سلط مركز "ستراتفور" الضوء على الموقف الأمريكي من الحرب الدائرة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، مرجحا أن تظل العلاقات الأمريكية الإسرائيلية وثيقة على مدار الحرب، بينما "ستنمو التوترات بينهما في أعقاب ذلك حيث يضغط البيت الأبيض على إسرائيل لتقليل مخاطر الصراعات المستقبلية التي قد تجر الولايات المتحدة مرة أخرى إلى الشرق الأوسط".

وذكر المركز، في تقدير موقف ترجمه "الخليج الجديد"، أن ألقت الولايات المتحدة ألقت دعمها بشكل لا لبس فيه خلف حليفتها القديمة إسرائيل في أعقاب الهجمات التي شنتها حركة حماس الفلسطينية المتمركزة في غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وهو ما أعلنه الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في خطاب ألقاه في 11 أكتوبر/تشرين الأول، مؤكدا أن الولايات المتحدة "ستتأكد من أن دولة إسرائيل اليهودية والديمقراطية قادرة على الدفاع عن نفسها اليوم، وغدًا، كما فعلت دائمًا".

وقدمت الحكومة الأمريكية لإسرائيل قدرًا كبيرًا المساعدات العسكرية خلال الأسبوع الماضي، تضمن نشر حاملة الطائرات الأمريكية، يو إس إس جيرالد ر.فورد، في البحر المتوسط، وهي أكبر حاملة طائرات تابعة للبحرية الأمريكية.

كما بدأت واشنطن عمليات نقل الأسلحة لإعادة إمداد قوات الدفاع الإسرائيلية، وأرسلت قوات خاصة أمريكية لتقديم المشورة بشأن أزمة الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة أيضًا.

وإضافة لذلك، حذرت الولايات المتحدة إيران وحليفها، حزب الله اللبناني، من أنها قد تتدخل نيابة عن إسرائيل إذا بدأ الصراع في غزة بالامتداد إلى بلدان أخرى.

ومع ذلك، لم يكن رد فعل جميع السياسيين الأمريكيين بنفس الطريقة. ففي مقابلة إذاعية مع شبكة "فوكس نيوز" يوم 11 أكتوبر/تشرين الأول، انتقد المرشح الرئاسي الجمهوري، دونالد ترامب، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قائلا إنه وإسرائيل "غير مستعدين".

كما أعرب الحزب الجمهوري عن شكوكه تجاه إسرائيل في أعقاب هجمات حماس. وفي 11 أكتوبر/تشرين الأول، قال النائب توماس ماسي (الجمهوري عن ولاية كنتاكي) إنه لن يخالف سياسته المتمثلة في التصويت ضد جميع المساعدات الخارجية للدولة الشرق أوسطية، ما دفع وسائل الإعلام إلى التكهن بأن المشرعين الآخرين في الكونجرس، مثل الأعضاء التقدميين في الحزب الديمقراطي، قد ينضمون إليه في التصويت برفض الدعم المستقبلي لإسرائيل.

ورغم أنها لم تبرم معاهدة دفاع رسمية مع الولايات المتحدة، إلا أنها تظل حليفا رئيسيا من خارج حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ما يسمح لها بالوصول إلى أسلحة أمريكية أكثر تقدما، ومخزون أمريكي على أراضيها، وتعزيز فرص التدريب.

ومع ذلك، فإن الدفاع عن إسرائيل يشكل مصدر قلق بين الحزبين الأمريكيين، الجمهوري والديمقراطي، فقد تلقت البلاد ما يقدر بنحو 160 مليار دولار من إجمالي المساعدات الأمريكية منذ تأسيسها في عام 1948، وجاء معظمها بعد تحالف الولايات المتحدة وإسرائيل في ستينيات القرن الماضي ضد مصر وسوريا، المدعومين من السوفييت.

الرأي العام

ورغم هذه العلاقات الوثيقة، فقد تغير الرأي العام الأمريكي بشأن إسرائيل على مدى العقد الماضي، مدفوعًا بالحزبية والتحولات بين الأجيال في كيفية رؤية الأمريكيين لإسرائيل، حيث يميل الديمقراطيون والناخبون الشباب إلى أن يكونوا أكثر انتقادًا لإسرائيل، بحسب تقدير "ستراتفور".

وفي مارس/آذار الماضي، ذكرت مؤسسة "جالوب" لأول مرة أن الديمقراطيين ينظرون إلى فلسطين بتعاطف أكبر من إسرائيل، حيث يتعاطف 49% من المستطلعين مع الفلسطينيين أكثر، و38% يتعاطفون أكثر مع الإسرائيليين. كما وصل الدعم لفلسطين بين الناخبين الأمريكيين المستقلين إلى مستوى مرتفع جديد في استطلاع عام 2023، حيث يفضل 32% الفلسطينيين.

وفي نفس الاستطلاع، الذي أجري عام 2014، قبل الحرب الكبرى الأخيرة في غزة، قال 23% فقط من الديمقراطيين و18% من المستقلين إنهم يتعاطفون أكثر مع الفلسطينيين.

وظل تعاطف الجمهوريين متحالفًا إلى حد كبير مع إسرائيل، حيث قال 78% إنهم يفضلون إسرائيل على فلسطين في استطلاع "جالوب" لعام 2023 مقارنة بـ 80% الذين قالوا ذلك في استطلاع عام 2014.

وقبل الحرب، أعربت الولايات المتحدة عن قلقها إزاء العديد من تصرفات وسياسات الحكومة الإسرائيلية. وانتقدت إدارة بايدن بشكل خاص مساعي الحكومة الإسرائيلية الأخيرة لإصلاح النظام القضائي في البلاد، الأمر الذي أثار احتجاجات واسعة النطاق منذ الإعلان عن الإصلاحات في بداية العام.

وفي يوليو/تموز، بعد أن أقرت الحكومة الإسرائيلية المشروع المثير للجدل، اتصل بايدن بنتنياهو لمحاولة إقناعه بتوسيع الإجماع على الإصلاحات المستقبلية، وأعرب عن قلقه إزاء الاستقرار الداخلي وتأثيره على أمن إسرائيل وجيشها.

وفي الشهر نفسه، انتقد البيت الأبيض أيضًا خطوة نتنياهو لتشكيل تحالف مع شركاء من اليمين المتطرف، حيث أشار بايدن إلى أن الحكومة الجديدة تضم "بعضًا من أكثر الأعضاء تطرفًا".

وفيما يتعلق بإدارة التوترات الفلسطينية، انتقد البيت الأبيض مساعي الحكومة الإسرائيلية لتوسيع مستوطنات الضفة الغربية، وأدان أيضًا سلوكها خلال حرب غزة السابقة عام 2021.

وخلال حرب غزة عام 2021، استخدم بايدن القنوات الخلفية لخفض التصعيد والضغط على الحكومة الإسرائيلية لممارسة ضبط النفس، ما ساعد على إنهاء هذا الصراع في 11 يومًا.

وبعد حرب غزة عام 2021، صوت مجلس النواب الأمريكي، في خطوة غير مسبوقة ولكنها رمزية في نهاية المطاف، على عدم إرسال إمدادات جديدة من صواريخ "القبة الحديدية" للدفاع الجوي إلى إسرائيل على الفور.

ورغم أن الهيئة صوتت في النهاية بأغلبية ساحقة لصالح التشريع، إلا أن الديمقراطيين التقدميين في الكونجرس كانوا يستجيبون جزئيًا لانتقادات مؤيديهم المتزايدة لإسرائيل والمطالبة بمزيد من التدقيق في المساعدات المقدمة للدولة في أعقاب الحرب.

كما كانت هناك توترات بين نتنياهو والرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما، خاصة بشأن دفع الأخير للتفاوض على اتفاق نووي مع إيران، والذي قال نتنياهو إنه أضعف من أن يمنع طهران من تطوير سلاح نووي.

تصاعد الانتقادات

وفي الولايات المتحدة، تصاعد انتقاد الديمقراطيين لتشكيل الحكومة الإسرائيلية، التي تضم الصهيونية الدينية، وهو الحزب الوريث للحركة الكاهانية اليمينية المتطرفة، التي كانت محظورة في كل من الولايات المتحدة وإسرائيل.

بالإضافة إلى ذلك، أعرب الأمريكيون اليهود الليبراليون عن قلقهم إزاء محاولات نتنياهو حماية نفسه قانونيًا من محاكمات الفساد الجارية. ويعارض كثيرون أيضاً الإصلاحات القضائية التي تنفذها حكومته على أساس أنها تخاطر بإضعاف الديمقراطية في إسرائيل.

وستظل الولايات المتحدة على استعداد لإعادة الإمداد والدعم الدبلوماسي وربما التدخل العسكري في مسار الصراع، و"لكن بمجرد انتهاء مرحلة الطوارئ من الحرب، سينضم الساسة الأمريكيون إلى نظرائهم الإسرائيليين في التشكيك في دور حكومة نتنياهو بالإخفاقات الاستخباراتية التي أدت إلى هجوم حماس المفاجئ" بحسب تقدير "ستراتفور".

ويرجح التقدير أن تستمر الولايات المتحدة في دعم إسرائيل في أعقاب الحرب الجديدة من خلال دعم حملتها العسكرية في غزة والبحث المستمر عن الأسرى، وكذلك من خلال المساعدة في ردع إيران وحزب الله عن التصعيد إلى صراع إقليمي.

لكن واشنطن لن تحتاج إلى الحفاظ على هذا المستوى من الدعم بمجرد انتهاء الحرب، وهو ما سيشهد على الأرجح انضمام الولايات المتحدة إلى الإسرائيليين في التدقيق في دور حكومة نتنياهو في موجة العنف الأخيرة.

وهنا يشير "ستراتفور" إلى وجود غضب داخلي كبير في إسرائيل بسبب فشل حكومة نتنياهو في توقع الهجوم الإرهابي الذي شنته حماس والذي أسفر عن مقتل أكثر من 1300 إسرائيلي، والذي تتم مقارنته الآن بأسوأ أيام المحرقة في وسائل الإعلام الإسرائيلية.

وفي استطلاع للرأي أجراه مركز الحوار في 12 أكتوبر/تشرين الأول، قال 86% من الناخبين الإسرائيليين، بما في ذلك 79% من المؤيدين الحاليين للائتلاف الحاكم، إن حرب غزة الجديدة كانت نتيجة لفشل القيادة الحكومية.

ووعد الجيش الإسرائيلي بإطلاق تحقيق كامل في أسباب هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، والذي من المرجح أن يجد أن سياسات الحكومة، أي إدارتها لحماس في غزة والدفع لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية، كانت على الأقل غير صحيحة.

وعندما يكتمل التحقيق، فإن مثل هذه النتائج ستزود المنتقدين الأمريكيين للعلاقات الأمريكية الإسرائيلية بمزيد من الأدلة التي تشير إلى أنه يتعين على الولايات المتحدة إجراء المزيد من التدقيق في دعمها لإسرائيل، وعلى وجه الخصوص: الرد بقوة أكبر على سياسات حكومة نتنياهو.

تقييم العلاقات

ومن شأن مناقشات الأمن القومي الأمريكي أن تغذي عملية إعادة تقييم العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، بحسب "ستراتفور"، مشيرا إلى أن واشنطن تركز منذ فترة طويلة على محاولة تقليل وجودها العسكري في الشرق الأوسط وبناء شبكة من الأصدقاء والحلفاء لتحل محل بصمتها الأمنية، مقابل التركيز في الانخراط بتسليح أوكرانيا ومحاولة ردع الصين.

وفي مواجهة التحديات التي تفرضها روسيا والصين، تحاول الولايات المتحدة تهدئة التوتر مع إيران، من خلال الاتفاق الأخير لتحويل 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمدة إلى طهران مقابل إطلاق سراح سجناء أمريكيين.

كما دفع القلق بشأن إيران والصين واشنطن إلى الضغط من أجل التطبيع السعودي الإسرائيلي وضمان شبكة دفاع جوي لحلفائها على مستوى المنطقة.

وبحسب تقدير "ستراتفور" فإن التداعيات السياسية للصراع في غزة قد تجعل من المستحيل فعلياً بالنسبة للولايات المتحدة أن توقع اتفاقية دفاع مع إسرائيل، كما أن القلق بشأن إيران والصين سيدفع واشنطن إلى الضغط من أجل التطبيع السعودي الإسرائيلي، إلى جانب شبكة دفاع جوي على مستوى المنطقة تابعة لحلفائها.

وكجزء من محادثات التطبيع الإسرائيلية السعودية، أوردت تقارير أن البيت الأبيض كان مستعدًا لعرض اتفاقيات دفاعية على إسرائيل والسعودية تلزم الولايات المتحدة رسميًا بتقديم المساعدة لهما في حالة تعرض أي من البلدين لهجوم.

وربما تكون مثل هذه العروض مصممة لزيادة فرص أن تصبح أي وعود أمريكية يتم تقديمها للتوقيع على اتفاق تطبيع إسرائيلي سعودي جزءًا من معاهدة أقرها الكونجرس الأمريكي، الذي يشكك في تقديم تنازلات للسعودية ولكنه أكثر انفتاحًا على ضمانات الدفاع إلى إسرائيل.

ولكن في أعقاب حرب غزة، أصبح من الواضح أكثر أن سياسات إسرائيل الخاصة يمكن أن تشعل صراعات لا تصب بشكل مباشر في المصالح الأمريكية ويمكن أن تدفع الولايات المتحدة إلى حرب مع إيران، ما يجعل أي اتفاق دفاعي مع إسرائيل أقل قابلية للتطبيق من الناحية السياسية.

واستجابة للضغوط السياسية المحلية، قد تتدخل إدارة بايدن بشكل أكثر نشاطًا في السياسة الإسرائيلية لمحاولة إقناع حكومة نتنياهو بمعالجة السياسات التي أدت إلى العنف مع الفلسطينيين، حسب تقدير ستراتفور،

وبينما تفضل إدارة بايدن إبقاء انتقاداتها للحكومة الإسرائيلية سراً، فإن الولايات المتحدة قد تضغط على حكومة نتنياهو لتغيير سياساتها الاستيطانية، ونهجها في الإصلاحات القضائية، والسياسات تجاه قطاع غزة التي ساعدت في تأجيج أعمال العنف الأخيرة، حتى لو كانت مثل هذه السياسات تنفر اليمين المتطرف الذي تعتمد عليه الحكومة.

وإضافة لذلك، سيكون لدى البيت الأبيض بدائل ممكنة لقيادة نتنياهو، بما في ذلك رئيس الوزراء السابق، يائير لابيد، الذي رفض الانضمام إلى حكومة الوحدة الإسرائيلية الجديدة التي تشكلت في أعقاب هجمات حماس، واتهم حكومة نتنياهو، في 12 أكتوبر/تشرين الأول، بارتكاب "انتهاكات لا تغتفر".

وسيكون لدى واشنطن خيار تشكيل الخطاب العام المحيط بالحكومة الإسرائيلية، والذي يمكن أن يساعد في إقناع أعضاء الكنيست، خاصة من الوسط وحزب الليكود اليميني، بإسقاط الحكومة لإجراء انتخابات جديدة.

وفي الفترة التي سبقت اتفاقيات أوسلو في عام 1992، دفعت الولايات المتحدة الحكومة الإسرائيلية اليمينية بزعامة، إسحق شامير، زعيم الليكود، إلى المشاركة في المحادثات مع منظمة التحرير الفلسطينية من خلال التهديد بمنع القروض التي تحتاجها إسرائيل لاستيعاب المهاجرين من الاتحاد السوفييتي المنهار.

وبينما كانت الولايات المتحدة تسعى إلى حل الأسباب الأساسية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي بعد الانتفاضة الأولى، رضخ شامير وبدأ المحادثات، لكن حكومته انهارت بعد ذلك بوقت قصير.

المصدر | ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الولايات المتحدة نتنياهو جو بايدن حماس طوفان الأقصى فلسطين السعودية الحکومة الإسرائیلیة أکتوبر تشرین الأول الولایات المتحدة حکومة نتنیاهو البیت الأبیض فی استطلاع إسرائیل فی فی أعقاب من خلال حرب غزة إلى أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

ماذا لو كانت “إسرائيل” داخل أراضي الولايات المتحدة؟!

الولايات المتحدة – على مدى فترة طويلة من الزمن ظهرت العديد من المشاريع لإقامة وطن قومي لليهود في مناطق متعددة من العالم إحداها تبنتها ألمانيا النازية في 12 نوفمبر 1938، وكان مكانها جزيرة مدغشقر.

في ذلك اليوم خلال مؤتمر في برلين، أعلن أحد قادة ألمانيا النازية، هيرمان غورينغ أن زعيمه أدولف هتلر يفكر في خطة لهجرة اليهود إلى مدغشقر. فكرة إعادة توطين اليهود في هذه الجزيرة كانت ظهرت لأول مرة في بولندا عام 1926.

طرحت العديد من المشاريع لإقامة وطن قومي لليهود منذ القرن التاسع عشر، إلا أن مشاريع بناء مستوطنات يهودية وخاصة في العالم الجديد بدأت قبل ذلك بكثير، ويعود تاريخ بعضها إلى القرن السابع عشر.  خطط بناء مثل هذه المستوطنات جرت في مناطق مختلفة مثل سورينام وبيرو وجمهورية الدومينيكان والبرازيل وغيانا وأوروغواي والأرجنتين.

يصف بعض الكتاب “إسرائيل” بأنه عمليا الولاية 51 للولايات المتحدة الأمريكية نتيجة للدعم المطلق الذي تقدمه واشنطن لها، فماذا كان سيحدث لو أقيم وطن قومي لليهود داخل الولايات المتحدة؟

هذا المشروع كان قائما في الفعل في القرن التاسع عشر ويوصف بأنه كان إحدى أولى المحاولات الرفيعة لإقامة دولة يهودية. المشروع كان فكرة لرجل يدعى مردخاي مانويل نوح. نوح كان وقتها متيقنا باستحالة إقامة دولة لليهود في فلسطين، ولذلك أراد توطين اليهود في جزيرة غراند بالقرب من نيويورك في دولة تسمى “أرارات”!

خطط مردخاي نوح الذي ولد في عام 1785 في فيلادلفيا لإقامة دولة يهودية منفصلة داخل الولايات المتحدة، أريد لها أن تكون دولة داخل دولة.

نوح الذي كان عين قنصلا للولايات المتحدة في تونس في عام 1813، اقترح أثناء افتتاح كنيس في نيويورك في عام 1818 بناء وطن جديد لليهود في أمريكا.

اختار الرجل جزيرة كبيرة على نهر نياغرا. وكان يفترض أن يقوم بشراء أرض بمساحة 70 كيلو مترا مربعا. في عام 1830 حصل نوح على إذن رسمي بشراء ثلث أراضي الجزيرة.

مردخاي قرر البدء ببناء مدينة واحدة هي أرارات، التي كان يفترض أن تصبح في المستقبل “عاصمة الدولة اليهودية الأبدية لبني إسرائيل”.

وجه مردخاي وقتها دعوة إلى اليهود في جميع أنحاء العالم للانتقال إلى أمريكا قائلا: “أنا مردخاي مانويل نوح، مواطن أمريكي، قنصل سابق للولايات في مدينة ومملكة تونس، بنعمة الله، حاكم وقاضي إسرائيل، أعرض ملجأ لليهود في جميع أنحاء العالم، حيث يمكنهم التمتع بالسلام والسعادة، التي حرموا منها في أماكن إقامتهم الحالية بسبب التعصب والقمع”.

في الإعلان ذاته، دعا نوح جميع المعابد اليهودية في العالم إلى إجراء تعداد للسكان اليهود وفرض ضريبة قدرها دولار إسباني واحد لصالح إنشاء وتطوير مدينة أرارات. أعلن نوح نفسه “قاضيا وحاكما” لمدة أربع سنوات، بشرط أن يكون هذا المنصب انتخابيا. كان لليهود من أي منطقة في العالم الحق في دخول المدينة.

وضع حجر الأساس لمدينة أرارات في احتفال رسمي حضرته جموع غفيرة إلى درجة تعذر نقل الجميع في قوارب إلى جزيرة غراند. تقرر حينها إقامة حفل حضره جميع المسؤولين في ولاية نيويورك في كنيس مدينة بوفالو. أمام المدخل وضعت لوحة حجرية نقش عليها باللغتين العبرية والإنجليزية عبارة “أرارات مدينة ملجأ لليهود، أسسها مردخاي مانويل نوح في سبتمبر عام 1825 في الذكرى 50 للاستقلال الأمريكي”.

في تلك المناسبة ألقى مردخاي خطابا أكد فيه أن مدينة “أرارات” هي ملجأ مؤقت لليهود، وأنه ستتم تهيئة الظروف من خلال الجهود المشتركة لإحياء الدولة اليهودية في إسرائيل. اختتم ذلك الحفل بتحية من المدفعية، وحين توفى مردخاي مانويل نوح، طوي المشروع برمته.

المصدر: RT

مقالات مشابهة

  • اليوم.. الشرطة الإسرائيلية تستجوب رئيس طاقم مكتب نتنياهو بقضية وثائق الحرب
  • wp: الرموز الجديدة بإدارة ترامب موالية لـإسرائيل وستعزز موقف المتشددين بحكومة نتنياهو
  • هل ستواصل الولايات المتحدة إرسال الأسلحة لـإسرائيل رغم الظروف المزرية في غزة؟
  • أمريكا تدرس فرض عقوبات على وزير اسرائيلي تتضمن منع سفره الى الولايات المتحدة
  • سفير أمريكا الجديد لإسرائيل يدعو لـإعادة ضبط كاملة للعلاقات الدولية
  • تايوان: الولايات المتحدة من تقرر عودة استخدام صواريخ هوك التي تم إيقافها
  • الحوثي يتحدى الولايات المتحدة: دعوة للبث المباشر من حاملة الطائرات التي استهدفتها القوة الصاروخية اليمنية
  • هل تكون ولاية ترامب الثانية استمرارية للأولى؟
  • أردوغان: تركيا تواصل دعمها من أجل محاكمة إسرائيل بسبب مجازرها في غزة
  • ماذا لو كانت “إسرائيل” داخل أراضي الولايات المتحدة؟!