القبة الحديدية.. منظومة دفاعية تقف عاجزة أمام صواريخ المقاومة
تاريخ النشر: 13th, October 2023 GMT
تتصدر أخبار قضية فلسطين، موقع التواصل الاجتماعي، بعد العدوان الإسرائيلي على غزة، ودائما ما نسمع عن مصطلح القبة الحديدية، وهو ما يثير فضولنا لمعرفة كل المعلومات عنها، خصوصا بعد وقوفها عاجزة أمام صواريخ المقاومة.
ما هي القبة الحديدية؟القبة الحديدية.. هي نظام دفاع جوي بالصواريخ ذات قواعد متحركة، طورته شركة رافئيل لأنظمة الدفاع المتقدمة والهدف منه هو اعتراض الصواريخ قصيرة المدى والقذائف المدفعية.
وقع اختيار نظام القبة الحديدية من قِبل وزير دفاع الاحتلال عمير بيرتز في شهر فبراير عام 2007، وذلك كَحلٍّ دفاعي لإبعاد خطر الصواريخ قصيرة المدى عن الاحتلال، وبدأ تطور هذا النظام منذ ذلك الوقت والذي بلغت كلفته 210 مليون دولار بالتعاون مع جيش الاحتلال بعد خضوعها لاختبارات في عامي 2008 و2009، نُشرت أولى بطاريات القبة الحديدية في عام 2011، وحُدِّث النظام عدة مرات منذ ذلك الحين.
قام حزب الله بإطلاق ما يزيد عن 4000 صاروخ كاتيوشا قصير المدى سقطوا في شمال إسرائيل وذلك في حرب تموز 2006 مما أدى إلى مقتل 44 إسرائيليًا وأدّى التخوف من هذه الصواريخ إلى لجوء حوالي مليون إسرائيلي إلى الملاجئ، ومنذ ذلك الوقت ظهرت الحاجة المُلحِّة لنظام دفاع يحمي الاحتلال من الصواريخ قصيرة المدى، كذلك أكد هذا الأمر استمرار حركة حماس وبعض الفصائل الفلسطينية بإطلاق الصواريخ حيثُ أطلق ما يزيد عن 8000 صاروخ كان آخرها إطلاق صواريخ من عيار 122 ملم.
هو نظام مخصص لصد الصواريخ قصيرة المدى والقذائف المدفعية من عيار 155 ملم والتي يصل مداها إلى 70 كم ويعمل في مختلف الظروف وتشمل المنظومة جهاز رادار ونظام تعقب وبطارية مكونة من 20 صاروخ اعتراضي تحت مسمى (TAMIR) وقد بدأ الاحتلال نشر هذا النظام حول قطاع غزة ودخل حيز التشغيل في النصف الثاني من عام 2010 م.
سبب التسمية القبة الحديدية بهذا الاسم؟ذكر أن رئيس المشروع الكولونيل س. وفريقه في (إدارة تطوير أسلحة والبنية التحتية التكنولوجية) كان لديهم وقت قليل من أجل ابتكار اسم مناسب للمشروع.
ووفقاً للكولونيل س. «أن أول اسم خطر له هو (مضاد القسام) ولكن عندما بدأ بالمشروع أدرك بأنه اسم غير جيد، فجلس وزوجته من أجل ابتكار اسم مناسب، فاقترح اسم Tamir كاسم للصواريخ والتي تعني (الصوارخ الاعتراضية) واسم (القبة الذهبية) للمشروع ككل وفي الأيام التالية تم الموافقة على اسم Tamir، ولكن كان هناك مشكلة مع اسم القبة الذهبية فلقد كان مبالغ فيه وتم تغييره إلى القبة الحديدية».
يذكر أن سبب انتقاد «القبة الحديدية» هو تكلفتها الباهظة حسب آراء البعض حيث يبلغ تكلفة الصاروخ المعترض ما بين 35 ألفا و 50 ألف دولار، وحتى 62 ألف دولار وفقاً لمصدر فرنسي.
كما نشرت انتقادات حول عدم فعالية القبة الحديدية أمام صواريخ القسام إذا أطلقت على مسافات قصيرة جدا، وباعتبار وجود نظام مضاد للصواريخ آخر أكثر فعالية هو «نوتيلوس الليزر» (Nautilus laser)، فمن 1995 إلى 2005، طورت الولايات المتحدة وإسرائيل نظام نوتيلوس ولكن جرى تخلي عنه بدعوى عدم قابليته للتجسيد، ومع ذلك، فقد اقترحت وزارة الدفاع الأمريكية شركة نورثروب غرومان لتطوير نموذج أولي متقدم من نوتيلوس سمي Skyguard.
بالإضافة لاستخدام Skyguard شعاع ليزر على صواريخ الاعتراض، وتكلفة كل طلقة تكون ما بين ألف وألفا دولار وباستثمارات تبلغ 180 مليون دولار، وتقول شركة نورثروب غرومان أنه من الممكن نشر النظام في 18 شهرا، رفض المسؤولون الإسرائيليون الاقتراح نظرا لضيق الوقت والتكلفة الإضافية، وأصروا على التحسن الذي طرأ مؤخرا على القبة الحديدية، كنظام قادر تماما على اعتراض صواريخ القسام.
قال رؤوفين بيداتسور، المحلل العسكري والأستاذ في جامعة تل أبيب، في مقال له في صحيفة هآرتس في يناير 2010، أن القبة الحديدية كانت أكبر عملية احتيال ضخمة، مع العلم أن زمن رحلة صاروخ قسام إلى سديروت هو 14 ثانية، في حين أن نظام القبة الحديدية يحدد ويعترض الصاروخ بعد 15 ثانية، هذا يعني أن النظام لا يمكن اعتراض الصواريخ ذات مدى أقل من 5 كم، ويلقي المؤلف الضوء على الفجوة الكبيرة بين تكلفة القبة الحديدية صاروخ (50 ألف دولار) وتكلفة صاروخ القسام (300 دولار أو 1000 دولار)، رغم أنه أقل كلفة من صواريخ سام الأخرى (440 ألف دولار لإطلاق صاروخ RIM-116 Rolling Airframe).
اقرأ أيضاًاشتباكات بين قوات الاحتلال والفلسطينيين بمحيط المسجد الأقصى
ملك الأردن يحذر من أية محاولة لتهجير الفلسطينيين
وزير الخارجية الأمريكي يلتقى الرئيس الفلسطيني
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: القبة الحديدية القبة الحديدية الأسرائيلية نظام القبة الحديدية القبة الحدیدیة ألف دولار
إقرأ أيضاً:
تحقيق عبري: جيش الاحتلال قتل النساء والأطفال وزعم استهداف قادة المقاومة
#سواليف
نشرت صحيفة هآرتس العبرية، تحقيقا صحفيا، يكشف زيف إعلانات #جيش_الاحتلال الرسمية عن طبيعة الأهداف التي يجري مهاجمتها من سلاح جو الاحتلال وكذلك #الخسائر في صفوف #المقاومة_الفلسطينية.
ويوضح التحقيق أن المدنيين #الفلسطينيين هم الهدف الأبرز لجيش الاحتلال، رغم مزاعمه بأنه ينفذ استهدافات دقيقة لقادة وعناصر المقاومة.
وجاء في تحقيق هآرتس “: يوم الثلاثاء الماضي بعد الظهر، نشر المتحدث باسم الجيش مقطعي فيديو. في الأول، يظهر مقاتلة حربية تقلع في الظلام، تاركة خلفها أثرًا مضيئًا خلابًا، ثم يظهر طيار مروحية أباتشي وهو يفحص تسليح المروحية قبل أن يدخل إلى قمرة القيادة. أما في الفيديو الثاني، فتظهر مبانٍ مدمرة بسبب القصف وأعمدة دخان تتصاعد إلى السماء”.
مقالات ذات صلةفي لقطات المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، لا يظهر أي بشر، لكن على الأرض، كان المشهد مختلفًا. بعد ساعة من الهجوم، بدأت الجثث والإصابات تصل إلى المستشفى بسيارات الإسعاف، وبالمركبات الخاصة، وبعربات تجرها الحمير، وحتى محمولين بأيدي الناس.
وصف الدكتور محمد أبو سلميّة، مدير مستشفى الشفاء، في مقابلة مع قناة الجزيرة، الوضع، قائلا: “في الصباح، كان هناك 50 جثة في قسم الطوارئ، و30 جثة أخرى في ثلاجة الموتى. كانت غرف العمليات ممتلئة، وكثير من المصابين ماتوا أمام أعيننا لأننا لم نتمكن من علاجهم”.
أما الدكتور شعيب روكاديا من بريطانيا، الذي يعمل في المستشفى، فقال لمراسلي وكالة أسوشيتد برس (AP): “جثث ممزقة، محمولة في سيارات الإسعاف، وعربات الحمير، أو بين أيدي أقارب مذعورين، تدفقت إلى الداخل، طفل تلو الآخر، وشاب بعد آخر”. ووصفت طبيبة أمريكية المشاهد في غرفة الطوارئ: “ممرضة كانت تحاول إنعاش طفل كان ملقى على الأرض بشظايا في قلبه. شاب فقد معظم ذراعه كان يجلس مرتعشًا في الزاوية. صبي حافي القدمين يحمل شقيقه الأصغر، الذي لم يتجاوز الرابعة من عمره، وقد تهشمت قدمه بالكامل، مع دماء في كل مكان وأشلاء عظام وأنسجة متناثرة. كنت أركض من مكان إلى آخر، محاولًا تحديد الأولويات، من يجب إرساله إلى غرفة العمليات، ومن يجب إعلان وفاته. من السهل أن تفوت بعض الحالات؛ فتاة صغيرة بدت وكأنها بخير رغم بعض الألم عند التنفس، لكن اتضح أنها كانت تنزف داخل رئتيها، وفتاة أخرى اكتشفنا شظايا في دماغها عندما نظرنا إلى شعرها المجعد”.
محمد مصطفى، مسعف أسترالي يتطوع في المستشفى المعمداني، تحدث عن تلك الساعات في مقطع فيديو نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي: “عملنا طوال الليل، نفدت لدينا مادة الكيتامين، ومسكنات الألم، ومواد التخدير. خضعت بعض الفتيات لعمليات بتر دون تخدير. معظم الضحايا كانوا من النساء والأطفال. أطراف مبتورة، جثث بلا رؤوس. كان هناك رجل مات أثناء نقله إلى جهاز التصوير المقطعي، وثلاث فتيات يجلسن على سرير هن بناته، وأصبحن الآن يتيمات. والدتهن لم تصل حتى إلى المستشفى. كنت هنا أيضًا في يونيو، لكنه ليس نفس الوضع، الصراخ في كل مكان، ورائحة اللحم المحترق لا تزال في أنفي”.
بعد مرور أسبوع على الهجوم الإسرائيلي، يمكن محاولة تبديد الضباب حول الضربة الافتتاحية الإسرائيلية التي أنهت شهرين من وقف إطلاق النار في غزة. ووفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية، أسفرت تلك الهجمة عن استشهاد 436 شخصًا، بينهم 183 طفلًا، و94 امرأة، و34 مسنًا فوق سن 65. أرقام تجعل الليلة بين 17 و18 مارس واحدة من أكثر الليالي دموية منذ بداية الحرب.
أما في القناة 12 العبرية، فقد أفادوا بأن “حوالي 400 ناشط قُتلوا”، بينما في صحيفة معاريف وصفوا العملية بأنها “واحدة من أكبر عمليات الاغتيال في التاريخ العسكري”، وادعوا أن “أكثر من 300 مسلح قُتلوا”. ولكن ما مدى تطابق هذه التقارير مع الواقع؟ فقد ذكر جيش الاحتلال الإسرائيلي في بياناته سبعة أسماء فقط كأهداف للهجوم.
بدأ الهجوم في الساعة 2:20 فجرًا. روايات السكان متشابهة، فقد كان البعض قد استيقظوا لتناول وجبة السحور عندما بدأت القنابل تتساقط، وانتشرت حالة من الذعر بين سكان القطاع المنهكين. وقع معظم القصف بين الساعة 2:20 والساعة 2:50، لكنه استمر بوتيرة أقل حتى الخامسة صباحًا. نُفذت الهجمات في عشرات المواقع بشكل متزامن واستمرت لفترة قصيرة جدًا على ما يبدو، رغم أن التقارير الإسرائيلية التي ادعت أن العملية استغرقت عشر دقائق فقط تبدو مبالغًا فيها.
في وسائل الإعلام الإسرائيلية، تم الاحتفاء بإنجازات العملية. في صحيفة معاريف، وُصفت الهجمة بأنها “واحدة من أكبر عمليات الاغتيال في التاريخ العسكري”، وزُعم أنه “تم القضاء على أكثر من 300 مسلح في غضون دقائق… بفضل التعاون الاستثنائي بين الشاباك وسلاح الجو”. “في الليلة الماضية، تعرض حوالي 300 من مسلحي حماس والجهاد الإسلامي، وربما أكثر، لهجوم مفاجئ من قنابل سلاح الجو التي سقطت على رؤوسهم”، تباهى مراسل صحيفة “معاريف”، “كانت الغارة مثالية”. بينما أعلنت القناة 12: “حماس تفاجأت، 400 من عناصرها قُتلوا”.
يبدو أن جيش الاحتلال الإسرائيلي و #الشاباك ركزا هذه المرة على أهداف مدنية وسياسية أكثر من الأهداف العسكرية. لكن في البيانات الرسمية للجيش، لم يُذكر حتى الآن سوى سبعة أسماء للشهداء الذين كانوا أهدافًا للهجوم: محمود أبو وطفة، وثلاثة من أعضاء المكتب السياسي لحماس: عصام الدعاليس، محمد الجماسي، وياسر حرب. كما أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي والشاباك عن اغتيال رشيد جحجوح، رئيس جهاز الأمن الداخلي، بالإضافة إلى مسؤول الاستخبارات العسكرية في جنوب قطاع غزة ورئيس قسم المراقبة والأهداف في حماس، أسامة طبش.
تم نشر أسمائهم في إعلان عسكري إسرائيلي مع ملصقات حمراء كُتب عليها “تمت تصفيته”. إلى جانب هذه الأسماء، كان جيش الاحتلال الإسرائيلي مقتضبًا في تقديم تفاصيل عن الهجوم، مكتفيًا ببيان عام جاء فيه: “نفذ الجيش الإسرائيلي والشاباك عشرات الهجمات على أهداف إرهابية ومسلحين من منظمات الإرهاب في أنحاء قطاع غزة، بهدف ضرب القدرات العسكرية والإدارية لهذه المنظمات وإزالة التهديد على إسرائيل وسكانها”. من الواضح أن العدد لم يكن 300 مقاوما، ولا حتى قريبًا من ذلك. وفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية، بلغ عدد الرجال تحت سن 65 الذين قتلوا في الهجوم 125 شخصًا، ومعظمهم لم يكونوا مسلحين.
استهدفت بعض الضربات مخيمات النازحين. أفاد تقرير للأمم المتحدة بوقوع ثلاث ضربات على مخيمات في دير البلح، في منطقة المواصي غرب خانيونس، وفي منطقة تل السلطان غرب رفح. “كان الناس نائمين، وقصفوا الخيام على رؤوسهم، هناك عشرات القتلى والجرحى، معظمهم أطفال”، صرخ أحد سكان مخيم النازحين في خانيونس في مقطع فيديو نشر عن تلك الليلة.
“لقد كانت أصعب ليلة في حياتنا، الأطفال كانوا مرعوبين ويرتعشون، لم نتمكن من رؤية شيء من شدة الرعب”، قال أحد سكان غزة في فيديو وثّقته الأمم المتحدة. في الفيديو، يظهر حفرة ضخمة حيث كانت هناك خيام، وأشخاص يبحثون بين الأنقاض، محاولين انتشال بعض الطماطم المغطاة بالرمل وبضع بطانيات.
استشهاد عائلة بأكملها
استشهدت الطفلة بيسان الهندي مع شقيقها أيمن في قصف على خانيونس. “بيسان الجميلة، الرقيقة، كنتِ محبوبة من الجميع”، قالت والدتها في رثائها. “كم كان وجهكِ مشرقًا. أشتاق إليكِ كثيرًا، لغمازاتك، لعينيك الواسعتين كعيني غزال، لرائحة شعرك. حبيبة قلبي، أرجوكِ تعالي إليّ في الحلم. سأحاول النوم فقط لأحلم بكِ”.
أما عن ابنها أيمن، فقالت: “أيمن الطيب، المتواضع، الصادق والمخلص، أكثر الأطفال براءة. فراقك كسرني. كنت روحي، سندي. قلبي يحترق. يا الله، كم كنت أشكره كل يوم عندما أراك تكبر أمامي. هل تتذكر، حبيبي، كيف كنت تقف بجانبي وتقول لي، “لقد أصبحت أطول منكِ”، وتضحك؟ بعد أيام قليلة كنت سأراك في الجامعة، وأفتخر بك، خاصة بعدما أسعدتني وأخبرتني قبل وقت قصير من استشهادك أنك تريد أن تصبح طبيبًا نفسيًا، مثل زوج خالتكِ علا. كنت فخورة وسعيدة جدًا. هل تعلم أنني مسحت دمك بثوبي؟ لن أغسله أبدًا”.
وفي رفح استشهد 17 فردًا من عائلة جرغون في قصف لمنزلهم. قال رمضان أبو لولي لصحيفة “هآرتس” إن أخته مجدولين استشهدت مع زوجها محمد وثلاث بناتها. “أُطلقت صاروخان على المنزل”، أضاف أبو لولي، “أربعة إخوة قُتلوا مع زوجاتهم وأطفالهم. حتى الجد والجدة قُتلا. جميع الإخوة في هذه العائلة فقدوا منازلهم خلال الحرب، فانتقلوا للعيش في بيت والديهم. الآن وصل القصف إليهم أيضًا”.
في بيان لمنظمة اليونيسف، وصفت 18 مارس بأنه “واحد من أكثر الأيام دموية للأطفال في العام الماضي”. بينما قال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إن “استخدام أسلحة ذات تأثير واسع على منطقة مكتظة بالسكان من المرجح أن يؤدي إلى إصابات عشوائية، وقد يشكل انتهاكًا لقواعد القانون الإنساني الدولي”.
في الهجمة المذكورة، انتشرت صورة طفلة رضيعة ميتة ترتدي ملابس بيضاء مزينة بأقواس ملونة، ملقاة فوق جثة امرأة مستلقية على نقالة برتقالية، كلتاهما حافيتان. تبين أن الرضيعة هي بنان التي لم تكمل ثلاثة أشهر من عمرها، واستشهدت مع والديها وعشرة من أفراد عائلتها في قصف على دير البلح. انتشرت صورة أخرى لسبعة أطفال من عائلة أبو دقة، يجلسون ويشربون عصيرًا. من بينهم، استشهد خمسة أطفال في قصف لاحق: عمر أسامة، محمد أحمد، حلا أحمد، سما أحمد، وقصي عادل. وقال قريب العائلة، أحمد عبد الله: “في فجر يوم الجمعة، تم قصف ستة منازل للعائلة في آن واحد”.
في ضربة أخرى، وفقًا لمصادر محلية، استشهد 25 شخصًا كانوا يحتمون في مدرسة “التابعين” في مدينة غزة. أحد الصحفيين الفلسطينيين وثّق مشهدًا حيث كان فتى يبحث بين الأنقاض عن أشياء تخص أصدقائه الذين استشهدوا، قائلاً: “رأيت الكثير من أجزاء الجثث والدماء”.
أما أصغر ناجية من عائلة أبو دقة فهي الطفلة آيلا البالغة من العمر شهرًا واحدًا.
يقول عبد الله: “في صباح يوم المجزرة، أُخرجت وهي في حالة جيدة بعد أن بقيت تحت الأنقاض لمدة خمس ساعات، لكن والدها أسامة أبو دقة، ووالدتها مروة، وشقيقها عمر، استشهدوا جميعًا. لا أعرف إن كانت محظوظة لأنها نجت، أم أنها غير محظوظة لأنها الناجية الوحيدة من عائلتها”.
بدأت مقاطع الفيديو التي انتشرت صباح الثلاثاء تُظهر مشاهد من بين الأسوأ منذ بداية الحرب: قدم طفل داخل كيس، أب يحتضن جثة ابنته، أب يمر بين الجثث في المشرحة باحثًا عن طفليه، شخص يحتضر تحت أنقاض منزله، وجثث أطفال من جميع الأعمار والأوضاع، بين الأنقاض وفي غرف المشرحة. في أحد الفيديوهات، تصرخ أم: “أقسم بالله أن أطفالي ماتوا جوعًا، لم يتمكنوا من تناول السحور”. في مقطع آخر، يظهر أب يحتضن طفلته الميتة التي ترتدي بيجامة حمراء ودمها يسيل، وهو يصرخ: “هل هذه هي أهدافهم؟”.
في مقطع فيديو آخر، تظهر جثتا طفلين، وطفل مصاب ينزل من سيارة إسعاف، ونساء يبكين على جثث أحبائهن. كتب الصحفي حسام شبات، وهو من أبرز الصحفيين في غزة منذ بدء الحرب: “هذه المشاهد تكررت بكل قسوتها وصعوبتها، فقد عاد الفقدان والألم، وعادت اللحظات الصعبة التي تجعلنا نبكي كل يوم”. يوم الاثنين الماضي، أصاب صاروخ سيارة شبات، مما أدى إلى استشهاده على الفور.
جاءت هذه الضربة بعد قرابة ثلاثة أسابيع من الحصار الكامل على غزة، وهو أطول حصار منذ بدء الحرب. لم يُسمح بدخول أي طعام أو وقود أو مساعدات إلى القطاع منذ 2 مارس. بالإضافة إلى ذلك، أوقفت “إسرائيل” تزويد محطة تحلية المياه بالكهرباء، مما أدى إلى انخفاض كبير في كمية المياه المتاحة للسكان.
قال الطبيب الأمريكي الدكتور فيروز سيدوا في مقابلة مع شبكة ABC: “هذه السكان يعانون من الجوع منذ 15 شهرًا. الجميع يفقدون الوزن ويعانون من نقص البروتين. لقد أكلت اللحم مرة واحدة فقط منذ وصولي إلى هنا، وأنا أفضل حالًا من معظم الناس لأن لدي المال. سعر البيضة الآن يزيد عن دولار، والناس يصلون إلى المستشفى جائعين وعطشى، ولا يستطيعون الحصول على مياه نظيفة. الأطفال يعانون من مشكلات في الجهاز الهضمي. عالجنا امرأة توقف قلبها بسبب التهاب في الجهاز الهضمي. هنا يوجد مليونَي شخص، نصفهم أطفال، لا يمكنهم النجاة في مكان دُمرت فيه كل الزراعة، ودُمرت كل أنظمة الصرف الصحي والمياه والمنازل. كيف يمكن لأحد أن يتوقع منهم البقاء على قيد الحياة؟”.
كما أن النظام الصحي في غزة في وضع كارثي. في شمال القطاع، لم يتبقَ سوى جهاز واحد لإنتاج الأوكسجين، وجهاز تصوير مقطعي واحد، وجهاز أشعة سينية واحد. وفقًا لتقرير الأمم المتحدة، اضطر الطاقم الطبي إلى غسل الضمادات الطبية المعقمة لإعادة استخدامها. يقول الدكتور سيدوا: “إذا تعرضنا لحدث مماثل آخر أو اثنين، فستنتهي لدينا الإمدادات اللازمة لغرف العمليات”.