14أكتوبر.. ثورة شعب لا يستكين قادها من جبال ردفان الثائر "لبوزة"
تاريخ النشر: 13th, October 2023 GMT
انطلقت شرارة ثورة الـ14 من اكتوبر 1963م، من جبال ردفان، في جنوب اليمن، ضد الاحتلال البريطاني، بقيادة الثائر راجح بن غالب لبوزة، الذي استشهد مع مغيب شمس ذلك اليوم، بعد قرابة 130 عاماً من الاحتلال، وكفاح مسلح شرش خاضه الثوار طيلة أربعة أعوام، حتى تكلل بطرد آخر جندي بريطاني من البلاد في 30 نوفمبر من العام 1967م، مؤكدين بذلك أن 14 أكتوبر ثورة شعب لا يستكين.
وبالرغم من أن السلطات الاستعمارية ردت على ذلك بحملات عسكرية غاشمة، استمرت ستة أشهر، ضربت خلالها القرى والسكان الآمنين بمختلف أنواع الأسلحة، تشرد على إثرها آلاف المدنيين العزل، إلا أن الثوار مضوا في كفاحهم المسلح حتى جلاء آخر جندي بريطاني في 30 نوفمبر من العام 1967م.
وطوال هذه الفترة، والقوات البريطانية المحتلة، لم تتوقف عند حد الحملات العسكرية وملاحقة الثوار واختطافهم، حيث وسعت من عملياتها العسكرية لتشمل غارات على مناطق ردفان، طبقت على إثرها سياسة «الأرض المحروقة»، إلى درجة أن وحشيتها وما خلفته من كارثة إنسانية فظيعة جعلت أحد أعضاء مجلس العموم البريطاني يدين تلك الأعمال اللا إنسانية.
واحتلت بريطانيا عدن الساحلية، في يناير 1839م، بعد أن استخدمت ذريعة كاذبة، ادّعت خلالها في العام 1837 قيام الصيادين اليمنيين بنهب سفينة هندية ترفع علمها تسمى "دريا دولت"، كانت راسية بالقرب من ساحل عدن، وهي الذريعة التي اتخذت لها حججا عديدة طيلة العامين، انتهت باحتلالها المدينة.
وحسب المصادر التاريخية، اتسعت رقعت نفوذ بريطانيا بعدن خلال الفترة "1802 – 1837"، ونجحت في تكبيل السلطان "العبدلي" بالديون، وبالتالي فبركة قصة نهب السفينة "دريا دولت"، واستخدامها كذريعة لاحتلال عدن والمناطق اليمنية الجنوبية والشرقية.
وركزت بريطانيا على سياسة التقسيم الجغرافي في مناطق جنوب وشرقي اليمن، وخلق ولاءات قبلية، لتضمن احكام السيطرة عليها، فقسمتها إلى سلطنات ومشيخيات، وواجهت معارضيها بحملات ملاحقة واعتقالات لم تسلم منها حتى النساء، إلا أن ذلك لم يثن الشعب الرافض للعبودية والخنوع.
مراحل الثورة
إمكانات الثوار في ذلك الحين، اقتصادياً وعسكرياً ولوجستياً، وإعدادهم المحدودة أمام قوة بريطانيا الاستعمارية، إضافة إلى حالة الوعي المجتمعي وانعدام وسائل إعلام التوعية الثورية، كل ذلك كان له أثراً كبيراً في إعاقة المشروع الثوري، الذي أخذ يتقدم ببطء شديد جداً، أدى إلى إطالة عمر الاستعمار لما يقارب 130 عاماً.
ولذا، ارتأى الثوار بناء قواعد ثورية مدروسة، فكان لابد من إعادة صياغة آلية النشاط الثوري، ومروره بمراحل لضمان نضوجه، بدأ بالعمل السياسي والإعلامي السري في الثلاثينيات من القرن الماضي، وأخذ هذا الجانب نضوجه أكثر في الاربعينيات التي شهدت صحوة ويقظة شعبية أكثر، قبل تدشين مرحلة الاحتجاجات والإضرابات في الخمسينيات.
وخلال هذه الفترة التي خاض خلالها مختلف طرق النضال السلمي، والتوعية والتعبئة الثورية الصحيحة، اكتسب الشعب خبرات كيف يدير مشروعه النضالي، لا سيما وهي لم تخل من التمردات المعبّرة عن حالة الرفض الشعبي لهذا الاستعمار وأدواته وإدارته للبلاد ونهب ثرواتها، واستغلال مؤانها.
وفي هذه المرحلة أيضاً، خصوصاً فترة الخمسينيات، كان للخطاب الثوري المصري والاغاني الثورية التي كانت تبثها إذاعة القاهرة وقعاً لدى الشعب اليمني في شماله الذي يعاني من النظام الامامي البائد، وجنوبه الذي يرزح تحت استعمار اجنبي لأكثر من قرن، علاوة على ظهور حركات مقاومة مدعومة من مصر في شطري البلاد.
ومطلع الستينيات بدأ مفهوم الكفاح المسلح هو أكثر ما يسود هذه المرحلة، بعد أن نضج المشروع الثوري كلياً، فانطلقت شرارة الثورة في الـ14 من أكتوبر 1963م، من جبال ردفان بقيادة الثائر راجح بن غالب لبوزة.
واصل الثوار كفاحهم المسلح لأكثر من أربعة اعوام، بعد أن أصبح خياراً لا رجعة فيه، واستمروا بشن هجمات على مقار وثكنات ومعسكرات الاستعمار، واستهداف شخصياته الدبلوماسية والعسكرية وغيرها، من بينهم المندوب السامي الذي قتل بقنبلة القاها عناصر من جبهة التحرير القومية في 10 ديسمبر 1963م. واستمرت هذه الهجمات حتى إجلاء آخر جندي بريطاني من عدن في 30 نوفمبر 1967م.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
إقرأ أيضاً:
دروس عيد الجهاد
اليوم، الأربعاء 13 نوفمبر، نحتفل جميعًا بذكرى وطنية عزيزة، هى ذكرى عيد الجهاد الوطنى، الشرارة الأولى لثورة 1919، أعظم ثورات التاريخ المصرى الحديث، الثورة التى نقلت مصر لأول مرة إلى مرحلة البحث عن الحكم الذاتى، بعيدًا عن سيطرة غير المصريين على السلطة، وهى المرحلة التى تمثل جسرًا نحو تمصير السلطة وتغليب الشعور الوطنى المصرى بشكل منظم، لا يستهدف الغضب ولكن ينظمه بشكل قانونى ودستوري، ليشعر المصرى لأول مرة منذ عهد الفراعنة، أنه صاحب بلد مُشارك، وليس ضيفًا فى وطنه.
وبهذه المناسبة يجب أن نتذكر الدروس.
1- فكرة الوطنية المصرية الجامعة:
الفكرة التى ولدت مع ظهور الوفد يوم 13 نوفمبر عام 1918، لا يمكن لها أن تتكرر، لأنها كانت صعبة للغاية، وظروفها التاريخية نادرة، ولذلك سيبقى فى التاريخ حزب واحد له مميزات فكرة (الوطنية المصرية الجامعة) هذا الحزب اسمه حزب الوفد الذى أسسه سعد زغلول، وحرص الوفديون عليه إلى اليوم، وسوف يظل فى المستقبل حزبًا يستمد مواقفه من تراثه وتاريخه، مستندًا إلى مواقف أبنائه الذين تعلموا على أيدى أساتذة العمل السياسى الوطني، تعلموا كيف تكون المواقف، وكيف يكون الرأي، ويعرفون دور الوفد وأهميته.. فذخيرة الوفد فى المستقبل هم أبنائه الذين تشربوا بفكره ومبادئه، وتراثه، وتاريخه، ويحفظونه عن ظهر قلب، ويعملون به واثقين غير مهتزين.
2- فكرة غير قابلة للتكرار:
الوفد فكرة غير قابلة للتكرار، وهذا ليس مصادرة على التاريخ، ولكنه رأى مرتبط بالواقع، الذى يقول إن المصريين لديهم حزب واحد يشعرون تجاهه بعاطفة موروثة، مثل عاطفة الانحياز نحو العائلة، هو حزب الوفد.
ولذلك فشلت محاولات تأسيس حزب سياسى جديد، يحمل أفكار حزب الوفد فى أعقاب ثورة 25 يناير 2011، بل إن هذه المحاولات كانت تجرى لتأسيس حزب بنفس التركيبة، التى اعتمد عليها الزعيم سعد زغلول فى عام 1918.
كانت محاولات استنساخ للفكرة والتركيبة البشرية، التى تعتمد على تنوع العائلات، والديانات، والنوع، والطبقات، لكن الناس بشكل طبيعى، عرفوا أن هناك أصلًا وفرعًا، والأصل مهما قلت موارده، وكثرت مشكلاته سيبقى أصلًا، وسيظل قوة كامنة فى ذاتها.
3- تصحيح أخطاء الثورات السابقة:
من أهم مميزات ثورة 1919 التى انطلقت إرهاصاتها يوم 13 نوفمبر 1918، أنها صححت الأخطاء التى وقعت بها الحركات والثورات والانتفاضات الشعبية المصرية السابقة، والتى قادها زعماء مصريون ضد المستعمر الأجنبى، فقد طالبت ثورة 19 بشكل صريح منذ اللحظة الأولى لقيام الثورة بإجلاء المستعمر من الأرض المصرية.
وهى الثورة التى تكاتف فيها المسلم والمسيحى معًا لأول مرة، فتحول الدفاع عن حرية الوطن، من فريضة دينية فقط، إلى فريضة وطنية أيضًا، لا فرق فيها بين صاحب دين، ورفيقه من الدين الآخر.
وفى ثورة 19 ظهرت المشاركة الإيجابية النسائية فى صورة لم يعتدها المجتمع، بخروجهن لأول مرة فى المظاهرات الحاشدة والمنظمة إلى الشوارع، وكانت أول شهيدتين فى هذه الثورة السيدتان حميدة خليل وشفيقة محمد.
4- إنجاز كبير للمرأة المصرية:
فى عام 1920، تم تشكيل لجنة الوفد المركزية للسيدات، نسبة لحزب الوفد بزعامة سعد زغلول، وانتخبت السيدة هدى شعراوى رئيسًا لها، وكان هذا إنجازًا تاريخيًا كبيرًا، يستحق الرصد والمتابعة والتقدير، فالتنظيمات النسائية المصرية، ومؤسساتها، وهيئاتها، بدأت من انطلاق الثورة وتطورت من بعدها.
5- زعيم لايتكرر إسمه سعدًا:
سعد زغلول قائد ثورة 19 قائد وزعيم لا يتكرر، فهو الرجل الذى قال عندما أصبح حاكمًا منتخبًا جملة لا تٌنسى، فقد أطلق المقولة الشهيرة «الحق فوق القوة.. والأمة فوق الحكومة»، فكانت أسلوب عمل التزمت به حكومات الوفد التى انحازت للشعب.