعف والتضرع له؛ فهذا أقرب للقبول، وكذلك: اعلم أيها العبد أن ربك سميع قريب مجيب الدعاء؛ فلأجل ذلك احرص على الإخلاص في الدعاء، وترك الرياء فإن هذا أدعى للمنح والعطاء.

حذر الله من الاعتداء في الدعاء

وفي ختام الآية الكريمة يحذر الله سبحانه وتعالى من الاعتداء في الدعاء؛ فيقول: «إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ»، ومن صور الاعتداء الممنوع في الدعاء: التكلف، والسجع في الألفاظ، ورفع الصوت عاليًا، وطلب أمر مستحيل شرعًا أو عقلًا، إن الدعاء من أكبر أبواب الخير متى طرق فتح، وهو سبحانه كريم إذا دعي أجاب، وإذا سئل أعطى، يمنح ولا يمنع إلا لحكمة وإن لم ندركها بعقولنا القاصرة، والمرء مأجور على كل حال، فينبغي عليه الاستفادة والانتفاع بهذا الباب ولزومه؛ فهو فعل الأنبياء والصالحين، وعباد الله المتقين.

مقالات مشابهة

  • فضل دعاء الوالدين للأبناء والأدعية المستحبة
  • العلاقات الزوجية.. خطيب المسجد الحرام: متى علم الزوجان الحقوق والواجبات نعما سويا بالسعادة
  • خطيب المسجد النبوي: الابتلاء سنة الحياة ليختبر الله الصبر ويزيد اليقين عند الإنسان
  • خطبة الجمعة من المسجد النبوي: الإيمان العميق وحسن الظن بالله هما سر ثبات الأمة في أقسى الأزمات
  • خطيب المسجد النبوي: الإيمان وحسن الظن بالله هما السر الكامن في ثبات الأمة وقت الأزمات
  • في عالم مصطخب بالمشكلات.. خطيب المسجد الحرام: الإسلام أرسى قواعد الأخوة والمحبة
  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
  • نور النبوي يكشف تفاصيل فكرة انطلاق مسلسل 6 شهور.. حلم ورغبة
  • دعاء عظيم ليوم الجمعة.. كن موقنا بالإجابة
  • الإيمان والعلم