الجديد برس:

تحفظت كل من سوريا والعراق والجزائر وليبيا وتونس، الخميس، على صيغة القرار الصادر عن اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، في دورته غير العادية، والمتعلق بالتصعيدات الحالية في قطاع غزة.

ودانت الجامعة العربية ما قالت عنه قتل المدنيين من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي واستهدافهم والتأكيد على ضرورة حمايتهم وأيضاً على ضرورة إطلاق سراح المدنيين وجميع الأسرى والمعتقلين.

وأكد وفد الجزائر، النأي بالنفس عن كل ما يساوي بين حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في تقرير مصيره، لإقامة دولته المستقلة، مع ممارسات الكيان الصهيوني التي تنتهك المواثيق وقرارات الشرعية الدولية.

كذلك، تحفظت سوريا عن أي صيغة يمكن أن يُفهم منها المساواة بين المحتل الإسرائيلي والشعب الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال، مع ترحيبها بما تضمنه من إدانة لما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عدوان وانتهاك لحقوقه، وتأكيد المطالبة بتنفيذ “إسرائيل” لالتزاماتها بصفتها الجهة القائمة بالاحتلال، وضرورة وقف جميع إجراءاتها الإجرامية غير الشرعية.

بدوره، تحفظ العراق على بعض الفقرات الواردة ضمن القرار المقدم، لتعارضها مع القوانين العراقية المرعية، ومنها مصطلح “حل الدولتين” أينما وجد في القرار، بالإضافة إلى عبارة “إدانة قتل المدنيين من الجانبين” الواردة في الفقرة الـ2 من القرار.

وطالب الوفد الليبي بحذف كلمة “من الجانبين”، وتعديل بقية الفقرة: “إطلاق سراح المدنيين وجميع الأسرى والمعتقلين” لتصبح “إطلاق سراح جميع الأسرى والمدنيين”، بالإضافة إلى تعديل الفقرة الثالثة لتصبح: “دعم الشعب الفلسطيني الشقيق في الدفاع عن نفسه لما يتعرض له حالياً من عدوان وانتهاكات لحقوقه”.

أما تونس، فقد كلف الرئيس التونسي، قيس سعيد، وزير الخارجية نبيل عمار، بتقديم تحفظ على نص القرار الصادر عن الاجتماع.

وقالت الرئاسة التونسية، في بيان، إن “تونس الثابتة على مواقفها والمتمسكة بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على كل أرض فلسطين وعاصمتها القدس، تتحفظ جملةً وتفصيلاً على القرار الصادر عن اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في دورته غير العادية بتاريخ 11 أكتوبر 2023”.

وأكدت الرئاسة أن “فلسطين ليست ملفاً أو قضية فيها مدّعٍ ومدّعى عليه، بل هي حق الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يسقط بالتقادم أو يسقطه الاحتلال الصهيوني بالقتل والتشريد وقطع أبسط مقومات الحياة من ماء ودواء، ومن غذاء وكهرباء، ومن استهداف للشيوخ وللنساء والأطفال الأبرياء وللبيوت وللمشافي وطواقم النجدة والإسعاف”.

ويأتي ذلك، بعدما دانت الجامعة العربية في البيان الختامي لاجتماعها، في مؤتمر صحافي في مقر الجامعة في القاهرة، الأربعاء، الحصار الإسرائيلي المطبق على قطاع غزة وقتل المدنيين “من الجانبين”.

وأكد الوزراء، “ضرورة السماح بشكل فوري بإدخال المساعدات الإنسانية والغذاء والوقود إلى قطاع غزة، بما في ذلك من خلال منظمات الأمم المتحدة”، كما طالبوا بـ”إلغاء قرارات إسرائيل الجائرة المتمثلة بوقف تزويد غزة بالكهرباء وقطع المياه عنها”.

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: الشعب الفلسطینی من الجانبین

إقرأ أيضاً:

اغتصاب الشعب الفلسطيني

نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية تقريرا هذا الأسبوع يفيد بأن جنودا إسرائيليين اعتدوا جنسيا على شقيقين فلسطينيين بعد خطفهما وتعذيبهما في شوارع الضفة الغربية خلال شهر كانون الثاني/ يناير الماضي. وهذه ليست حادثة استثنائية، إذ أصدرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وإسرائيل، تقريرا يوثق العنف الجنسي الممنهج الذي تمارسه إسرائيل ضد فلسطينيي غزة والضفة الغربية منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023. وأكد رئيس اللجنة أن التقرير المعنون "أكثر مما يحتمله أي إنسان" يقدم أدلة دامغة على تورط إسرائيل في هذه الجرائم، مشددا على أنه "لا مفر من الاستنتاج بأن إسرائيل استخدمت العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي ضد الفلسطينيين لإرهابهم وترسيخ نظام قمعي يقوض حقهم في تقرير المصير".

ومع ذلك، ورغم وفرة التقارير التي توثق حوادث الاغتصاب والاعتداءات الجنسية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين منذ عام 1948، لا تزال وسائل الإعلام الغربية تكرر، دون أدنى مستويات التحقق الصحفية فضلا عن الاستقصاء، مزاعم إسرائيلية عن وقوع عمليات اغتصاب ارتكبها فلسطينيون بحق إسرائيليين. في الواقع، وثقت تقارير حقوقيّة عديدة استخدام الجيش الإسرائيلي للتعذيب الجسدي والجنسي ضد الفلسطينيين بشكل ممنهج منذ عام 1967 على الأقل، فكيف يمكن لهذه الحقائق أن تتوافق مع السرديّة التي تروجها إسرائيل والغرب؟

 يمكن العثور على الإجابة في حقيقة أن العنصرية ضد الفلسطينيين متجذرة في إسرائيل وفي الغرب، وهي التي تغذي هذه الروايات استنادا إلى تصوّر راسخ في الوعي الغربي بأن الفلسطينيين، بخلاف الأوروبيين البيض، بمن فيهم اليهود الإسرائيليون، هم همجيون وبرابرة. ويبرز هذا الخطاب بوضوح عندما يتعلق الأمر بمزاعم "الفجور الجنسي" للرجال العرب المفترسين، وخاصة الفلسطينيين، وضرورة حماية النساء اليهوديات الإسرائيليات من "شهواتهم وعنفهم" المزعوم.

تسرّع وسائل الإعلام الغربية في تبني المزاعم الإسرائيلية غير المؤكدة وتقديمها على أنها حقائق يجب أن يُقارن بإهمالها التقارير الإسرائيلية والأممية المؤكدة والموثقة عن الاعتداءات الجنسية الإسرائيلية واغتصاب الفلسطينيين، والتي غالبا ما تُهمَّش أو يُقلَّل من شأنها، إن لم يتم تجاهلها تماما
لقد سارع المسؤولون الإسرائيليون، في أعقاب 7 تشرين الأول/أكتوبر إلى الترويج لعمليات اغتصاب جماعي ارتكبها فلسطينيون بحق نساء يهوديات، إلى جانب تلفيقات أخرى مفبركة عن قطع رؤوس أطفال يهود وشويهم في الأفران، وهي صور ادعى الرئيس جو بايدن أنه شاهدها، على الرغم من أن البيت الأبيض نفى ذلك لاحقا. ورغم عدم تقدم أي امرأة إسرائيلية حتى الآن بادعاء تعرضها للاغتصاب في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وعدم ظهور أي دليل مصوّر من مئات الساعات من لقطات الفيديو لعملية حماس يوثق أي حالة من حالات الاغتصاب المزعومة، أصدرت الأمم المتحدة تقريرا العام الماضي يزعم وقوع جرائم جنسية في ذلك اليوم، رغم إقرارها بعدم توفر أدلة مرئيّة أو طبية أو شهادات مباشرة تؤيد هذه المزاعم. وبينما نفت حركة حماس ارتكاب أي عمليات اغتصاب من هذا القبيل على يد مقاتليها، لم تقدم الحكومة الإسرائيلية، حتى اليوم، أي دليل ملموس يدعم مزاعمها.

لا يعني ذلك، بطبيعة الحال، نفي وقوع حالات اغتصاب في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، بل يشير إلى أن إسرائيل لم تقدم حتى اللحظة أدلة دامغة لإثبات مزاعمها، ومع ذلك، لم يتردد الخطاب الإعلامي والرسميّ في إسرائيل والعواصم الغربية في تبني هذه المزاعم كحقيقة لا تقبل الجدل، لدرجة أن أي محاولة لمساءلة الإسرائيليين بشأن هذه الادعاءات تجعل المرء متواطئا في إنكار وقوع هذه الفظائع المزعومة و/أو في تحيز جنسوي ضد النساء، وهذا بالرغم من عدم تقدم أي امرأة إسرائيلية حتى الآن بادعاء تعرضها للاغتصاب في ذلك اليوم.

إن تسرّع وسائل الإعلام الغربية في تبني المزاعم الإسرائيلية غير المؤكدة وتقديمها على أنها حقائق يجب أن يُقارن بإهمالها التقارير الإسرائيلية والأممية المؤكدة والموثقة عن الاعتداءات الجنسية الإسرائيلية واغتصاب الفلسطينيين، والتي غالبا ما تُهمَّش أو يُقلَّل من شأنها، إن لم يتم تجاهلها تماما.

تستمد مزاعم إسرائيل بوقوع عمليات اغتصاب جماعية للنساء الإسرائيليات في 7 تشرين الأول/ أكتوبر مصداقيتها من عقود من القلق بشأن التهديد المُفترض للذكورة الفلسطينية على النساء اليهوديات، وهو ما أثار في الواقع قلق العديد من الصهاينة منذ بداية الاستعمار الاستيطاني اليهودي. وفي سياق تحليلها لهذا القلق الصهيوني، وصفت الفيلسوفة اليهودية الألمانية حنة أرندت مظاهره بعد تأسيس إسرائيل عام 1948 على النحو التالي: "يبدو أن المواطنين الإسرائيليين، المتدينين وغير المتدينين، مُتفقون على استصواب وجود قانون يحظر الزواج المختلط [بين اليهود والفلسطينيين]، ولهذا السبب الرئيس.. فهم مُتفقون أيضا على عدم استصواب وجود دستور مكتوب يُلزم فيه بتوضيح مثل هذا القانون بشكل مُحرج"، مُعتمدين بدلا من ذلك على الشريعة اليهودية للحماية منه. وقد أشارت أرندت إلى المفارقة التي وجدتها في سياق محاكمة المجرم النازي أدولف أيخمان عام 1961 في إسرائيل، حيث "أدان الادعاء قوانين نورمبرغ [النازية] المشينة لعام 1935، التي حظرت الزواج المختلط والعلاقات الجنسية بين اليهود والألمان. كان المراسلون [الصحفيون] الأكثر اطلاعا على دراية بهذه المفارقة، لكنهم لم يذكروها في تقاريرهم".

تصاعدت حدّة المعارضة الصهيونية للاختلاط الجنسي العرقي بشكل ملحوظ بعد عام 1948، وبلغت مستويات متطرفة منذ سبعينيات القرن الماضي، مع صعود الحاخام المستوطن اليهودي الأمريكي مائير كاهانا، مؤسس رابطة الدفاع اليهودية، إلى الواجهة السياسية. كان كاهانا الأمريكي، الذي عمل مستشارا لمكتب التحقيقات الفيدرالي وأدين بالإرهاب، قد انتقل للاستقرار في إسرائيل عام 1971، وكان يشعر بهلع شديد من الاختلاط الجنسي والعرقي بين اليهود والفلسطينيين، مرددا صدى قوانين المجتمع الأمريكي العنصري الأبيض ضد الاختلاط العرقي الجنسي، خاصة بين النساء البيض والرجال السود، الأمر الذي أثار إعجابه بوضوح أثناء نشأته في الولايات المتحدة الأمريكية العنصرية. ومع ذلك، لا تقتصر هذه النزعة العنصرية في إسرائيل على محاكاة قوانين نورمبرغ النازية، التي قارنتها بها أرندت، بل تتماشى مع التوجه العام لمجتمعات المستعمرات-الاستيطانية الأوروبية التي حرصت على فرض الفصل العرقي وعدا الاختلاط الجنسي في معظم أنحاء العالم المستَعمر. وتجدر الإشارة إلى أن ولاية ألاباما الأميركية لم تلغ قانونها المناهض للاختلاط الجنسي بين الأعراق إلا في عام 2000، ليكون بذلك آخر قانون من نوعه في الولايات المتحدة.

لكن الرغبة الجنسية الجشعة التي يُقال إن الرجال الفلسطينيين يكنّونها للنساء اليهوديات كانت شديدة لدرجة أنه حتى عندما لم يغتصبوهن، يبدو أنهم اغتصبوهن بالفعل، كما حصل حين قضت محكمة إسرائيلية عام 2010 بإدانة رجل فلسطيني بتهمة "الاغتصاب عن طريق الخداع"، بزعم أنه تظاهر بأنه يهودي لممارسة الجنس بالتراضي مع امرأة يهودية. وعندما اكتشفت المرأة أن الرجل الذي جامعته ليس يهوديا، رفعت دعوى قضائية ضده، وأدانته محكمة إسرائيلية بالاغتصاب. وقد تزايدت عمليات ضرب وقتل الرجال الفلسطينيين على يد يهود في القدس ومناطق أخرى من إسرائيل خلال العقدين الماضيين بافتراض أنهم يواعدون أو يسعون لمواعدة نساء يهوديات، كما ازداد عدد المنظمات اليهودية الملتزمة بمنع الاختلاط الجنسي بين الأعراق وحماية النساء اليهوديات من إفساد الرجال الفلسطينيين.

هذا النمط من العنصرية ليس فريدا في السياق الإسرائيلي، بل يتطابق مع أنماط القمع الاستعماري الأخرى. وقد أشارت الناشطة الأمريكية السوداء الشهيرة أنجيلا ديفيس منذ عقود إلى أن أسطورة الرجل الأسود المغتصِب في السياق الأمريكي "تُستحضر بشكل منهجي كلما تطلبت موجات متكررة من العنف والإرهاب ضد المجتمع الأسود مبررات مقنعة". إن قيام إسرائيل بتقديم هذه المزاعم بالاغتصاب في خضم إبادة الشعب الفلسطيني في غزة يتناسب تماما مع النمط الذي وصفته ديفيس.

لكن ما يغفل ذكره عادة في الولايات المتحدة هو الاغتصاب المنهجي للنساء السود على يد رجال الشرطة البيض، الذي كان ممارسة شائعة رافقت أسطورة "المغتصِب الأسود" في الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين وما بعدها. وقد استمرت هذه الجرائم بحق السود بوصفها امتدادا للإرث الوحشيّ لاغتصاب الأسياد البيض للنساء السود المستعبدات؛ الأسياد البيض الذين لم تهتز مكانتهم الاجتماعية بعد انتهاء العبودية، رغم تاريخهم الحافل بجرائم الاغتصاب للنساء السود التي تواصلت بعد الحرب الأهلية على يد جماعة "كو كلوكس كلان" العنصرية.

في السياق الإسرائيلي، يُفصّل المؤرخ الإسرائيلي المناهض للفلسطينيين، بيني موريس، العديد من عمليات الاغتصاب التي ارتكبها الإسرائيليون بحق الفلسطينيين خلال حرب عام 1948 ومن الأمثلة على ذلك "اغتصاب أربعة جنود من الكتيبة الثانية والعشرين (كارميلي) لفتاة عربية وقتلهم والدها". وفي قرية صفصاف، "تم تقييد 52 رجلا بحبل وإلقاؤهم في بئر وإطلاق النار عليهم. فقُتل 10. وتوسلت النساء طلبا للرحمة. [وكانت هناك] 3 حالات اغتصاب.. فتاة تبلغ من العمر 14 عاما تعرضت للاغتصاب. وقُتل 4 آخرون". أما في بلدة الجش، "فقد قُتلت امرأة وطفلها". وفي دير ياسين، حيث قُتل "ما مجموعه حوالي 250" فلسطينيا، "معظمهم من غير المقاتلين؛ وكانت هناك أيضا حالات قطع الأعضاء واغتصاب".

تحول العنف الجنسي إلى أداة قمع تُستخدم ضد الفلسطينيين من كلا الجنسين. وآخر فضيحة تناولتها وسائل الإعلام نتيجة تسريب فيديوهات لها؛ كانت حالات الاغتصاب الجماعي للرهائن الفلسطينيين الذكور في الزنازين الإسرائيلية العام الماضي. ويوضح تقرير الأمم المتحدة الأخير أن الجرائم الجنسية التي ترتكبها إسرائيل ليست مجرد تجاوزات فردية، بل جزء من سياسة ممنهجة
على الرغم من هذا السجلّ المروع، الذي تفاقم بشكل كبير في العقود اللاحقة، فقد أدت العنصرية المتفشية في المجتمع والشعور بالتفوق الغربي على الفلسطينيين في إسرائيل إلى التأثير على الذاكرة الإسرائيلية لأحداث الحرب على النحو التالي، وفقا لموريس: "إن الذاكرة الجماعية للإسرائيليين عن المقاتلين [اليهود] الذين يتميزون بـ"نقاء السلاح".. تقوضها أدلة عمليات الاغتصاب التي ارتكبت في المدن والقرى المحتلة. وردت في الوثائق المعاصرة المتاحة حوالي اثنتي عشرة حالة -في يافا وعكا وغيرهما- ونظرا لتردد العرب في الإبلاغ عن مثل هذه الحوادث وصمت الجناة (المتوقع)، ورقابة جيش الدفاع الإسرائيلي على العديد من الوثائق، فمن المرجح أن العدد الحقيقي أعلى، وربما أعلى بكثير، من هذه الحالات. ويبدو أن العرب لم يرتكبوا سوى القليل من أعمال الاغتصاب. وفي المجمل، فإن حالات الاغتصاب في حرب عام 1948، نسبيا، تعد منخفضة جدا".

ويضيف اليميني موريس أنه "بعد الحرب، مال الإسرائيليون إلى الإشادة بـ"نقاء سلاح" رجال مليشياتهم وجنودهم، ومقارنتهم بالهمجية العربية، التي عبّرت أحيانا عن نفسها بتشويه جثث القتلى اليهود. وقد عزز ذلك الصورة الإيجابية للإسرائيليين عن أنفسهم وساعدهم على "ترويج" دولتهم الجديدة في الخارج؛ كما قاموا بشيطنة العدو. لكن في الحقيقة، ارتكب اليهود فظائع أكثر بكثير من العرب، وقتلوا عددا أكبر بكثير من المدنيين وأسرى الحرب في أعمال وحشية متعمدة خلال عام 1948".

ليست روايات موريس عن الاغتصاب خلال حرب عام 1948 استثنائية، بل استمرت لتصبح ممارسة شائعة لدى الجنود الإسرائيليين عند مواجهتهم للاجئين الفلسطينيين الذين حاولوا العودة إلى ديارهم داخل إسرائيل بين عامي 1948 و1955. على سبيل المثال، في آب/ أغسطس 1949، اعتقل الجنود الإسرائيليون لاجئا فلسطينيا وزوجته وقتلوه، ثم تناوب 22 جنديا على اغتصاب زوجته قبل قتلها. وفي آذار/ مارس 1950، اختطف الجنود الإسرائيليون فتاتين فلسطينيتين وصبيا من غزة، قتلوا الصبي ثم اغتصبوا الفتاتين قبل إعدامهما. وفي آب/ أغسطس 1950، اغتصب أربعة من رجال الشرطة الإسرائيليين امرأة فلسطينية بينما كانت تقطف الفاكهة من بستان عائلتها عبر حدود الضفة الغربية.

أصبحت هذه الممارسات أكثر منهجية بعد احتلال عام 1967، حيث تحول العنف الجنسي إلى أداة قمع تُستخدم ضد الفلسطينيين من كلا الجنسين. وآخر فضيحة تناولتها وسائل الإعلام نتيجة تسريب فيديوهات لها؛ كانت حالات الاغتصاب الجماعي للرهائن الفلسطينيين الذكور في الزنازين الإسرائيلية العام الماضي. ويوضح تقرير الأمم المتحدة الأخير أن الجرائم الجنسية التي ترتكبها إسرائيل ليست مجرد تجاوزات فردية، بل جزء من سياسة ممنهجة تهدف ليس فقط إلى إذلال الفلسطينيين وإلحاق الأذى بهم، وإنما إلى "الهيمنة عليهم، وقمعهم، وتدميرهم جزئيا أو كليا". ومع ذلك، فإن عنصرية المجتمع الإسرائيلي وإيمانه العميق بتفوقه، إلى جانب الدعم الغربي غير المشروط، لا يزال يحصّن إسرائيل من المساءلة، ويعزلها عن مواجهة هذه الحقائق الموثقة.

مقالات مشابهة

  • “المنتدى الفلسطيني” في بريطانيا يكفل 40 عائلة في غزة
  • “فتح الانتفاضة”: العدوان الأمريكي لن يثني الشعب اليمني عن مواصلة وقوفه مع فلسطين
  • “الشؤون الإسلامية” تقيم مأدبة إفطار في كلية اللغة العربية للبنات بسريلانكا
  • اغتصاب الشعب الفلسطيني
  • حزب الله: استهداف المدنيين يكشف الوجه القبيح لأمريكا
  • تعليق مثير من رانيا يوسف حول “نص الشعب اسمه محمد”
  • الأحزاب المناهضة للعدوان تُدين العدوان الأمريكي على المدنيين باليمن
  • “فتح الانتفاضة”: مجزرة بيت لاهيا يمثل إمعانًا في حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني
  • برعاية رئيس الدولة.. المهرجان الختامي السنوي لسباقات الهجن العربية الأصيلة “فئة الحقايق” ينطلق اليوم
  • نيويورك.. ناشطون يقتحمون “برج ترامب” احتجاجا على اعتقال الطالب الفلسطيني محمود خليل / شاهد