أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- لقد برزت إيران كواحدة من أكثر الداعمين ماليا لحركة "حماس" سخاءً، حيث توفر للجماعة المسلحة الموارد الحيوية التي تحتاجها لتنفيذ عملياتها. لكن المحققين في الولايات المتحدة وجميع أنحاء العالم، حددوا مصدر دخل آخر تستغله حماس: المانحون البعيدون عبر الإنترنت الذين يقدمون الدعم بالعملات المشفرة.

علمت شبكة CNN، أنه حتى قبل أن تشن حماس هجوما مفاجئا على إسرائيل خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، كان مسؤولو وزارة العدل في العاصمة الأمريكية واشنطن، يتابعون تحقيقا جنائيا في استخدام الجماعة المسلحة للعملة المشفرة من خلال غاسلي أموال مزعومين.

وأصدر محامو وزارة العدل الأمريكية تفاصيل بسيطة عن قضية غسيل الأموال- مع إغلاق معظم ملفات المحكمة- لكن تلك التي تم الكشف عنها علنا، تظهر أنها تنبع من حسابات العملات المشفرة المرتبطة بحركة حماس، التي صادرتها الحكومة الأمريكية قبل 3 سنوات.

وجاء في ملف للمحكمة في مايو/أيار الماضي، أن القضية "مستمرة" وأوقف قاض الإجراءات في قضية مدنية ذات صلة حتى الشهر المقبل، للسماح بمواصلة القضية الجنائية دون تدخل.

وبشكل منفصل، بلغت قيمة  العملات المشفرة التي استولت عليها إسرائيل بسبب صلات مزعومة بحماس وجماعة فلسطينية مسلحة أخرى عشرات الملايين من الدولارات، وفقا لمحللين تحدثوا إلى CNN.

ويمثل استخدام حماس للعملة الرقمية مجرد واحدة من الطرق العديدة التي سعت بها الحركة- التي صنفتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي "منظمة إرهابية"- إلى جمع الأموال مع التهرب من العقوبات.

وقال يايا فانوسي، المحلل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، وهو الآن زميل كبير مساعد في "مركز الأمن الأمريكي الجديد": "لا توجد طريقة تمويل واحدة لحماس أو غيرها من المنظمات الإرهابية". وأضاف: "إنهم انتهازيون ومتكيفون، وإن الجهود المبذولة لمنعهم هي لعبة مستمرة بين القط والفأر".

ومع ذلك، ظهرت بعض الدعوات للتبرع على مرأى من الجميع.

واستخدمت حماس وجماعات أخرى مصنفة إرهابية "فيسبوك" ومنصة "إكس"، المعروفة سابقا باسم تويتر، لنشر عناوين محفظتهم المشفرة علنا، وإخبار الناس بكيفية التبرع، بحسب تقرير صدر عن وزارة الأمن الداخلي الأمريكية، العام الجاري.

ووصفت اتهامات موجهة ضد رجل من نيوجيرسي في عام 2019، نشر على إنستغرام أنه "تبرع بمبلغ 100 دولار لحماس". واعترف الرجل، المتهم أيضا بإرسال حوالي 20 دولارا من عملة البيتكوين إلى الحركة، لاحقا بأنه مذنب بإخفاء محاولاته لتقديم الدعم المادي لحماس.

وبينما سعت الحكومات إلى مراقبة مثل هذه المعاملات، أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس، في إبريل/ نيسان الماضي، أنها ستتوقف عن جمع الأموال بعملة البيتكوين لحماية المانحين، حسبما ذكرت "رويترز".

ولكن من الواضح أن حماس لم توقف مثل هذه الجهود تماما، إذ أعلنت السلطات الإسرائيلية، الثلاثاء الماضي، تجميد حسابات إضافية بالعملات المشفرة، يُزعم أن الحركة استخدمتها لجمع التبرعات خلال الصراع، هذا الأسبوع.

وبصرف النظر عن عملة البيتكوين، فإن محافظ العملات المشفرة التي قالت السلطات الإسرائيلية إنها مرتبطة بحماس، تشمل عملات إيثر، وريبل، وتيثر وغيرها، وفقا لأمر صادر من الحكومة الإسرائيلية.

ومن غير الواضح حجم الأموال التي تلقتها حماس بالعملات المشفرة، ولكن هناك أدلة على أنها جمعت مبالغ كبيرة. ووفقا لديمتري ماتشيخين، الرئيس التنفيذي لبرنامج تحليلات العملات المشفرة BitOK، تلقت عناوين العملات المشفرة المرتبطة بحماس والتي استولت عليها السلطات الإسرائيلية ما يقرب من 41 مليون دولار بين عامي 2020 و2023، حسبما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية لأول مرة.

ويُزعم أن حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، كانت تحتجز 94 مليون دولار أخرى، وفقا لشركة Elliptic، وهي شركة تحليلات أخرى. ومع ذلك، أشارت الشركة إلى أنه من غير الواضح ما هو الجزء من تلك الأصول الذي ينتمي مباشرة إلى الحركة.

وقال أردا أكارتونا، الباحث بشركة Elliptic، لشبكة CNN، إن حماس وكتائب القسام التابعة لها، هما من بين "أنجح المبادرين في جمع الأموال من خلال الأصول المشفرة حتى الآن من حيث المبلغ الذي تم جمعه".

وأشار أكارتونا إلى أن تتبع العملات المشفرة المرتبطة بكتائب القسام كان معقدا بسبب اعتمادها على عناوين العملات المشفرة "لمرة واحدة" التي يتم إنشاؤها لكل متبرع فردي، وعمليات تبادل الأموال غير المشروعة، التي تحول العملات المشفرة إلى أموال نقدية بشكل مجهول دون سجلات.

وقال أكارتونا: "سيبحث المجرمون دائما عن البديل التالي الأفضل لمواصلة أنشطتهم". موضحا كيف تظهر طرق جديدة لجمع الأموال مع إغلاق إجراءات الإنفاذ للآخرين.

ومن بين الممولين الرئيسيين لحماس إيران، التي قدمت ما يصل إلى 100 مليون دولار سنويا للجماعات الفلسطينية، بما في ذلك حماس والجهاد الإسلامي في الأراضي الفلسطينية، بحسب تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية اعتبارا من عام 2021. وأشار التقرير إلى أن حماس قامت بجمع الأموال في دول الخليج العربي الأخرى، ومن جمعياتها الخيرية.

وقد أوضحت إفصاحات وزارة الخزانة الأمريكية الطريقة التي تلقت بها حماس في بعض الأحيان الأموال الإيرانية من خلال ممولين مقيمين في تركيا ولبنان. على سبيل المثال، قام عميل مالي مقره لبنان بدور "الوسيط" بين الحرس الثوري الإيراني وحماس، ومع حزب الله اللبناني، لضمان تحويل الأموال، وفقا لتقرير صدر عام 2019.

وبشكل منفصل، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على 9 جهات في عام 2018 بسبب ما وصفته الوزارة بالتورط في شبكة استخدمت من خلالها إيران الشركات الروسية لتزويد سوريا بالنفط، مقابل قيام سوريا بإرسال التمويل إلى الحرس الثوري الإيراني، الذي قام بإرسال التمويل بعد ذلك إلى حماس وحزب الله.

واستخدمت إيران تكتيكات مختلفة لتمويل الجماعات المصنفة إرهابية بما في ذلك حماس، مثل شبكات الشركات الوهمية، والمعاملات التي يخفيها كبار المسؤولين، واستخدام المعادن الثمينة للتهرب من العقوبات، حسبما جاء في تحذير لوزارة الخزانة الأمريكية عام 2018.

وقد أشادت طهران بتوغل حماس الأخير في إسرائيل ونفت تورطها.

وبالإضافة إلى ذلك، تجمع حماس الأموال من خلال الضرائب غير الرسمية والتهريب، بحسب تقرير صادر عن خدمة أبحاث الكونغرس الأمريكي في شهر مايو/أيار.

وحاولت شبكة CNN التواصل مع ممثلي حماس للرد على هذه المزاعم لكنها لم تتلق أي رد.

والمحققون الحكوميون ليسوا الوحيدين الذين يتتبعون الشؤون المالية لحماس.

فالمحامي آشر بيرلين، الذي يمثل عائلة إسحق وينستوك، وهو أمريكي يبلغ من العمر 19 عاما قُتل على يد مسلحي حماس خارج القدس، عام 1993، قام أيضا بمراقبة أصول الحركة.

وحصلت عائلة وينستوك على حكم قانوني بقيمة 80 مليون دولار تقريبا ضد حماس في عام 2019، لكن لم يكن لديها سوى طرق قليلة يمكن تخيلها لتحصيل هذا المبلغ.

وتغير ذلك في ذهن بيرلين بعد أن أعلنت وزارة العدل الأمريكية ما وصفه المسؤولون في عام 2020 بأنها حملة قمع غير مسبوقة، ضد ثلاث حركات اعتمدت على "العملات المشفرة ووسائل التواصل الاجتماعي لجمع الأموال لحملاتها الإرهابية"، ومن بينها كتائب القسام التابعة لحماس.

وتمكن المحققون من الاستيلاء على 150 حسابا بالعملة المشفرة "قامت بغسل الأموال من وإلى" حسابات حماس، بحسب بيان صحفي لوزارة العدل الأمريكية.

أمريكاإسرائيلإيرانلبنانالجهاد الإسلاميالحرس الثوري الإيرانيحركة حماسحزب اللهنشر الجمعة، 13 أكتوبر / تشرين الأول 2023تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتكوبونز CNN بالعربيةCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2023 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: الجهاد الإسلامي الحرس الثوري الإيراني حركة حماس حزب الله العملات المشفرة وزارة العدل ملیون دولار من خلال فی عام

إقرأ أيضاً:

من عمان إلى دمشق ثم الدوحة.. رحلة المكتب السياسي لحماس

مع تعليق قطر جهود وساطتها بين حماس وإسرائيل حتى توافر ما اعتبرته "الجدية اللازمة" في المفاوضات، تتصاعد التكهنات بشأن مستقبل تواجد المكتب السياسي للحركة الفلسطينية في الدوحة.

وفي الوقت الذي نقلت فيه تقارير إعلامية عدة عن مسؤولين دبلوماسيين، أن قطر تتجه لإغلاق المكتب السياسي لحماس، لأنه "لم يعد يخدم الغرض منه"، أكد المتحدث باسم الخارجية القطرية، أن هذه التقارير "غير دقيقة".

وتأتي هذه التطورات بعد أشهر من الجهود القطرية في الوساطة بين الطرفين، والتي أثمرت في نوفمبر 2023 عن هدنة مؤقتة أتاحت تبادل الرهائن والمعتقلين. غير أن المفاوضات لم تحرز تقدما ملموسا منذ ذلك الحين، مما دفع الدوحة لإعلان تعليق وساطتها، السبت.

في ضوء هذه المستجدات، تكشف رحلة المكتب السياسي لحركة حماس بين ثلاث عواصم عربية خلال العقود الماضية تعقيدات العلاقة بين الحركة والدول المضيفة. فمنذ التسعينيات، تنقل مقر الحركة بين عمان ودمشق والدوحة، وفي كل محطة واجهت الحركة تحديات أدت في النهاية إلى إغلاق مكاتبها، مما يطرح تساؤلات بشأن حول استدامة وجودها في العاصمة القطرية، والخيارات المتاحة أمامها في حال تكرر سيناريو المغادرة الاضطرارية.

حماس والأردن

بدأت العلاقة الرسمية بين حماس والأردن مطلع التسعينيات، حيث سمح الأردن للحركة بتعيين ممثل لها في عمان هو محمد نزال، وأتاح لقيادات الحركة مثل موسى أبو مرزوق وأعضاء المكتب السياسي الإقامة وممارسة نشاطهم السياسي والإعلامي.

وتأثر قرار التقارب مع حماس آنذاك، بتوتر العلاقة الأردنية مع منظمة التحرير الفلسطينية في ذلك الوقت، على خلفية انفرادها بمسار المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، وفقا لمركز الدراسات المستقل "الزيتونة".

وشهدت العلاقة بين الجانبين تحولا بعد توقيع معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية في وادي عربة عام 1994، حيث طلب من الناطق باسم الحركة إبراهيم غوشة تخفيف حدة التصريحات الإعلامية. وفي عام 1995، طلب من رئيس المكتب السياسي موسى أبو مرزوق مغادرة الأردن، قبل أن يسمح له بالعودة عام 1997 بعد اعتقاله في الولايات المتحدة، وفقا للمصدر ذاته.

الإخوان والأردن بعد "عملية البحر الميت".. ما وراء "الحادثة الاستثنائية" رغم أن "عملية البحر الميت" التي حصلت قبل 3 أيام استهدفت الجانب الإسرائيلي وأسفرت عن إصابة جنديين بجروح طفيفة كان لنتائجها وقعا أكبر داخل الأردن، وهو ما انعكس لحظة الإعلان عنها والكشف عن منفذيها وما صدر لاحقا من مواقف "ملتبسة" ورسمية قال مراقبون إنها ستفرض "تحديات وتداعيات".

وشكلت محاولة اغتيال خالد مشعل عام 1997 في عمان نقطة تحول في العلاقة بين الطرفين، حيث أدى تدخل الملك حسين إلى الإفراج عن الشيخ أحمد ياسين وعدد من المعتقلين الفلسطينيين مقابل إطلاق سراح عملاء الموساد. 

لكن العلاقة دخلت منعطفا حادا عام 1999 بعد وفاة الملك حسين، حيث قامت السلطات الأردنية بإغلاق مكاتب الحركة في عمان وإصدار مذكرات اعتقال بحق ستة من قياداتها، انتهت بإبعاد أربعة منهم إلى قطر، بعد أن اتهمتها بالقيام بأنشطة غير مشروعة داخل المملكة.

وبعد ذلك، اقتصرت العلاقة على قنوات تواصل أمنية محدودة وزيارات إنسانية محددة للقادة الفلسطينيين، مثل السماح لمشعل بحضور جنازة والده عام 2009. كما شهدت الفترة اللاحقة توترات أمنية، حيث اتهم الأردن الحركة بتهريب أسلحة عام 2006، وحكم على عدد من الأردنيين بتهم تتعلق بنشاطات مرتبطة بالحركة.

حماس في سوريا

بعد الخروج من الأردن، وجدت حماس في سوريا ملاذا جديدا، حيث استقبلت دمشق أعضاء المكتب السياسي للحركة واتخذتها مقرا رئيسيا لمكتبها السياسي، واستمر هذا الترتيب لأكثر من عقد، حتى مغادرتها عام 2012.

وجاء قرار الخروج من سوريا في أعقاب اندلاع الثورة السورية في مارس 2011 وتصاعد العنف ضد المتظاهرين، مما وضع حماس في موقف صعب بين الحفاظ على علاقتها مع النظام السوري الذي استضافها لسنوات، وبين موقفها من الأحداث في سوريا.

وتوزعت قيادات حماس بعد مغادرة سوريا بين عدة دول، حيث انتقل رئيس المكتب السياسي خالد مشعل ومساعدوه إلى قطر، بينما استقر نائبه موسى أبو مرزوق في مصر.

بعد اغتيال السنوار.. حماس بين تيّارين إخواني وإيراني عندما أضرم محمد البوعزيزي النار بنفسه في يناير 2011، فيما اعتبره البعض شرارة انطلاق ثورات ما سميّ بـ"الربيع العربي"، لم يكن في حسبانه أبداً أن ما أقدم عليه سيؤثر تأثيراً عميقاً على تاريخ المنطقة العربية، وبطريقة غير مباشرة على مستقبل حركة "حماس" في الأراضي الفلسطينية والشتات حتى يومنا هذا.

وقد أوضح أبو مرزوق، آنئذ، في تصريحات نقلتها هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، أن الحركة لم تعد قادرة على ممارسة مهامها في سوريا بسبب الأوضاع المضطربة، مؤكدا أن موقف حماس يقوم على رفض الحل الأمني الذي اتبعه النظام السوري واحترام إرادة الشعب السوري.

وأكد إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس في غزة هذا الموقف، عندما أعلن تأييده للسوريين في نضالهم من أجل الحرية والديمقراطية.

الانتقال إلى العاصمة القطرية

بعد مغادرة سوريا، انتقلت قيادة حماس إلى قطر في عام 2012، حيث أصبحت الدوحة المقر الرئيسي الجديد للمكتب السياسي للحركة بالخارج، وتواصل فيه عملياته حتى اليوم.

وأكد مسؤول قطري، في بداية الحرب بغزة، أن تأسيس مكتب حماس في قطر جاء "بالتنسيق مع الحكومة الأميركية، إثر طلبها أن يكون لها قناة تواصل" مع الحركة. 

وأوضح أن المكتب لعب دورا مهما "في وساطات تم تنسيقها مع العديد من الإدارات الأميركية لإرساء وضع مستقر في غزة وإسرائيل".

وعلى مدى سنوات من احتضان قادة حماس، قدمت قطر دعما ماليا لقطاع غزة الذي تسيطر عليه الحركة وتحاصره إسرائيل منذ 2007، وأكد مسؤولون في الدوحة أن ذلك يتم "بالتنسيق الكامل مع إسرائيل والأمم المتحدة والولايات المتحدة".

تاريخ علاقة قطر مع حماس انسحبت قطر من دور الوسيط الرئيسي في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن الرهائن، وأبلغت حماس أن مكتبها في الدوحة "لم يعد يخدم الغرض منه"، وفق ما قال مصدر دبلوماسي لوكالة فرانس برس السبت.

وفي أعقاب أحداث السابع من أكتوبر، حذر وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال زيارته للدوحة من العلاقات الوثيقة مع حماس، قائلا إنه "لا يمكن أن تستمر الأمور كالمعتاد مع حماس". غير أن رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، دافع عن مكتب الحركة، مؤكدا أنه يستخدم لغرض "التواصل وإرساء السلام والهدوء في المنطقة".

وحاليا، تحتضن قطر على أراضيها القيادة السياسية لحركة حماس، من بينهم عضو المكتب السياسي والمتحدث باسم الحركة حسام بدران، والقيادي، محمد أحمد عبد الدايم نصرالله.

كما أشار تقرير لـ"معهد دول الخليج العربي" في واشنطن، إلى وجود الرئيس السابق للمكتب السياسي للحركة خالد مشعل، وعضوي المكتب موسى أبو مرزوق وفتحي حماد في قطر.

مسارات المستقبل 

منذ هجوم السابع من أكتوبر واندلاع الحرب في غزة، تصاعد النقاش بشأن وجود قادة حماس في قطر. وخلال الأيام الأخيرة تزايدت المؤشرات على أن الدوحة تعيد النظر في علاقاتها مع حماس.

أمام هذا الوضع، تبرز ثلاثة مسارات محتملة لمستقبل تواجد قادة الحركة في الدوحة: البقاء في قطر، المغادرة الجزئية، أو المغادرة الكلية، وفقا لمركز الأبحاث "إنتليجكس".

يعتبر مسار البقاء في قطر الأكثر ترجيحا في الوقت الراهن، خاصة في أعقاب إعلان وزارة الخارجية القطرية أن التقارير المتعلقة بمكتب حماس في الدوحة "غير دقيقة"، ويرتبط هذا المسار بتقديم الحركة مرونة في مباحثات التهدئة وإطلاق سراح الرهائن، إضافة إلى استمرار الحاجة لدور قطر في الوساطة بين حماس وإسرائيل والولايات المتحدة.

أما المسار الثاني، وهو المغادرة الجزئية، فيتمثل في الإبقاء على الحد الأدنى من العلاقات الرسمية من خلال إبقاء عدد من القادة غير المتهمين بشكل مباشر في هجمات 7 أكتوبر. وينسجم هذا الخيار مع سياسات الحركة الخارجية في توزيع قيادتها ومكاتبها على أكثر من عاصمة، وفقا للمصدر ذاته

المسار الثالث، وهو المغادرة الكلية، ويشمل إغلاق مكاتب حماس في قطر ومغادرة كافة قادتها. ويرتبط هذا الخيار بوصول مباحثات التهدئة إلى طريق مسدود، بشكل معه الحركة عبئا على الدوحة وتهدد علاقاتها مع حلفائها.

وفي حال تحقق سيناريو المغادرة، تبرز، وفق "إنتليجكس" عدة وجهات محتملة أمام الحركة.

 ويبقى أبرز هذه الوجهات، الجزائر التي تربطها علاقات جيدة مع حماس منذ 2016، وتضم مكتب تمثيل رسمي يتولى مسؤوليته القيادي في حماس محمد عثمان، بالإضافة إلى إقامة القيادي، سامي أبو زهري، في الجزائر العاصمة، علاوة على حماس بعلاقات وثيقة مع حركة مجتمع السلم الجزائرية، وهي أحد فروع جماعة الاخوان المسلمين، وفقا للمصدر ذاته.

بالإضافة إلى البلد المغاربي، تبرز تركيا التي تضم تمثيلا رسميا للحركة التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع حزب العدالة والتنمية الحاكم، وتضم حتى اليوم تمثيلا رسميا لحماس، حيث يقيم فيها عدد من قادة حماس المهمين على رأسهم وزير داخلية حماس السابق وعضو مكتبها السياسي، فتحي حماد.

تراجع أم تشدد؟.. مستقبل حماس بعد السنوار بعد الإعلان عن مقتل قائد حركة حماس في غزة، يحيى السنوار، تدور تساؤلات عما إذا كان رحيله سيؤدي إلى اعتدال الحركة المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى، أم سيفاقم نزعتها الدموية.

ويشير المصدر ذاته، إلى أن خسارة حزب العدالة والتنمية الانتخابات المحلية الأخيرة لأسباب منها موقف الرئاسة التركية تجاه الحرب، قد يسهم ذلك في محاولاتها مراجعة موقفها والموافقة على خطوات لاستعادة شعبية الحزب محليا.

وذكر التقرير، لبنان كوجهة أخرى محتملة، مشيرا إلى أنها تضم تمثيل رسمي لحماس، ويقيم فيها عدد من قادتها المهمين، منهم أسامة حمدان، وخليل الحية، ونائب رئيس مكتبها السابق صالح العاروري الذي قتل في غارة إسرائيلية مطلع العام الجاري، بالإضافة إلى  قيادات عسكرية وقواعد تنظيمية للحركة في المخيمات الفلسطينية.

 كما ترتبط حماس بعلاقات وثيقة مع الجماعة الإسلامية، الفرع اللبناني لجماعة الاخوان المسلمين، ولديها شبكة علاقاتها واسعة مع حزب الله، وهو ما يجعل من لبنان خياراً مطروحا، وفقا للمصدر ذاته.

وتبقى إيران وجهة أخرى محتملة، حيث يعود التواجد والتمثيل الرسمي لحركة حماس في طهران إلى تسعينيات القرن الماضي.

غير أن المركز يشير إلى أن   الإقامة في طهران "لا تعد خيارا مفضلا لأسباب جغرافية وسياسية، حيث أن إيران بعيدة جغرافيا وذات مصالح ونفوذ قد تؤثر سلبا على سياسات الحركة مستقبلا، وذلك بالرغم من العلاقات السياسية والعسكرية والمالية بين الطرفين".

وفي وقت سابق من هذا العام، نفى القيادي بحماس، موسى أبو مرزوق الشائعات حول احتمال انتقال القيادة السياسية للجماعة من قطر إلى العراق أو سوريا أو تركيا، مشيرا إلى أن "أي انتقال محتمل، وهو غير حاصل حاليا، سيكون إلى الأردن". 

مقالات مشابهة

  • كيف علق مغردون على القفزة الصاروخية التي حققتها البيتكوين؟
  • إبراهيم عيسى عن القمة العربية الإسلامية: لماذا لم تدين حماس وحزب الله؟
  • إيران: ننتظر من ترامب وقف الحرب في غزة ولبنان
  • رسميا.. إسرائيل تعلن تكلفة الحرب ضد حماس وحزب الله
  • الهامش روسي.. هل الأسد قادر على ضبط وجود إيران وحزب الله؟
  • نتنياهو عن فضيحة التسريبات: حماس وحزب الله تلقيا معلومات من اجتماعات حساسة
  • مكتب نتنياهو يزعم تلقي حماس وحزب الله نصوصا مسربة من اجتماعات حساسة
  • مكتب نتنياهو يزعم بتلقي حماس وحزب الله نصوصا سربت من اجتماعات حساسة
  • من عمان إلى دمشق ثم الدوحة.. رحلة المكتب السياسي لحماس
  • لتلميع صورتها بعد الهزيمة في الانتخابات..الإدارة الأمريكية تسعى لإنجاز اتفاق بين إسرائيل وحزب الله