تداعيات “طوفان الأقصى” على الوعي الإسرائيلي
تاريخ النشر: 13th, October 2023 GMT
يمانيون – متابعات
عبر المجاهدون الفلسطينيون الجدار الفاصل بين غزة وغلافها، براً، وبحراً، وجواً، فلا رادارات الاحتلال رصدت طائراتهم الشراعية والمسيرة، ولا خفر سواحله ألقى القبض عليهم، ولا حراس حدوده منعوهم من التسلل. عبروا، ثم انتشروا، ثم ربضوا، ثم كمنوا، ثم أسروا، ثم غنِموا، وها هم حتى اللحظة يرابطون في ثلاث مستوطنات، ولم تنجح كل آلة القتل الهمجية في الإجهاز عليهم أو إجبارهم على الانسحاب.
يوم من أيام الله، بهذه العبارة يمكن أن نختصر ما جرى صبيحة السابع من تشرين الأول لعام ٢٠٢٣. قوات برية وبحرية ومظلية اجتاحت جدار الفصل العنصري في مستوطنات غلاف غزة، فكان طوفان الأقصى وكانت ملحمة الفداء.
١٠٠٠ قتيل وأكثر من ثلاثة آلاف مصاب بحسب الإعلام العبري سقطوا خلال ملحمة طوفان الأقصى، والعدد ما زال في ازدياد. أعداد غير محددة من الأسرى، لم يسبق لإسرائيل أن عاينت مثلها منذ ٧٥ سنة. فما أهم تداعيات معركة طوفان الأقصى على المدَيَيْن القريب والبعيد؟ وما مصير المعركة التي لا تزال دائرة حتى الساعة؟ وماذا بوسع حكومة نتنياهو أن تفعل للملمة تداعياتها؟ وهل يمكن أن تتطور الأمور إلى معركة كبرى في المنطقة؟
لمعركة طوفان الأقصى تداعيات عديدة على الوعيَيْن الجماعييْن العربي والإسرائيلي، ستظهر تباعاً بعد أن تتضح تفاصيل ما جرى، نذكر منها الآن على سبيل المثال لا الحصر:
أ_ لم تعد فلسطين المحتلة ملاذاً آمناً لليهود، ولم تعد أرضهم الموعودة كما كانوا يحلمون. بات الخطر يحيط بصهاينة الداخل من كل جانب بعدما نجح مجاهدو القسام في الحفر عميقاً في وعي ولا وعي قادة الاحتلال. هذا أول درس تلقاه العدو الإسرائيلي، وهذا أول تداعيات ما جرى صبيحة السابع من تشرين الأول ٢٠٢٣.
ب_ سقط وهم “إسرائيل” الكبرى التي يحدها نهر الفرات من الشمال ونهر النيل من الجنوب منذ العام ٢٠٠٠، بعد تحرير جنوب لبنان مباشرة، واليوم سقط معه وهم “إسرائيل” الصغرى، فلا أراضي الـ ٤٨ عادت صالحة للسُّكنى، ولا أراضي الـ ٦٧، ولا أي بقعة من بقاع فلسطين المحتلة.
ج_ ها هي نبوءات العهد القديم تتساقط واحدة تلو الأخرى، فلا مملكة يهوذا والسامرة صالحة للبقاء، ولا نبوءة ظهور مخلص اليهود آيلة للتحقق.
د_ بعد عمليات حزب الله الأخيرة في جنوب لبنان، والتي اعتبرها العديد من المراقبين بمثابة عمليات ردع، وبعد خطاب سماحة السيد عبد الملك الحوثي الأخير الذي أعلن فيه عن استعداد أنصار الله لقصف الأراضي المحتلة في حال تعرضت غزة لاجتياح بري، وبعد بيانات فصائل المقاومة العراقية، نجح محور المقاومة حتى الآن في مساندة غزّة كما يجب.
هـ_ لم يعد الجيش الإسرائيلي ذلك الجيش الذي لا يقهر، فقد قهره عدد يسير من المجاهدين الأشداء.
و_ انقلبت الصورة، فما عاد العربي يمشي القرفصاء، وبندقية الجندي الإسرائيلي مسددة إلى رأسه، بل العكس بات صحيحاً، فقد شاهدنا لأول مرة الجندي الإسرائيلي وهو يسير القرفصاء أسيراً، وبندقية المقاوم العربي موجهة إلى رأسه.
ز_ تبين عدم صوابية النظرية التي تقول إن الإنسان العربي يخفق في كل شيء حتى في الدفاع عن نفسه والحفاظ على مكتسباته، واسترداد حقوقه، وأنه متواضع الذكاء حدَّ الغباء، فقد أثبتت معركة طوفان الأقصى، أن العربي إذا سنحت له الفرصة وتوفرت له شروط النصر، قادر على اجتراح المعجزات.
ك_ انتهت صلاحية الدعاية الغربية التي كانت تروج لفكرة تفوق العنصر الأبيض. إذ لم يعد لكل مضامين تلك الدعاية قيمة. فقد أثبت العرب مجدداً أنهم جديرون بالحياة، وبالتنافس على ريادة المنطقة والعالم.
ل_ سقطت النظرية التي دأب على الترويج لها بعض المستشرقين ومن شايعهم من مرجفي العرب، والتي تقول إن الإسلام سبب تخلف الشعوب العربية والمسلمة، فقد برهنت حركة المقاومة الإسلامية حماس أن أُفْهُومَ الإسلام السياسي الذي تتبناه جدير بالاقتداء.
م_ أعادت عملية طوفان الأقصى كي الوعي العربي والإسرائيلي على حد سواء. فقد رسخت في أذهان الناشئة العرب فكرة المقاومة ونجاعة خيارها، ومحت من ذاكرتهم كل مشاهد الخزي والعار التي تكرست فيها على مدى السنوات الماضية. فيما وطَّأت للخوف طريقه إلى قلوب وعقول جيل الشباب الإسرائيلي، فحطمت شيئاً من غروره الزائف، والذي سعى جيل المؤسسين (مائير، بن غوريون..) جاهداً لترسيخه في أذهان أبناء ذلك الجيل.
ن_ أيقظت في الشعوب العربية جذوة المقاومة، وأعادت لهم الأمل بغدٍ أفضل.
ح_ أثارت حفيظة كل دول الاستكبار، فبات قادة تلك الدول يتحسسون مقاعدهم. اليوم فلسطين تُنتَزَع من أيدي الأنغلوساكسون وشتات اليهود، وغداً أفريقيا تُنتزع من أيدي الفرنسيين وأدواتهم.
ط_ أصابت مشروع التطبيع، وخرافة الدين الإبراهيمي في مقتل. فبعد أن وضع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وساعده الأيمن ابن زايد كل رهاناتهما على التطبيع، ها هي عملية طوفان الأقصى تضرب بكل تلك الرهانات عرض الحائط، وتعيد خلط الأوراق بشكل غير مسبوق.
ي_ أحرجت حكومة نتنياهو وبن غفير اليمينية المتطرفة، فلا هي قادرة على رد الصاع صاعين، ولا هي قادرة على تجاهل خسائرها الفادحة، كأن شيئاً لم يكن.
إن حكومة نتنياهو حالياً، في موقف لا تحسد عليه، فهي أمام خيارين، أحلاهما مر: إما أن تمضي قدماً في عملية برية واسعة فتجر المنطقة إلى حرب شاملة لا قِبل لها بتحمل تبعاتها، وإما أن تعض على جراحها، فتكتفي بإنزال جام غضبها على النساء والأطفال والمدنيين الأبرياء بواسطة طائراتها الحربية.
العهد الاخباري / د. علي زعيتر
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: طوفان الأقصى
إقرأ أيضاً:
ضباط إسرائيليون سابقون: الوحدة 8200 تشهد أسوأ أزمة في تاريخها بعد الفشل في إحباط “طوفان الأقصى”
سرايا - نقل موقع “أكسيوس” الأميركي عن ضباط استخبارات إسرائيليين سابقين أن الوحدة 8200 في الجيش الإسرائيلي تشهد “أسوأ أزمة في تاريخها بعد فشل أكتوبر”، في إشارة إلى هجوم طوفان الأقصى الذي شنته المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.
وبحسب 3 ضباط كبار سابقين في الوحدة، فإن الوحدة تحتاج إلى العمل الاستخباراتي الأساسي الذي لا يعرف الكثير من العاملين فيها اليوم كيفية القيام به، وبدون ذلك فإن الفشل سوف يكرر نفسه.
وأضاف هؤلاء بأن تعيين أوري ستاف قائدا للوحدة 8200 هو “إحياء لذكرى الفشل الذي أدى إلى تخلف 7 أكتوبر”، مؤكدا أنها خطوة غير كافية لإصلاحها وترميمها.
وقال أحد كبار المسؤولين السابقين، إن القائد الجديد للوحدة أوري ستاف فشل في التأثير على قائد الوحدة السابق يوسي شارييل، “ولم يوقف الغباء الذي أدى إلى الكارثة”.
وذكر الموقع أن الضباط السابقين الثلاثة اتفقوا على أنه رغم أن ستاف تدرج في المناصب التقنية داخل الوحدة، إلا أنه ليس رجل استخبارات، وهو ما تحتاجه الوحدة في الوقت الحالي، مشيرين في الوقت نفسه إلى أنه ظل نائبا لرئيس الوحدة السابق على مدى 3 سنوات، ومن ثم فهو مشارك في اتخاذ القرار والإخفاقات التي أدت إلى الفشل.
وقال المسؤولون الثلاثة السابقون إنه من أجل التغلب على الفجوة في مجال الاستخبارات، سيكون من الضروري تعيين نائب قائد يأتي من مجال الاستخبارات، خصوصا أن هناك حاجة لإعادة بناء الوحدة من الصفر تقريبا.
ويعتقد المسؤولون السابقون أنه سيكون من الضروري تشكيل فريق استشاري من جنود الاحتياط ذوي الخبرة في مجال الاستخبارات الذين سيعملون بشكل وثيق مع قائد الوحدة ونائبه وقائد مركز المخابرات في عملية إعادة التأهيل.
وفي 12 سبتمبر/أيلول الماضي، أبلغ يوسي شاريئيل رئيس الأركان هرتسي هاليفي، استقالته من منصبه بعد مسؤوليته عن الإخفاقات الاستخباراتية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي وما قبلها.
وتداولت منصات عبرية خطابا منسوبا لقائد الوحدة 8200، يؤكد فيه استقالته قائلا: “في 7 أكتوبر فشلت في مهمتي.. اليوم بعد الانتهاء من التحقيقات الأولية، أود أن أمارس مسؤوليتي الشخصية وأسلم القيادة إلى من بعدي”.
وتُعد الوحدة 8200 كبرى الوحدات في مديرية الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، وتأخذ على عاتقها مهمة جمع المعلومات الرئيسة، إضافة إلى تطوير أدوات جمع المعلومات وتحديثها باستمرار، مع تحليل البيانات ومعالجتها، وإيصال المعلومات للجهات المختصة، وكثيرا ما تشارك هذه الوحدة وتمارس عملها من داخل مناطق القتال.
إقرأ أيضاً : صحيفة أمريكية تكشف تفاصيل الاتفاق بين "إسرائيل" ولبنان لوقف إطلاق النار .. هدنة لـ60 يومًا وانسحاب تدريجيإقرأ أيضاً : بوتين: روسيا تواجه تهديدات ولا توجد وسيلة في العالم يمكنها منع صاروخ “أوريشنيك” وسنواصل اختبار أنظمة أسلحة جديدةإقرأ أيضاً : بعد الغارات "الإسرائيلية" على العاصمة اللبنانية .. وسم "بيروت" يعتلي منصات التواصل الاجتماعي
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
وسوم: #روسيا#العالم#اليوم#العمل#بوتين#رئيس#الوحدات
طباعة المشاهدات: 1609
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 23-11-2024 12:53 PM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2024
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...