شارك الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الدكتور نظير عياد، في فعاليات افتتاح فرع مجلس حكماء المسلمين بجمهورية كازاخستان، حيث ألقى كلمة وجّه فيها الشكر لجمهورية كازخستان حكومة وشعبًا، كما وجه الشكر لمجلس حكماء المسلمين، وعلى رأسه فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر.

 

وقال في كلمته، إن هذا اللقاء الذي نشهده جميعًا لافتتاح فرع مجلس حكماء المسلمين أراه من الأهمية بمكان؛ إذ إنه يدور حول قضايا العالَم ومشكلاته، ويدل على أهمية هذا اللقاء أمورٌ عدة؛ منها: أن الأمور العظيمة، أو المهام العظيمة لا بد أن يقوم عليها العظماء، ولا يخفى عليكم أن العالَم يَمُرُّ بأحداثٍ جسيمةٍ، ووقائعَ كثيرةٍ، فتظهر مشكلاتٌ وتنكشف معضلات، الأمر الذي يُؤكِّد على ضرورة البحث لها عن حلول، لكنَّ هذه الحلول تقتضي أن تصدر عن أهلِ الحِكمةِ والدُّربةِ والدِّرايةِ والخبرة، الذين يواجهون هذه المشكلات، بأمانة العالِم، وموضوعية الناقد، وفِكر الباحث النبيه، الذي يواجه هذه المشكلات بكلِّ جُرأةٍ وشجاعةٍ، فضلًا عن تنزُّهٍ وإخلاص لِحلِّها.

 

وتابع قائلًا: ومن ثم كانت فكرة إنشاء مجلس حكماء المسلمين، الذي أُنشئ لعمل نبيل، يتمثل في مشاركة العالم في آلامه، والبحث في ذات الوقت عن حلولٍ لمشكلاته، من خلال ثُلَّةٍ من العلماء، وطائفةٍ استحقوا وصف الحكماء، يشهد لهم القاصي والداني، بأمانتهم وعُلُوِّ كعبهم في العلم، ونزاهتهم وتجردهم وبحثهم عن الحق، لذات الحقِّ لا لشيء آخر، فكان أن أُنشئ هذا المجلس، الذي ضمَّ بين جنباته مجموعةً من أهل الخبرة لهذا الغرض النبيل.

 

وأضاف أن أهمية هذا الحدث تنطلق أيضًا من أهمية المكان؛ فنحن في هذا اليوم نجتمع في وسط آسيا الوسطى، في مكان متميز، من جوانب متعددةٍ: الموقع، التاريخ  والحضارة، - كازاخستان- هذه المنطقة التي يتناغم فيها الإنسانُ مع أخيه الإنسان، تختلط فيه الثقافات، وتتعدَّد فيه الديانات والمعتقدات، ومع ذلك يمتزج ذلك كلُّه امتزاجًا يُنبئ عن عقلية واعية، وفِكر رشيد، واتجاه سديد، فالمهم أن يتكامل الإنسان مع أخيه الإنسان، في البناء والعمران، دون نظر إلى لغة أو لون أو جنس أو عِرق أو معتقد.

 

وأشار إلى أن كازخستان كدولة وقع الاختيار عليها لتكون مقرًّا لمجلس حكماء المسلمين وسط آسيا، لهو موقع متفرِّد؛ إذ تمتزج فيه الثقافاتُ والديانات والمعتقدات امتزاج تكامل وتعاون، لا امتزاج انصهار ومسخ للهوية، واعتداء على الحرية، وإقصاء للآخر، وهذا ما ينبغي أن يستقر في الأذهان، وهذا ما ينبغي أن ينتبه إليه بنو الإنسان.

 

وأوضح الأمين العام أن ما يتعلق بالمجلس من حيث الرؤية والهدف والرسالة والوجهة؛ فلقد أُنشئ المجلسُ رغبةً في الدعوة إلى أن العالَم يتسع لأن يعيش الإنسان بجوار أخيه الإنسان، اعتمادًا على حوار رشيد، واعتمادًا على سُنة التباين الكونية، وسُنة الاختلاف الإلهية، {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ} (هود:118-119)، وأن هذا الاختلاف لا يمنع للودِّ قضية، وأن هذا الاختلاف أمرًا تقتضيه طبيعة هذا العالَم، وأن هذا الاختلاف أمرٌ حتميٌّ؛ دفعًا للسعي والتكامل، دفعًا للاجتهاد والتعاون، دفعًا للاستفادة من ما يختلف به الآخر، ولهذا كلِّه حرص مجلسُ حكماء المسلمين عليه؛ ومن ثم كانت فكرة إنشائه، وما هي إلا شهور قليلة ويتم العِقد الأول، وهو منذ لحظته الأولى قد خطَّ لنفسه خطًّا لا يحيد عنه، ولا يتجاوزه، ألا وهو مشاركة العالَم في آلامه وآماله، في أفراحه وأطراحه، في العمل على وَأْدِ المشكلات، بل وإيجاد حلول لها، من خلال طائفةٍ من الحكماء، أوقفوا جهدَهم وجعلوا هدَفهم هو أن يأخذ الإنسانُ بيد أخيه الإنسان، لا سيما وأن ذلك هو مراد الرحمن مِن خَلق الإنسان. 

 

كما أكد عياد في كلمته على أهميه الدور الذي يقوم به مجلس حكماء المسلمين، وضرورة الاستفادة منه، خصوصًا وأن هذا الدور يتمثل في أمر غاية في الأهمية، ألا وهو هذا الفكر الذي نسعى جميعًا له، ونعمل جميعًا من أجله، وهو نشر ثقافه السَّلام، وقبول الآخر، والتعايش المشترك، والتعامل الأمثل، والتفاعل الإيجابي مع احترام كلٍّ منَّا للآخر، وقد نجح المجلسُ في ذلك نجاحًا كبيرًا، من خلال مبادراته المتعددة، والتي تمثَّلت في مبادراتِ قوافل السَّلام، هذه القوافل التي جابت دولًا متعددة؛ إفريقية وآسيوية، جمعت شبابًا من مختلف دول وقارات العالم، مختلفين في اللون وفي الهوية وفي الوجهة وفي الثقافة؛ لكن يجمع بينهم جامع واحد، ألا وهو المعنى الإنساني، واستطاعت هذه القوافل أن ترسخ لثقافة التنوع الفكريِّ، والتعدد الدينيِّ، وقبول الآخر، ليس مجرد قبول وفقط، وإنما قبول وتعامل، ثم مبادرات صُنع السلام، ولعلَّ من بينها مبادرات حوار الشرق والغرب، فقد استطاع هذا المجلس من خلال حكمائه وعلمائه أن يلتقي الشرق بالغرب، واستطاع أن يقضي على هذه المقولة التي قيلت: أن الشرق والغرب لا يلتقيان؛ استطاع المجلس بحكمائه أن يُؤكد على أن الشرق والغرب يلتقيان، شريطة التعامل الأقوم، المتمثل في احترام الهوية والثقافة والمعتقد، وعدم الاعتداء على الحريات أو المقدسات. 

 

واختتم الأمين العام كلمته بتوجيه الشكر لجمهورية كازاخستان، ومجلس حكماء المسلمين بقيادة فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف رئيس المجلس، والذي يولي هذا المجلس أهمية بالغة؛ نظرًا لثقته فيه وفي أعضائه، وإيمانه بأدواره المهمة التي تفيد البشرية وتسهم في القضاء على آلامها، وإيجاد حلا لمشكلاتها، والأمين العام  المستشار محمد عبد السلام، وكل الحاضرين، كما وجه الشكر لسفاراتي مصر والإمارات، وللدولتين المصرية والإماراتية، على ما أسهما به، وقاما به في إنجاز هذا العمل، وغيره من الأعمال التي تبني ولا تهدم، وتُقرِّب ولا تبعد، وتؤدي إلى تعاون وتكامل لا تعارض وتضاد.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: البحوث الإسلامية كازاخستان شيخ الأزهر مجلس حکماء المسلمین من خلال العال م وأن هذا الذی ی

إقرأ أيضاً:

حصاد 2024.. مجمع البحوث الإسلامية يطلق آلاف الأنشطة الدعوية والتوعوية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

شهد عام 2024 نشاطًا دعويًّا متميزًا لـ مجمع البحوث الإسلامية؛ إذْ واصل المجمع جهوده في نَشْر القِيَم الإسلامية السمحة، وتعزيز مفاهيم الوسطية والاعتدال؛ لمواجهة التحديات الفكرية والاجتماعية في وقتنا المعاصر.

مجمع البحوث الإسلامية

ومع التزامه بتوجيه الخطاب الديني الصحيح، توسَّع مجمع البحوث الإسلامية، في تنفيذ أنشطة دعوية متنوعة عبر مختلِف القنوات والمنابر؛ بهدف بناء مجتمع قوي ومتوازن، قائم على القيم الإسلامية والإنسانية، ويسعى لتحقيق رسالته السامية في نشر الوعي الديني وتعميق الفهم الصحيح للإسلام.

مجمع البحوث الإسلامية

وقد تميَّزت أنشطة المجمع هذا العام بتنوُّع الوسائل والآليات التي اعتمدها في الوصول إلى فئات المجتمع كافة؛ من المساجد إلى المدارس، ومن المؤسسات الأمنيَّة إلى المراكز الثقافية؛ ممَّا أسهم في تحقيق تأثير واسع وفعَّال على الصعيدين الدِّيني والاجتماعي.

مجمع البحوث الإسلامية جهود مجمع البحوث الإسلامية الدعوية

واصل المجمع تقديم رسالته الدعوية من خلال 139,247 خطبة جمعة؛ إذْ تناولت هذه الخُطَب موضوعاتٍ مهمَّةً ركَّزت على التحديات الراهنة وعَلاقتها بالمفاهيم الإسلامية الأصيلة؛ ما أسهم في توعية الجمهور وتعميق فهمه للقيم الدينية.

إضافة إلى ذلك، أُقيم 308,341 درسًا دينيًّا في المساجد على مستوى الجمهورية؛ ممَّا أسهم في إثراء الفكر الديني وتبسيط المفاهيم الشرعية للمصلِّين.

مجمع البحوث الإسلاميةقوافل مجمع البحوث الإسلامية 

وفي سياق متصل، أطلق مجمع البحوث الإسلامية 180 قافلة دعوية متحركة استهدفت المناطق النائية، إضافة إلى 156 قافلة ثابتة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية؛ لنشر القيم الإسلامية وتعزيز الوعي الديني، كما أطلق المجمع 125 قافلة مشتركة بالتعاون مع وزارة الأوقاف ودار الإفتاء، في إطار تكاملي يهدف إلى تعزيز الوحدة بين المؤسسات الدينية.

مجمع البحوث الإسلامية  المجتمعيةلقاءات مجمع البحوث الإسلامية المجتمعية

عمل المجمع على التواصل المستمر مع جميع فئات المجتمع من خلال عدد من اللقاءات الميدانية المتنوعة التي شملت 25,307 لقاءات في دُور الرعاية الاجتماعية، و15,890 لقاءً في مراكز الشرطة، و1,121 لقاءً مع أفراد الأمن المركزي، إلى جانب تنظيم 3,268 لقاءً داخل السجون، تم خلالها إلقاء الضوء على أهمية الإصلاح النفسي والتوجيه الأخلاقي للنُّزلاء، هذا بالإضافة إلى 17746 زيارة للمستشفيات، وعَقْد نحو 50 ألف لقاء بالمدارس والمعاهد والشركات والمصانع.

مجمع البحوث الإسلاميةأنشطة مجمع البحوث الإسلامية الثقافية

حرص المجمع على إشراك الشباب في الأنشطة الثقافية والدينية؛ إذْ تم تنظيم 69,348 حلقة نقاشية في مراكز الشباب، و12,071 حلقة في قصور الثقافة، بالإضافة إلى 21,571 لقاءً في المقاهي الثقافية، التي شكَّلت منصَّة حوارية مبتكرة لطرح القضايا الفكرية والدينية.

دعم مجمع البحوث الإسلامية  للمرأة والأسرة

وفي إطار حرص المجمع على تعزيز دور المرأة في المجتمع، تم تقديم 50,722 درسًا دينيًّا موجهًا للنساء، وركزت هذه الدروس على القيم الأسرية والاجتماعية، كما أُقيمت 42,205 أمسية دِينية، تناولت قضايا الحياة اليومية وكيفية التعامل معها وَفقًا لتعاليم الدين الإسلامي، مع تأكيد دَور المرأة المحوري في بناء الأسرة والمجتمع.

مجمع البحوث الإسلاميةمبادرات مجمع البحوث الإسلامية النوعيَّة

أطلق مجمع البحوث الإسلامية عدة مبادرات نوعيَّة؛ أبرزها: مبادرة (بناء الإنسان)، التي شهدت 18,336 لقاءً؛ وذلك لتحسين وعي الأفراد بأهمية بناء الذات وَفقًا للقيم الإسلامية.

كما أُقيم 67,534 لقاءً في إطار (التأصيل الأخلاقي)؛ لتعزيز القيم الأخلاقية والاجتماعية في المجتمع، بالإضافة إلى 56,816 لقاءً ضمن برنامج (المنبر الثابت)، الذي استمر في نشر العِلم الشرعي وتعميق الفهم الصحيح للمفاهيم الدينية.

الدكتور محمد الجندي

وأوضح الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، بأنَّ تقرير حصاد عام 2024م يُعدُّ تجسيدًا حيًّا لجهود المجمع في تعزيز التوعية الدينية والمجتمعية، مشيرًا إلى أنَّ هذه الأنشطة قد أسهمت بشكل فعَّال في نشر قيم الإسلام السمحة وتعزيز مفهوم الوسطية والاعتدال.

وأضاف «الجندي» أنَّ مجمع البحوث الإسلامية، نجح في التعامل مع التحديات المعاصرة بمهنية واحترافية؛ ما جعله منبرًا رئيسًا للتوجيه والإصلاح في المجتمع، موضِّحا أنَّ المجمع يواصل دوره في بناء مجتمع متماسك قائم على أسس دينية وأخلاقية راسخة، ليظل نموذجًا يحتذى به في العطاء المستدام لخدمة الأمة.

الدكتور محمود الهواري

فيما قال الدكتور محمود الهواري، الأمين العام المساعد للدعوة والإعلام الديني بالمجمع: لقد أثبت الأزهر الشريف -من خلال الأنشطة التي نفَّذها مجمع البحوث الإسلامية في عام 2024م- قدرته على التأثير الإيجابي في قطاعات المجتمع كافة؛ وذلك بفضل استراتيجياته الدعوية المدروسة، التي تسهم في بناء مجتمع مستنير وقادر على مواجهة التحديات المعاصرة، حيث أسهم وعاظ الأزهر وواعظاته بشكل في فاعل في إخراج الفعاليات الدعوية والتوعوية بما يحقق رسالة الأزهر ورؤيته ويدعم كل من شأنه أن يرسخ للقيم المجتمعية السليمة ويحفظ على المجتمع استقراره ويدفع بمسيرة التنمية إلى الأمام.

مقالات مشابهة

  • البحوث الإسلامية: أطلقنا 336 قافلة متحركة وثابثة بالمناطق النائية في 2024
  • «البحوث الإسلامية» في 2024.. 100 ألف لقاء وحلقة نقاشية.. و180 قافلة دعوية
  • حصاد 2024.. مجمع البحوث الإسلامية يطلق آلاف الأنشطة الدعوية والتوعوية
  • مجمع البحوث الإسلامية يوضح حكم صلاة سنة الفجر بعد الفرض
  • «حكماء المسلمين» يُدين حادث الدهس المروِّع في ماغديبورغ بألمانيا
  • «حكماء المسلمين» يُدين حادث الدهس المروع في ألمانيا
  • "حكماء المسلمين" يُدين حادث الدهس المروع في ألمانيا
  • مجمع البحوث الإسلامية: الطفل أمانة عند والديه
  • "حكماء المسلمين": تعزيز التضامن الإنساني واجب ديني وأخلاقي
  • «حكماء المسلمين»: تعزيز التضامن الإنساني واجب ديني وأخلاقي