أمين «البحوث الإسلامية»: مبادرات «حكماء المسلمين» نجحت في ترسيخ ثقافة التنوع الفكريِّ
تاريخ النشر: 13th, October 2023 GMT
شارك الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية د. نظير عياد في فعاليات افتتاح فرع مجلس حكماء المسلمين بجمهورية كازاخستان، حيث ألقى كلمة وجّه فيها الشكر لجمهورية كازخستان حكومة وشعبًا، كما وجه الشكر لمجلس حكماء المسلمين، وعلى رأسه فضيلة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر.
وقال في كلمته، إن هذا اللقاء الذي نشهده جميعًا لافتتاح فرع مجلس حكماء المسلمين أراه من الأهمية بمكان؛ إذ إنه يدور حول قضايا العالَم ومشكلاته، ويدل على أهمية هذا اللقاء أمورٌ عدة؛ منها: أن الأمور العظيمة، أو المهام العظيمة لا بد أن يقوم عليها العظماء، ولا يخفى عليكم أن العالَم يَمُرُّ بأحداثٍ جسيمةٍ، ووقائعَ كثيرةٍ، فتظهر مشكلاتٌ وتنكشف معضلات، الأمر الذي يُؤكِّد على ضرورة البحث لها عن حلول، لكنَّ هذه الحلول تقتضي أن تصدر عن أهلِ الحِكمةِ والدُّربةِ والدِّرايةِ والخبرة، الذين يواجهون هذه المشكلات، بأمانة العالِم، وموضوعية الناقد، وفِكر الباحث النبيه، الذي يواجه هذه المشكلات بكلِّ جُرأةٍ وشجاعةٍ، فضلًا عن تنزُّهٍ وإخلاص لِحلِّها.
وتابع قائلًا: ومن ثم كانت فكرة إنشاء مجلس حكماء المسلمين، الذي أُنشئ لعمل نبيل، يتمثل في مشاركة العالم في آلامه، والبحث في ذات الوقت عن حلولٍ لمشكلاته، من خلال ثُلَّةٍ من العلماء، وطائفةٍ استحقوا وصف الحكماء، يشهد لهم القاصي والداني، بأمانتهم وعُلُوِّ كعبهم في العلم، ونزاهتهم وتجردهم وبحثهم عن الحق، لذات الحقِّ لا لشيء آخر، فكان أن أُنشئ هذا المجلس، الذي ضمَّ بين جنباته مجموعةً من أهل الخبرة لهذا الغرض النبيل.
أضاف أن أهمية هذا الحدث تنطلق أيضًا من أهمية المكان؛ فنحن في هذا اليوم نجتمع في وسط آسيا الوسطى، في مكان متميز، من جوانب متعددةٍ: الموقع، التاريخ والحضارة، - كازاخستان- هذه المنطقة التي يتناغم فيها الإنسانُ مع أخيه الإنسان، تختلط فيه الثقافات، وتتعدَّد فيه الديانات والمعتقدات، ومع ذلك يمتزج ذلك كلُّه امتزاجًا يُنبئ عن عقلية واعية، وفِكر رشيد، واتجاه سديد، فالمهم أن يتكامل الإنسان مع أخيه الإنسان، في البناء والعمران، دون نظر إلى لغة أو لون أو جنس أو عِرق أو معتقد.
وأشار إلى أن كازخستان كدولة وقع الاختيار عليها لتكون مقرًّا لمجلس حكماء المسلمين وسط آسيا، لهو موقع متفرِّد؛ إذ تمتزج فيه الثقافاتُ والديانات والمعتقدات امتزاج تكامل وتعاون، لا امتزاج انصهار ومسخ للهوية، واعتداء على الحرية، وإقصاء للآخر، وهذا ما ينبغي أن يستقر في الأذهان، وهذا ما ينبغي أن ينتبه إليه بنو الإنسان.
وأوضح الأمين العام أن ما يتعلق بالمجلس من حيث الرؤية والهدف والرسالة والوجهة؛ فلقد أُنشئ المجلسُ رغبةً في الدعوة إلى أن العالَم يتسع لأن يعيش الإنسان بجوار أخيه الإنسان، اعتمادًا على حوار رشيد، واعتمادًا على سُنة التباين الكونية، وسُنة الاختلاف الإلهية، {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ} (هود:118-119)، وأن هذا الاختلاف لا يمنع للودِّ قضية، وأن هذا الاختلاف أمرًا تقتضيه طبيعة هذا العالَم، وأن هذا الاختلاف أمرٌ حتميٌّ؛ دفعًا للسعي والتكامل، دفعًا للاجتهاد والتعاون، دفعًا للاستفادة من ما يختلف به الآخر، ولهذا كلِّه حرص مجلسُ حكماء المسلمين عليه؛ ومن ثم كانت فكرة إنشائه، وما هي إلا شهور قليلة ويتم العِقد الأول، وهو منذ لحظته الأولى قد خطَّ لنفسه خطًّا لا يحيد عنه، ولا يتجاوزه، ألا وهو مشاركة العالَم في آلامه وآماله، في أفراحه وأطراحه، في العمل على وَأْدِ المشكلات، بل وإيجاد حلول لها، من خلال طائفةٍ من الحكماء، أوقفوا جهدَهم وجعلوا هدَفهم هو أن يأخذ الإنسانُ بيد أخيه الإنسان، لا سيما وأن ذلك هو مراد الرحمن مِن خَلق الإنسان.
كما أكد عياد في كلمته على أهميه الدور الذي يقوم به مجلس حكماء المسلمين، وضرورة الاستفادة منه، خصوصًا وأن هذا الدور يتمثل في أمر غاية في الأهمية، ألا وهو هذا الفكر الذي نسعى جميعًا له، ونعمل جميعًا من أجله، وهو نشر ثقافه السَّلام، وقبول الآخر، والتعايش المشترك، والتعامل الأمثل، والتفاعل الإيجابي مع احترام كلٍّ منَّا للآخر، وقد نجح المجلسُ في ذلك نجاحًا كبيرًا، من خلال مبادراته المتعددة، والتي تمثَّلت في مبادراتِ قوافل السَّلام، هذه القوافل التي جابت دولًا متعددة؛ إفريقية وآسيوية، جمعت شبابًا من مختلف دول وقارات العالم، مختلفين في اللون وفي الهوية وفي الوجهة وفي الثقافة؛ لكن يجمع بينهم جامع واحد، ألا وهو المعنى الإنساني، واستطاعت هذه القوافل أن ترسخ لثقافة التنوع الفكريِّ، والتعدد الدينيِّ، وقبول الآخر، ليس مجرد قبول وفقط، وإنما قبول وتعامل، ثم مبادرات صُنع السلام، ولعلَّ من بينها مبادرات حوار الشرق والغرب، فقد استطاع هذا المجلس من خلال حكمائه وعلمائه أن يلتقي الشرق بالغرب، واستطاع أن يقضي على هذه المقولة التي قيلت: أن الشرق والغرب لا يلتقيان؛ استطاع المجلس بحكمائه أن يُؤكد على أن الشرق والغرب يلتقيان، شريطة التعامل الأقوم، المتمثل في احترام الهوية والثقافة والمعتقد، وعدم الاعتداء على الحريات أو المقدسات.
واختتم الأمين العام كلمته بتوجيه الشكر لجمهورية كازاخستان، ومجلس حكماء المسلمين بقيادة فضيلة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف رئيس المجلس، والذي يولي هذا المجلس أهمية بالغة؛ نظرًا لثقته فيه وفي أعضائه، وإيمانه بأدواره المهمة التي تفيد البشرية وتسهم في القضاء على آلامها، وإيجاد حلا لمشكلاتها، والأمين العام المستشار محمد عبد السلام، وكل الحاضرين، كما وجه الشكر لسفاراتي مصر والإمارات، وللدولتين المصرية والإماراتية، على ما أسهما به، وقاما به في إنجاز هذا العمل، وغيره من الأعمال التي تبني ولا تهدم، وتُقرِّب ولا تبعد، وتؤدي إلى تعاون وتكامل لا تعارض وتضاد.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية البحوث الاسلامية جناح مجلس حكماء المسلمين مجلس حكماء المسلمين حكماء المسلمين
إقرأ أيضاً:
أمين المجلس الوطني الكويتى : فعاليات الكويت عاصمة للثقافة العربية ستكون مميزة وثرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ناب الدكتور محمد خالد الجسار، الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت خلال مشاركته بفعاليات مؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي خلال دورته الـ24، عن وزير الإعلام والثقافة وزير الدولة لشؤون الشباب رئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب عبد الرحمن بداح المطيري.
وقال الجسار إن المؤتمر تضمّن في فعالياته الحديث عن الصناعات الثقافية وتحديات التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، وهو الموضوع الأكثر حضوراً على الساحة الثقافية لما له من أهمية في التطوير والتعامل مع التقنيات الحديثة بأسلوب عصري وحديث.
وكشف أن المؤتمر إلى جانب فعالياته الثقافية، تضمن اجتماع اللجنة الدائمة للثقافة العربية وكذلك المؤتمر الوزاري، مؤكداً أن الكويت حريصة على حضور مثل هذه المؤتمرات، من أجل تعزيز الثقافة العربية، وتبادل وجهات النظر فيما يخص سُبل تطويرها، لتحتل مكانتها البارزة عالمياً.
وفي كلمة ألقاها الجسار نيابة عن الوزير المطيري بالمؤتمر أشاد بمساهمات وزير الشباب والثقافة والتواصل في المملكة المغربية الشقيقة رئيس الدورة الـ 24 محمد مهدي بنسعيد، والوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي، ومدير عام المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الكسو) الدكتور محمد ولد أعمر. معبرا عن سعادته بحضور المؤتمر قائلا يسرني في البداية أن أتقدم بجزيل الشكر وعظيم الامتنان للملك محمد السادس بن الحسن الثاني وإلى حكومة وشعب المملكة المغربية الشقيقة على استضافة الدورة الـ 24 لأصحاب السمو والمعالي الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي على حسن الاستقبال وكرم الضيافة وحسن التنظيم لأعمال دورتنا الحالية متمنين له دوام التوفيق والنجاح، وإلى جميع القائمين على جهدهم المتواصل في الإعداد والتحضير لهذا الاجتماع.
كما تقدم بالشكر لأمير بدر بن عبد الله بن فرحان آل سعود - وزير الثقافة بالمملكة العربية السعودية الشقيقة على جهودهم المبذولة خلال الفترة السابقة في تنظيم الدورة الثالثة والعشرين لأصحاب السمو والمعالي الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي.
مضيفا: إنه لمن دواعي السرور أن يجمعنا هذا اللقاء على أرض المملكة المغربية الشقيقة، ويشرفني أن أنقل لكم تحيات أمير دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح ، و ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، و رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد عبدالله الأحمد الصباح
وأعرب عن تقدير دولة الكويت لما حققته دولنا العربية من تقدم وإنجاز ثقافي وحضاري يشهد به العالم اليوم في جميع المجالات التنموية، ليعكس إيمان دولنا بأن الثقافة والسلام والتعاون الإنساني البناء من أهم وسائل التقدم والرقي للشعوب والأوطان.
وأكد إن هذا الاجتماع الذي يضم نخبة من قادة الثقافة في وطننا العربي الكبير يمثل انعكاسًا حقيقيًا لروح التضامن والتعاون التي طالما تميزت بها أمتنا العربية. فلقد كانت الثقافة ولا تزال الأساس الذي يوحد شعوبنا، والجسر الذي نعبر من خلاله نحو مستقبلٍ أكثر إشراقًا، مرتكزين على إرثٍ حضاريٍ عريق يمتد لآلاف السنين. وفي مواجهة التحديات التي يشهدها عالمنا اليوم، تبرز الثقافة كأحد أهم الأدوات لتعزيز الحوار والتفاهم والتعايش بين الشعوب. الأمر الذي يؤكد أهمية دور وزارات الثقافة في دولنا العربية والذي يتجاوز الحفاظ على التراث ليشمل دعم القيم المشتركة والقضايا الإنسانية والعربية، وتشجيع الإبداع بمختلف أشكاله، وفتح آفاق جديدة أمام شبابنا الذين يمثلون الأمل والمستقبل. ومن هذا المنطلق نؤكد موقف دولة الكويت الثابت في دعم ونصرة القضايا العربية والإسلامية في كافة المجالات وعلى مختلف الأصعدة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وهنا نجدد موقف دولة الكويت الثابت والراسخ قيادة وحكومة وشعباً الداعم للقضية الفلسطينية على كافة الأصعدة الإقليمية والدولية وفي شتى المجالات السياسية والإعلامية والإنسانية، حتى يتحقق للشعب الفلسطيني الشقيق كامل حقوقه في ظل دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية وفقاً للمرجعيات الدولية وفي مقدمتها قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
متابعا: إن مسؤوليتنا اليوم تحتم علينا العمل بروح الفريق الواحد لتعزيز التكامل الثقافي العربي عبر مبادرات ومشاريع مشتركة تعكس هويتنا، وتحمي لغتنا وثقافتنا من التحديات التي يفرضها عصر العولمة. وهذا ما حققته المشاريع الثقافية الرائدة التي شهدتها دولنا العربية مؤخرًا والتي تستحق منا الثناء والتقدير، إذ أثبتت قدرتنا على التوفيق بين الأصالة ومواكبة التطورات العالمية. ولتأكيد تلك المسؤولية؛ فإننا – في دولة الكويت – نسعى جاهدين إلى أن تكون استضافة الكويت عاصمة للثقافة العربية لعام 2025 استضافة مميزة وثرية تليق بعمق الثقافة العربية وتاريخها الأصيل وأنتهز هذه الفرصة لأتقدم بالدعوة إلى جميع وزراء الثقافة في الدول العربية لحضور فعاليات افتتاح الكويت عاصمة الثقافة و الإعلام العربية في 13 فبراير من عام 2025، والمشاركة في الفعاليات الثقافية المصاحبة وسنعمل جاهدين إلى تعزيز العمل على تشجيع المبادرات الخلاقة وتنمية المخزون الثقافي والحضاري، وتأكيد القيمة الحضارية للكويت وتشجيع الحوار الثقافي والانفتاح على ثقافات العالم.
جاء ذلك خلال مؤتمر الوزراء الثقافة العرب والذي أقامته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو)، بالتعاون مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل في المملكة المغربية، والذي استضافته الرباط، في الفترة من 13 إلى 15 يناير الجاري. وضم الوفد الكويتي الأمين العام المساعد لقطاع الثقافة عائشة المحمود، والامين العام المساعد لقطاع الآثار والمتاحف بالتكليف محمد بن رضا، ورئيسة قسم العلاقات الأجنبية هند القطان، ورئيس قسم العلاقات العربية محمد الخالدي، وباحثة أول إعلام سارة الرومي