د. ياسر سعيد يكتب: الذهب الأخضر في أرض المغرة
تاريخ النشر: 13th, October 2023 GMT
ومن أرض المغرة التي تبعد 30 كم من طريق القاهرة جنوب مدينة العلمين بمحافظة مطروح، تنطلق تلك الثورة الخضراء بقيادة شركة جورجين للاستثمار الزراعي واستصلاح الأراضي، حيث التحدي الصعب وتحقيق المعادلة الصعبة وتحويل نحو 21000 فدان من الأراضى الرملية القلوية شديدة الملوحة إلى واحة خضراء من شجيرات الجوجوبا حيث أمكن التواصل مع المهندس /حسام عبد القادر رئيس مجلس إدارة شركة جروجرين، ذلك النموذج الذى حقق إنجاز عظيم برغم كل الصعوبات والتحديات من عوامل طبيعية وبشرية وكان الخيار بالنسبة له (أكون أو لا أكون)، وكانت التجربة القاسية توجت نتائجها بالنجاح، حيث شهدت له العديد من المؤتمرات أهمها مؤتمر التغيرات المناخية 2022 المنعقد فى شرم الشيخ والتى حصل منها على شهادة تقدير نظرا لدوره البارز في مواجهة التغيرات المناخية بزراعة هذا النبات الذي أطلق عليه الذهب الأخضر، حيث استطرد المهندس حسام عبدالقادر شرحة عن هذا النبات وكان موجز الحديث معه كالتالى:
منذ مئات السنين ويعيش الإنسان المصرى فى صراع مع الطبيعة وتقلباتها وهى التى يطلق عليها اللايقين ومع ذلك يخاطر الفلاح المصرى من أجل الحفاظ على أرضة الزراعية وخصوبتها، إلا أنه مع تدهور النظام البيئي نتيجة التغيرات المناخية وتملح التربة يحدث بما يعرف بتصحر أو تدهور الأراضى الزراعية نتيجة لفقد خصوبتها وعدم قدرتها على الإنتاج الزراعي ومنذ سنوات عديدة وحتى يومنا هذا يصارع الإنسان هذه العوامل ويحلم باسترجاع الأرض الخضراء، ومع التغيرات المناخية وتملح التربة والانبعاثات الكربونية والاحتباس الحراري والتلوث البيولوجي والتغيرات التى طرأت على النظام الأيكولوجي في البيئة، ظهرت صرخات تنادي بالاستدامة الخضراء ولا سبيل غيرها فى الحد من هذه الكوارث، ولقد تصفحت وبحثت على أثر علمائنا فى البحث العلمى فى تحقيق الاستدامة الخضراء فوجدت أن هناك نبات انتشر فى بعض المحافظات فى مصر فى العقود الأخيرة والتوسع فى زراعتة وقد أطلقوا عليه «الذهب الأخضر» أو الحل السحرى وهو( نبات جوجوبا)، ذلك النبات الذي تجود زراعته فى الأرض القلوية ذات درجات الملوحة العالية ويتحمل مياه الري المالحة التى قد تصل إلى 5000 جزء/المليون وتصل فى بعض الاحيان إلى 11000 جزء /المليون تلك النبات يعتبر شجيرات معمرة تصل إلى 150 عام وله فوائد عديدة وهى:
أن النبات يستخرج منه حوالى 50% زيت و50% مخلفات تقريبا، حيث أن هذا الزيت يستخدم فى كثير من مستحضرات التجميل والأدوية والوقود النظيف حيث يحتوي الطن من زيت جوجوبا على واحد كيلو كالورى تقريبا فيما يعادل حوالى 30 طن من السولار،وقود نظيف لا يحتوي على نفس النسبة من الكربون أى أنه وقود صديق للبيئة، كما يستخدم فى صناعة زيت الطائرات….
وأوضح أن العائد الاقتصادي من ثمار نبات الجوجوبا يصل طن البذرة إلى نحو 75000 جنية مصرى، فى حين يصل قيمة طن الزيت إلى 17000 دولار، فضلًا عن أن مخلفات الزيت تدخل فى صناعة الأعلاف لاحتوائها على نسبة كبيرة من البروتينات والكربوهيدرات وفي الأسمدة وفى صناعات عديدة، ولم يكتفى المستثمر على زراعة الجوجوبا فقط، بل أضاف لزراعة الجوجوبا استثمارات أخرى مثل مصنع لاستخراج زيت جوجوبا والاستزراع السمكى وزراعة مساحات لا بأس بها من الزيتون… هكذا يكون التحدى بهدف الوصول إلى النجاح… لقد سطرت هذه المقالة من أجل تحفيز الشباب والمستثمرين وإلقاء الضوء الأخضر على طريق النجاح من أجل تحقيق الاستدامة الخضراء والحفاظ على البيئة وتحقيق الاستثمار الأمثل.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: ياسر سعيد طريق القاهرة الذهب الاخضر
إقرأ أيضاً:
د. عبدالله الغذامي يكتب: ثمن الكلام
الكلام سعادة روحية أو شقاء روحي، فالكلمة في العلاقات العامة هي التي تدير معاني التفاعل البشري، وأصبحت الكلمة في زمن التواصل الاجتماعي ذات قدرات عالية في تمثيل القيم والمعاني البشرية، حيث اكتسبت الكلمة قوةً لم تكن لها من قبل من حيث سعة الانتشار وعبورها حدود المكان والزمان، وكل كلمة تقال في وسائل التواصل ستجد لها آذاناً سامعةً وعيوناً قارئةً في أي توقيت ظهرت، ومن أي مكان انطلقت وبسرعة هائلة وتفاعلية غير محددة، ولا أحد يسيطر عليها، وتنوعت الاستقبالات بين فهمٍ وسوء فهم وقبول وسخط، ولن يسيطر صاحب الكلمة على مصير كلمته ولا تأويلها أو فهمها. ومن ثم فكل كلمةٍ لها سعرٌ.
وحدث مرةً لإعلامية بريطانية أن سافرت من لندن إلى جنوب أفريقيا، وحين حطت رحلتها في جوهانسبرغ اكتشفت أن مؤسستها التي تعمل فيها قد فصلتها عن العمل، وأصبح وجودها في جوهانسبرغ غير رسمي ولم تغطِ مؤسستها تكاليف وجودها هناك، وكان السبب هو تغريدةٌ أطلقتها قبل أن تغلق هاتفها وهي تستقل الطائرة، وكانت التغريدة تسيء للدولة التي ذهبت إليها، ولم تتحمل جريدتها تلك التغريدة فأعلنت فصلها، وهذا يحيلنا للكلمة التي قيلت لطرفة بن العبد ويل لهذا من هذا وأشاروا إلى لسانه ورأسه وانتهى به الأمر أن قتل بسبب قصيدة له، وهنا طار رأسه بسبب لسانه كما طارت وظيفة الإعلامية البريطانية بسبب تغريدة، مما يعيد صياغة المقولة إلى (ويلٌ لرأسك من أصبعك)، وهو الإصبع الذي يسمى في العربية بالسبابة فأصبحت أيضاً القاتلة، وسنظل نعود للمتنبي الذي أسعفته كلماته مراراً ولكنها قتلته أخيراً، وهو الذي قال:
لا خيل عندك تهديها ولا مال
فليسعد النطقُ إن تسعد الحال
وقد عاش ما عاشه من عمرٍ وهو يستعين بنطقه ليبني نفسه ومجده، إلى أوقعه النطق بالمآسي فخسر صحبة سيف الدولة وفر من وجه كافور وانتهى على يد فاتك الأسدي، الذي هو لصٌّ وقاطع طريق وليس له موقعٌ في التاريخ غير أنه قاتلُ أهم شعراء العرب، وفي النهاية نشير إلى الحديث الشريف (وهل يكب الناس في النار إلا حصائد ألسنتهم) وتظل اللغة أخطر النعم، وهذا ثمن اللغة وسعرها الباهظ.
كاتب ومفكر سعودي
أستاذ النقد والنظرية/ جامعة الملك سعود - الرياض