المرأة اليمنية.. مكاسب رغم تداعيات الحرب وقمع المليشيات الحوثية
تاريخ النشر: 13th, October 2023 GMT
حظيت المرأة اليمنية باهتمام مبكر منذ عقود وفتحت أمامها ثورتا الـ 26 من سبتمبر والـ 14 من أكتوبر طروقاً كثيرة وفرصاً عديدة، أولها الالتحاق بالتعليم في مختلف المستويات والتخصصات على حد سواء مع الرجل مما مكنها على مدى العقود الماضية من الانخراط في الحياة العامة والانتظام رسمياً في أعمال كثيرة، والمشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمشاركة في صناعة التغيير في البلاد.
وشكل حضورها السياسي نقطة تحول من خلال حضورها كنائبة في البرلمان والوظيفة العمومية من معلمة أو طبيبة أو مهندسة حتى بلغت أعلى المناصب الوظيفية من خلال شغلها للعديد من الحقائب الوزارية منذ العام 2001م، كما دخلت السلك الدبلوماسي منذ أكثر من عشرين عاماً وأصبح لدى اليمن أكثر من سفيرة في العديد من دول العالم.
والأبعد من ذلك أن المرأة اليمنية تمكنت منذ أكثر من عقدين من الزمن وبفضل التوجهات السياسية وحركة التطور والنهوض في البلاد وتوسيع قاعدة المشاركة وتكافؤ الفرص تمكنت المرأة من اقتحام مجالات جديدة وعلى الأخص في سلك الشرطة والأمن الخاص وفي الجهاز القضائي والذي بدأت العمل فيه منذ سبعينيات القرن الماضي كمحامية.
ورغم التحديات التي فرضها انقلاب مليشيا الحوثي الإرهابية وممارسة القمع والإقصاء التي اتبعتها المليشيات منذ اليوم الأول لدخولها العاصمة اليمنية صنعاء ضد المرأة اليمنية، إلا أن النساء اليمنيات خرجن من مختلف مواقعهن السياسية والاجتماعية والمهنية لمناهضة الانقلاب الحوثي والتصدي لممارساته الاستبدادية وشاركن في المظاهرات والاحتجاجات ومختلف الأنشطة السياسية والاجتماعية والحقوقية في الداخل والخارج ضد المليشيات، وذلك يأتي امتداداً لدور المرأة اليمنية وحضورها في مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
وهذا الدور المتواصل للمرأة في الداخل وفي مختلف المحافل الإقليمية والدولية عزز من فرص مشاركتها في صناعة السلام، وهو ما تحرص عليه القيادة السياسية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي والحكومة.
وتجسد هذا الاهتمام في كثير من القرارات والتعينات التي أسندت للمرأة اليمنية العديد من المهام.
وقد حظيت هذه التعينات للمرأة اليمنية بإشادات وترحيب المجتمع المحلي والدولي على حد سواء، والأهم أن هذه التعينات تأتي بالتزامن مع اتساع دور ونشاط المرأة اليمنية في مختلف القطاعات على الصعيد الوطني وفي مختلف المنظمات الإقليمية والدولية من خلال شبكة من المنظمات والمؤسسات الحقوقية والإنسانية والسياسية، لاسيما ما تقوم به المجموعة النسوية الاستشارية المختصة ومجموعة التوافق النسوي عبر مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن.
كما عززت الحكومة مؤخراً من مشاركة المرأة في قطاع الأمن والشرطة عبر افتتاح مكاتب للشرطة النسائية في مراكز الشرطة، في خطوة مثلت تقدماً كبيراً على طريق تمكين مساهمة المرأة في تقديم سبل الرعاية القانونية والحقوقية للنساء.
وشهدت المحافظات المحررة خلال السنوات الماضية تنفيذ العديد من المبادرات التنموية لتمكين المرأة وتعزيز دورها في تخفيف المعاناة التي خلفها انقلاب المليشيات الحوثية وبناء السلام، هذه المبادرات أطلقت بمساهمة مجتمعية محلية وبعض البرامج الإقليمية والدولية أبرزها البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن الذي مول عدة برامج لتمكين المرأة اليمنية اقتصادياً منها مشروع سبأ للتمكين الاقتصادي الذي نفذ بالتنسيق مع الحكومة ومشاركة مؤسسة فتيات مأرب واستهدف بناء قدرات مئات الفتيات ورائدات الأعمال في مأرب، كما نفذت عدة مشاريع مماثلة أخرى في عدة محافظات بدعم وتمويل من جهات أممية ودولية.
وتعمل الحكومة حالياً على تنفيذ خطة وطنية تعني بـ المرأة والسلام والأمن وفقاً للقرار الأممي 1325 الخاص بتعزيز مشاركة المرأة في صناعة القرار وضمان حمايتها في النزاعات ومن كافة أشكال العنف.
في المقابل، تضاعفت معاناة المرأة اليمنية في مناطق سيطرة مليشيات الحوثية الإرهابية حيث فرضت عليها الكثير من القيود والإجراءات القمعية والتي أدت إلى حرمان النساء من حقوقهن الأساسية في التعليم والصحة والحقوق الاقتصادية.
ورصدت تقارير حقوقية محلية ودولية سلسلة من الإجراءات القمعية الحوثية ضد النساء منها حرمانهن من حرية التنقل والسفر، وهذا الإجراء تسبب في حرمان آلاف اليمنيات من أعمالهن وإدارة شؤونهن الاقتصادية والأسرية وغيرها، بالإضافة إلى التدخل في مظاهر النساء اليمنيات ولبسهن، كما عملت المليشيات على مضايقة طالبات الجامعات مما دفع الكثير منهن إلى التوقف عن الدراسة، كما حرمت مليشيا الحوثي الإرهابية مئات آلاف من النساء الحصول على الرعاية الصحية اللازمة خاصة في مرحلة الحمل والولادة ومن التطعيم للأطفال والنساء في مناطق سيطرتها.
المصدر: صحيفة عاجل
كلمات دلالية: المليشيات الحوثية الأزمة اليمنية المرأة اليمنية المرأة الیمنیة فی مختلف
إقرأ أيضاً:
مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم – الحلقة 2
يناير 31, 2025آخر تحديث: يناير 31, 2025
محمد الربيعي
بروفسور ومستشار دولي، جامعة دبلن
تعتبر جامعة كامبردج، بتاريخها العريق الذي يمتد لاكثر من ثمانية قرون منذ تاسيسها عام 1209، منارة للعلم والمعرفة، وصرحا اكاديميا شامخا يلهم الاجيال المتعاقبة. تعد كمبردج رابع اقدم جامعة في العالم، وثاني اقدم جامعة في العالم الناطق باللغة الانجليزية، حاملة على عاتقها مسؤولية نشر العلم والمعرفة وخدمة الانسانية. لم تكن كمبردج مجرد مؤسسة تعليمية عابرة، بل كانت ولا تزال محركا رئيسيا للتطور الفكري والعلمي على مستوى العالم، وشاهدة على تحولات تاريخية هامة، ومخرجة لقادة ومفكرين وعلماء غيروا مجرى التاريخ، امثال اسحاق نيوتن، الذي وضع قوانين الحركة والجاذبية، وتشارلز داروين، الذي وضع نظرية التطور، والان تورينج، رائد علوم الحاسوب.
تتميز جامعة كمبردج بمكانة علمية رفيعة المستوى، حيث تصنف باستمرار ضمن افضل الجامعات في العالم في جميع التصنيفات العالمية المرموقة، مثل تصنيف شنغهاي. هذا التميز هو نتاج جهود مضنية وابحاث علمية رائدة في مختلف المجالات، من العلوم الطبيعية الدقيقة كالفيزياء والكيمياء والاحياء، مرورا بفروع الهندسة المختلفة كالهندسة المدنية والميكانيكية والكهربائية، وصولا الى العلوم الانسانية والاجتماعية التي تعنى بدراسة التاريخ والفلسفة والاقتصاد والعلوم السياسية. تضم الجامعة بين جنباتها العديد من المراكز والمعاهد البحثية المتطورة التي تساهم في دفع عجلة التقدم العلمي والتكنولوجي، مثل معهد كافنديش الشهير للفيزياء. تعرف كمبردج باسهاماتها القيمة في جوائز نوبل، حيث حاز خريجوها على اكثر من 120 جائزة نوبل في مختلف المجالات، مما يعكس المستوى العالي للتعليم والبحث العلمي فيها. من بين الاسهامات الخالدة لجامعة كامبريدج، يبرز اكتشاف التركيب الحلزوني المزدوج للحامض النووي (DNA) على يد جيمس واتسون وفرانسيس كريك عام 1953. هذا الاكتشاف، الذي حاز على جائزة نوبل في الطب عام 1962، غيّر مسار علم الاحياء والطب، وأرسى الاساس لفهم أعمق للوراثة والأمراض، ويعد علامة فارقة في تاريخ العلم.
اضافة الى مكانتها العلمية المرموقة، تتميز جامعة كمبردج ببيئة تعليمية فريدة من نوعها، حيث تتكون من 31 كلية تتمتع باستقلال ذاتي، ولكل منها تاريخها وتقاليدها الخاصة، وهويتها المعمارية المميزة. هذه الكليات توفر بيئة تعليمية متنوعة وغنية، تجمع بين الطلاب من مختلف الخلفيات والثقافات من جميع انحاء العالم، مما يثري تجربة التعلم ويساهم في تكوين شخصية الطالب وتوسيع افاقه. توفر الجامعة ايضا مكتبات ضخمة ومتاحف عالمية المستوى، تعتبر كنوزا حقيقية للطلاب والباحثين، حيث تمكنهم من الوصول الى مصادر غنية للمعرفة والالهام. من بين هذه المكتبات، مكتبة جامعة كمبردج، وهي واحدة من اكبر المكتبات في العالم، وتحتوي على ملايين الكتب والمخطوطات النادرة، بالاضافة الى متاحف مثل متحف فيتزويليام، الذي يضم مجموعات فنية واثرية قيمة، ومتحف علم الاثار والانثروبولوجيا.
يعود تاريخ جامعة كمبردج العريق الى عام 1209، عندما تجمع مجموعة من العلماء في مدينة كمبردج. لم يكن تاسيس كمبردج وليد الصدفة، بل جاء نتيجة لهجرة مجموعة من العلماء والاكاديميين من جامعة اكسفورد، بحثا عن بيئة اكاديمية جديدة. هذا الاصل المشترك بين كمبردج واكسفورد يفسر التشابه الكبير بينهما في العديد من الجوانب، مثل النظام التعليمي والهيكل التنظيمي، والتنافس الودي بينهما، الذي يعرف بـ “سباق القوارب” السنوي الشهير. على مر القرون، شهدت جامعة كمبردج تطورات وتحولات كبيرة، حيث ازدهرت فيها مختلف العلوم والفنون، واصبحت مركزا مرموقا للبحث العلمي والتفكير النقدي، ولعبت دورا محوريا في تشكيل تاريخ الفكر الاوروبي والعالمي.
كليات الجامعة هي وحدات اكاديمية وادارية مستقلة، تشرف على تعليم طلابها وتوفر لهم بيئة تعليمية فريدة من نوعها، تساهم في خلق مجتمع طلابي متنوع وغني، حيث يتفاعل الطلاب من خلفيات وثقافات مختلفة، مما يثري تجربتهم التعليمية ويساهم في تكوين شخصياتهم وهي ايضا مراكز اقامة للطلاب. هذا النظام الفريد للكليات يعتبر من اهم العوامل التي تميز جامعة كمبردج، ويساهم في الحفاظ على مستوى عال من التعليم والبحث العلمي.
تقدم جامعة كمبردج تعليما متميزا عالي الجودة يعتمد على اساليب تدريس متقدمة تجمع بين المحاضرات النظرية والندوات النقاشية وورش العمل العملية، مما يتيح للطلاب فرصة التعمق في دراسة مواضيعهم والتفاعل المباشر مع الاساتذة والخبراء في مختلف المجالات. يشجع نظام التدريس في كمبردج على التفكير النقدي والتحليل العميق، وينمي لدى الطلاب مهارات البحث والاستقصاء وحل المشكلات. هذا التنوع يثري تجربة التعلم بشكل كبير، حيث يتيح للطلاب فرصة التعرف على وجهات نظر مختلفة وتبادل الافكار والمعرفة، مما يساهم في توسيع افاقهم وتكوين صداقات وعلاقات مثمرة. كما توفر الكليات ايضا انشطة اجتماعية وثقافية متنوعة تساهم في خلق جو من التفاعل والتواصل بين الطلاب، مثل النوادي والجمعيات الطلابية والفعاليات الرياضية والفنية.
تخرج من جامعة كمبردج عبر تاريخها الطويل العديد من الشخصيات المؤثرة والبارزة في مختلف المجالات، الذين ساهموا في تغيير مجرى التاريخ وخدمة الانسانية، من بينهم رؤساء وزراء وملوك وفلاسفة وعلماء وادباء وفنانين.
باختصار، تعتبر جامعة كمبردج منارة للعلم والمعرفة، وتجمع بين التاريخ العريق والمكانة العلمية المرموقة والتميز في مجالات متعددة، مما يجعلها وجهة مرموقة للطلاب والباحثين من جميع انحاء العالم.