بروفيل | «نصيررنان» حفيد خنوم لم يُبح بالسر !
تاريخ النشر: 13th, October 2023 GMT
كان الفنان نصير رنان بخيت، يبعث على كثير من الارتياح وربما الطمأنينة ليس فقط لأنه كان يحتضن كل الزائرين لبيت جراجوس لصناعة الفخار والخزف بحفاوة، بالغة بيديه الصغيرتين اللاتي اكتسبتا نعومة الطين وهو ترتسم على ثغره ابتسامة وضيئة كالاتي نراها منحوته على شفاة آلهة مصر القديمة في جد رايات المعابد.
أن مصدر الطمأنينة عند«نصير» إنه كان حتي رحيله قبل سنوات قليلة، يجلس على دولاب الفخار تلك الصناعة المصرية القديمة التي تكاد أن تطمس أو تندثر مثلها مثل مفردات كثيرة للثقافة والهوية المصرية الأصيلة بفعل كثير من التداخلات الثقافية المستوردة.
«نصير» حفظ السر وقبض عليه بكل قوة، السر الكامن في الطمي الذي يجلبه حابى واهب الحياة للمصريين ؛ قصة نصير والطين ترجع لأكثر من سبعون عامًا عندما كان صبيا هناك في تلك القرية الفقيرة جراجوس ـ 30 كم شمال الأقصر ـ التابعة لمركز قوص بمحافظة قنا تفتحت عينيه على الطين الأسود وجد فيه نوعا من الحميمة فقد طيعا معه في تشخيص خيالات الطفولة.
في الوقت نفسه كان المستشرق الفرنسي «اصطفان دي مونجلوفير» في زيارة لجراجوس لتعلم اللغة العربية ولإنشاء مستوصف خيري للأهالى يتبع أحد الإرساليات.
ووقعت عيون المستشرق على «نصير» وتلقفه هو وزملاءه بعد أتموا تعليمهم الابتدائي، وبدأ يعلمهم كيف يستلهمون أجمل خصائص الطبيعة في تشكيلاتهم الطينية التي سوف تصبح فخارًا وخزفا بعد ذلك.
واستدعى المستشرق الفرنسي «اصطفان دي مونجلوفير» ابن أخيه «روبير دي مونجلوفير» الذي كان يمتلك مصنعًا للفخار في فرنسا ليقوم بتعليم نصير ورفاقه مهنة صناعة الفخار.
وكان ذلك الفرنسي قاسيا مع صبية جراجوس حتى انه كان يحطم تشكيلاتهم من الطين إذا حوت أخطاء فنيه وفى نفس الوقت كانت ينتظره ثوابا مجزى لو نالت قطعه استحسان معلمه.
ومرت الأيام وبدأ «نصير» يُبهر الفرنسيين بقطعه الفخارية مما دعي أباه الروحي«اصطفان دي مونجلوفير» أن يستدعى العبقري المصري المهندس حسن فتحي مبتكر عمارة المهمشين والفقراء في مصر ليبنى دار جراجوس لصناعة الخزف مستخدمًا في ذلك وحسب نظريته في تخطيط الفراغ للإنسان الخامات الموجودة فعليا في الطبيعة المكانية للمنشأة التي استلهم في عمارتها تراكمات حضارية مصريه.
بيت جراجوس لصناعة الخزف من أعمال المهندس حسن فتحيحقق «نصير» وبعد رحيل الفرنسيين نجاحات رائعة تحولت جراجوس تلك القرية الفقيرة المهمشة وبفضل بيتها المتفرد بمنتجاته الخزفية إلى مزار سياحي ارتاده ملوك وساسة مصريون وأجانب، ونظم الفنان نصير رنان بخيت عشرات المعارض لمنتجاته في اتيليهات القاهرة.
كان أجمل ما فى الراحل نصير رنان، إنه وبالرغم من الأزمات المتلاحقة التي حاصرت بيت جراجوس ومنها توقف السياحة عن القرية فإنه لا يستطيع العيش سوى على عجلة الفخار يبدع في خلق التشكيلات الخزفية تماما مثل خنوم الذي كان يبدع في خلق الأجساد البشرية.
وخنوم هو المعبود المكلف في مصر القديمة بتشكيل الجسم الانسانى وقد صور على هيئة صانع الفخار على الدولاب على جداريه بمعبد امنحتب الثالث بالأقصر.
فالفخار وصناعته صاحب الإنسان منذ فجر التاريخ ووصل لدرجة التقديس في كل الحضارات الانسانيه القديمة ولكل حضارة لها نماذجها المميزة لها والطين بجودته توفر في الحضارة المصرية القديمة بفعل طمي النيل.
بعد سنوات قليلة من رحبل نصير رنان، أغلقت المدرسة أبوابها إثر خلافات بين الشركاء، مات نصير رنان ولم يبح بالسر!.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حفيد المعبود السر نصير
إقرأ أيضاً:
نقابة الصحفيين تناقش أزمة قانون الإيجارات القديمة في ندوة موسعة
نظمت اللجنة الاقتصادية بنقابة الصحفيين، برئاسة محمد خراجة وكيل المجلس، ندوة موسعة لمناقشة إشكالية أزمة قانون الإيجارات القديمة، بحضور نخبة من الخبراء وفقهاء القانون وممثلين عن الأطراف المعنية.
شارك في الندوة الدكتور رضا فرحات، محافظ الإسكندرية الأسبق، والدكتور سعيد عبد الخالق، نائب رئيس جمعية الاقتصاد المصري والتشريع، والمستشار الدكتور محمود عطية ممثل المستأجرين، وياسر الرشيدي أحد فقهاء القانون، ومصطفى عبد الرحمن ممثل ائتلاف ملاك العقارات القديمة، إلى جانب عدد من أعضاء مجلس النواب.
أكد الحضور على أهمية تعديل قانون الإيجارات القديمة لتحقيق التوازن بين حقوق الملاك والمستأجرين، مشددين على أن استمرار العمل بالقانون الحالي يفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية.
وفي كلمته، أشار محمد خراجة إلى أن تأخر تعديل القانون يسبب أزمة كبيرة بين الملاك والمستأجرين، مطالبًا بضرورة إصدار قانون يراعي حقوق الطرفين، ويحقق العدالة الاجتماعية، مع مراعاة البعد الإنساني والاجتماعي للمستأجرين.