للمرة الأولى تظهر الحكومة اليمنية بموقف باهت من التطورات الجارية في فلسطين، بعد أن ظل لعقود موقفها المساند للقضية الفلسطينية واضحا وصارما، وهو موقف ينبع من اعتبارها قضية جوهرية، ويرفض الاعتراف بإسرائيل، والتطبيع معها، ويناصر الحق المشروع للفلسطينيين في الدفاع عن أرضهم.

 

لكن التطورات الجارية في فلسطين منذ السابع من أكتوبر الجاري، أبانت عن برود مريب في موقف الحكومة اليمنية، سواء الحكومة ذاتها، أو مجلس القيادة الرئاسي، أو الأحزاب المنضوية في إطاره، وحتى الكيانات التي يتشكل منها كالمجلس الانتقالي، وبدت جميعها متحدة للمرة الأولى في هذا الموقف، رغم الخلافات التي تعصف بها.

 

المواقف اليمنية

 

الموقف اليمني جاء هذه المرة فقط على لسان وزارة الخارجية في بيان مقتضب نشرته وكالة "سبأ" الحكومية" دعت فيه لحماية المدنيين في فلسطين، ووضع حداً لاستفزازات قوات الاحتلال الإسرائيلي، واعتداءاتها المتكررة على الشعب الفلسطيني ومقدساته، مجددة موقف الجمهورية اليمنية الثابت، في العمل على تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في الحياة الكريمة، وقيام دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وفقا ًلمبادرة السلام العربية والقرارات والتشريعات الدولية ذات الصلة.

 

كان هذا هو الموقف الوحيد الرسمي الصادر عن الحكومة اليمنية بكل مكوناتها، منذ اليوم الأول لانفجار الوضع في فلسطين، ولم يدل رئيس مجلس الوزراء، أو رئيس مجلس القيادة الرئاسي، او أعضاء المجلسين باي تصريحات أخرى.

 

غير أن هيئة رئاسة مجلس النواب تداركت فيما يبدو الأمر، وسارعت لإصدار بيان، كان هو الأقوى تعبيرا من حيث مضمونه، وجاء ذلك عقب الموقف الذي ظهر به برلمان صنعاء الخاضع لسيطرة الحوثيين، وتضمن البيان الذي نشرته وكالة "سبأ" الحكومية العديد من المطالب بما في ذلك انتقاده لممارسات إسرائيل، واعتبارها انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، وتتعارض مع قرارات الأمم المتحدة، والاخلاق الإنسانية، ودعا لوقف التصعيد، وانتقد التواطؤ الغربي الأمريكي، وصمت الشعوب العربية.

 

على ذات المنوال جاء موقف التحالف الوطني للأحزاب والقوى السياسية اليمنية، الذي يتشكل من أبرز الأحزاب ويشارك في الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي، والذي حمل ما وصفه بالكيان الصهيوني المسؤولية الكاملة تجاه ما يجري في أرض فلسطين المحتلة، داعياً المجتمع الدولي إلى التدخل لحماية الشعب الفلسطيني والقيام بمسؤولياته لإجبار قوى الاحتلال على الانصياع لقرارات الشرعية الدولية وإرادة السلام.

 

وثمة موقف رسمي آخر عن الوضع في فلسطين، ولكنه لم يجد طريقه للنشر في وكالة "سبأ" الحكومية، وهو موقف هيئة رئاسة مجلس الشورى، الذي نشره رئيس المجلس أحمد عبيد بن دغر في حسابه على منصة "إكس"، وتناقلته وسائل الإعلام الخاصة والمستقلة.


 

 

في البيان أدانت هيئة رئاسة مجلس الشورى ما وصفته بالأعمال العدوانية للعدو الصهيوني على قطاع غزة، معربة عن وقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني، في نضاله العادل لاستعادة أرضه المغتصبة، وحقه في دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وطالبت المجتمع الدولي بدعم المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني، وعدم السكوت على الأعمال والممارسات الإجرامية لحكومة الكيان الصهيوني.

 

الانتقالي صامت

 

بالنسبة للمجلس الانتقالي فقد فضل الصمت التام، وهو موقف ينسجم مع موقف دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تعد الداعم الرئيسي له، لكنه عاد بعد مضي خمسة أيام على الأحداث في فلسطين ليعرب عن أسفه لما يجري هناك، وذلك في فقرة مذيلة في نهاية خبر عابر، تطرق لأحد اجتماعات هيئة رئاسة المجلس.

 

غير أن هذا الموقف لم يكن انطلاقا من موقف واضح في الرؤية تجاه القضية الفلسطينية، بل جاء متسقا مع طريقة عمل المجلس الذي يدور في فلك الدول التي يراعيها كثيرا في مواقفه من القضايا المحلية والخارجية، ففي حين طالب بإقامة دولة فلسطينية مستقلة، استند في مطالبته تلك لما وصفه مبادرة السلام العربية التي أطلقها الملك السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز في القمة العربية ببيروت 2002م، والاتفاق الإبراهيمي الذي وقعته كل من دولة الإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين في سبتمبر من العام 2020، وفق ما نشره موقع المجلس.

 

هذا الموقف يشير إلى أي مدى يتحرك المجلس تبعا لموقف السعودية والإمارات، التي حرص على إرضاء الدولتين، في التذكير بمواقفهما السابقة، كما أنه لم يذكر حتى إسرائيل، بالتلميح أو التصريح.

 

دلالات هذا الوضع

 

يشير هذا الوضع من البرود في الموقف بالنسبة للحكومة اليمنية، والأطراف المتصلة بها، إلى مدى التأثر والتأثير الذي طرا عليها، جراء دورانها في إطار الموقف السعودي، الذي تقيم فيه القيادة اليمنية منذ سنوات، وهو موقف لا يصعد في وجه إسرائيل، ويفضل الابتعاد عن إدانتها، خاصة مع التوجه السعودي نحو التطبيع مع تل ابيب بدعم أمريكي واضح وصريح.

 

وبالتالي بدا واضحا انعكاس الموقف السعودي على موقف مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية، بما في ذلك التغطية الصحفية لوسائل الإعلام الحكومية الرسمية، كوكالة الأنباء الرسمية "سبأ" التي عزفت هي الأخرى عن تغطية أي أنشطة شعبية مساندة للقضية الفلسطينية.

 

وهذا الحال ينطبق أيضا على أداء الأحزاب السياسية اليمنية، التي لم يصدر عنها أي موقف حزبي، أو نظمت أي فعاليات جماهيرية، واكتفت ببيانها الموحد، رغم أن برامجها السياسية تعتبر القضية الفلسطينية على رأس القضايا العربية، وتفرد لها الصفحات.

 

أما بالنسبة للمجلس الانتقالي، فلم يكن الأمر مستغربا، فقد صرح رئيسه عيدروس الزبيدي من قبل بترحيبه في التطبيع مع إسرائيل، ولعل موقف المجلس الخجول والمتأخر من التطورات الأخيرة في فلسطين، يعكس رغبته في عدم الخروج عن مضمون التوجه الإماراتي، وعدم إزعاجه لإسرائيل في هكذا موقف.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: غزة فلسطين إسرائيل طوفان الأقصى اليمن مجلس القیادة الرئاسی الحکومة الیمنیة الشعب الفلسطینی هیئة رئاسة فی فلسطین وهو موقف

إقرأ أيضاً:

الحكومة اليمنية عبر بغداد اليوم: العدوان الأمريكي والبريطاني لن يبقى دون رد

بغداد اليوم- بغداد

توعدت الحكومة اليمنية في صنعاء، اليوم الجمعة (4 تشرين الأول 2024)، بشن ضربات كبيرة ردا على العدوان الأمريكي والبريطاني على المدن اليمنية.

وقال مستشار رئاسة الوزراء اليمنية حميد عبد القادر عنتر في حديث لـ"بغداد اليوم"، إن "الرد اليمني سيكون ساعقاً حيث ستكون الضربات موجهة للسفن الامريكية والبريطانية والإسرائيلية في البحر الأحمر والمحيط الهندي ولن تتوقف الضربات لحين إيقاف القصف والعمليات في غزة ولبنان".

وأضاف أن "العدو الإسرائيلي لن ينفع معه الى المواجهة وفرض الحصار على سفنه لإيقاف تماديه على دول محور المقاومة"، مبيناً أن "إسرائيل وامريكا وبريطانيا لطالما اعلنوا عن مشاريع يمكن تحقيقها باليمن لكن كل خططهم باءت بالفشل بعد الضربات العنيفة الموجهة من المقاومة اليهم".

وأوضح عنتر أن "خطاب السيد علي خامنئي ما هو الا دعم مستمر من الجمهورية الإسلامية الإيرانية الى فلسطين ولبنان لكبح الكيان الصهيوني الذي يقتل كل شيء دون رحمة".

وهزت انفجارات عنيفة، مساء اليوم الجمعة، العاصمة اليمنية صنعاء اثر عدوان امريكي جديد على البلاد، وتنفذ أمريكا وبريطانيا بين الحين والأخر ضربات جوية على اليمن لحماية إسرائيل.

وتضامنا مع غزة التي تواجه عدوانا إسرائيليا وحربا مدمرة منذ 7 أكتوبر تشرين الأول 2023، يستهدف الحوثيون بصواريخ ومسيرات سفن شحن إسرائيلية أو مرتبطة بها في البحر الأحمر وبحر العرب، كما قصفوا تل أبيب ومناطق إسرائيلية مختلفة.

مقالات مشابهة

  • تحليل عبري: جماعة الحوثي تستعد لسد الفراغ الذي خلفه حزب الله (ترجمة خاصة)
  • الحكومة اليمنية عبر بغداد اليوم: العدوان الأمريكي والبريطاني لن يبقى دون رد
  • خبراء رقميون يشيدون بقرار الحكومة اليمنية بمنع زواج اليمنيات من العمانيين وحماية الفتيات من الابتزاز
  • لأول مرة.. انتخاب مصر رئيسًا لمجلس إدارة منظمة العمل العربية
  • الحليمي: المغاربة إستحسنوا إستمارة الإحصاء التي قلصت من طول مدة الأسئلة
  • لأول مرة منذ 20 عامًا.. انتخاب مصر رئيسًا لمجلس إدارة منظمة العمل العربية
  • لأول مرة.. انتخاب مصر رئيسًا لمجلس منظمة العمل العربية
  • لأول مرة منذ 20 عاما.. انتخاب مصر رئيسا لمجلس إدارة منظمة العمل العربية
  • لأول مرة منذ 20 عاما.. انتخاب مصر رئيسا لمنظمة العمل العربية
  • بث مباشر.. بدء الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية لبحث التطورات في لبنان