تقرير: أقمار "ستارلينك" قد تصبح قادرة على قتل أو إصابة شخص ما بحلول عام 2035
تاريخ النشر: 13th, October 2023 GMT
حذر تقرير جديد لإدارة الطيران الفيدرالية (FAA) من أن أقمار "ستارلينك" الصناعية التابعة لإيلون ماسك قد تصبح قادرة على قتل شخص أو إصابته بجروح خطيرة بحلول عام 2035.
ونشرت الهيئات التنظيمية تحليلا مكونا من 35 صفحة، توقعت فيه أن 28 ألف قطعة خطرة من الأقمار الصناعية التي تخرج من مدارها يمكن ألا تحترق بالكامل عند عودتها على مدار الـ 12 عاما القادمة.
ويخطط ماسك لوضع ما لا يقل عن 42 ألف قمر صناعي من أقمار ستارلينك في المدار في السنوات القادمة، وهو أكبر عدد من أي شركة أخرى.
ويزعم التقرير أن أقمار ستارلينك التابعة لشركة "سبيس إكس" ستمثل أكثر من 85% من المخاطر المتوقعة على الأشخاص على الأرض والطيران من الحطام المتساقط في الإطار الزمني.
وأصدرت شركة "سبيس إكس" دحضا لتقرير إدارة الطيران الفيدرالية المقدم إلى الكونجرس الأمريكي، والذي يزعم أن أقمار ستارلينك الصناعية تشكل تهديدا بسبب خطر سقوط حطامها غير المحترق على الأرض بعد الانتهاء من التشغيل. وأرسلت الشركة خطابا إلى إدارة الطيران الفيدرالية تطالب فيه بتصحيح التقرير لتصحيح "التقييمات غير الدقيقة في ما يتعلق بستارلينك".
ووصف المهندس الرئيسي لشركة "سبيس إكس"، ديفيد غولدستين، التحليل بأنه "غير معقول وغير مبرر وغير دقيق" في رسالة إلى إدارة الطيران الفيدرالية والكونغرس، وقال إن التقرير يعتمد على "تحليل معيب للغاية"، وفقا لشبكة "سي إن إن".
وجاء في الرسالة: "لكي نكون واضحين، تم تصميم وبناء أقمار سبيس إكس الصناعية بحيث تختفي تماما أثناء إعادة الدخول إلى الغلاف الجوي أثناء التخلص منها في نهاية الحياة، وهي تفعل ذلك".
وانتقدت الشركة أيضا شركة Aerospace Corporation، وهي منظمة غير ربحية قامت بتجميع البيانات، لعدم اتصالها بـ"سبيس إكس" للحصول على مزيد من المعلومات.
وتشير الرسالة أيضا إلى أنه تم إخراج 325 قمرا صناعيا من مدار ستارلينك منذ فبراير 2020، ولم يتم العثور على أي حطام.
إقرأ المزيد ماسك: "سبيس إكس" توصل إلى المدار 4 أضعاف ما يوصله باقي العالموإلى جانب الخسائر البشرية المحتملة، يشير التقرير إلى أن السفر الجوي قد يتعرض للتهديد أيضا بسبب سقوط الحطام الفضائي.
وجاء في التقرير أن احتمال وقوع حادث إسقاط طائرة (المحدد في التقرير على أنه اصطدام بجسم يسقط طائرة) في عام 2035 سيكون 0.0007 سنويا.
وأطلقت شركة "سبيس إكس" أقمار ستارلينك الصناعية في مايو 2019، حيث أرسلت أكثر من 5000 جسم إلى الفضاء.
وتخطط الشركة لنشر 12 ألف قمر صناعي، وهو هدف يمكن رفعه إلى 42 ألفا.
ويشار إلى أن أقمار ستارلينك هي أقمار صناعية منخفضة المدار توفر إنترنت ببيانات غير محدودة وسرعات نطاق عريض سريعة.
كما توفر الأقمار الصناعية للمستخدمين خيارات إنترنت ثابتة أو محمولة مقابل سعر باهظ.
المصدر: ديلي ميل
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: إيلون ماسك الارض الفضاء انترنت سبيس إكس الطیران الفیدرالیة أقمار ستارلینک سبیس إکس
إقرأ أيضاً:
حينما تصبح الهوية قيدًا .. تأملات في نسب شجرة الغول لعبد الله بولا
إبراهيم برسي
٢٢ ديسمبر ٢٠٢٤
إن الكتابة عن بولا أو عن كتابات بولا نفسها تحتاج إلى جُرأة وشجاعة، وقد ترددت كثيرًا في دخول مثل هذه المقامرة. و تذكرت مقولة الفيلسوف الماركسي أنطونيو غرامشي عن حتمية انتهاء القديم وصعوبة ولادة الجديد: “تتجلى الأزمة تحديدًا في أن القديم آيل إلى الزوال، بينما لا يستطيع الجديد أن يولد.”
هذه المقولة تتناغم مع تأملات نص بولا، حيث نتعامل مع صراع جاد حول الهوية، التاريخ، والوجود.
“نسب شجرة الغول” هو نص لا يُقرأ، بل يُستشعر. كمن ينظر إلى مرآة غامضة تعكس ظلال الروح السودانية، حيث تتداخل الذكريات بالجروح، وتتمزق الهوية بين زوايا الماضي والحاضر.
عبد الله بولا لا يكتب هنا عن أزمة سياسية أو اجتماعية فحسب، بل يتجاوز ذلك ليغوص في صميم الصراع الإنساني: صراع الإنسان مع ذاته، مع الآخر، ومع المعنى الذي يصنعه أو يُفرض عليه.
الغول، الذي يتكرر ذكره في النص، ليس وحشاً أسطورياً من خيال جمعي، بل هو استعارة حية، مرنة، تأخذ شكلاً جديداً في كل مرة تُستدعى فيها.
الغول هو الهيمنة التي تختبئ وراء الأقنعة، حين تُحوّل التنوع إلى شتات، وحين تجعل من الجسد الواحد عدواً لنفسه. لكنه أيضاً الموروث الذي لم يختره أحد، الإرث الذي يُفرض علينا دون أن نستطيع التمرد عليه تماماً، تماماً كالأحلام التي تستدرج اللاوعي لتُفصح عما لا يُقال.
النص يتحدث عن السودان، لكن السودان هنا ليس مجرد بلد، بل هو صورة مصغرة للإنسانية في صراعها الأبدي مع الاختلاف. التنوع الثقافي الذي كان يمكن أن يكون ثروةً، تحوّل بفعل سياسات الهوية المهيمنة إلى عبء يثقل كاهل البلاد. ليس هذا صراعاً بين الهامش والمركز فقط؛ إنه صراع بين الأصوات التي تريد أن تتنفس، وبين سلطة تصر على أن تُعيد تشكيل كل ما حولها وفق صورتها الخاصة.
لغة عبد الله بولا تلتف حول القارئ كنسيم خفيف يخفي وراءه عاصفة. اللغة هنا ليست حيادية؛ إنها السلاح، الساحة، والجائزة.
اللغة العربية، بتغلغلها في المؤسسات التعليمية والإدارية، أصبحت كما يبدو في النص “اللغة السيدة”، بينما صارت اللغات الأخرى أصواتاً باهتة، مقيدة بالسياقات الخاصة، محرومة من الحضور الرسمي. لكن، كما أن الحلم يُظهر المكبوت، فإن النص يكشف عن مقاومة خفية، عن تلك الهويات التي لم تمت، بل تنتظر لحظة استعادة صوتها.
التاريخ في “نسب شجرة الغول” ليس سلسلة أحداث متتالية؛ إنه كيان حي يتنفس في كل زاوية من النص. يكتب عبد الله بولا عن الماضي لا ليفسره، بل ليحاكمه، ليعيد سؤاله عما فُعل باسمه.
الهوية السودانية، كما تبدو في النص، ليست حقيقة ثابتة، بل مشروعاً قيد التفاوض، مشروعاً حاولت الهيمنة أن تحسمه لصالح سردية واحدة، لكنها لم تفلح سوى في ترك جراح أعمق.
وهناك المثقفون. أولئك الذين كان يُفترض أن يكونوا حراس الوعي، لكنهم، كما يصوّرهم النص، وقعوا في فخ إعادة إنتاج الهيمنة.
في لحظات عديدة، يبدو النص كأنه حوار داخلي، حيث يتساءل الكاتب: كيف يمكن لمن يفكر أن يكون أداة في يد من يقمع التفكير؟
المثقف هنا ليس مجرد فرد، بل رمز لصراع أوسع: بين الفكر المستقل والسلطة التي تحاول أن تروضه.
ثم يأتي التحليل النفسي للهوية. في النص، الهوية ليست شيئاً نملكه، بل شيئاً يُفرض علينا. الهوية العربسلامية، كما يصورها النص، ليست مجرد اختيار، بل سلطة تحاول أن تُقصي كل ما لا يتماشى معها. إنها أشبه بظل طويل يخفي تحته التنوع، لكنه لا يستطيع محوه تماماً.
هذا الصراع بين المركز والهامش، بين اللغة السيدة واللغات المكبوتة، بين الماضي الذي يُعاد إنتاجه والحاضر الذي يبحث عن مخرج، هو ما يمنح النص قوته الفلسفية العميقة.
لكن النص ليس اتهاماً فارغاً؛ إنه أيضاً دعوة للتأمل. عبد الله بولا لا يقدم حلولاً جاهزة، لكنه يفتح نافذة على احتمالات جديدة. يدعو إلى القبول، ليس بمعنى الخضوع، بل بمعنى المصالحة مع الذات المتعددة، مع السودان كما هو، لا كما تريده السلطة أن يكون. النص يدعو القارئ إلى التوقف عن البحث عن إجابات سهلة، وإلى مواجهة التعقيد بجرأة.
“نسب شجرة الغول” هو نص يرقص على حافة الكلمة، يحفر في عمق المعنى، ويترك القارئ مسكوناً بأسئلة لا تنتهي. إنه كمن يسير على حبل مشدود بين الحلم واليقظة، بين الواقع والممكن، بين الذاكرة والنسيان. وفي النهاية، ربما لا يكون الغول إلا نحن، حين ننسى، حين نتجاهل، وحين نستسلم للهيمنة بدلاً من أن نقاومها.
zoolsaay@yahoo.com