ذا نيو هيومانتيريان: ما حدث في درنة يوجب فرض قيود على البناء في المناطق المعرضة للفيضانات
تاريخ النشر: 13th, October 2023 GMT
ليبيا- نشر موقع “ذا نيو هيومانتيريان” الإنساني السويسري الناطق بالإنجليزية تجربة ميدانية لواحد من الذي شاركوا في إغاثة مدينة درنة.
ووفقا للتجرية التي تابعتها وترجمتها صحيفة المرصد روى طالب الطب الناشط الشغوف برفع الوعي البيئي من مدينة سرت علاء ماجد خير الله ما حدث معه وصديقه محمود القاطنة أسرته في مدينة درنة وذهابهما من مدينة زوارة حيث كانا لإغاثة المجتمع الدرناوي المنكوب.
وقال خير الله:”قبل شهر واحد لم نكن نعلم أن مدينة محمود درنة على وشك أن تجرف ما يرسلنا في رحلة طويلة إلى الكارثة التي حلت ببلادنا ففي وقت متأخر من الـ10 من سبتمبر الفائت بدأت الأخبار تنتشر عن فيضانات ناجمة عن عاصفة ضربت بشدة مدينة درنة الشرقية”.
وتابع خير الله بالقول:” ولكن خطوط الهاتف والإنترنت كانت معطلة لذلك لم يكن لدينا أي وسيلة للتواصل مع أسرة محمود أو معرفة مدى سوء الوضع ونظرا لأننا طلبة طب فقد اعتقدنا أنه قد نتمكن من المساعدة وبدلا من أن نفترق وأتوجه لسرت حيث أعيش قررنا التوجه معا إلى درنة”.
وأضاف خير الله قائلا:”ولم نكن الوحيدين الذين لديهم هذه الفكرة وكانت العديد من المدن ترسل حافلات من المتطوعين إلى درنة والبلدات والمدن المجاورة ولقد انضممنا إلى واحد منهم والطرق بدت مكتظة بالرحماء من غرب ليبيا ممن أرادوا الانضمام إلى جهود الإغاثة في الشرق”.
وأوضح خير الله بالقول:”وكانت السيارات محملة بالطعام والماء والأدوية لقد كان حقا مشهدا غير مسبوق في بلادنا التي مزقتها الانقسامات السياسية والعسكرية والاجتماعية وبقدر ما كانت الرحلة ملهمة إلا أنها كانت طويلة وصعبة أيضا”.
وقال خير الله:”وطوال الـ33 ساعة التي استغرقناها للوصول إلى درنة كان محمود هادئا على غير عادته وقد سيطر عليه القلق حاولت طمأنته فقلت إن التقارير التي سمعناها عن الموت والدمار مبالغ فيها على الأرجح وحينها ذكرت أسوأ الروايات أن عدد القتلى بلغ 200 شخص”.
وأضاف خير الله قائلا:”ومع ذلك عندما وصلنا إلى درنة أصبح من الواضح أن الأمور كانت أسوأ بكثير وقضينا ليلتنا الأولى هناك في أحد المساجد وخططنا لزيارة أسرة محمود في الصباح ولكننا استيقظنا مبكرا على صرخة من الخارج تعالوا هنا تعالوا هنا”.
وقال خير الله:”ولقد تتبعنا الصوت ووجدنا جثة طفل وصدمنا وهناك من دون أن نتحدث ولم يكسر الصمت إلا صرخة الألم التي أطلقها الشباب الآخرون الذين هرعوا وبينما كنا ننتظر فريق البحث والإنقاذ لانتشال جثة الطفل لن أنسى أبدا ما قاله أحدهم بشأن كونه محظوظا لأنه مات”.
وبين خير الله بالقول:”وقفت إلى جانبه لساعات بينما كنا ننظر إلى ما كان ذات يوم مدينة نابضة بالحياة ولم يكن هناك سوى الطين وعندما غادر هذا المشهد الرمادي في النهاية أرشدنا الناجون نحو منزل محمود وكان الطريق مليئا بالركام والطين”.
وتابع خير الله قائلا:”وعندما اقتربنا من وسط مدينة درنة بدأ محمود بالبكاء ولم يستطع أن يتكلم وقال فقط هنا وأين عندها أدركت أننا نقف على أنقاض منزله لقد فقد عالمه بأكمله في ليلة واحدة وبالكاد كان هناك أي بقايا مما كان هنا”.
وقال خير الله:”ولم يتبق هناك أي أثر يشهد على أن هذا المكان كان يعج بالوجود ذات يوم كان الأمر خانقا وكانت رائحة الموت والدم في كل مكان وقضى محمود الأيام القليلة التالية في البحث عن أسرته ليجد أنهم قتلوا جميعا”.
وأضاف خير الله بالقول:”وقضيت الأسبوع التالي في المساعدة حيثما دعت الحاجة في البداية كنت أبحث عن الجثث أو الناجين ومن ثم كنت أساعد فرق الإنقاذ المحترفة التي بدأت بالوصول وفي وقت لاحق انتهى بي الأمر بتقديم الإسعافات الأولية لرجال الإنقاذ”.
وتابع خير الله قائلا:”لقد أصيب هؤلاء بشكل متكرر بسبب عديد الظروف الخطيرة التي واجهوها أثناء محاولتهم العثور على الأشخاص وتذكروا أيضا رؤية المباني تنجرف مليئة بالناس المذعورين وتصطدم ببعضها البعض”.
وبحسب خير الله فقد أخبره الناجون عن ليلة العاصفة إذ وصفوا الرعد والبرق الذي بدا في البداية عاديا ولكن مع بزوغ الفجر انقطعت الكهرباء واهتزت الأرض وارتفعت المياه المتدفقة عبر وادي درنة إلى مستويات مرعبة.
وأوضح خير الله أنه في غضون دقائق تحولت المدينة إلى مشهد كابوسي فيما تذكر الناجون رؤية المباني وهي تنجرف مليئة بالناس المذعورين وتصطدم ببعضها البعض والصرخات قد توقفت تماما عندما انهارت الهياكل.
وقال خير الله:”عندما انهار أول السدين قال الناس إن الصوت كان أعلى من أي انفجار وبحلول الوقت الذي انهار فيه السد الثاني كانت الفوضى عارمة وبعد أسبوع أدركت أنه لم تعد هناك حاجة لمساعدتي وغادرت درنة”.
وأضاف خير الله بالقول:”وطلبت من محمود أن يعود معي إلى سرت لكنه قال إن مؤسسة خيرية عرضت عليه دفع تكاليف مسكنه وبقية تكاليف دراسته في كلية الطب وأراد البقاء في مدينته إذ كان المال الذي عرض عليه بمثابة منفعة صغيرة في مأساة ضخمة”.
وتابع خير الله قائلا:”ومنذ ذلك الحين لم أتمكن من إخراج أسبوعي في درنة من رأسي والتفكير فيما حدث ولماذا وباعتباري ناشط مناخي عامل على رفع مستوى الوعي في ليبيا حول مشاكل التصحر وإزالة الغابات أعتقد أن تغير المناخ لعب دورا أيضا”.
ووفقا لخير الله فإن معالجة تغير المناخ ومحاسبة المسؤولين عن الكارثة لا يستبعد أحدهما الآخر ففي نهاية المطاف البشر هم الذين يتسببون في تغير المناخ وهو ما أدى إلى تكثيف العاصفة ولكنه لم يكن الجاني الوحيد فالحاجة قائمة إلى تحسين الاستعداد لمواجهة الكوارث.
وشدد خير الله على وجوب فرض قيود على البناء في المناطق المعرضة للفيضانات وصيانة السدود وتقديم المساعدة الفورية لعشرات الآلاف الذين أصبحوا الآن نازحين ومن دون منازل مع وجوب إيفاء البلدان بالتزاماتها وخفض الانبعاثات.
وأكد خير الله أهمية العمل على تأمين التمويل اللازم للتكيف مع تغير المناخ ومعالجة قضايا الخسائر والأضرار وبناء البنية الأساسية القادرة على تحمل تحدياته الحارة مبينا إن ما جرى في درنة يوجب العمل على حماية حقوق الأجيال القادمة في كوكب صحي.
ترجمة المرصد – خاص
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: تغیر المناخ مدینة درنة إلى درنة
إقرأ أيضاً:
عميلان سابقان يكشفان تفاصيل جديدة عن تفجيرات البيجر التي هزت حزب الله
ديسمبر 23, 2024آخر تحديث: ديسمبر 23, 2024
المستقلة/-“تحت عنوان كيف خدع الموساد الإسرائيلي حزب الله لشراء أجهزة استدعاء متفجرة”، نشرت شبكة “سي بي إس نيوز” الأمريكية، مساء الأحد، تقريرا سلطت فيه الضوء على عملية استخبارية معقدة نفذها الموساد الإسرائيلي.
التقرير، الذي استند إلى شهادات عميلين سابقين، كشف عن تفاصيل جديدة حول استخدام أجهزة البيجر كأداة لاستهداف حزب الله، وهي عملية هزت لبنان وسوريا بعد أن استهدفت عناصر الحزب خلال سبتمبر/أيلول الماضي.
وفي التفاصيل التي كشف عنها العميلان خلال ظهور مقنع وبصوت معدل ضمن برنامج “60 دقيقة” على الشبكة الأمريكية، أوضح أحدهما أن العملية بدأت قبل عشر سنوات باستخدام أجهزة “ووكي توكي” تحتوي على متفجرات مخفية، والتي لم يدرك “حزب الله” أنه كان يشتريها من إسرائيل، عدوته.
وعلى الرغم من مرور السنوات، ظلت هذه الأجهزة خامدة حتى تم تفجيرها بشكل متزامن في سبتمبر/أيلول الماضي، بعد يوم واحد من تفجير أجهزة الإرسال المفخخة “البيجر”.
أما المرحلة الثانية من الخطة، وفقًا لما كشفه العميل الثاني، فقد بدأت في عام 2022، عندما حصل جهاز الموساد الإسرائيلي على معلومات تفيد بأن حزب الله يعتزم شراء أجهزة البيجر من شركة مقرها تايوان.
وأوضح العميل أنه “لتنفيذ الخطة بدقة، كان من الضروري تعديل أجهزة البيجر لتصبح أكبر من حيث الحجم ولتتمكن من استيعاب كمية المتفجرات المخفية بداخلها”.
وأضاف أن “الموساد أجرى اختبارات دقيقة على دمى لمحاكاة تأثير الانفجار، لضمان تحديد كمية المتفجرات التي تستهدف المقاتل فقط، دون إلحاق أي أذى بالأشخاص القريبين”.
هذا وأشار التقرير أيضًا إلى أن “الموساد أجرى اختبارات متعددة على نغمات الرنين، بهدف اختيار نغمة تبدو عاجلة بما يكفي لدفع الشخص المستهدف إلى إخراج جهاز البيجر من جيبه على الفور”.
وذكر العميل الثاني، الذي أُطلق عليه اسم غابرييل، أن إقناع حزب الله بالانتقال إلى أجهزة البيجر الأكبر حجمًا استغرق حوالي أسبوعين.
وأضاف أن العملية تضمنت استخدام إعلانات مزيفة نُشرت على يوتيوب، تروّج لهذه الأجهزة باعتبارها مقاومة للغبار والماء، وتتميز بعمر بطارية طويل.
وتحدث غابرييل عن استخدام شركات وهمية، من بينها شركة مقرها المجر، كجزء من الخطة لخداع شركة غولد أبولو التايوانية ودفعها للتعاون مع الموساد دون علمها بحقيقة الأمر.
وأشار العميل إلى أن حزب الله لم يكن على علم بأن الشركة الوهمية التي تعامل معها كانت تعمل بالتنسيق مع إسرائيل”.
وأسفرت تفجيرات أجهزة البيجر وأجهزة اللاسلكي التي نفذتها إسرائيل في سبتمبر الماضي عن مقتل وإصابة الآلاف من عناصر حزب الله والمدنيين والعاملين في مؤسسات مختلفة في لبنان وسوريا.
وكان موقع “أكسيوس” قد ذكر بعد أيام من تنفيذ الضربة، أن الموساد قام بتفجير أجهزة الاستدعاء التي يحملها أعضاء حزب الله في لبنان وسوريا خوفًا من اكتشاف الحزب الأمر، بعد أن كشف الذكاء الاصطناعي أن اثنين من ضباط الحزب لديهم شكوك حول الأجهزة.
وفي خطاب ألقاه الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، تعليقًا على الضربات التي وقعت قبل أيام من اغتياله، وصف نصر الله الهجوم بأنه “عدوان كبير وغير مسبوق”. وأضاف: “العدو قد تجاوز في هذه العملية كل الضوابط والخطوط الحمراء والقوانين، ولم يكترث لأي شيء من الناحيتين الأخلاقية والقانونية”.
وأوضح أن “التفجيرات وقعت في أماكن مدنية مثل المستشفيات، الصيدليات، الأسواق، المنازل، السيارات، والطرقات العامة، حيث يتواجد العديد من المدنيين، النساء، والأطفال”.