كيف يشكل هجوم حماس على إسرائيل تحدياً للغرب؟
تاريخ النشر: 13th, October 2023 GMT
وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن هجوم حماس المفاجئ على إسرائيل بأنه يمثل "الشر المطلق"، هل تتدخل واشنطن مباشرة في الحرب بين حماس وإسرائيل؟
في أعقاب هجوم حماس الإرهابي المباغت على إسرائيل، خرج المستشار الألماني أولاف شولتس ليؤكد على "أن أمن إسرائيل مصلحةٌ وطنيةٌ ألمانية" في استعارة لعبارة رددتها المستشارة السابقة انغيلا ميركل.
وصدرت تصريحات مماثلة من قبل عدد من كبار المسؤولين الألمان، لا سيما وزيرة الخارجية، انالينا بيربوك، والرئيس الاتحادي، فرانك-فالتر شتاينماير، وقادة الأحزاب المنضوية في الائتلاف الحاكم وأحزاب المعارضة.
ورغم جلاء موقف الأحزاب السياسية في ألمانيا حيال قضية دعم إسرائيل، إلا أن البعض من أنصار الفلسطينيين احتفلوا بهجوم حماس في شوارع العاصمة برلين، وهو ما أثار غضب شولتس الذي ندد بالأمر، قائلاً: "لا نقبل أن يتم الاحتفال بالهجمات الشنيعة ضد إسرائيل في شوارعنا".
وفي وقت لاحق أعلن المستشار الألماني الخميس (12 اكتوبر تشرين أول) أمام البوندستاغ قرار الحكومة الألمانية حظر حماس وأنشطتها في ألمانيا، وأكد أن وزارة الداخلية ستمنع كل الأنشطة والمظاهرات المؤيدة لحماس والمعادية للسامية.
الجدير بالذكر أن شولتس قد تعرض لانتقادات إبان زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى برلين العام الماضي بسبب عدم تعاطيه بشكل سريع حيال تصريح رئيس السلطة الفلسطينية بأن إسرائيل ارتكبت "50 محرقة" ضد الفلسطينيين، بيد أن المستشار الألماني نأى بنفسه في وقت لاحق بعد المؤتمر الصحفي عن التصريح الذي اعتبره "غير مقبول ولا يمكن التسامح معه".
تمويل الإرهابيين؟
بيد أن السؤال المُلح في الوقت الراهن يتمثل في ماهية الدروس التي يتعين على برلين استخلاصها بعد هجوم حماس الاخير وكيف ستستفيد منها على أرض الواقع.
كانت ألمانيا قد خصصت منذ بداية العام الجاري 250 مليون يورو (265 مليون دولار) لمساعدة الفلسطينيين، حسبما ذكرت وزارة التنمية الألمانية، لكن الوزيرة، سفينيا شولتسه، ترغب في "مراجعة الالتزام الكامل تجاه الأراضي الفلسطينية".
وعلى الصعيد الرسمي، لا يذهب الدعم المالي الألماني إلى السلطة الفلسطينية ولا إلى حركة حماس التي يصنفها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى كمنظمة إرهابية. ورغم ذلك، فإنه من الصعب التأكد من أن بعضاً من هذه المخصصات المالية لا تصل إلى حماس على نحو ما، وهو ما دفع عددا من المشرعين الألمان ومنهم السياسي عن حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي، ألكسندر دوبرينت، إلى المطالبة الأحد (8 أكتوبر / تشرين الأول) بوقف كل أشكال التمويل للفلسطينيين بشكل كامل.
الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، هل يتراجع الدعم الأمريكي إلى أوكرانيا الآن؟
ومن جانبها دعت الجمعية الألمانية-الإسرائيلية إلى وضع شروط على المخصصات المالية على أقل تقدير. وقال بيان صادر عن رئيسها، فولكر بيك: "يجب ألا تُستخدم أموال دافعي الضرائب الألمان في تمويل الإرهاب ومعاداة السامية".
العصا والجزرة
ولا تواجه ألمانيا وحدها معضلة التمويل؛ إذ تدعم مؤسسات أوروبية حزمة من المشاريع التي ترمي إلى دعم الشعب الفلسطيني، لكن في ظل ضعف المؤسسات الفلسطينية خاصة التنفيذية كحال مناطق الصراعات الأخرى، فإن الغموض قد يكتنف مصير أشكال الدعم المالي.
بيد أنه من المؤكد أن غياب الدعم المالي من قبل الاتحاد الأوروبي قد يشكل خطراً على بقاء السلطة الفلسطينية، فضلاً عن أن التكتل الأوروبي يتمسك بسياسة الجزرة في الوقت الذي تصر فيه الولايات المتحدة على سياسة العصا.
ففي أعقاب هجمات حماس الأخيرة، يهدف الجيش الأمريكي من تحريك حاملة طائرات ومقاتلات إلى الشرق الأوسط إظهار دعم واشنطن لإسرائيل.
ويقول خبراء إن تصاعد التوتر في الشرق الأوسط قد يعرض المصالح الأمريكية للخطر على المدى الطويل في ضوء احتمالية تجميد التقارب بين إسرائيل والسعودية وتعليق المفاوضات النووية مع إيران.
وكان رد الفعل السعودي الأولي متحفظاً في الواقع. ويبدو أن مصر تسعى من جانبها لضمان عدم خروج الصراع عن السيطرة.
يتلقى الفلسطينيون أيضا من الاتحاد الأوروبي وحده مساعدات تبلغ قيمتها 691 مليون يورو (729 مليون دولار) (أرشيف)
تشتيت الانتباه عن الصراع في أوكرانيا
ويشير مراقبون بأن إحدى التداعيات المباشرة لموجة التوتر الأخيرة في الشرق الأوسط تتمثل في تشتيت الانتباه عن الغزو الروسي لأوكرانيا. وأصدر الرئيس فولوديمير زيلينسكي بياناً أكد فيه على دعم بلاده لإسرائيل، وربط في وقت لاحق هجوم حماس بالعدوان الروسي المستمر على بلاده. وقال زيلينسكي الاثنين (9 أكتوبر / تشرين الأول) أمام الجمعية البرلمانية لحلف شمال الأطلسي في كوبنهاغن عبر رابط فيديو: "الفرق الوحيد هو أن هناك منظمة إرهابية هاجمت إسرائيل، بينما هنا فإن دولة إرهابية هي التي هاجمت أوكرانيا. النوايا المعلنة مختلفة لكن الجوهر واحد".
يتزامن هذا مع ظهور بعض مؤشرات على تصدع بعض أوجه الدعم الغربي لأوكرانيا في ضوء عدم إحراز كييف تقدما كبيرا في هجومها المضاد ضد القوات الروسية، فيما ينذر اندلاع صراع طويل ضد إسرائيل، حليفة الدول الغربية، بتشتيت الأنظار أكثر عن الصراع في أوكرانيا.
وفي ذلك، نقلت القناة الأولى في التلفزيون الألماني "إيه آر دي" عن الباحثة في "الجمعية الألمانية للعلاقات الخارجية" (DGAP)، دانييلا شفارتزر، قولها إن "جُل تركيز الولايات المتحدة سوف ينصب على أوكرانيا في المدى القصير وعلى الصين ومنطقة المحيطين الهادئ والهندي في المدى الطويل". وأضافت "يجب أن يمضي الاهتمام السياسي وقضية التمويل وتوفير مستلزمات القتال قدماً بالتوازي بطريقة أو بأخرى بين مناطق الصراع المختلفة".
الصين..التزام الحياد
وتواجه الدول الغربية إشكالية منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا: ويتمثل ذلك مثلا في امتناع الدول النامية والناشئة بما في ذلك الدول القريبة من القيم الغربية عن إدانة حماس. فعلى سبيل المثال، أصدر الحزب الحاكم في جنوب أفريقيا، التي لم تُقدم على حتى الآن على إدانة العدوان الروسي على أوكرانيا، بياناً حمل مقارنة بين نظام الفصل العنصري السابق في البلاد والوضع الحالي في الشرق الأوسط.
كذلك رفضت الصين إدانة هجوم حماس في تكرار لموقفها حيال العدوان الروسي على أوكرانيا.
أما روسيا، فقد قامت بتذكير الدول الأوروبية والولايات المتحدة بالهدف الذي دعوا إلى تحقيقه لسنوات والمتمثل في إقامة دولة فلسطينية. وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الاثنين (9 أكتوبر / تشرين الأول) إن "إنشاء دولة فلسطينية تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل يعد الحل الأكثر مصداقية للصراع". وأضاف "لا يمكننا أن نتفق مع الذين يرددون بأن الأمن لا يمكن ضمانه إلا من خلال مكافحة الإرهاب".
واللافت في تصريحات لافروف أنها تأتي في الوقت الذي يمضي فيه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قدماً في إنكار حق أوكرانيا في الوجود ويستمر في حربه ضد المدنيين الأوكرانيين لأكثر من عام ونصف.
كريستوف هاسلباخ / م. ع
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: الشرق الأوسط الفلسطينيون اسرائيل الدول الغربية الولايات المتحدة الاتحاد الأوروبي أخبار المانيا الدعم الغربي لإسرائيل الغزو الروسي لأوكرانيا الصين الشرق الأوسط الفلسطينيون اسرائيل الدول الغربية الولايات المتحدة الاتحاد الأوروبي أخبار المانيا الدعم الغربي لإسرائيل الغزو الروسي لأوكرانيا الصين الاتحاد الأوروبی الشرق الأوسط هجوم حماس حماس فی
إقرأ أيضاً:
الرئيس الروسي يوافق على تحديث العقيدة النووية لبلاده.. هذه أبرز التعديلات
وافق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الثلاثاء، على التحديث الجديد للعقيدة النووية الروسية، مشير إلى أن موسكو قد تفكر في استخدام أسلحة نووية إذا تعرضت لهجوم صاروخي تقليدي مدعوم من بلد يمتلك قوة نووية، وذلك في ظل تصاعد المواجهات في الحرب الروسية الأوكرانية.
وأكد المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن العقيدة النووية المحدثة تهدف إلى جعل الأعداء المحتملين يدركون أن الرد على أي هجوم ضد روسيا أو حلفائها سيكون أمرا حتميا.
وأضاف بيسكوف أن أي هجوم على روسيا من قبل دولة غير نووية بمشاركة دولة نووية سيتم اعتباره هجوما مشتركا، وفقا لـ"رويترز".
من جهتها، لفتت وكالة الأنباء "تاس" الروسية إلى أن "المبدأ الأساسي للعقيدة هو أن استخدام الأسلحة النووية هو إجراء أخير لحماية سيادة البلاد".
وأشارت الوكالة إلى أن ظهور تهديدات ومخاطر عسكرية جديدة دفع روسيا إلى توضيح شروط استخدام الأسلحة النووية، لافتة إلى أن العقيدة المحدثة "تعمل على توسيع نطاق البلدان والتحالفات العسكرية الخاضعة للردع النووي، فضلا عن قائمة التهديدات العسكرية التي تم تصميم هذا الردع لمواجهتها".
بالإضافة إلى ذلك، تنص العقيدة المحدثة على أن "روسيا ستنظر الآن إلى أي هجوم من قبل دولة غير نووية مدعومة بقوة نووية على أنه هجوم مشترك"، وفقا لـ"تاس".
كما تنص العقيدة المعدلة على "احتفاظ موسكو بالحق في النظر في الرد النووي على هجوم بالأسلحة التقليدية يهدد سيادتها".
يعكس التعديل المذكور التحولات الكبيرة في العقيدة الدفاعية الروسية في ظل تصاعد التوترات مع الغرب بسبب الحرب في أوكرانيا، التي تثير أخطر مواجهة بين روسيا والغرب منذ أزمة الصواريخ الكوبية في عام 1962.
وقبل أسابيع من الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية مطلع الشهر الجاري، أمر الرئيس الروسي بإجراء تغييرات على العقيدة النووية لتنص على أنه من الممكن اعتبار أي هجوم تقليدي على روسيا بمساعدة بلد يمتلك قوة نووية هجوما مشتركا على روسيا.
وتأتي الموافقة على التحديث المشار إليه بعد أيام من سماح الرئيس الأمريكي جو بايدن لأوكرانيا بإطلاق صواريخ أمريكية بعيدة المدى على مناطق داخل روسيا.
يشار إلى أن آخر تحديث على العقيدة النووية الروسية جرى في حزيران /يونيو عام 2020، وفقا لوكالة "تاس".