ضرب واحتجاز وعمل دون أجر.. الغارديان توثق انتهاكات بحق العمالة المنزلية بالإمارات
تاريخ النشر: 13th, October 2023 GMT
سلطت صحيفة "الجارديان" الضوء على حالات سوء المعاملة والعمل بدون أجر في مكاتب ومراكز التوظيف بدولة الإمارات العربية المتحدة، مشيرة إلى حالات لنساء كينيات جرى احتجازهن في دبي.
وذكرت الصحيفة البريطانية، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن "نيا" اندفعت نحو قمة سور المجمع وخلفها مجموعة من زميلاتها الكينيات، المحتجزات أيضًا، واللاتي ساعدنها على التسلق.
وصلت نيا، البالغة 27 عاما، إلى الإمارات في عام 2021، لتكون عاملة منزلية، وكان هدفها هو كسب ما يكفي من المال لتأمين مستقبل أفضل لها ولعائلتها، واعتقدت أن الوظيفة كانت تنتظرها عندما وصلت، ولكن بدلاً من ذلك، أخذها موظفون من مركز التوظيف "شما المهيري" إلى مركز خدمات العمالة المنزلية بمجمع دبي.
وبمجرد وصولها، صادر الموظفون هاتفها وجواز سفرها بسرعة، قبل حبسها في غرفة ضيقة مع أكثر من 12 امرأة أخرى. وتقول نيا إنها عانت هناك لمدة 3 أشهر، دون وظيفة أو راتب، حتى لم تعد قادرة على تحمل ذلك.
هربت نيا، بينما كان الموظفون في استراحة الغداء، وعلقت على ذلك قائلة: "أخبرونا أن المركز تابع للحكومة، وليس هناك ما يمكننا القيام به (..) كان علي أن أركض".
وهنا يلفت التقرير إلى وجود توثيق دولي للانتهاكات بنظام الكفالة في الإمارات، الذي يربط الوضع القانوني للعمال المهاجرين ذوي الأجور المنخفضة بأصحاب العمل، مؤكدا أن عاملات المنازل بشكل خاص يتعرضن للانتهاكات داخل منازل أصحاب العمل، وأولئك اللاتي يغادرن دون إذن أصحاب العمل يواجهن تهماً جنائية بينها "الهروب"، والتي يعاقب عليها بالغرامات والاحتجاز والترحيل.
وأضاف أن الظروف السائدة في مراكز التوظيف بالإمارات تشتمل على الاحتفاظ بالنساء لعدة أشهر في بعض الأحيان، حتى يتم العثور على صاحب عمل.
ويبلغ عدد سكان دولة الإمارات 10.1 مليون نسمة، ويشكل المهاجرون 90% من سكانها. وهناك طلب كبير على العمالة المنزلية، ما يجعلها تجارة مربحة لمراكز التوظيف.
وتتطلب مراكز توظيف العمالة المنزلية في الإمارات الحصول على ترخيص من الحكومة للعمل، ومع ذلك، تحدثت "الجارديان" مع 6 نساء من كينيا وأوغندا، بما في ذلك نيا، اللاتي زعمن تعرضهن للإيذاء، وحرمانهن من الغذاء المناسب أو الرعاية الطبية، وتعرضهن للضرب والاحتجاز في "شما المهيري" بين عامي 2020 و2021، بينما كان المركز مرخصا.
وفي السياق، تقول الباحثة في مجال حقوق المرأة بمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، روثنا بيغوم: "نظام الكفالة يعني أن عاملات المنازل لم يعدن محاصرات من قبل أصحاب العمل فحسب، بل الآن من قبل مكاتب الاستقدام أيضا (..) وهذا يتركهن عرضة لمزيد من الانتهاكات، بما في ذلك الاتجار بهن للعمل القسري، من قبل مكاتب التوظيف بالإضافة إلى أصحاب العمل، وتصبح حقوقهن بموجب القانون بلا معنى".
طعام غير كاف
وعندما وصلن إلى دبي، صدمت النساء من المعاملة التي تعرضن لها، والتي شملت عدم كفاية الطعام. وهو ما عبرت عنه مريم (32 عاماً، من كمبالا) بالقول: "لقد حصلنا على طبق واحد لنتقاسمه بين حوالي 8 أشخاص. كان علينا أن نتقاتل على الطعام. لقد بكيت بسبب ذلك". وكانت مريم قد وصلت إلى الإمارات في نوفمبر/تشرين الثاني 2020.
وفي كل يوم مر عليهن كانت النساء المحتجزات يتلقين أخبار عن نقلهن من مكان إقامتهن إلى المركز في منطقة جميرا في دبي. وهناك، يتم احتجازهن في غرفة وإخراجهن إذا أراد أحد العملاء المحتملين إجراء مقابلة معهن.
ويبدو أن النساء كن عاجزات عن تحديد صاحب العمل الذي قد يرغبن في العمل والعيش معه. ويزعمن أيضًا أن قواعد الشركة تعني أنهم لن يحصلوا على أي أيام إجازة، على الرغم من قوانين دولة الإمارات التي تنص على أن العمال الحق في الحصول على يوم واحد للراحة كل أسبوع على الأقل.
وفي الوقت نفسه، كانت عائلات العاملات المنزليات في حالة قلق عليهن، وتفاقم ذلك بسبب عدم انتظام الاتصال بهن بسبب مصادرة هواتفهن.
وعرضت "الجارديان" هذه الممارسات المرصودة على مركز "شما المهيري"، الذي لم يستجب لطلب التعليق.
وقالت العديد من النساء اللاتي تمت مقابلتهن، إن امرأة إندونيسية، تدعى كريستينا، حاولت الهروب من شما المهيري، في يناير/كانون الثاني 2021، وتعرضت للضرب المبرح.
محاولة الهروب
وقررت كريستينا، وهي في الخمسينات من عمرها، الهروب بينما كانت تعلق "الغسيل" على السطح، بالعبور إلى المبنى المجاور. لكن تم القبض عليها، وضربها مدير مصري بالمركز، بينما أُجبرت النساء الأخريات على مشاهدة ذلك.
وتقول كاثرين، 44 عاماً: "كان يركل بطنها. وكانت السيدة تبكي من الألم. وفي وقت لاحق، قام بسحبها إلى الخارج ودفعها داخل السيارة. كنا نبكي، لكننا لم نتمكن من فعل أي شيء للمساعدة".
لم تعد كريستينا أبدًا إلى مكان الإقامة، ولم ترها النساء مرة أخرى. وإذا أعاد أصحاب العمل النساء إلى المركز، يتعرضن للضرب أيضاً.
تقول ميرسي، 27 عاماً، من كينيا، "إنهم يضربونك عندما يعيدك الكفيل إلى المركز (..) من الطبيعي بالنسبة لهم أن يضربوا الخادمات أمام الموظفين الآخرين. كانوا يضربون السيدات أمامنا كتحذير".
ألغت حكومة الإمارات ترخيص "شما المهيري" للعمل في سبتمبر/أيلول الماضي، بسبب الغرامات غير المدفوعة وغيرها من الجرائم البيروقراطية، ومع ذلك، يبدو أن النساء ما زلن محتجزات في أماكن الإقامة الخاصة بالمركز، كما تقول ميرسي.
وتضيف: "إحدى صديقاتي موجودة هناك منذ 3 أشهر، وأخرى محتجزة هناك منذ 3 أسابيع تقريبًا (..) لا أعرف كيف يمكنني مساعدتهما".
إساءة المعاملة
وصلت كاثرين إلى دبي قادمة من كينيا في أكتوبر/تشرين الأول 2020. وعينها مركز التوظيف في 5 منازل مختلفة للعمل. ولم تدم أي من تلك الوظائف لفترة طويلة، إذ كان معظم أصحاب العمل مسيئين.
وفي المنزل الأول، كانت كاثرين تحصل على وجبة واحدة كل يوم، تتكون عادة من شريحتين من الخبز والشاي الأسود، وكان من المستحيل عليها تناول أي طعام إضافي دون إذن صاحب العمل، بسبب كاميرات المراقبة.
تروي كاثرين هذا الوضع قائلة: "في أحد الأيام، عندما كنت أقوم بكي الملابس، جاءت [صاحبة عملها] بجواري وبدأت بالبصق على وجهي (..) سألتها لماذا تفعلين بي هذا؟ صرخت وغادرت الغرفة".
وطلبت كاثرين الحصول على يوم عطلة في يوم عيد الميلاد حتى تتمكن من الاحتفال مع الأصدقاء. في البداية، وافقت صاحبة عملها، لكنها غيرت رأيها بعد ذلك في صباح يوم 25 ديسمبر/كانون الأول.
وأضافت: "لقد صرخت (صاحبة العمل) في وجهي وطردتني إلى الخارج. وتبعتني وهي تصرخ بأن عليّ المغادرة. ثم رمت متعلقاتي في الخارج".
في أحد المنازل، ضربها صاحب على رأسها بمقلاة بسبب تنظيفها بشكل غير صحيح. وقالت إن صاحب العمل نفسه جعلها تنام في خزانة وصادر هاتفها.
قررت كاثرين الهرب، واستقلت سيارة أجرة إلى مكتب مركز التوظيف التي تعمل به. ورغم ذلك، عاقبها موظفو "شما المهيري" على مغادرتها.
عبرت كاثرين عن ذلك قائلة: "طلب مني الموظفون العودة إلى منزل صاحب العمل، فرفضت. حاولت أن أحمل حقيبتي وأغادر، لكنهم جروني إلى المكتب. كانوا يصرخون ويهينونني ويزعمون أنني لا أريد العمل".
قوانين صارمة
وقال متحدث باسم حكومة الإمارات العربية المتحدة لصحيفة الجارديان: "تحافظ الإمارات العربية المتحدة على سياسة عدم التسامح مطلقًا تجاه الانتهاكات في مكان العمل، مشددا على أن "قانون الإمارات يحظر أي شكل من أشكال الإساءة تجاه الموظفين".
وأضاف: "إننا نجري تحقيقات شاملة عندما يتصرف الأفراد و/أو الكيانات بطريقة تتعارض مع تشريعات الدولة. ويخضع الأشخاص الذين يتبين أنهم مخطئون للمساءلة بما يتماشى مع القانون".
وأكد المتحدث أن بلاده "تواصل اتخاذ خطوات نشطة وحازمة في تنفيذ القوانين واللوائح والتدابير الرقابية لتحسين ظروف عمل القوى العاملة لديها ومعالجة أي فجوة".
المصدر | الغارديان - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: العمالة المنزلیة أصحاب العمل صاحب العمل
إقرأ أيضاً:
وكيل حقوق الإنسان يطالب بحصول شركات العمالة على 3% من أجر العامل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
طالب الدكتور أيمن أبو العلا، وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، بحق شركات مزاولة عمليات إلحاق المصريين للعمل بالداخل أو الخارج في الحصول على نسبة 3% من أجر العامل لمدة عام بدلًا من 1% فقط.
وجاء ذلك خلال الجلسة العامة لمجلس النواب، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، أثناء مناقشة مشروع قانون العمل الجديد.
وتنص المادة 43 من مشروع قانون العمل على: يحظر على الجهات المشار إليها في المادة رقم (40) من هذا القانون تقاضي أي مبالغ مالية من العامل بطريقة مباشرة أو غير مباشرة نظير إلحاقه بالعمل، ولها أن تتقاضى مقابل ذلك من صاحب العمل.
واستثناءً من أحكام الفقرة السابقة يجوز للشركات المشار إليها في البند (3) من المادة رقم (40) من هذا القانون أن تتقاضى مبلغًا لا يجاوز (1٪) من أجر العامل الذي يتم إلحاقه بالعمل، وذلك عن السنة الأولى فقط كمصروفات إدارية، ويُحظر تقاضي أي مبالغ أخرى من العامل تحت أي مسمى.
وبرر النائب أيمن أبو العلا، مقترحه، قائلا: القطاع الخاص يمثل 85% من قوة التشغيل، ولابد من التفكير برؤية المستثمر الذي يلجأ لشركة التوظيف لاختيار العامل الكفء.
وتابع النائب: ليس من المنطقي أن يكون 1% من المرتب، خصوصا وأن بعض الشركات تأخذ شهر، مشيرًا إلى أنه على أقل تقدير يكون 3% من الراتب.
وأوضح أبو العلا، أن شركات التوظيف يكون لها تحركات كثيرة تتطلب مصروفات، مشيرا إلى أنه تحصيل 1% فقط يعني 100 جنيها لو الراتب 10 آلاف جنيه.
كما شهدت الجلسة العامة لمجلس النواب، مطالب من بعض الأعضاء بإلغاء النسبة المحصلة من العامل لصالح شركات التوظيف.
من جانبه رد محمد جبران، وزير العمل، مؤكدا أن الرسوم تكون في مقابل خدمات تقوم بها الشركات عن العامل في إنهاء بعض الإجراءات لدى السفارات والمؤسسات المختلفة على سبيل المثال.
وأوضح وزير العمل، أن المادة وحق الشركات في تحصيل هذه النسبة يتناغم من اتفاقيات العمل الدولية، والتي تنص على الاستثناء من تحصيل مصروفات إدارية.
وفي النهاية وافق مجلس النواب، على المادة في مشروع قانون العمل بدون تعديل.
كما تقدم النائب أيمن أبو العلا، بمقترح إضافة فقرة على المادة 44 من مشروع قانون العمل، بالنص على أن: الطعن على القرار يوقف التنفيذ ما لم تقرر المحكمة المختصة دون ذلك.
وأشار أبو العلا، إلى أن الترخيص يكون تحت رقابة الحكومة، والتوسع في الإجراءات قد يؤدي إلى التعسف في التنفيذ.
من جهته أكد محمد جبران، وزير العمل، أنه بالممارسة الفعلية الوزارة تمنح رخص للشركات وقرار الوقف يكون لمدة مؤقتة لبعض الإجراءات، والإغلاق يكون بتحقيق.
وقال وزير العمل أمام مجلس النواب: منح الرخصة وسحبها يكون بأسباب.
ووافق مجلس النواب على المادة 44 من مشروع قانون العمل ونصها كالتالي: يلغى الترخيص المشار إليه بالبند (۳) من المادة (40) من هذا القانون بقرار من الوزير المختص في الحالات الآتية:
1- فقد الشركة شرطاً من شروط الترخيص.
2- حصول الشركة على الترخيص أو تجديده بناء على ما قدمته من بيانات غير صحيحة.
3- ثبوت ممارسة الشركة لنشاطها خارج المقر المرخص لها ممارسة النشاط فيه.
4-تشغيل العامل دون تحرير عقد عمل مكتوب، أو ما يقوم مقامه لدى بعض الدول، أو عدم اعتماد العقد من الجهة الإدارية المختصة.
5-عدم إمساك السجلات الخاصة بتسجيل بيانات العمالة أو تسجيل المبالغ التي يتم تحصيلها منهم، والتي يصدر بتحديدها قرار من الوزير المختص.
6- قيام الشركة بالإعلان عن وظائف غير حقيقية أو تجاوز الشركة حدود التعاقد مع أصحاب الاعمال.
7- تقاضي الشركة أي مبالغ من العامل نظير تشغيله بالمخالفة لأحكام هذا القانون.
ويجوز للوزير المختص إيقاف نشاط الشركة مؤقتا في أي من الحالات المبينة في الفقرة السابقة لحين الفصل في مدى ثبوت تلك الحالات، أو زوال تلك المخالفات.
ولا يخل إلغاء الترخيص في أي من الحالات المبينة في هذه المادة بالمسئولية الجنائية أو المدنية أو التأديبية.