رأي موحد لقوى الإطار تجاه الحرب الفلسطينية.. التدخل مشروط وبغداد تنتظر الموقف العربي
تاريخ النشر: 13th, October 2023 GMT
بغداد اليوم - بغداد
مع تزايد حدة المعارك في الاراضي الفلسطينية المحتلة، وتصاعد عدد الشهداء ومحاصرة غزة وقطع الماء والكهرباء والغذاء عنها، تستمر التساؤلات والتطلعات حول ما اذا ستتطور المعطيات وتنسحب باتجاه أن يكون للعراق سواء بشكل رسمي او غير رسمي، تدخلا من نوع ما في الحرب الدائرة لمساندة المقاومة الفلسطينية، خصوصا مع تزايد التوترات على الحدود اللبنانية وتصاعد وتيرة المناوشات التي تأذن بتدخل حزب الله والمشاركة في المعركة.
غير ان المواقف السياسية ولاسيما من قبل الاطار التنسيقي، جميعها تشير إلى عدم امكانية تدخل فصائل المقاومة في هذه الحرب، او ان يكون تدخلهم مشروطًا بتحقق عدة نقاط وتطورات، وهو ماتؤكده بيانات الفصائل، التي ابدت استعدادها لاكثر من مرة في المشاركة ودعم المقاومة الفلسطينية، الا ان هذه شروط التدخل والاشتراك تنحصر بأن تقوم القوات الامريكية بالخطوة الاولى، ودعم قوات الكيان الاسرائيلي المحتل بقوات مقاتلة، وهو مايراه الخبراء والمختصون امرا مستبعدا.
العراق مقيد "بموقف عربي موحد".. لن يغرد وحيدًا
القيادي في ائتلاف النصر عقيل الرديني، أكد اليوم الجمعة (13 تشرين الاول 2023)، ان تدخل العراق بشكل مباشر في ملف فلسطين له مخاطر، معتبرا ان العراق لن يبدي موقفا منفردا بل ينتظر الاشتراك بموقف عربي موحد.
وقال الرديني في حديث لـ"بغداد اليوم"، ان "عمليات التطبيع والاستهانة بحقوق الشعب الفلسطيني هو من فجر الاوضاع الحالية وتل ابيب تتحمل وزر مايحدث بسب ظلمها واستهانته بحق شعب عربي يطالب بحقوقه"، لافتا الى انه "ليس من صالح العراق التدخل في هذا المعترك مع التأكيد على ضرورة ان يكون اي موقف من الاحداث، موقفا عربيا موحدا وان لاتلقى المسؤولية على بغداد لوحدها لتفادي أية مآسي جديدة".
واشار الى ان "احداث غزة الفلسطينية وتداعياتها على مدار الايام الماضية تستدعي اعادة نظر فيما يجري من قبل الدول العربية والاسلامية ومن بينها العراق من خلال دعم الشعب والسعي لانهاء الظلم وان يكون الاداء وفق مسارات تنهي مخاطر مايحدث وليس مجرد شعارات".
واضاف ان "بغداد ستشهد يوم غدا مظاهرات واسعة للتنديد بالجرائم التي تحدث في غزة ونتوقع ان يكون هناك مواقف عراقية خاصة ونأمل بأن تتبلور مع مواقف عربية اخرى ازاء تحقيق ضغط اكبر يسهم في ايقاف نزيف الدماء ويدفع الى انصاف الشعب الفلسطيني في قضيته العادلة".
موقف موحد للفصائل
وأبدت الفصائل المسلحة في العراق وكذلك القوى السياسية المقربة منها، موقفا واحدا، وهو اشتراط مشاركتها بالمعركة في حال تدخل الجانب الامريكي فيها.
حيث قال الأمين العام لكتائب حزب الله أبوحسين الحميداوي في بيان أصدره الثلاثاء (10 تشرين الأول 2023)، إن" الواجب الشرعي يحتم وجودنا في الميدان، امتثالا لأمر الباري عز وجل (وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً) ولدفع شرور الأعداء عن أمتنا وأهلنا في غزة وسائر الأراضي المحتلة، بل ودفع الأذى عن المستضعفين وعليه، فإن صواريخنا ومسيراتنا، وقواتنا الخاصة على أهبة الاستعداد، لتوجيه الضربات النوعية للعدو الأميركي في قواعده، وتعطيل مصالحه، إذا ما تدّخل في هذه المعركة وستنال مواقع معلومة للكيان الصهيوني وأعوانه قذائف نيراننا، إن تطلب الأمر ذلك".
وهو الامر الذي اكده زعيم تحالف الفتح هادي العامري الذي اشار، إلى انه اذا تدخلت امريكا في فلسطين سنتدخل ولا نتردد في الاستهداف.
وفي ذات السياق، اعتبر القيادي في الاطار التنسيقي تركي العتبي، أن اجتياح قطاع غزة من قبل الكيان الصهيوني سيكون "السيناريو الأخطر" على جميع الشرق الاوسط، وسيحترق برمته ضد القوات الامريكية بالدرجة الاولى.
وقال العتبي في حديث لـ"بغداد اليوم"، ان "اي اجتياح بري من قبل الكيان المغتصب لقطاع غزة سيكون السيناريو الاخطر الذي سيفتح ابواب جهنم ليس على اسرائيل بل امريكا لان ردود الفعل لن تبقى محصورة في فلسطين بل كل الدول العربية والاسلامية وسيكون هناك عمليات ضد اهداف كثيرة"، مؤكدا بان "اي اجتياح يسفر عنه مجازر بحق المدنيين ستكون تداعياته هي اشعال الشرق الاوسط برمته وستكون امريكا هي الهدف الاهم والأكبر لكل فصائل المقاومة في البلدان العربية".
3 شروط لدخول المقاومة العراقية
وكان اتحاد علماء المسلمين في ديالى، متمثلا برئيسه جبار المعموري، قد اشار الى ان "ثلاثة أسباب ستدفع قوى المقاومة العراقية لدخول ساحة المواجهة مع تل ابيب، والتي أبرزها اتساع المواجهة ووصولها الى حزب الله في لبنان او استهداف قوى المقاومة في سوريا او ارسال واشنطن طائرات ومقاتلين لإسناد الكيان المغتصب".
وتابع المعموري أن "جميع مقرات المقاومة العراقية سوف تستدعي الالاف من المقاتلين من اجل نصرة الاسلام في لبنان وفلسطين"، مستدركا القول: "سنكون امام حرب مفتوحة لا تحددها جغرافية".
وأوضح أن "الاهداف الامريكية ستكون في المرمى إذا انفجرت الاوضاع في لبنان وفلسطين وسوريا "
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: ان یکون من قبل الى ان
إقرأ أيضاً:
اليمن والموقف الحازم
مقالات:
بقلم/ علي ضافر
بعد قرابة شهر من الهدوء النسبي، لا تزال المنطقة تتأرجح على شفا انفجار كبير قد يغيّر مجريات الأحداث، وذلك بسبب عدم حسم كثير من الملفات، والسقوف العالية والضغوط الأمريكية والإسرائيلية التي تهدف إلى فرض حلول أحادية لصالح العدو الإسرائيلي، على حساب سيادة الدول العربية وحقوق الشعوب وتطلعاتها، وفي المقدمة الشعب الفلسطيني.
وفي هذا السياق، يهدد ترامب مجدداً باتخاذ “موقف صارم بشأن قطاع غزة السبت”، ويقول إنه “غير متأكد مما ستفعله إسرائيل”. ويأتي هذا التهديد بعد تعهد الوسطاء لوفد حماس إلى القاهرة بتجاوز العقبات، والضغط على العدو لتنفيذ التزاماته بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، وما ترتب عليه من إعلان المقاومة تراجعها عن قرار تأجيل الإفراج عن الأسرى الصهاينة.
تصريحات ترامب الأخيرة تأتي في سياق التهديدات المتكررة، خصوصاً من الرئيس ترامب، بتوسيع نطاق الصراع، وفرض خطط الضم والتهجير القسري على الشعب الفلسطيني، وهو ما يهدد بنسف كل الاتفاقات الموقعة، ونسف جهود ومساعي الدول العربية الوسيطة (إذا افترضنا حسن النية) لمحاولة احتواء الموقف. لكن ما سرب عن الخطة المصرية المدعومة سعودياً وإماراتياً ليس مبشراً، وإن تضمّنت تلك الخطة إعادة إعمار غزة وعدم تهجير أهلها، لكن فكرة إلغاء حماس من المشهد في غزة مرفوضة وغير منطقية ولا واقعية، كما لا يجوز أن تتبنى دول عربية مثل هذه الطروحات.
أمام الوضع والتحديات الراهنة، تبرز التظاهرات والتصريحات اليمنية من مختلف المستويات، لتعكس موقفاً حازماً في التصدي لمخططات التهجير والضم والإلغاء والشطب لأي من حركات المقاومة، وترفض بشكل قاطع أي انتهاك لحقوق الفلسطينيين ووجودهم.
في إطار التصعيد الأخير، قررت المقاومة الفلسطينية الإفراج عن الأسرى الصهاينة، بعد أن قدم الوسطاء تعهدات بتجاوز العقبات الصهيونية، ومهددات الاتفاق من دون تلكؤ ولا مماطلة. لا يبدو العدو جاداً في تنفيذ الاتفاق بشكل كامل وسلس، كما أن الموقف الأمريكي متناقض بشكل صارخ، ففيما كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يدّعي أنه هو الوسيط الذي يعمل من أجل تحقيق السلام في المنطقة، ويعطي لنفسه الفضل في وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى، فإن تصريحاته الأخيرة بخصوص تهجير سكان غزة لا تهدد الاتفاق فحسب، بل تهدد بإشعال حرب جديدة وواسعة في المنطقة، خصوصاً أنه لم يُظهِر تراجعاً عن خطته المرفوضة فلسطينياً وعربياً وإسلامياً ودولياً، تلك الخطة التي تشمل تهجير سكان غزة وضم الضفة الغربية إلى كيان العدو الإسرائيلي، وتهدف إلى تمرير خطة أحادية الجانب تتجاهل الحقوق الفلسطينية، وتدعم النبوءات التلمودية في توسيع المغتصبات وضم الأراضي الفلسطينية بالقوة. وإن قرر تأجيل خطة التهجير أو حصل على مكاسب مرحلية للعدو، كما تسرب عن الخطة (المصرية _ العربية)، ذات النكهة الأمريكية، فإن مخطط ضم الضفة وما تشهده من أكبر عملية تهجير، يمثل عامل تفجير إضافياً، فالمقاومة الفلسطينية لن تسكت كما أن جبهات الإسناد، وخصوصاً اليمن، لن ترضى بتمرير ذلك، ما قد يدفع نحو تفجير الوضع من جديد.
وعلى المقلب الآخر، لا يزال المشهد في جنوب لبنان ضبابياً بخصوص استحقاق الثامن عشر من شباط/فبراير وانسحاب قوات العدو الإسرائيلي المحتل، رغم الرفض اللبناني الرسمي والشعبي المعلن لأي تمديد إضافي، ورغم تقديم الفرنسي سلماً للنزول الإسرائيلي من على الشجرة، وتسريع انسحابه من النقاط المتبقية جنوب لبنان.
الموقف الأمريكي يمثّل الوجه الآخر للصهيونية، رغم ادعاء ترامب “الحرص على السلام”، فإن الواقع يفضح هذا الادعاء الزائف ويكشف خطواته المتناقضة تماماً، إذ يقدم الدعم العسكري والسياسي والمالي للمجرمين الصهاينة، ويتبنى طروحاتهم ومشاريعهم التلمودية ويضغط على الدول العربية، مثل مصر والأردن، لتكون جزءاً من هذه المخططات تحت طائلة التهديد بقطع الدعم المالي عنها إذا رفضت إملاءاته وخططه الرعناء. وهذا يكشف نية عدوانية استعلائية حقيقية لتوسيع نطاق الهيمنة الإسرائيلية في المنطقة.
الموقف اليمني: موقف حازم ورؤية استراتيجية
في ظل هذا التصعيد، يأتي الموقف اليمني بقيادة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي ليشكل رداً قوياً ضد تلك المخططات، إذ أعلن السيد عبد الملك، قبل أيام، بوضوح استعداد اليمن للتدخل العسكري، إذا ما تم تنفيذ خطط تهجير الفلسطينيين بالقوة، أو نكث العدو بالاتفاق وعاد إلى التصعيد مجدداً في غزة أو لبنان. المواقف التي يعلنها السيد عبد الملك ليست مجرد حرب نفسية وتهديدات جوفاء، بل تأتي في إطار التنسيق المستمر مع فصائل المقاومة الفلسطينية ومحور المقاومة، والتشديد على موقف ثابت لا يتغير في مواجهة أي محاولات لفرض حلول أحادية تتجاهل حقوق الشعوب.
في هذا السياق، يمكن فهم الموقف اليمني أنه موجّه ليس فقط ضد العدو الإسرائيلي، بل ضد المنظومة السياسية الأمريكية التي تدير اللعبة بشكل أحادي. ويدرك السيد عبد الملك تماماً أن الاستمرار في تجاهل حقوق الفلسطينيين سيؤدي إلى مزيد من التصعيد، وهذا ما يسعى اليمن إلى تفاديه عبر تأكيد جاهزية اليمن للمشاركة في أي مواجهة عسكرية مقبلة، إذا تطلب الأمر.
التحديات أمام الحلول السياسية
في الوقت الذي تزداد فيه التهديدات من الولايات المتحدة و”إسرائيل”، تظل القضية الفلسطينية في دائرة الضوء. وقد أثبتت المقاومة الفلسطينية في غزة موقفها الثابت في عدم التنازل عن أي من حقوقها، فعلى الرغم من الضغوط والتهديدات الأمريكية، لا يزال الموقف الفلسطيني راسخاً في رفض التنازل عن أي من عناصر القوة، وهو ما يعكس روح التحدي والصمود في مواجهة التهديدات. فيما يظل السؤال الأهم: هل سيصمد الموقف العربي، هل سيعلن (لا) عريضة في وجه ترامب؟ وهل ستنجح الجهود الدولية في إلزام العدو الإسرائيلي بتنفيذ تعهداته في اتفاقات وقف إطلاق النار في غزة وجنوب لبنان؟ الأيام والليالي والميدان كفيلة بالإجابة عن كل هذه التساؤلات.
وإلى ذلكم الحين، يبقى الموقف اليمن على قدر كبير من الأهمية والمسؤولية في آن معاً، فهو يمثل صوتاً قوياً ونقطة فاصلة، في وجه مخططات الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية، ويؤكد ضرورة وحدة الموقف العربي الإسلامي والتمسك بحقوق الشعوب في مواجهة الاعتداءات والتجاوزات، وإلا ستكون المنطقة أمام مشكلة لا تهدد فلسطين وحدها، بل تشكل تهديداً وجودياً للجميع.