لا يبدو صانعو القرار في إسرائيل متحمسين لفكرة إنهاء حكم حماس عسكرياً
يتجه التصعيد بين إسرائيل وحركة حماس إلى إكماله أسبوعه الأول في ظل فشل الأطراف الدولية الفاعلة في التوصل إلى وقف الأعمال القتالية بين الجانبين، والواضح أن حكومة بنيامين نتانياهو مستمرة في التصعيد وفي غاراتها العسكرية على قطاع غزة بعد تلقيها الضوء الأخضر من الإدارة الأمريكية للمضي قدماً في معاقبة حماس التي لا تحصل دون معاقبة سكان غزة طبعاً.
وفيما تشير التقارير الإخبارية إلى وجود حشد عسكري إسرائيلي بالقرب من حدود غزة استعداداً لتنفيذ عملية برية داخل قطاع غزة، يستبعد المحللون والخبراء الأمنيون في إسرائيل مضي الجيش في اجتياح بري يطيح بحركة حماس ويعيد القطاع للسيطرة الإسرائيلية لما له من تكلفة ستزيد من خسائر إسرائيل المادية والبشرية في هذه الحرب، ولكن من المرجح أن تكتفي إسرائيل باحتياج جزئي الغرض منه تأمين منطقة عازلة أوسع تنهي أي محاولة لتسلل جديد في المستقبل وتعيد الثقة لسكان مستوطنات غلاف غزة.
لا يبدو صانعو القرار في إسرائيل متحمسين لفكرة إنهاء حكم حماس عسكرياً ليس من منظور تكلفتها المادية واللوجستية وإنما لما لها من تبعات ستزيد الضغط على المنظومة الأمنية الإسرائيلية، خاصة وأن إيران لن تقف مكتوفة الأيدي وستعمل على توسيع ساحة المعركة في الشمال مع جنوب لبنان وجنوب سوريا، فضلاً عن أن العودة إلى القطاع ستؤكد وجود نوايا إجهاض حل الدولتين، الأمر الذي يعني قلب التضامن الغربي مع إسرائيل في صالح الفلسطينيين، فضلا عن إجهاض خطوات التقارب مع السعوديين الذين شددوا على أن أي خطوة تقارب مع إسرائيل لا ينبغي لها أن تكون على حساب الفلسطينيين، ولأن الاجتياح وسقوط حماس سيترتب عليهما ضرورة تسليم القطاع إلى سلطة رام الله فهذا يعني إنهاء الانقسام الفلسطيني الذي خدم الإسرائيليين طويلا.
إسرائيل فشلت في كبح جماح حماس في مهاجمتها رغم الحصار الطويل الذي فرضته ضدها ومع أنها توصلت إلى شراء هدنة مؤقتة باستخدام مقاربة الاقتصاد مقابل الأمن، إلا أن ذلك لا يعني سوى تأجيل المواجهة والحرب لبعض من الوقت. في الجهة المقابلة فشلت حماس أيضاً بمعية حلفائها في تغيير معادلة الصراع وفك الحصار وردع الاحتلال، ومع ذلك يستمر الطرفان في استنساخ نفس التجارب ويتوقعان حصول نتائج مغايرة، هو فشل سيستمر بالوقوع وفي حصد الأرواح من الطرفين في ظل غياب سلام حقيقي في المنطقة.
لا يضع الغزيون لتضحياتهم ثمنا عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن أرضهم ومقدساتهم وهم على استعداد دائم لتقديم المزيد، لكن هذا لا يعني الزج بهم في حرب غير متكافئة وبهجوم تتخذ منه إسرائيل لنفسها ذريعة تسمح لها بتحويل غزة إلى ساحة قتال ومن دون أن تأبه للقوانين والأعراف الدولية. ومع أن حماس تدرك ذلك إلا أنها اختارت الهجوم دون أن تأبه لعواقبه وجعلت سكان القطاع يواجهون مصيرهم المحتوم.
قد يكون تضامن أهل غزة مع حماس شعوراًيفرضه إحساس التعرض لعدوان وموقفا أخلاقيا يستدعي الوقوف مع المقاومة ضد الاحتلال، لكن وبعد أن تضع الحرب أوزارها سيجد الجميع أنفسهم مقبلين على تحمل فاتورة مواجهة زادت الطين بلة وأغرقت القطاع في متاعب اقتصادية جمة، وكما خرج العشرات من الغزيين أمام مقر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) في الشهر الماضي مطالبين الوكالة بالوفاء بالتزاماتها إزاء المتضررين من حرب 2014 سيضاف إلى القائمة متضررون جدد فقدوا كل شيء، وسيختفي الداعمون لحرب حماس من منصات التواصل الاجتماعي وينصرفون إلى التغريد والتعليق على حرب أوكرانيا وانقلابات أفريقيا وفضائح الفنانين ومباريات كرة القدم في أوروبا.
وكما طبل الإسرائيليون لجيشهم وحثه البعض على الثأر من حماس، سيعود الآلاف منهم إلى الشوارع لاستكمال ثورتهم ضد خطة إضعاف القضاء، وستعود المعارضة إلى الهجوم على نتانياهو وسيحصل المتضررون على تعويضات وعائلات الجنود القتلى على أوسمة وستنتظر عائلات الأسرى المدنيين صفقة تبادل تعيد لهم أبناءهم من غزة.
قد تنجح الأطراف الدولية بعد أيام في التوصل إلى هدنة إنسانية يليها وقف إطلاق نار لكن ذلك لا يعني إنهاء معاناة الغزيين ولا مخاوف الإسرائيليين الأمنية، سيكون ذلك بمثابة حقنة مخدرة يزول مفعولها مع بدء جولة جديدة من جولات الصراع والذي لن ينتهي بوجود نفس الأسباب والمسببات، ويبقى الخاسر الأكبر في كل ما يحدث هو الإنسان بغض النظر عن الانتماء، وكأن قدر الأبرياء هو تحمل مسؤولية الفشل الأممي والاكتواء بنيران صراع لا يجد حلا يرضي الطرفين.
تحديات ثقيلة في انتظار سكان غزة بدءاً من أعباء إعادة الإعمار الذي لم يكتمل، لتأتي هذه الحرب وتضيف إليه المزيد من الأعباء، وآمال كبيرة معلقة على دعم عربي قد ينسيهم مرارة مخلفات الحرب وقسوة العيش في وضع اقتصادي يزيده الإغلاق الإسرائيلي والحصار بؤسا على بؤس، يضاف إليه تضرر المزيد من البنية التحتية الهشة بالأساس، وانهيار المنظومة الصحية وعجزها عن تقديم الحد الأدنى من الخدمات الطبية. ولكن التحدي الأكبر يكمن في إخراج غزة من أتون الحروب المتواصلة التي لن تسمح لها أبدا بأن تكون بيئة قابلة للعيش في أمان وكرامة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: غزة وإسرائيل زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل فی إسرائیل
إقرأ أيضاً:
تفاصيل مثيرة في رضوخ إسرائيل للهدنة مع حزب الله.. تعثر المشروع
كشف محمد سعيد الرز، الكاتب والمحلل السياسي اللبناني، أن دولة الاحتلال منذ فترة تقول إنها لن تفاوض إلا تحت النار وهو نفس الرد الذي رد به حزب الله.
حزب الله يعرض مشاهد لاستهدافه قاعدة شراغا شمال إسرائيل حزب الله ينشر ملخصا لعملياته ضد العدوان الاسرائيلي الفترة الأخيرة شهدت طفرة في تبادل إطلاق النار والقصفوأضاف “سعيد” خلال لقائه مع الإعلامية رشا مجدي وعبيدة أمير، ببرنامج "صباح البلد"، المذاع على قناة صدى البلد، أن الفترة الأخيرة شهدت طفرة في تبادل إطلاق النار والقصف، وهذا أمر معتاد في الحروب مع اقتراب التوصل لاتفاق، حيث يفرغ كل طرف أرصدته.
وأكد محمد سعيد الرز، الكاتب والمحلل السياسي اللبناني، أن ما يثار الآن ليس إنهاء الحرب في لبنان وإنما هدنة 60 يوما على طريق إنهاء الحرب، ومن المتوقع حدوث اختراق الهدنة.
موافقة إسرائيل على الهدنةولفت إلى أن دلالة موافقة إسرائيل على الهدنة، هو تعثر المشروع الإستراتيجي للطرف المعتدي أو ربما فشله، يصبح من الأنسب للطرف المعتدي أن ينسحب.
وأضاف أن نتنياهو رئيس وزراء دولة الاحتلال أعلن في عشية الحرب على لبنان، أن هناك عدة مشاريع أولها إعادة 100 ألف مستوطن يهودي نزحوا من شمال فلسطين المحتلة.
وأكد أن المشروع الثاني لنتنياهو هو إبادة حزب الله وإنهاء وجوده العسكري، إلى جانب إبلاغه الولايات المتحدة برؤية إنجازات مبهرة في جنوب لبنان، وتبين خلال 3 أشهر أنه لا يمكن عودة النازحين تحت الضغط العسكري.