خولة علي (دبي)
المغامر والباحث الجيولوجي الإماراتي خالد عبدالكريم، قاده حب استكشاف التضاريس الجبلية في المناطق الشرقية، حيث مسقط رأسه، إلى التخصص في علوم الأرض ودراسة جزئيات الأحجار في جامعة الإمارات، وحصوله على درجة الماجستير في التخصص ذاته من جامعة خليفة، عدا عن خبرته في مجال التعليم كمدرِّس لمادة الجيولوجيا.
نشأته
وذكر خالد عبدالكريم أن البيئة الجبلية التي نشأ وترعرع فيها، لعبت دوراً مهماً في عشقه للطبيعة، وكشف تفاصيلها الدقيقة، وسبر أغوار تشكيلات الأرض والعوامل الجيولوجية التي طرأت عليها على مر التاريخ. وقد ازداد لديه هذا الشغف عندما بدأ يستخدم المجهر الضوئي والإلكتروني لاستكشاف جزيئات الأحجار في مناطق جديدة لم تكن معروفة، وهذه الأدوات الحديثة سهلت عليه مهمة البحث والتقصي، خلال رحلاته المتعددة، ما عزز بداخله حب المغامرة والإصرار على المضي قدماً في استكشاف معالم وظواهر جديدة، مؤكداً على أهمية الرياضة ودورها في منحه الدافع الأكبر في خوض مغامرات صعبة من دون تعب أو عناء، فاللياقة البدنية تُعتبر أحد أهم العناصر التي لابد أن يمتلكها المغامر حتى يستطيع أن يصل إلى أهدافه.
خبرات ومهارات
التعلم والبحث والتقصي والاستفادة من خبرات الآخرين، من أساسيات تطوير مهارة عبد الكريم في تجاوز المناطق الصعبة، إلى جانب حرصه على اتباع احتياطات الأمان والسلامة والالتزام بالإرشادات والقوانين الخاصة بكل موقع. وقال: إن اكتشاف الذات وتعزيز المهارات وتطوير القدرات والثقة بالنفس، عوامل ساعدتني على التعامل مع مختلف البيئات الصعبة والوعرة والخطرة والخروج منها بنتائج مذهلة.
أنشطة منوعة
من بين المغامرات التي قام بها عبدالكريم، رياضة تسلق الجبال والصخور العمودية، واستكشاف أعماق الكهوف، كما قام برحلات تخييم في المناطق الجبلية النائية، للاستمتاع بالهدوء والسكينة التي توفرها الطبيعة، والمسير عبر المسارات الجبلية لاستكشاف المناظر الطبيعية الخلابة، وخوض تجربة التزلج على الثلوج بالمناطق الجبلية. وينصح المغامرين باستكشاف المناطق الجبلية البديعة، والتواصل مع الطبيعة التي تعيد التوزان للنفس وتخلصها من ضغوط الحياة.
نشر المعرفة
وعن دوره كمغامر وباحث جيولوجي في نشر المعرفة وتنشيط السياحة، قال: أسعى إلى الترويج للمتكونات الجيولوجية الفريدة في المناطق الجبلية وصناعة محتوى يسهّل على المتلقي فهم المعلومات، ويوفر قيمة مضافة من زيارة المسارات الجبلية بهدف زيادة الوعي بأهمية التراث الجيولوجي وتعزيز الاهتمام به، كما أقوم بالتوعية بأهمية المتكونات الجيولوجية وضرورة الحفاظ على التوازن البيئي في المناطق السياحية، بهدف استدامة هذه المناطق على المدى الطويل.
وأضاف: نعمل على توجيه الزوار بشأن المساهمة في صون هذه المناطق القيّمة، فنحن المغامرون نلعب دوراً مهماً في توجيه الناس إلى أماكن المتكونات الجيولوجية المميزة، ونساعدهم على الوصول إليها، ونقدم الاستشارات والنصائح للزوار أثناء التخطيط لرحلاتهم، ونقدم المعلومات الضرورية حول الطرق والمسارات والتجهيزات اللازمة لإنجاز الرحلات بأمان واحترافية.
محطات
من المواقع والمناطق التي خاض فيها تجربته البحثية والجيولوجية، أشار عبدالكريم قائلاً: بعد استكشاف قمم جبلية داخل الدولة، وتحديداً سلاسل جبال الأفيولايت، وهي صخور محيطية تشكلت قبل نحو 95 مليون سنة، دفعني الشغف إلى مواصلة البحث والتزود بالمعرفة من خلال استكشاف القمم الجليدية والكهوف والغابات في بعض دول أوروبا وشرقي آسيا، فقمت بزيارة مواقع تراثية جيولوجية فريدة، حيث توجد صخور منحوتة ومشكّلة بفعل عوامل التعرية على مر السنين، كما استمتعت بزيارة الكهوف المتشعبة.
فقدان «الدرون»
من أصعب التجارب التي مرت على عبدالكريم، فقدانه لطائرته «الدرون»، التي وثّق من خلالها أجمل اللحظات خلال إحدى مغامراته، لكنه قرر التخلي عنها بسبب وعورة البيئة وصعوبة استعادتها بأمان، وقد تعلّم من هذه التجربة أهمية الحذر واتباع إرشادات السلامة في كل رحلة، مع الاستعداد والتحضير الجيد لمواجهة أي مفاجآت غير متوقعة.
وقال: شاهدت مناظر طبيعية خلابة وتفاصيل جيولوجية فريدة، وتعرفت على ثقافات مختلفة وتعاملت مع تحديات الطبيعة، ما أسهم في إثراء معرفتي.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الأرض جامعة الإمارات جامعة خليفة المناطق الجبلیة فی المناطق
إقرأ أيضاً:
المصور العالمي فرانك جازولا: مشروع استكشاف جرينلاند غير مجرى حياتي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
لم يكن فرانك جازولا مجرد مصور مغامر، بل أنه رجل استجاب لنداء البحر منذ أكثر من عشر سنوات، وغاص في أعماقه، مسجّلًا بعدسته تحولاته الحيوية والبيولوجية، وصار واحدًا من أبرز المصورين البيئيين الذين وهبوا حياتهم لرصد الجمال الهش تحت الماء، والتحذير مما يهدده.
في حديثه خلال جلسة ملهمة على هامش مهرجان التصوير الدولي "إكسبوجر" 2025، الذي ينظمه المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، استعاد جازولا لحظة التحوّل الأولى في مسيرته، قائلاً: “كان لقاءً عابراً مع مصور شهير، أعلنت أمامه عن رغبتي بأن أصبح ”مصورًا مهمًا"، فدعاه الأخير للانضمام إلى مشروع استكشاف في جرينلاند، إلا أنه لم يكن يعلم آنذاك أن تلك الدعوة ستغير مجرى حياته، وتأخذه إلى حيث لا نهاية للمغامرة.
اللون الازرق
يقول جازولا: "منذ ذلك الحين لم أنفصل عن اللون الأزرق، فهو يحيطني، ويسكنني، ويدفعني لمواصلة التوثيق، ليس فقط لحياة المحيطات، بل أيضًا للآثار التي يتركها الإنسان عليها بسبب السياسات البيئية غير الرشيدة". وهكذا امتزج شغفه بالمغامرات بمهمة أعمق؛ وهي الدفاع عن الكوكب، عبر عدسة تكشف للعالم ما يجري تحت سطح الماء.
حماية البيئة البحرية
لم يكن التصوير وحده سلاحه، فقد أصبح محاضرًا في مجال حماية البيئة البحرية، مسلطًا الضوء على تدهور الشعاب المرجانية، والتلوث الناجم عن البلاستيك، والتغير المناخي. لكن شغفه هذا لم يكن بلا ثمن.
تحدث جازولا عن أحد أكثر تجاربه تحديًا: "مكثت شهرًا في القطب الشمالي، أمارس الغطس في المياه المتجمدة. كان ذلك شاقًا للغاية، ولكنني لم أتمكن من التوقف، لأنني أحب ما أفعله". ولم تكن تلك المغامرة الوحيدة، فقد جاب ألاسكا أكثر من مرة، وواجه الدببة القطبية وجهًا لوجه. وأفاد "كان يمكنني أن أبتعد عن المخاطر، لكنني لم أفكر يومًا في التراجع. هذا الشغف يجذب محبيه حتى النهاية".
في مسيرته الممتدة، جاءت لحظة فارقة حين نشرت مجلة "ناشيونال جيوغرافيك" أول صورة التقطها بعدسته، حيث يقول: "كانت نقطة تحول كبرى، أعطتني الأمل في تنفيذ مشروعات بيئية ضخمة، من بينها مشروع لدراسة الشعاب المرجانية أطلقت عليه اسم 'الأمل العميق'، ليجمع بين معنى الطموح واستكشاف الأعماق".
ضمن هذا المشروع، غاص مع فريقه حتى 80 مترًا تحت سطح الماء، وهناك واجهوا أكثر من مرة خطر هجوم الكائنات البحرية. لكنه يؤمن أن مواجهة المخاطر جزء لا يتجزأ من المهنة، ما دام الهدف هو حماية البيئة البحرية.
في ختام جلسته، عرض جازولا مادة فيلمية توثق أبرز ما التقطته عدسته، من المحيطات الشاسعة إلى المرتفعات الجليدية الوعرة، مؤكدًا أن "إكسبوجر" ليس مجرد منصة للصور، بل فضاء يعيد تعريف دور المصورين، ويمنحهم الفرصة لإيصال رسائلهم إلى العالم.