موسكو- لو كنا في وضع دولي مختلف، لكان بوسع الفلسطينيين أن يعتمدوا على تعاطف اليسار الدولي، لكن الولايات المتحدة يقودها المحافظون الجدد وأنصار العولمة. وبالتأكيد ليس لديهم وقت للفلسطينيين، على الرغم من أن السياسات القومية الإسرائيلية كذلك ليست قريبة جدا منهم.

ولكن سلسلة ردود الفعل، خاصة من جانب الدول الإسلامية (في المقام الأول إيران، وتركيا، والسعودية، ودول الخليج الأخرى، ومصر) هي التي قد تصبح امتدادا منطقيا هنا.

على الأقل، ربما كان هذا هو ما كان يدور في ذهن إستراتيجيي حماس عندما قرروا بدء عملية "طوفان الأقصى".

إن التعددية القطبية آخذة في تجميع القوة، بينما نزعة الهيمنة في بلدان المجموعة غير الغربية آخذة في التراجع، إذ إن حلفاء الغرب في العالم الإسلامي -وفي المقام الأول تركيا والسعوديون- لا يتبعون تلقائيا كل أوامر واشنطن.


استدراج

في هذا الوضع، سينجح القطب الإسلامي الذي انضم مؤخرا بشكل واضح إلى منظمة "البريكس"، ويقع حاليا في مرحلة الاختبار.

وبطبيعة الحال، قد يمتد الصراع إلى مناطق أخرى. ومن المحتمل أن يتم استدراج إيران وحزب الله إليه، مما يعني احتمال نقل العمليات العسكرية إلى لبنان وسوريا. وفي إسرائيل نفسها، يوجد ما يكفي من الفلسطينيين الذين يكرهون اليهود كراهية شرسة، وكل هذا يمكن أن يكون له عواقب لا يمكن التنبؤ بها.

في رأيي، ستحاول الولايات المتحدة ودعاة العولمة الآن إطفاء كل شيء، لأنهم لا يستطيعون الحصول على إنجاز جيد جراء المزيد من التصعيد.

وفي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، من الصعب على روسيا -على الأقل في الوقت الحالي- أن تختار طرفا واحدا فقط. لأنه ثمة إيجابيات وسلبيات لأية مقاربة. فهناك علاقات قديمة مع الفلسطينيين، وهم بالطبع ضحايا.

لكن الجناح اليميني في إسرائيل يسعى أيضا إلى اتباع سياسة ودية محايدة تجاه روسيا، وبهذا ينحرف عن رهاب روسيا الجامح الذي لا لبس فيه في الغرب.

دوغين: لا ينبغي أن يغيب عن بال المرء البعد الآخروي للأحداث (رويترز) بعد "أخروي"

وبالطبع، لا ينبغي أن يغيب عن بال المرء البعد الآخروي (علم آخر الزمان) للأحداث. إذ أطلق الفلسطينيون على عمليتهم اسم "طوفان الأقصى"، أي أن التوتر يتصاعد مرة أخرى حول القدس بينما تسعى الجماعات اليهودية لبناء الهيكل الثالث على -ما يُسمى- "جبل الهيكل"، وهو أمر مستحيل دون هدم المسجد الأقصى.

سيحاول الفلسطينيون إشعال الحساسية "الآخروية" كذلك لدى المسلمين الشيعة الذين هم دائما أكثر حساسية لهذا الأمر، والسُنة كذلك، الذين لا تُعتبر دوافع نهاية العالم والمعركة النهائية غريبة عليهم. كما أن إسرائيل والصهيونية بالنسبة للمسلمين هما تجسيد للمسيح الدجال.

وإلى أي مدى يعتبر هذا الأمر خطيرا، سنرى قريبا. ولكن على أية حال، من الواضح أن أولئك الذين يتجاهلون علم الأمور الأخيرة "علامات الآخرة" لن يفهموا أي شيء في السياسة الكبيرة الحديثة. وليس فقط في الشرق الأوسط، رغم أن هذا الأمر أكثر وضوحا هناك.

في غضون ذلك، قالت وزارة الخارجية القطرية إن إسرائيل وحدها هي التي تتحمل مسؤولية التصعيد الذي حدث بسبب الانتهاكات المستمرة لحقوق الفلسطينيين. وقال حزب الله إنه سيدخل الحرب في حال قيام إسرائيل بعملية برية في قطاع غزة، ووافق مجلس الحرب الإسرائيلي على شن عملية برية في القطاع.

دوغين: إسرائيل والصهيونية بالنسبة للمسلمين هما تجسيد للمسيح الدجال (رويترز) جدي وخطير

كل شيء جدي وخطير في فلسطين. وستصبح الأمور أكثر خطورة مع الوقت. المهم هنا هو التالي: دعم إيران وقطر، وموقف تركيا تجاه إسرائيل، واستعداد حزب الله لفتح جبهة ثانية، والأهم من ذلك مدة الحرب وحجمها.

لقد كان اليهود في إسرائيل يجلسون على برميل بارود منذ البداية. دولة إسرائيل نفسها موجودة بفضل سند لأمر "كمبيالة" من مخلص بني إسرائيل.

إذا لم يصمد هذا السند في الوضع الحرج الحالي، فلن تنهار إسرائيل فقط، بل ستنهار أشياء أخرى كثيرة. ولكن هل "طوفان الأقصى" حاسم بما فيه الكفاية؟ ليس واضحا بعد. لقد تم تحويل الانتباه عن "الإرهابيين النازيين" في كييف، وبالتالي، حان الوقت بالنسبة لنا لكي نتحرك.

قد تكون بداية هجوم حماس الجريء ضد إسرائيل بمثابة نظرية "البجعة السوداء" التي يصعب من خلالها التنبؤ بالأحداث المفاجئة، وهو الحدث الذي سيغير ميزان القوى في اللعبة العالمية.

الجميع في حالة جمود إلى حد ما، وهذا الانفجار سيخفف في كل الأحوال التوتر الذي استمر لـ 50 عاما بعد حرب يوم الغفران.


فشل

فيما يتعلق بالأسلحة النووية الإسرائيلية، فهي ليست حلا سحريا على الإطلاق. يمكن استخدامه وستستخدمه تل أبيب لكن إلى أين سيذهب بحر العرب الغاضبون؟ والشيء الأكثر أهمية هو أن الولايات المتحدة فشلت فشلا ذريعا في تحقيق قيادة العالم، والاتحاد السوفياتي غير موجود. ولا يمكن لأحد، حتى لو أراد ذلك، أن يطلب من اليهود والعرب أن يهدؤوا.

دعونا نتخيل أن إسرائيل، بالتعاون مع الغرب، ستبدأ حربا واسعة النطاق ضد الإسلام. ولكن هناك روسيا والصين والهند ومجموعة "البريكس"، وهؤلاء بالتأكيد لن يتبعوا الغرب دون أدنى شك، وسيتصرفون من تلقاء أنفسهم.

وحيث سيكون الغرب "رقيقا" سيكون المكان الذي سيتمزق فيه، بعد بدء العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، أصبحنا نعرف على وجه اليقين أين تقع نقاط ضعفنا ونستخلص النتائج، والآن حان دور معرفة نقاط ضعف الآخرين.

ملحوظة: النخبة الروسية أصبحت الآن في مشهد خيالي. هي تحتوي على ثلث مناهضي الصهيونية الذين يفرحون بالانتفاضة الفلسطينية. وثلث من المؤيدين للصهيونية، لأن اليمين الإسرائيلي متسامح مع بوتين والعملية العسكرية في أوكرانيا، وثلث من أنصار العولمة ممن يؤيدون مجلس العلاقات الخارجية وبايدن، لكن ليس من الواضح على الإطلاق ما يجب عليهم قوله أو فعله.

ففي نهاية المطاف، يبقى السؤال عن الخط الذي سيفوز، ويمكن أن يكونوا الثلاثة في نفس الوقت.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

بوتين: روسيا مستعدة للعودة إلى طاولة المفاوضات بشأن أوكرانيا

أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن موسكو مستعدة للعودة إلى طاولة المفاوضات بشأن تسوية الأزمة الأوكرانية، وفقًا لوكالة (تاس).

وأفاد «بوتين» في تصريحات صحفية، اليوم الأربعاء الموافق 19 فبراير 2025: بأن «روسيا لم ترفض أبدًا التفاوض، لأن حل الأزمة في أوكرانيا يمثل أولوية بالنسبة إلى روسيا».

وأضاف: «لقد اطلعت على نتائج المحادثات الروسية الأمريكية في عاصمة المملكة العربية السعودية (الرياض)»، مشيرًا إلى أن روسيا اتخذت الخطوة الأولى لاستئناف العمل مع الولايات المتحدة الأمريكية، لأن الهدف من تلك المحادثات هو تعزيز الثقة بين البلدين.

وتابع: «الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أبلغني أن أوكرانيا ستشارك في المفاوضات، وسأكون سعيدًا بلقائه لكن يجب التحضير المسبق»، لافتًا أن ترامب وعد بحل الأزمة الأوكرانية في أسرع وقت، بعد حصوله على معلومات غيرت موقفه وهذا أمر متوقع.

وواصل: أنه «على الفريقين الروسي والأمريكي إعداد حلول مقبولة للطرفين»، مؤكدًا أنه سيجري اتصالاً هاتفيًا بولي العهد السعودي، محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، في الأيام المقبلة.

اقرأ أيضاًترامب: من المرجح أن يكون اجتماعي مع بوتين نهاية فبراير الجاري

ترامب: قد ألتقي ببوتين قريبا جدا

المكالمة القاتلة.. اتصال ترامب بـ «بوتين وزيلينسكي» ضربة قوية لكييف

مقالات مشابهة

  • بوتين يثني على لقاء ممثلي روسيا وأمريكا في السعودية قبل اجتماعه مع ترامب
  • بعد الهجوم على خط نفط..بوتين يتهم الغرب بالتورط في هجوم أوكرانيا
  • بوتين: روسيا مستعدة للعودة إلى طاولة المفاوضات بشأن أوكرانيا
  • إعادة تأهيل بوتين تُربك الغرب
  • حدث ليلا: نزوح آلاف الفلسطينيين من الضفة.. وترامب يكتب نهاية جديدة لحرب أوكرانيا.. ومفاجأة بشأن محتجز إسرائيلي لدى حماس.. عاجل
  • تماطل وتحاول فرض شروطها.. من الذي تريده إسرائيل لإدارة غزة؟
  • رحلة في تاريخ قصر الدرعية الذي احتضن مباحثات روسيا – أميركا ..صور
  • الكرملين: روسيا مستعدة لحل "مشكلات" إيران النووية
  • مساعد بوتين : روسيا تراقب عن كثب تصرفات الدول غير الصديقة في بحر البلطيق
  • روسيا.. من كسب أوكرانيا إلى فقد النفوذ الدولي