بنكيران: المقاومة أحيت أمل الأمة وهذه رسالتي للإسرائيليين
تاريخ النشر: 13th, October 2023 GMT
أكد رئيس الحكومة المغربية الأسبق رئيس حزب العدالة والتنمية المغربي عهبد الإله بنكيران، أن ما قامت به حركة "حماس" يوم 7 من تشرين أول (أكتوبر) الجاري يمثل إحياء للأمة وبعثا للأمل، وهو نتيجة طبيعية لسياسات إسرائيل المتعنتة والمتطرفة على مدى سنوات طويلة.
وأشاد بنكيران في كلمة له اليوم الخميس أذاعها على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بآداء المقاومة الفلسطينية، واعتبر أنها تمثل ردا طبيعيا على جرائم الاحتلال.
وقال: "الأحداث التي نعيشها خصوصا منذ الهجوم الشجاع والجريء والبطولي الذي يكاد يكون أسطوريا الذي وقع من قبل إخواننا من مجاهدي حركة "حماس" وحركات المقاومة الأخرى، على إسرائيل بجوار غزة يوم السبت 7 أكتوبر.. حدث كبير بجميع المعاني، وأولها أنه حدث أرجع لنا الشعور بأن محاربة الغاشم المعتدي دولة إسرائيل ليست شيئا مستحيلا، وأن رد عدوانها والوقوف في وجهها لا يمكن أن تحبط عزائم أمتنا فيها باعتبارها تملك جيشا لا يقهر.. فقد أثبتت هذه المقاومة العظيمة أن هذا الجيش يُقهر، وأن هذا الجيش يُغلب، وأن هذا الجيش ككل الجيوش تجري عليه كل أقدار الله حين يوجد في مقابله رجال مؤمنون وصادقون، رجال لا يخافون الموت، بل منهم وأكثرهم يرجونها شهادة في سبيل الله سبحانه وتعالى، ويعتزون بها لأنها خير خاتمة يمكن أن يختم بها الإنسان المؤمن عمره مهما كان هذا العمر صغيرا أو كبيرا."
وأشار بنكيران إلى أن من يتحمل المسؤولية الأولى على انزلاق الأمور إلى هذا الوضع هو الاحتلال، وقال: "هذا الهجوم في نفس الوقت يرجع الأمل لشعب عربي مسلم ومسيحي في نفس الوقت اعتدي على أرضه منذ 75 سنة من خلال جماعات إرهابية، في إطار تاريخ مجمع عليه تم قتل أطفاله ولرجاله ونسائه وتم تهجيرهم، ووضعت لهم مخيمات في سوريا وفي لبنان والأردن، وتم التطويح بهم في باقي دول العالم كل هذا في إطار طواطؤ غربي وعالمي ومنذ ذلك الوقت وهذا الشعب العربي المسلم والمسيحي في نفس الوقت يعاني الأمرين.. بطبيعة الحال كانت هناك دائما محاولات للرد، ولكن كانت دائما في حدود معينة، ولما قبل هذا الشعب أن يجلس إلى حكام إسرائيل وأن يتفاوض معهم وأن يقبل الشروط المجحفة التي هي إلى حد الآن مازلنا نتساءل كيف قبلت القيادة الفلسطينية هذه الشروط؟".
وذكر بنكيران أن إسرائيل أضاعت فرصة ذهبية للسلام بعد توقيع اتفاق أوسلو، وقال: "أريد أن أقول لكم أنه في اليوم الذي وقّع عرفات مع رابين اتفاق أوسلو بكيت كالنساء، ومازلت أذكر ذلك اليوم وأن المغربي الموجود على بعد آلاف الأميال من فلسطين، بكيت من الشعور بالحقرة كما نقول نحن المغاربة لما وصلنا إليه، ومع ذلك مرت على ذلك الاتفاق ثلاثون سنة ولم توفّ إسرائيل بأي من عهودها".
وأضاف: "فلا هي سمحت بدولة مستقلة على حدودها، ولا هي سمحت للفلسطينيين بأن يصبحوا مواطنين عاديين في هذه الدولة واختاروا لها من التسميات ما يريدون، ولم ير شعبنا الفلسطيني من هذه الاتفاقيات إلا القتل والإهانة والاعتداء على النساء والرجال، ولم ير إلا كل هذه الأشياء التي أصبحت خبزنا اليومي في الإعلام، حتى أصبحنا نعاف النظر إلى الأخبار حين نرى رجالنا ونساءنا يهانون ويقتلون بدم بارد، خصوصا مع هذه الحكومة الأخيرة لهذا المجرم الموصوف نتنياهو، الذي تجرأ على المسجد الأقصى بما لم يتجرأ عليه قبله أحد، وأصبحنا نرى أن مسجدنا سيُأخذ، وأنه سيأتي وقت نمنع فيه من الدخول إلى المسجد الأقصى، وبطبيعة الحال لا نقبل لهم أن يستأثروا به وأن يمنوعونا منه، وضاع تسيير الأردن للمسجد الأقصى، وضاع كل شيء، وصور المسلمين وما يعانونه حين يريدون الدخول إلى المسجد الأقصى"..
وتابع: "لقد انسدت الأفق السياسية، ووصلنا إلى درجة أن القيادة الفلسطينية تسلم أبناءنا وإخواننا إلى الصهاينة، ومع ذلك لم يقنعوا فضلا عن الاعتداءات المستمرة على قطاع غزة وقتلوا الآلاف منهم، والعالم يغض الطرف ولا يلقي إلا بعض البيانات التي لا تثني العدو عن فعله، إلى أن جاءت هذه المقاومة الإسلامية، واستطاعت بعد محاولات أن ترد الصاع صاعين، وفي هذه المرة بعد هذا الانسداد وبعد هذا القتل وخصوصا مع هذا المجرم الكبير المسؤول الأول بعد نتنياهو عما وقع المسمى ابن غفير فإن حماس لم تجد أمامها إلا أن تدبر عملية ترد بها الصاع صاعين.. والعجيب والغريب ومازلنا تحت صدمة المفاجأة أنها استطاعت أن تفعل ذلك، واستطاعت أن تزيل الجدار وتقتحم الحدود وأن تدخل على الصهاينة في مخابئهم وتقتل من تقتل وتأسر من تأسر، وتحقق هذا الانتصار العظيم الذي وقع في تلك الليلة المباركة".
وأكد أن "الذي وقع يوم السابع من أكتوبر، حتى وإن شابته أشياء، فإنه بالنسبة للأمة هو إحياء وهو أمل وهو تجديد للروح وللإيمان، وهو دليل على أن المستقبل لن يكون في جميع الأحوال مثل الماضي، وأن إسرائيل لن تتمكن بعد اليوم بأن تقول بأنها جيش لا يقهر".
وتوجه بنكيران في كلمة بعدة رسائل أولها للأمة الإسلامية، وقال: "نريد أن نقول للأمة إن فلسطين ليست أرضا أجنبية، بالنسبة إلينا فلسطين جزء من أرض الإسلام، والإسلام لم يميز بين فلسطين وبين المغرب وبين الجزائر، بالنسبة بالأمة الإسلامية أرض الإسلام كلها واحدة، ولو كنا طبقنا مبادئ شرع الله، فكان مفروض علينا أنه منذ أول يوم دخل إرهابي صهيوني إلى فلسطين أن نهب جميعا لنصرتها حتى أنه يجوز للمرأة أن تخرج لنصرة المجاهدين دون إذن زوجها.. ولكننا لم نفعل، وقسموننا إلى دول وحدود ووضعوا بيننا تأشيرات، في هذه الحالة مطالبون بأن نساند إخواننا بما نستطيع.. وأقل شيء هو الدعاء والمساندة المالية جهد المستطاع".
والثانية للسلطة الفلسطينية: "نريد لإخواننا في السلطة إن اتفاقياتكم مع العدو انتهت ولا يمكن أن تستمر في الوقت الذي يبيدون فيه إخوانكم ولا يرحمون أقوياء بمساندة الغرب لهم، فأنتم لكم أمة ستساندكم إذا رأت أنكم وقفتم المواقف الصحيحة، فما اقترفتموه من أخطاء مؤلمة يمكن محوها اليوم بوقوفكم إلى جانب إخوانكم".
وأضاف: "ندعو المقاومة الفلسطينية أن تتوحد اليوم إن كل ما وقع هو جاد تحت قدر الله، ونحن مؤمنون بقدر الله، وأن النصر من عند الله".
والرسالة الثالثة لأنصار إسرائيل من المغاربة: "لقد وجد من بيننا في هذا البلاد من خرج يقول من شدة مناصرته لأعدائه الإسرائيليين على إخوانه أننا جميعا إسرائيليون، نحن نقلول له خسئت، وخسئ مسعاك وخبت، ونقول له إنك وحدك في هذا المسار وإننا جميعا فلسطينيون ومع الفلسطينيين، وإن كان الثمن الذي يؤدونه كان يجب أن نؤديه معهم".
والرسالة الرابعة للغرب، وقال: "أريد أن أقول للغرب إنكم لستم عادلين، وما دمتم لستم عادلين فأنتم لا تستحقون قيادة البشرية، فنحن نرى أنكم تكيلون بمكيالين، حين يقع خطأ من واحد منا فإنكم تجعلونه بداية الإرهاب ونهايته، أما إذا أجرم العدو الصهيوني فإنكم بالكاد تشيرون إلى ذلك إشارات فقط.. أقول لكم إنكم لم تعودوا تستحقون أن تسودوا العالم.. وأنكم إذا استمريتم على هذا الطرلايق سيأفل نجمكم حتى لو كانت لديكم القوة العسكرية".
واختتم بنكيران كلمته بتوجيه رسالة إلى إسرائيل، وقال: "أريد أن أقول للإسرائيليين عوض أن تحاولوا أن تجدوا صيغة حقيقية مع أبناء البلد الأصليين لكي يعيش الجميع في سلام، وهذا كان ممكنا مع عرفات رحمه، فإنكم اغتررتم بقوتكم وبدعم الآخرين لكم.. لا تغتروا بالتطبيع الذي تعقدون مع بعض الدول.. الشعوب تكرهم وتحقد عليكم وتريد أن تقاتلكم، يحول بينها وبينكم الحدود والسدود والأنظمة".
وأضاف: "كان أولى شيء أن تتفاهموا مع الذين بجواركم، ولكنكم ضيعتم الفرصة، ولست أدري إن كان بينكم عاقل يسمع هذا الكلام لكي لا يضيع فرصة أخرى إن كانت الظروف تسمح بها في المستقبل، وإلا فإنه حتى وما فعلتم في غزة، حتى وإن قتلتم الإنسان وحطمتم البنيان.. فإن هذا شعب عربي مسلم قوامه 400 مليون شخص وإن هذه أمة مسلم قوامها مليار ونصف من الناس، فمهما فعلتم ستعود المقاومة وستؤدون الثمن".
وتابع: "أنا أقول هذا لكم كإنسان لا أسعد بقتل طفل مسلم أو إسرائيلي.. عسى أن يجد كلامي من يسمعه ومن ينتبه إلى معانيه ومقاصده"، وفق تعبيره.
وفجر السبت، أطلقت حركة "حماس" وفصائل فلسطينية أخرى في غزة عملية "طوفان الأقصى"، ردا على "اعتداءات القوات والمستوطنين الإسرائيليين المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته، ولا سيما المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة".
في المقابل، أطلق الجيش الإسرائيلي عملية "السيوف الحديدية"، ويواصل شن غارات مكثفة على مناطق عديدة في قطاع غزة الذي يسكنه أكثر من مليوني فلسطيني يعانون من أوضاع معيشية متدهورة، جراء حصار إسرائيلي متواصل منذ 2006.
ومنذ السبت، تواصل المقاتلات الإسرائيلية شن غاراتها على مناطق متفرقة من القطاع، أسفرت عن دمار هائل بالمناطق السكنية وخسائر كبيرة بالأرواح ونزوح مئات آلاف السكان.
إقرأ أيضا: مسيرة شعبية في المغرب دعما لـ"طوفان الأقصى" ومطالب بطرد ممثل الاحتلال
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الفلسطينية الاحتلال غزة احتلال فلسطين غزة عدوان موقف سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المسجد الأقصى
إقرأ أيضاً:
حين يقابَــلُ الحصارُ بالحصار والقصفُ بالقصف
علي راوع
يدخل اليمنيون رمضان هذا العام وهم يحملون في قلوبهم جراح الأُمَّــة، جراح غزة التي تستمر في النزف تحت وطأة العدوان الصهيوني الغاشم. فالمشاهد القادمة من هناك ليست مُجَـرّد أخبار عابرة، بل هي صرخات ألم واستغاثات شعب يواجه الإبادة الجماعية، في ظل حصار خانق يهدف إلى تركهم بين الموت جوعًا أَو القتل بالقصف الوحشي.
وفي ظل هذه الظروف، لا يمكن للشعب اليمني وقائده السيد عبدالملك الحوثي أن يقفوا موقف المتفرج، فالصمت في مثل هذه الأوقات خذلان، والخذلان خيانة للأخوة والدين والمبادئ. لقد أصبح واضحًا أن الكيان الصهيوني لا يفهم إلا لغة القوة، وأن المعادلة يجب أن تتغير، فكما يحاصرون غزة، يجب أن يحاصروا، وكما يقصفون المدنيين العزل، يجب أن يشعروا بلهيب الردع.
رمضان لم يكن يومًا شهر الخمول أَو الاستسلام، بل هو شهر الجهاد والانتصارات الكبرى في تاريخ الأُمَّــة. من بدر إلى حطين، ومن عين جالوت إلى انتصارات المقاومة في العصر الحديث، كان هذا الشهر محطة فاصلة في مسيرة التحرّر من الطغيان والاستعمار. واليوم، يواصل اليمن مسيرته في خط المواجهة، حَيثُ تقف قواته البحرية والقوة الصاروخية والطيران المسيّر كسدٍ منيع أمام أطماع العدوّ، معلنين أن استهداف السفن الإسرائيلية وشركاتها في البحر الأحمر لن يتوقف حتى ينتهي العدوان على غزة.
لم يعد اليمن بعيدًا عن المعركة، بل أصبح قلبها النابض، فرسالته للعالم واضحة: لا يمكن أن يصوم اليمنيون عن نصرة غزة، ولا يمكن أن تظل الموانئ الصهيونية آمنة بينما يموت أطفال فلسطين تحت الركام. فكما استهدفت ضربات صنعاء الاقتصادية العمق الإسرائيلي، فَــإنَّها كشفت هشاشة العدوّ وأربكت حساباته، وجعلته يدرك أن كلفة الاستمرار في العدوان باتت أعلى من قدرته على التحمل.
لقد بات واضحًا أن الحصار الذي يفرضه العدوّ على غزة لن يمر دون رد، وأن القصف الذي يطال الأبرياء لن يبقى دون عقاب. فاليمن، الذي عرف الحصار والمعاناة طيلة السنوات الماضية، يعلم جيِّدًا ما يعنيه الجوع والحرمان، لكنه أَيْـضًا تعلم كيف يحول المعاناة إلى قوة، وكيف يجعل من الحصار وسيلة لتركيع العدوّ بدلًا عن أن يكون أدَاة لخنقه.
إن الرسالة التي يبعث بها اليمن اليوم، ليست مُجَـرّد شعارات، بل هي خطوات عملية بدأت بالفعل، وما زالت تتصاعد. فإغلاق البحر الأحمر أمام السفن الإسرائيلية والشركات الداعمة لها لم يكن سوى البداية، والقادم سيكون أشد تأثيرا إن استمر العدوان. إن ما يحدث اليوم ليس مُجَـرّد تضامن، بل هو شراكة حقيقية في معركة المصير، حَيثُ تقف صنعاء وغزة في خندق واحد، وتواجهان نفس العدوّ الذي يسعى إلى كسر إرادَة الشعوب وإخضاعها لمخطّطاته الاستعمارية.
لم يكن رمضان يومًا شهرَ الاستسلام، بل هو شهر العزة والصمود، واليوم يُكتب تاريخ جديد بمداد المقاومة. ففي الوقت الذي يسعى فيه العدوّ لتركيع غزة وإبادتها، يقف اليمن ومعه محور المقاومة ليقول: لن تكونوا وحدكم، ولن يكون رمضان شهر الخضوع بل شهر النصر.
اليوم، يثبت اليمن من جديد أن قضية فلسطين ليست مُجَـرّد شعار، بل هي التزام ديني وأخلاقي، وأنه مهما بلغت التضحيات، فَــإنَّ القضية لن تُنسى، ولن يُترك أهل غزة يواجهون الموت وحدهم. فكما عاهد السيد عبدالملك الحوثي الشعب الفلسطيني على المضي في دعم المقاومة، فَــإنَّ هذا العهد يُترجم إلى أفعال، وإلى عمليات ميدانية تعيد للعدو حساباته، وتجعل من البحر الأحمر مقبرة لمشاريعه الاقتصادية والعسكرية.
إنها معادلة جديدة تُرسم بدماء الشهداء، وبإرادَة لا تلين، لتؤكّـد أن الأُمَّــة التي تصوم عن الطعام، لا تصوم عن الكرامة، وأن رمضان لن يكون شهر الركوع، بل سيكون شهر الردع والانتصار.